وزيرة التضامن توجه بتنظيم زيارات للطلاب أبناء أسر تكافل وكرامة إلى المتحف المصري الكبير    التفتيش القضائي ينظم برنامجًا تدريبيًا لأعضاء النيابة العامة بدولة السودان    معهد علوم البحار يوقع مذكرتي تفاهم مع مؤسسات بحثية برتغالية لتعزيز التعاون في مجال الاقتصاد الأزرق    الاحتلال الإسرائيلي: الصليب الأحمر وفريق مصري وحركة حماس يبحثون عن رفات الرهائن    "إكسترا نيوز": 400 شاحنة مساعدات عبرت إلى غزة ضمن مبادرة "زاد العزة"    بكين تتهم واشنطن بزعزعة الأمن في بحر الصين الجنوبي    لا يمكن إيقافه.. كيف تحول مبابى إلى كابوس برشلونة؟    محمد صلاح ينافس لامال وميسى ورونالدو في التشكيل المثالي للاعبين المحترفين 2025    شوط أول سلبي بين سموحة و الجونة في الدوري الممتاز    صلاح ينافس على جائزة تشكيل الأفضل في العالم من جميعة اللاعبين المحترفين    زوج الأم ينهي حياة فتاة الفيوم    عقاب رادع.. المشدد 15 سنة لشاب أطلق النار على الشرطة في شبرا الخيمة    تأجيل محاكمة 89 متهما بقضية "خلية داعش مدينة نصر" لجلسة 11 يناير المقبل    كارولين عزمي تشارك في بطولة مسلسل "رأس الأفعي" مع أمير كرارة    فيلم السادة الأفاضل.. كوميديا تفضح تناقضات البشر من أجل المال    محمد سلام: عودة مفاجئة ومسيرة صعود صنعت حب الجمهور.. وانتقال للبطولة بمسلسل كارثة طبيعية    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: إصابة 3 في انهيار عقار بالكورنيش.. ومتحف المجوهرات يحتفل بالعيد السنوى ال39    مدير تعليم سوهاج يشارك في الاجتماع التنسيقي لتنفيذ مبادرة الأنيميا والتقزم    هيئة تعاونيات البناء والإسكان تعلن فتح باب الحجز ل 253 وحدة سكنية بمواقع متميزة    جدول مواقيت الصلاة غدًا الثلاثاء 28 أكتوبر بمحافظات الصعيد    «فنانون ومبدعون».. ما هي الأبراج التي تتمتع بخيال واسع؟    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    هل يقع طلاق المكره والسكران؟.. خالد الجندي يوضح آراء الفقهاء    شرم الشيخ تشهد انطلاق اجتماعات المجلس التنفيذي للإنتوساي    متي يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025؟    عاجل- إنهاء حالة الطوارئ في جنوب إسرائيل لأول مرة منذ 7 أكتوبر    أوعى «الوعي» !    اليوم.. عزاء شقيق فريدة سيف النصر بمسجد عمر مكرم    مصر تواصل إرسال مساعداتها إلى غزة.. وصول شاحنات وقود وغاز (فيديو)    مشهد صادم على الطريق.. سائق ميكروباص يدخن "شيشة" وهو يقود في الإسكندرية    عمان.. مباحثات أردنية أمريكية بشأن تثبيت وقف إطلاق النار غزة    رسمياً.. يوفنتوس يقيل تودور بعد أسوأ سلسلة نتائج منذ 2009    بيان من مستشفى بدر الجامعى بحلوان بشأن حادث طريق القاهرة السويس    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    المصري يجهز ملفًا مصورًا لتصعيد أزمة طرد صلاح محسن أمام الكاف    أول صورة لضحية حادث تصادم سيارتين ملاكي وتريلا في قنا    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية الجاري تنفيذها في المحافظة    إنفوجراف| تصريحات ترامب فور وصوله مطار طوكيو خلال جولته الآسيوية    وزير الثقافة يشهد احتفالية اليوم العالمي للتراث غير المادي (صور)    فينيسيوس: لانريد الإساءة للاعبين شباب أو للجماهير.. وعلينا أن نستمتع قليلا    ضبط 178 كيلو لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي في أسيوط    «تعليم أسيوط» يعلن تلقى طلبات الراغبين في العمل بالحصة لمدة عشرة أيام    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    قنا: تحرير 330 مخالفة تموينية وإحباط تهريب 50 طن أسمدة مدعمة خلال أسبوع    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    عاجل بالصور الصحة: إنقاذ ناجح لسائحة إسبانية أصيبت داخل هرم سنفرو المنحني بدهشور    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    بكام الطماطم النهارده؟.. أسعار الخضراوات والفاكهة فى الوادى الجديد    هل ستتعرض القاهرة الكبري لأمطار خلال الساعات المقبلة ؟ الأرصاد تجيب    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر .. دولة غنية ولكن
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 11 - 2015

لم أصدق يوما كل ما يقال عن ان مصر دولة فقيرة فى مواردها, لأننى كنت ومازلت أعتقد ان المحروسة من اكثر بلاد العالم ثراء، والدليل انها رغم كل ما تعرضت له من مظاهر النهب والفساد من بعض ابنائها ومن الوافدين اليها مازلت تعطى وتمنح بسخاء .. مصر يا سادة ليست فقيرة وعندى من الشواهد والدلائل ما يؤكد ما اقول .. ان مصر فقط كانت تنتظر حكما نزيها، واياد نظيفة، وسلطة تخاف الله فى شعبها .. ان مصر فقط كان ينقصها قرار سليم ورأى صائب وشعب يعمل .. ان مصر التى اعطت للعالم كله جزءا مهما من تاريخ حضارته وتفوقه وإنجازاته كانت دائما مطمعا لحشود الاستعمار والمستغلين والآفاقين من ابنائها .. عندى من الشواهد عشرات النماذج التى تؤكد اننا امام مجتمع غنى فى ثرواته وموارده وناسه وايضا حضارته ..
ماذا نقول عن شواطئ مصر التى تمتد من العريش الى السلوم على البحر المتوسط .. وتمتد من بورسعيد على امتداد البحر الأحمر .. وتمتد على عشرات البحيرات التى تتناثر فيها كالنجوم، لنا ان نتصور شواطئ مصر وما فيها من الخيرات ابتداء بالرمال والأسماك وخبايا البحار وانتهاء بالبترول والغاز والملاحة الدولية .. هناك دول تبحث عن شبر واحد على مياه البحار ولا تجده .. هذه البحار يمكن ان تكون مصدرا دائما للإنتاج والإبداع والحركة .
ماذا نقول عن 6 ملايين قطعة اثرية توجد على ارض مصر تمثل تاريخا طويلا للحضارات .. ان رصيد مصر من الآثار يمثل ثلث ما تملك البشرية من التاريخ .. فى مخازن هيئة الآثار ملايين القطع الأثرية، وفى بطن الأرض تجد فى كل شبر أثرا، وإذا زرت المتاحف سوف تجد آلاف القطع، لو ان هذه الآثار وضعت فى فتارين فى الشوارع ليشاهدها السواح فسوف تتحول الى مناجم من الذهب .. وبدلا من ان تكون مزارا أصبحت نهبا للتجار والمرتزقة والمتاجرين بتاريخ هذا الشعب .. مالدينا من الآثار يمكن ان يطعم 500 مليون مصرى بعد قرنين من الزمان .
ماذا نقول عن النيل العملاق العظيم الذى منحنا الحياة آلاف السنين ولم يبخل علينا يوما رغم اننا أهملناه كثيرا .. على كل ذرة تراب فى ارض مصر يمكن ان تنبت نخلة وتنمو زهرة وتتوافر مصادر حياة كريمة .. على النيل كان الفلاح المصرى يروى زرعه ويطعم ماشيته ويأخذ منها الخيرات، ومن النيل يأخذ الأسماك، ومن الشواطئ يأخذ الطيور وقبل هذا كله على شطآن النيل، نشأت مواكب الحب والجمال .. كنت يوما اتناول الغداء مع صديق عربى وسألنى هل تأخذون آبار البترول ونأخذ نحن النيل ولم اتردد فى ان اقول له ستكون خسارتنا كبيرة، لا شىء يساوى النيل ماذا نقول عن صحارى مصر الممتدة شرقا وغربا وجنوبا ما بين سيناء والسلوم وحلايب وشلاتين وكلها مساحات شاسعة مليئة بالثروات والكنوز .
ماذا نقول عن 60 مليون شاب يحسدنا العالم عليهم .. هناك بلاد شاخت واصبحت مواكب العواجيز فيها تمثل عبئا ثقيلا، وفى مصر 60% من المصريين فى سن الشباب اى ان امامهم عشرات السنين التى يعملون فيها .. انهم ثروة مصر البشرية التى لا تقدر بثمن .. ان مجتمعا يضم هذه الملايين من الشباب يعتبر مجتمعا فريدا مميزا وقويا .. ما اكثر المجتمعات التى تعانى الشيخوخة بكل توابعها .. ولكن ماذا فعلنا بشبابنا الذى تركناه لفيروس «سى» والبطالة، والفقر، والتعليم الجاهل، والإعلام المرتبك .. تركناه سنوات طويلة تعبث فيه امراض الأمية وثقافة العفاريت واكتفينا بعصابة ورثت الوطن بكل ما فيه لأبنائها بالمال الحرام والمناصب الحرام .
ماذا نقول عن قناة السويس الثروة الإلهية التى خص بها الرحمن هذا الجزء من العالم ان تجمع مياه البحرين، ويلتقى عليها العالم من كل أجناسه وتصبح طريقا ومعبرا من اهم واخطر المعابر المائية فى العالم، وتحقق لنا دخلا سنويا يزيد على 40مليار جنيه .. ان قناة السويس مورد إلهى سخره الخالق سبحانه لأبناء هذا الوطن، وحين احتفلت مصر اخيرا بمشروع القناة الجديدة كانت تفتح آفاقا لموارد جديدة ويوم ان يصبح الحلم حقيقة سوف تنشأ دولة جديدة على شاطئ القناة، هذا المشروع الحضارى الذى تأخر كثيرا واضاع على المصريين موارد كثيرة ومصادر دخل لا حدود لها .. ان قناة السويس ليست مجرد مجرى مائى لعبور السفن، ولكنها منحة إلهية دائمة تشبه الأنهار التى تفيض دائما بالخير .. ان اهمية قناة السويس انها مورد دائم ومستقبل مضمون وقيمة تاريخية وجغرافية فريدة لا تعوض .
ماذا نقول عن السد العالى وبحيرة ناصر وطمى النيل القابع منذ عشرات السنين خلف السد دون ان نستفيد منه شيئا .. لو ان البلايين التى أنفقناها فى توشكى انحرفت قليلا واصبحت مشروعات سياحية وسمكية على بحيرة ناصر واخرجت الطمى لكان لها شأن آخر .. الأسماك فى بحيرة ناصر توحشت.. والطمى يستغيث .. وشواطئ البحيرة تسأل أين مشروعات السياحة..كل هذا فى منطقة تقع فى جزء من اجمل بلاد الدنيا، حيث النيل والتاريخ والحضارة وملايين الأطنان من الأسماك التى تركناها لعدد قليل جدا من التجار رغم انها كانت تطعم دولة لو توافرت صناعات للأسماك، واخرى للتماسيح، وثالثة لإستخدام الطمى الذى يترسب فى البحيرة كل عام .. لو ان هناك صناعات أقيمت لجلود التماسيح ولحومها والأسماك ومعلباتها والطمى وصناعاته لوجدنا وطنا غير الذى نعيش فيه الآن ..
ماذا نقول عن رمال مصر والصناعات التى يمكن ان تقام عليها، هناك رمال صفراء ورمال سوداء ورمال بيضاء، وهناك الشواطئ الفيروزية التى لا يوجد لها مثيل فى العالم وهناك الواحات وما فيها من تاريخ واماكن للاستشفاء والمياه المعدنية وهى من اهم مزارات مصر .. فى مصر مئات الأماكن التى تحمل خصوصية فى الصحة والعلاج والراحة والاستجمام وهذا يحملنا الى السياحة كمصدر من اهم مصادر الدخل فى شرم الشيخ والغردقة وسيناء والأقصر وأسوان ومتاحف ومزارات المدن الكبرى القاهرة الفاطمية والإسكندرية اليونانية والمنصورة ودمياط وبورسعيد وأسوان وكل جزء من هذه المدن يحمل تاريخا .. انت فى ايطاليا تزور روما وجبالها السبعة، وتزور فينسيا العائمة على البحر، وتزور فلورنسا مدينة الفنون وتزور نابولى وشاطئ المتوسط، وتزور سردينيا اجمل مصايف الدنيا، وكذلك اليونان وتركيا ولبنان قبل ان تجتاحه الفتن .. كل مدينة فى مصر بل كل شارع فى القاهرة يحمل سماته الخاصة
ماذا نقول عن ثروات مصر .. فى المحروسة مجموعة من اكبر بنوك العالم فيها 1.6تريليون جنيه ودائع المواطنين وهى تبحث عن المستثمرين والمشروعات والعمل والإنتاج، وفى مصر اكبر شركات المقاولات فى افريقيا والدول العربية، وفى مصر اكبر الصحف العربية واعرقها تاريخا، وفى مصر اجمل قصور الدنيا رغم آلاف القصور التى تم هدمها لتقام على أطلالها كتل خرسانية قبيحة .. وفى مصر اعرق جامعات العالم فى مبانيها ومنشآتها .. وفى مصر أخطر وثائق التاريخ الحديث مصريا وعربيا وعالميا .. وفى مصر قصر العينى وكان يوما واحدا من اعرق المستشفيات فى العالم سمعة وتاريخا، وفى مصر اكبر قوة إعلامية فى العالم العربى رغم كل التجاوزات المهنية .. وفى مصر أقدس الأماكن فى تاريخ الأديان فيها اضرحة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيها مزارات الحسين وام هاشم والسيدة نفيسة رضى الله عنهم .. وفيها اضرحة الرفاعى والشافعى وابن الفارض والمرسى ابو العباس والبوصيرى وابى الحسن الشاذلى وابراهيم الدسوقى والسيد البدوى رضوان الله عليهم جميعا، وفيها اقدم كنائس الدنيا ومسجدا عمرو بن العاص وابن طولون، وكنيسة السيدة العذراء عليها السلام ورحلة العائلة المقدسة وبئر سيدنا موسى وبئر فرعون وسانت كاترين فى سيناء وآثار من الأديان السماوية الثلاثة .. وفى مصر اقدم حضارات الدنيا فى الهرم وابو الهول والكرنك وأبو سمبل وآثار الفراعنة العظام .
وقبل هذا كله فى مصر آلاف السنين التى تطل عليك من اى مكان تقف فيه ابتداء بالتاريخ القديم متجسدا فى كل مراحله الفرعونية والمسيحية والإسلامية، حتى دماء الشهداء الذين استشهدوا على ثراها دفاعا عنها .. اينما كنت سوف تجد مصر الصامدة الصابرة المقاتلة المتحضرة الواعية المتقدمة الباحثة دائما عن الحق والعدل والخير والجمال ..
هل بعد كل هذه الشواهد وغيرها كثير كثير يمكن ان يقال إننا وطن فقير وارض بخيلة؟ هل يمكن ان يقال ان مواردنا محدودة وبيننا يجرى النيل الذى ينبع من الجنة ويسير بإرادة إلهية خالصة؟ .. هل يمكن ان يدعى أحد اننا لا نملك شيئا وبين ايدينا هذا التراث الحضارى والإنسانى الرهيب متجسدا فى آثار اجدادنا الذين بهروا العالم يوما ومازالوا حتى الأن حديثا لكل شعوب الأرض فى التقدم والعطاء, ان المؤكد ان مصر دولة غنية فى مواردها وكان البشر اعظم ثروات مصر ومن يوم ان تراجع البشر تراجعت كل الأشياء .. هذه الإمكانيات تريد بشرا يعملون وينتجون وقبل هذا يخلصون .. أين عشرات المشروعات التى خططنا لها ولم تنفذ؟ أين مئات المشروعات التى أنجزناها وعانينا فيها، ثم تحولت الى أطلال أمام فساد الحكومات وجشع المغامرين وفساد المسئولين، اين المصانع التى فرطنا فيها بتراب الفلوس وتحولت الى اطلال امام منظومة الفساد؟!.
أين المشروعات التى بيعت والمؤسسات التى اهملت والأموال التى استبيحت؟ هل أحد يعلم فينا أين تسربت اموال الديون وقد تجاوزت الأن 2.6 تريليون جنيه، وما هو نصيب كل مواطن فيها وماذا أخذ منها .. أين الأموال التى انفقتها مؤسسات الدولة على مشروعات المجارى التى طفحت علينا امام موجة امطار عابرة؟ أين ذهبت مشروعات مصر الكبرى فى السكة الحديد وكانت يوما من أرقى المؤسسات الاقتصادية فى العالم؟ أين الأموال التى انفقت على الطرق والكبارى والنقل فى 60 عاما وأين ذهبت كل هذه البلايين ليعلن الرئيس السيسى ان الطرق وحدها أخذت اكثر من 50 مليار جنيه, ألا ينبغى ان نسأل أين تكاليف البنية الأساسية وماذا بقى منها، وأين هذه البنية فى سيول الإسكندرية وأين اللصوص الذين نهبوا كل هذه الأموال ومتى نحاسبهم ؟!
من هنا ينبغى ألا نصدق ما يقال عن ان مصر دولة فقيرة لأن هذه أكذوبة كبرى روجها سماسرة الفساد واللصوص الذين نهبوا ثروات هذا الشعب، وحين يدعو الرئيس السيسى المصريين للتمسك بالأمل فى صياغة مستقبل أفضل فهو يدرك ان مصر بالفعل دولة غنية أسئ استخدام ثرواتها ومواردها والمطلوب منا الآن اولا ان نطارد مواكب الفساد التى مازالت تنهب خيرات هذا الوطن، وان نشجع كل المبادرات الجادة والحقيقية التى تسعى للنهوض والتقدم وان نقف خلف الرجل الذى منحناه ثقتنا فى لحظة صعبة وقاسية وقبل هذا كله ان العمل والعمل وحده هو طريقنا للخلاص .

..ويبقى الشعر
انا فِي عُيُونِكِ ..
نُقْطة ُ الضَّوءِ التِي عَادَتْ ..
وَأضْنَاهَا الحنينْ
أنَا ذلِكَ الْعُصْفوُرُ سَافََرَ حَيْثُ سَافَرَ
كَمْ تَغنَّي .. كَمْ تَمنَّي .. ثُمَّ أرَّقَهُ الأنِينْ
أنَا قَطْرة ُ المَاءِ التِي طافتْ
عَلي الأنْهَار تُلْقي نَفْسَهَا للمَوْج حِينًا ..
ثُمَّ تْدفَعُهَا الشَّوَاطِيءُ للسَّفِينْ
أنَا غُنْوة العُشَّاق ِفِي كُلِّ الّمواسِم ِ..
تشْتَهي صَوْتًا يُغَنِّيهَا لكُلِّ الْعَاشِقِينْ
أنَا بَسْمَة ُ الفَجْر الغَريبِ عَلي ضِفَافِكِ ..
جَاءَ يَسْتَجدِيكِ .. كَيْفَ سَتْرحَلِينْ ؟
أنَا عَاشِقٌ
وَالعِشْقُ إعْصَارٌ يُطَاردُنَا .
تُراكِ سَتهرَبينْ ؟
صَلِّي لأجْلِي ..
إننِي سَأمُوتُ مُشْتاقًا وأنْتِ تُكَابرينْ
هَذِي دِمَائِي فِي يَدَيْكِ ..
تَطَهَّري منْهَا وَأنْتِ أمَامَ رَبِّكِ تسْجُدِينْ
إنِّي أحِبُّكِ ..
قدْ أكُونُ ضَللتُ قبْلكِ ..
إنَّمَا الغُفْرَانُ حَقُّ التَّائِبينْ
إنِّي أحِبُّكِ ..
قدْ أكُونُ قضَيْتُ عُمري في التُّرابِ ..
وَأنْتِ فِي قَلْبِ النُّجُوم تُحَلِّقِينْ
إنِّي أحِبُّكِ ..
قدْ يكُونُ الحبُّ فِي زَمَن الخَريفِ ..
كَغَنْوةِ النَّاي الحَزينْ
قدْ كُنْتِ أنْتِ نهَايَة َ التَّرْحَال
مِجْدَافِي تَكسَّرَ مِنْ سِنِينْ
وَإليْكِ جِئْتُ بتَوْبَتِي
وذنُوب عُمْري ..
هَلْ بِرَبِّكِ تَقْبَلينْ ؟
إنَّي غَريبٌ
هَلْ لدَيْكِ الآنَ بَعْضُ الخُبْز
بَعْضُ الأمْن ِ بَعْضُ اليَاسِمِينْ ؟
هَيَّا لنَضْحَكَ ..
هَاهُوَ الصُّبْحُ المُسَافِرُ فِي عُيونِكِ ..
عَادَ يُشْرقُ بالنَّدَي فَوْقَ الجَبينْ
هَيَّا لنَرْقُصَ .. آهِ مَا أحْلاكِ ..
فِي ثَوْبِ البَرَاءَةِ تَرْقُصِينْ
الْعَامُ يَرْحَلُ
فَاحْمِلِي قَلْبي عَلي كَفَّيكِ حِينَ تُسافِرينْ
وَإذا ظَمِئْتِ .. فَفِي الحَقَائِبِ كُلُّ أشْوَاقِي
وَفِي الأعْمَاق نَهْرٌ مِنْ حَنِينْ

قصيدة «قبل ان يرحل عام» سنة 1989

لمزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.