فاجأ البنك المركزى السوق امس بخفض قيمة الدولار امام الجنيه بمبلغ 20 قرشا مرة واحدة، ليسجل 7.80 جنيه للبيع، و7.83 للشراء – اى ان البنوك توفره لصالح العملاء بهذا السعر – وهذه المرة الاولى الذى ينخفض فيها سعر الدولار امام الجنيه فى السوق الرسمية بالبنوك بعد سلسلة من الارتفاع، على مدى السنوات الخمس الماضية التى تلت ثورة 25 يناير. وكانت "الاهرام" قد اوضحت امس فى تصريحات خاصة من مصادر رفيعة المستوى اكدت ان صانع السياسة النقدية يتخذ حزمة اجراءات لتعزيز القوة الشرائية للجنيه وانه مقتنع بان اسعار الصرف بلغت ذروتها وتجاوزت الحد الاقصى ونقطة التوازن ، وان اسعار الصرف بالسوق حاليا لم تعد تعبر عن الطلب الحقيقى بقدر ما تعكس حالة قلق بسبب الارتفاع غير المبرر فى اسعار الصرف خلال الفترة الماضية. وكشفت مصادر مصرفية عن أن خفض سعر الدولار فى السوق المصرفية بنحو 20 قرشًا جاء ضمن حزمة من الإجراءات المصرفية التى تم إقرارها الأسبوع الماضى وآخرها الخطوة المهمة التى تردد ان البنك المركزى سيتخذها بازاحة اعباء مليارات الدولارات من الديون بالعملة الصعبة عن على كاهل المستوردين وتحمل البنك المركزى عنهم هذا العبء وتحويل هذه الديون الى الجنيه المصري، سوف يحرر سوق العملة من ضغط كبير ويؤدى الى تراجع أسعار العملة وارتياح المستوردين والصناع وقدرتهم على تسعير سلعهم للبيع بدون خوف او قلق من أسعار العملة، و يلغى الزيادات السعرية المبالغ فيها التى كانت تتم احتسابا لاسعار عملة غير معروفة. ونوهت المصادر الى حزمة الاجراءات التى اتخذها البنك المركزى منذ تعيين طارق عامر، وبدأت بتوجيه رسائل طمأنة لاطراف السوق من خلال لقاءات مكثفة عقدها محافظ البنك المركزى الجديد ، مع شركات الصرافة ، ثم مع اتحاد الصناعات، والمصدرين ، وبعض وزراء المجموعة الاقتصادية بحضور ممثلى القطاع الخاص ، واضافت المصادر ان هذه اللقاءات ورسائل الطمأنة لم تقتصرعلى اللقاءات بل تبعها مباشرة اجراءات فورية لحل مشاكل متراكمة بالسوق ، كانت تؤثر سلبيا على اسعار الصرف ، وتدفع الى زيادة الطلب الافتعالى الخاص بالمضاربات او الاكتناز، ولفتت المصادر ان ابرز هذه الاجراءات تمثل فى تلبية جميع طلبات فتح الاعتمادات وبوالص الشحن المعلقة فى السلع الاساسية والغذائية وخامات الانتاج المتراكمة منذ اسابيع، مما ساهم فى الافراج عن السلع والبضائع بالموانئ وخفض اسعارها بالاسواق ، واعطاء رسالة واضحة بان اسعار الصرف المعلنة بالبنوك اصبحت «واقعية» يتم التعامل بها ، وبالتالى ازاحت كثيرا من القلق بشأن التزام البنوك بفتح الاعتمادات ، ووجهت ضربة للمضاربين . وأكدت المصادر أن القرار جاء أيضا بعد أن تبين لصانع السياسة النقدية أن سعر صرف الجنيه المصرى تجاوز الحد الأقصى مما تطلب العمل على تصحيح الأمر فى السوق النقدية وإعادة القيمة الحقيقية للجنيه المصرى وتوقعت اختفاء السوق الموازية تماما بعد تراجع الطلب على الدولار ووصف محمد الاتربى رئيس بنك مصر هذه الخطوة بانها مهمة ومكملة للاجراءات التى اتخذها البنك المركزى مؤخرا على مدى الايام الماضية وتستهدف تعزيز الثقة فى الجنيه ، والقضاء على الطلب الافتعالى والمضاربات ، وتشجيع الافراد على الادخار بالعملة الوطنية، بفضل العائد المجزى عليها . وقال منير الزاهد رئيس بنك القاهرة ان خفض الدولار 20 قرشا امام الجنيه، خطوة مهمة جاءت بعد رفع الفائدة على الاوعية الادخارية، والتى تستهدف تعزيز قيمة الجنيه، وتحفيز رفع معدل الادخار المحلى الذى انخفض الى معدلات متدنية نحو 12% فقط حاليا، ومن المهم رفع هذا المعدل ليقترب من المعدل العالمى من اجل دفع الاستثمار المحلى خلال الفترة المقبلة . وقال محمود منتصر نائب رئيس البنك الاهلى أن خفض قيمة الدولار فى السوق الرسمية، سبقتها عدة اجراءات كانت جميعها تستهدف اعادة الثقة والقوة للجنيه ، كمخزن للقيمة ، وتعزيز قوته الشرائية ، لافتا الى ان هذه الخطوة سوف تسهم فى تراجع اسعار الصرف فى شركات الصرافة والسوق الموازية ، لتقترب مع اسعار الصرف بالبنوك، الى جانب تشجيع مكتنزى الدولار على بيعه والاستفادة من العائد الجيد والمرتفع على شهادات الادخار بالجنيه المصرى التى بلغت حاليا 12.5 %، لافتا الى ان هذه الخطوة سجلت نجاحات ملحوظا بجذب مليارات فى 3 ايام .