اختبارات القدرات 2025.. تفاصيل امتحان الفنون الجميلة "عمارة"    وزراء العدل والتخطيط والتنمية المحلية يفتتحون فرع توثيق محكمة جنوب الجيزة الابتدائية | صور    تحصين 6810 رأس ماشية ضد مرضي جدري الضأن وحمى الثلاث أيام بالفيوم    التعليم العالي: احتفالية بمناسبة مرور 50 عامًا على التعاون العلمي بين مصر وإيطاليا    رئيس جهاز مدينة المنصورة الجديدة يلتقي سكان المدينة للاستماع إلى مطالبهم ومقترحاتهم    رئيس "المحطات المائية" يتفقد محطة كهرباء نجع حمادي    الرئيس الإيراني: نسعى من خلال مسار الدبلوماسية لمنع تكرار الحرب    بعد فشل المفاوضات.. آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    أحدهما يحمل الجنسية الأمريكية.. تشييع فلسطينيين استشهدا جراء هجمات مستوطنين بالضفة    أردوغان يؤكد لنظيره الإماراتي اتخاذ خطوة مهمة لإزالة الإرهاب من أجندة تركيا والمنطقة    فيفا يقرر فترة راحة 72 ساعة بين المباريات وأجازة سنوية للاعبين لمدة 21 يوما    أستون فيلا يتمسك بواتكينز.. ونيوكاسل يدرس البدائل    إبراهيم عادل يقترب من الانتقال إلى الجزيرة الإماراتي    نجم مودرن سبورت.. صفقة جديدة على رادار الزمالك    مصر تسيطر على جدول ميداليات بطولة العالم للتتابعات للخماسي    للمرافعة.. تأجيل محاكمة متهمين بقتل شخص في الطالبية ل 15 سبتمبر    مباحثات لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي بين جامعة القاهرة وجامعة جنوب الصين الزراعية    رئيس إذاعة القرآن الكريم: خطوة دار الإفتاء في تدريب الصحفيين رائدة لبناء وعي ديني رشيد    الرواية والتاريخ في ندوة على هامش فعاليات معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب    القصة كاملة لوفاة 4 أشقاء في دير مواس بالمنيا    علامات تشير إلى وجود دهون حول قلبك.. تعرف على المخاطر المحتملة    تداول 63 ألف طن و586 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    صور.. افتتاح مكتب توثيق محكمة جنوب الجيزة الابتدائية    «القائمة الوطنية» تعقد اجتماعها التشاوري الثالث بمقر الجبهة الوطنية استعدادًا للانتخابات    مكافحة الحرائق.. مشروع تخرج بهندسة المطرية -تفاصيل    رياح وغبار ب السعودية تزامنًا مع اليوم الدولي لمكافحة العواصف الترابية    بعد قبول الاستئناف.. أحكام بالمؤبد والمشدد ل 5 متهمين ب«خلية الإسماعيلية الإرهابية»    الأحوال المدنية تواصل خدماتها المتنقلة لتيسير استخراج المستندات للمواطنين    الطب 155 ألف جنيه.. جامعة القاهرة الأهلية تعلن المصروفات الدراسية لعام 2025- 2026    محافظ أسوان: دخول 24 مدرسة جديدة للعام الدراسي القادم    مساعدات أممية طارئة لدعم الاستجابة لحرائق الغابات في سوريا    تامر حسني يعلن عن مسابقة بالتزامن مع طرح ألبومه "لينا معاد"    4 أبراج تقول «نعم» دائما حتى على حساب نفسها (هل أنت منهم؟)    وزارة الثقافة تُطلق البث التجريبي لموقعها الإلكتروني الجديد    المفتي يوضح حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل" المكياج"    صندوق النقد الدولي يختتم مشاوراته مع منطقة اليورو    وزيرة التضامن تكرم الإدارة العامة للاتصال السياسي والشؤون البرلمانية    91% رضا جماهيري.. ماذا أنجز "التأمين الشامل" في الأقصر وأسوان؟    هل للهضم دور في تعزيز صحة العظام؟.. تفاصيل    الكشف على 31 ألف مواطن بالمبادرات الصحية بشمال سيناء خلال 2025    ربيع ياسين: الأهلي اتخذ القرار الصحيح برحيل أحمد عبدالقادر    الشيخ أحمد البهي: لا تكن إمّعة.. كن عبدًا لله ثابتًا على الحق ولو خالفك الناس    هل يجوز إجبار الفتاة على الزواج من شخص معين وهل رفضها عقوق؟.. أمين الفتوى يجيب    "عدسة تحت الماء وشنطة مليانة حشيش".. مصور شرم الشيخ يتاجر بالمخدرات    الوطني الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي بإقامة"المدينة الإنسانية" لا يمت بأي صلة للقيم الإنسانية    لاعب الأهلي السابق يكشف عن أمنيته الأخيرة قبل اعتزال الكرة    القديس يعقوب بن زبدي.. أول الشهداء بين الرسل    نقيب الصحفيين يكشف عن شراكة بين الإعلام والمؤسسات الدينية لرفع الوعي المجتمعي    النسوية الإسلامية.. (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ): خاتم الأنبياء.. وهجرة الرجال والنساء! "131"    مستوطنون يحرقون بركسا زراعيا في دير دبوان شرق رام الله وسط الضفة    نجاة بالهولوجرام    مأساة نص الليل.. غرق سيارة ملاكي في نكلا بالجيزة- صور    إتحاد عمال الجيزة يطلق حوارا مباشرا مع اللجان النقابية لبحث التحديات    أفضل أدعية الفجر.. 10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال    تعرض لهجوم ب 6 قذائف.. تفاصيل إصابة الرئيس الإيراني خلال محاولة اغتيال أثناء الهجوم الإسرائيلي    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    للمرة الثانية.. سيدة تضع مولودها داخل سيارة إسعاف بقنا    من أرض الواقع.. «ستوديو إكسترا» يرصد آليات إصلاح وترميم سنترال رمسيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة قصيرة إلى شواطئ اللؤلؤ
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 03 - 2015

سمعت كثيرا وقرأت اكثر عن البحرين المكان والبشر .. هى مجموعة من الجزر تحيط بها المياه من كل جانب فكانت لها خصوصية وانفتاح الشواطئ
وهى تحمل لقب مملكة وان كانت من اصغر دول العالم مساحة .. اعداد البشر فيها قليلة لم تصل الى رقم المليون من ابنائها ولكن هذا العدد القليل يحمل جينات قديمة تشبه اللالئ التى تنبت على شطآنها .. شعب البحرين فيه بساطة البحار وهدوء شواطئها وايضا ثورة امواجها .. كنت اعرف انه من الشعوب المستنيرة ويكفى ان البحرين تخلصت من شبح الأمية منذ زمان بعيد .. المواطن البحرينى مثقف بالفطرة عاشق للفنون والجمال والسفر .. ان بلاده تقع فى ركن قصى حيث تلتقى كل الحضارات .. حضارة العرب بتراثها وعقائدها وقسوة صحرائها وحضارة الفرس التى تمتد آلاف السنين ما بين الفكر والفنون وهو ليس بعيدا عن حضارة الهند بزخمها وتنوعها وحضارة الصين بتراثها القديم وانطلاقتها المعاصرة، ان المكان يعطى للبحرين مكانة خاصة اتساع الأفق بحارا وخصوصية المكان موقعا .. وتنوع الثقافات والأصول والثوابت
ذهبت الى البحرين فى زيارة قصيرة بدعوة من وزيرة ثقافتها الشيخة مى آل خليفة وامام جمهور كبير وعلى امتداد ساعتين كانت الأمسية الشعرية فى بيت الشعر البحرينى وهو مبنى ضخم كان منزلا للشاعر البحرينى الكبير ابراهيم العريض وتحول بعد رحيله الى مزار لكل عشاق الشعر حيث تقام فيه الأمسيات والندوات التى شارك فيها عدد كبير من الشعراء العرب على امتداد السنوات العشر الماضية .. فى البحرين تستطيع ان ترى تجربة ثقافية فريدة يكفى انهم اولا تخلصوا من شبح الأمية فى سنوات قليلة واشرفت وزيرة الثقافة بنفسها ومالها على تحويل جزء كبير من المدينة القديمة فى المحرق والمنامة الى متاحف تاريخية جمعت اكثر من 25 بيتا كانت مراكز تجارية وصحفية وحرفية وتحولت الى جزء من ذاكرة الشعب البحرينى ..
هذا متحف لتجارة اللؤلؤ وهذا مركز للصحافة وهذا بيت للشعر وهذا مركز للحرف القديمة فى صناعة الثياب والأزياء البحرينية التى تستخدم فيها خيوط الذهب .. كانت هذه البيوت التى تحولت الى مراكز حضارية وتاريخية مطمعا لرجال الأعمال لكى تتحول الى ناطحات سحاب وعمارات شاهقة ولكن الوزيرة بحسها الوطنى وقفت ضد هذه المحاولات وقامت بشراء كل هذه الأماكن او الحصول عليها من اصحابها بلا مقابل وفى شراكة حضارية دخلت البنوك والمؤسسات الاقتصادية فى هذا المشروع وتحملت تطوير كل هذه المنشآت لتصبح مراكز ثقافية للندوات والأمسيات والمكتبات وقبل هذا كله هى مشروع يحفظ ذاكرة الوطن ..
تقول الشيخة مى انها جمعت اكثر من مائة مليون دولار من البنوك ورجال الأعمال فى فترة وجيزة لتنفيذ هذا المشروع .. على جانب آخر كان إحياء القلعة القديمة وإقامة متحف تاريخى يجمع كل تراث البحرين مع مسرح يتسع لألف مشاهد على أحدث تكنولوجيا العصر .. فى مشروع وزيرة الثقافة كان التلاحم والمشاركة بين رجال الأعمال والقطاع الخاص والدولة فى خدمة الثقافة على اساس ان الإستثمار ليس فقط فى العقارات والمبانى وتجارة الأراضى ولكن ذاكرة الشعوب اهم كثيرا من اموال الدنيا.. انه بلد صغير.. وامرأة طموحة تحمل فكرا مستنيرا وهدفا نبيلا فى إحياء ذاكرة المكان والمحافظة على تراث شعبها وهكذا تكون المسئولية .
البحرين مملكة صغيرة يجلس على عرشها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وهو عاشق من عشاق مصر الكبار وكان له موقفه الحاسم مع مصر فى ثورة 30 يونيه وهو دائما يتحدث عن تاريخ مصر فى دعم البحرين منذ عشرينيات القرن الماضى فى التعليم والصحة والخدمات، حيث كانت تقدم كل هذا بلا مقابل .. لا تحتل مملكة البحرين مكانة كبيرة فى انتاج البترول مثل بقية دول الخليج رغم انها من اوائل الدول التى شهدت اكتشافات بترولية متقدمة، ولكنها كانت محدودة وتحولت الى مركز تجارى واقتصادى واسع من خلال الأموال التى تدفقت على دول الخليج، ويكفى ان فيها اكثر من مائة بنك يعملون فى كل الأنشطة التجارية والمالية وفى البحرين موارد كثيرة، ولكنها لا تدخل فى نطاق دول الخليج الغنية إلا ان دولا كثيرة فى العالم تتجه اليها خاصة انها تمثل موقعا استراتيجيا لدول مثل الهند والصين ودول شرق آسيا .. كما انها تتمتع بخصوصية الموقع امام السعودية وايران وكلاهما يسعى الى ان يكون صاحب دور فيها ..
ان الأزمة الحقيقية التى تواجهها البحرين الآن هى الانقسام الحاد الذى شهده الشارع البحرينى بعد ثورات الربيع العربى فقد وصلت آثار هذه الثورات الى مطالب شعبية، خاصة من الطائفة الشيعية التى تمثل مراكز قوى شديدة التأثير فى الشارع البحرينى .. ان الأسرة الحاكمة تنتمى الى السنة .. وهناك وجود حقيقى للشيعة فى البحرين حيث يعيشون فى مناطق خاصة بهم ولهم مساجدهم واعلامهم السوداء على جانب آخر يقف السنة وهم اصحاب السلطة والقرار ورغم ان الأثرياء الكبار فى البحرين من الشيعة إلا ان الحكم للسنة وفى ثورات الربيع العربى زادت مطالب الشيعة ولم تعد قاصرة على مطالب اجتماعية او اقتصادية، ولكنها وصلت الى مطالب برحيل الأسرة الحاكمة وهنا كانت المواجهات التى شهدت اعمال عنف فى صفوف المواطنين ومواجهات بين السنة والشيعة.
ان أخطر ما فى هذه المواجهات انها تجد دعما من اطراف خارجية لأن ايران تساند الشيعة فى البحرين وتعتبرهم امتدادا للدولة الشيعية فى ايران كما ان المملكة العربية السعودية تقف بالمرصاد كدولة سنية كبرى امام المد الشيعى حتى انها اقامت جسرا مع البحرين تكلف المليارات من الدولارات وهو جسر الملك فهد .. وتقدم السعودية للبحرين دعما اقتصاديا وسياسيا بل واجتماعيا دائما، خاصة ان هناك تلاحم بين السكان فى البلدين.. وتبقى مشكلة الإنقسام الدينى والاجتماعى واحدة من اخطر المشاكل فى المجتمع البحرينى وان كانت قد أخذت شكلا من اشكال العنف فى السنوات الأخيرة.
على الجانب الآخر فإن البحرين ترتبط بعلاقات قديمة مع الغرب رغم اقترابها الشديد من المارد الإقتصادى الصاعد وهو الصين فهى نافذة مهمة فى مدخل الخليج العربى امام القوة القادمة من الصين فى صورة استثمارات وعلاقات اقتصادية لا تخلو من بعدها السياسى .. وفى نفس الإتجاه تسير علاقات البحرين مع الهند وهى تتمتع بمكانة خاصة امام جالية كبيرة من الهنود الذين يعملون فى البحرين .. وفى ظل هذه الصراعات تعيش الجزيرة الصغيرة محنة الإنقسام والهيمنة امام قوى تقليدية لها مصالحها وقوى اخرى صاعدة تبحث لنفسها عن دور وفى مقدمتها ايران والصين والهند.
وفى هذا المشهد تقف المملكة العربية السعودية ودول الخليج خلف البحرين امام ايران التى تبحث الآن عن دور اكبر ومصالح اوسع وهى تعتمد على أقليات شيعية فى هذه المنطقة ذات الموقع الفريد .. السعودية رأس السنة .. وإيران رأس الشيعة وفصائل هنا او هناك تحركها المصالح والأطماع .
يقف شعب البحرين وسط هذه الصراعات وهو شعب واع ومستنير ومسالم لا يملك الثراء، ولكنه يصون الحضارة ويعشق تاريخه القديم ويحافظ على ما بقى من ذاكرته امام تيارات كثيرة قادمة تهب على الجزيرة الصغيرة من كل جانب .. مازالت شواطئه تحفظ رحلات من ذهبوا فى رحلة غياب طالت بحثا عن اللؤلؤ .. ومازالت عيون الماء العذب تصعد فى مناطق كثيرة وسط مياه البحر المالحة ومازال الشعب البحرينى يعشق الشعر ويحب الرحيل والسفر وهو وسط هذه الصراعات التى تدور حوله يحاول ان يعيش حياة هادئة مستكينة تتوافر فيها مصادر دخل مناسب ورعاية صحية توفرها الدولة لكل مواطنيها وتعليم مجانى فى كل المراحل وقبل هذا كله شواطئ واسعة تستوعب احلام اجيال قادمة امام هذا الأفق الواسع الفسيح .. كانت رحلة سريعة ممتعة لم تتجاوز اليومين التقيت فيها مع نخبة من المثقفين من كل الأجيال ورأيت سفيرا مصريا نشيطا محبا للبحرين هو السفير عصام عوض وهو يتمتع بمصداقية عالية عند شعب البحرين وسلطة القرار فى الدولة وهناك ايضا سفير قديم سابق هو الصديق نعمان جلال، وهناك الشاعر حسن كمال رئيس إذاعة البحرين السابق وقد قدمت البحرين الكثير من الشعراء ابراهيم العريض وحداد والهاشمى ورفيع وقد رحل منذ ايام .. وقبل هذا كله مشاعر الشعب البحرينى الذى يحب مصر ارضا وتاريخا ودورا، والكثيرون منهم تعلموا فى جامعات مصر ومازالوا حتى الآن يذكرون اسماء اساتذتهم فى المدارس فى كل مدن البحرين .

..ويبقى الشعر

فى الأفق ِ يبدو وجهُ أمى
كلما انطلقَ المؤذنُ بالأذانْ
كم كنتُ المحها إذا اجتمعتْ على رأسى
حشودُ الظلم ِ والطغيانْ
كانت تلمُ شتاتَ أيامى
إذا التفتْ على عنقى حبالُ اليأس ِ والأحزانْ
تمتدُ لى يدُها بطول ِ الأرض ِ ..
تنقذنى من الطوفانْ
وتصيحُ يا الله أنتَ الحافظ ُ الباقى
وكل الخلق ِ ياربى إلى النسيانْ
* * *
شاختْ سنينُ العمر ِ
والطفلُ الصغيرُ بداخلى
مازال يسألُ ..
عن لوعةِ الأشواق ِ حين يذوبُ فينا القلبُ
عن شبح ٍ يطاردنى
من المهدِ الصغير إلى رصاصةِ قاتلى
عن فُرقةِ الأحبابِ حين يشدُنا
ركبُ الرحيل ِبخطوهِ المتثاقل ِ
عن آخر ِ الأخبار ِ فى أيامنا
الخائنونَ .. البائعونَ .. الراكعونَ ..
لكلِّ عرش ٍ زائل ِ
عن رحلةٍ سافرتُ فيها راضيًا
ورجعتُ منها ما عرفتُ .. وما اقتنعت
ُ .. وما سَلمتُ ..
وما أجبتكَ سائلى
عن ليلةِ شتويةٍ اشتقتُ فيها
صحبة َ الأحبابِ
والجلادُ يشربُ من دمى
وأنا على نار ِ المهانةِ أصْطلى
قد تسألينَ الآن يا أماهُ عن حالى
وماذا جدَّ فى القلبِ الخلى ِ
الحبُ سافرَ من حدائق ِعمرِنا
وتغرب المسكينُ ..
فى الزمن ِ الوضيع ِ الأهطَل ِ
ما عاد طفلكِ يجمُع الأطيارَ
والعصفورُ يشربُ من يدى
قتلوا العصافيَر الجميلة َ
فى حديقةِ منزلى
أخشى عليه من الكلابِ السودِ
والوجهِ الكئيبِ الجاهل ِ
أينَ الذى قد كانَ ..
أينَ مواكبُ الأشعاِر فى عمرى
وكل الكون ِ يسمع شدوها
وأنا أغنى فى الفضاءِ .. وأنجْلى
شاخَ الزمانُ وطفلكِ المجنونُ ..
مشتاقٌ لأول ِ منزل ِ
مازالَ يطربُ للزمان ِ الأول ِ
“ شىء سيبقى بيننا “ .. “ وحبيبتى لا ترحلى “
* * *
فى كلِّ يوم ٍ سوفَ أغرسُ وردة ً
بيضاءَ فوقَ جبينها
ليضىءَ قلبُ الأمهاتْ
إن ماتتْ الدنيا حرامٌ أن نقولَ
بأن نبعَ الحب ماتْ
قد علمتنى الصبرَ فى سفر ِ النوارس ِ ..
علمتنى العشقَ فى دفء ِ المدائن ِ ..
علمتنى أن تاجَ المرءِ فى نبل ِ الصفاتْ
أن الشجاعة َ أن أقاوم شُح نفسى ..
أن أقاوم خسة َ الغاياتْ
بالأمس ِ زارتنى .. وفوق وسادتى
تركتْ شريط َ الذكرياتْ
كم قلتِ لى صبرًا جميلا ً
إن ضوءَ الصبح ِ آتْ
شاختْ سنينُ العمر ِ يا أمى
وقلبى حائرٌ
مابين ِ حلم ٍ لا يجىءُ ..
وطيفِ حبٍ .. ماتْ
وأفقتُ من نومى
دعوتُ الله أن يحمى
جميعَ الأمهاتْ ..

“من قصيدة طيف نسميه الحنين سنة 2009”
لمزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.