ظاهرة غريبة تشهدها بعض المدارس, حيث يقف أحد المعلمين على البوابة لتنظيم دخول التلاميذ وتسجيل المتأخرين فى الوصول ، وكأنه «موظف» أمن «وليس معلما ، ونحن هنا لا نقلل من قيمة عمل الامن ، لكننا نؤكد ضرورة أن يقوم كل شخص بعمله ، ولا مجال للادعاء بان ما يحدث سببه نقص عدد العاملين بحراسة بوابات المدارس, لأن هناك نقصا أيضا فى عدد المعلمين . الدكتور محمد زهران المعلم بإدارة المطرية التعليمية يؤكد أن عدد مدارس الجمهورية يبلغ نحو 50ألف مدرسة وهذا يعنى أن نحو 50ألف مدرس يتركون جدولهم وحصصهم صبيحة كل يوم دراسى ليقفوا (أمن بوابة) فى مخالفة صريحة لكل الأعراف القانونية والتربوية بل ولبطاقة الوصف الوظيفى لوظائف الكادر بل ولمنشور وزارة التربية والتعليم الذى تم تعميمه على جميع مدارس الجمهورية أيام ثورة يناير ممهورا بخاتم شعار الجمهورية وجاء فيه ما نصه: (حرصا من الوزارة على هيبة المعلم وتقديرا لدوره المحورى فى عملية التعليم بالمدرسة، ينبه على السادة مديرى المدارس بعدم تكليف المعلمين بأى أعمال تخالف الواجبات والمسئوليات المنوطة بهم، وهى: عمليات التعليم والتعلم والتنمية المهنية والتأهيل ضمان الجودة والاعتماد والمشاركة المجتمعية وأى أعمال أخرى مماثلة فى نطاق واجبات ومسئوليات الوظيفة.. وفى حالة وجود عجز فى وظائف الأعمال المعاونة ومنها الأمن تقوم إدارة المدرسة بتكليف أعضاء الخدمات الإدارية بالمدرسة بذلك، والعرض على مجلس الأمناء بالمدرسة لإعمال دوره لسد هذا العجز حتى يتفرغ المعلم لعمله الأساسى وهو التعليم والتعلم داخل الفصل الدراسى). ويتساءل زهران: إذا كان القانون والقرارات بهذا الوضوح الذى لا لبس فيه فمن أين يأتى ما يحدث فى المدارس مع المعلمين والمعلمات الآن؟.. محذرا من الآثار الخطيرة لمثل هذا.. فمن الناحية التعليمية يترك المدرس حصصه وجدوله ليتم تحويلها (حصص احتياطى) على زملائه وكأنه فى إجازة برغم وجوده فى المدرسة ! مما يعطل الطلاب ويؤخر المناهج .. ومن الناحية التربوية تهتز صورة المدرس لدى طلابه ويزداد اهتزازها بما يحدث بينه وبين أولياء الأمور المصرين على الدخول فى غير الأوقات المحددة والذين قد يصل بهم الأمر إلى الاشتباك والاعتداء الذى لا يستطيع بعده المدرس أو المدرسة أن يعمل بكامل طاقته وبنفسية سليمة بعدما حدث له أمام طلابه وأمام زملائه. الأثر الإيجابى الوحيد لما حدث من اعتداءات على المدرسين والمدرسات فى الفترة الأخيرة فى رأى د. زهران - هو عودة الروح إلى صفوفهم مرة أخرى فى المطالبة بحقوقهم المهدرة وكرامتهم السليبة رغبة منهم فى توفير مناخ صحى ملائم يؤدى للنهوض بالعملية التعليمية. ليست مهمتنا فى السياق نفسه, يؤكد سمير الغريب معلم خبير بإدارة الحدائق التعليمية أن المدرس الذى يرفض الجلوس كأمن بوابة لا مسئولية عليه حتى ولو تم تحويله للتحقيق فلا شىء عليه من الناحية القانونية إلا أنه قد يجد تعسفا من الإدارة فى أمور أخرى باعتباره معرقلا للعمل وغير متعاون!! منوها إلى أنه تم رفض ذلك فى أثناء لقائهم مع المستشار القانونى للوزارة حيث سألوه: هل يصح أن يجلس القاضى أمنا على باب المحكمة أو أن يجلس الطبيب حارسا على باب المستشفى؟ .. إن المدرس لمن يعقل ليس أقل شأنا من هؤلاء!!. ويضيف الغريب: إن الاعتداءات اليومية التى يتعرض لها المعلمون داخل المدارس وعلى أبوابها من البلطجية وفاقدى الأهلية ؛ سببها أن المعلمين تنازلوا عن حقوقهم ، والوزارة لا تحميهم ، ويتم الاعتداء عليهم من أناس أغلبهم خارجون على القانون ، وتصل المهانة إلى تمزيق ملابس المعلم أو المعلمة أمام التلاميذ، وعندما تأتى الشرطة بعد طول انتظار قد تحاول حل المشكلة وديا إذا كان المعتدى من أصحاب النفوذ فى المنطقة.. والأمر نفسه بالنسبة لمدير عام الإدارة التى تتبعها المدرسة ، عندما يعلم أن المعتدى من البلطجية أو المسجلين أو من عائلة كبيرة معروف عنها الإجرام والنفوذ، يقوم باستدعاء المدرس ومدير المدرسة لمكتبه للاعتذار للمعتدى وترضيته ل(لم الموضوع)!!! استقصينا موقف المعلمين أصحاب الشأن فهالنا ما يروونه عما يتعرضون له حال وقوفهم (أمن بوابة) .. وهذه نماذج : محمد على مدرس لغة إنجليزية يقول : حال وقوفى أمن بوابة فوجئت بأحد الأشخاص يريد دخول المدرسة عنوة دون مبرر فقمت بمنعه إلا أننى فوجئت به يعود مرة أخرى وبصحبته عدة أشخاص ليلكمنى عدة لكمات فى وجهى وصدرى حتى أزاحنى عن طريقه ووصل إلى غرفة المدير الذى استطاع احتواء غضبتهم والتفاهم معهم, أما ما حدث لى من ضرب وإهانة فلا عقاب ولا مساءلة .. ويضيف مدرس ثان: (يبقى يوم أسود يوم الأمن .. بشوف أهوال والله)!! مسئول الوزارة وزارة التربية والتعليم طرف أصيل فى القضية, لم يكن لنا أن نغفله لاستطلاع موقفها وخطواتها وخططها تجاه علاج هذه المشكلة .. باحترام شديد وتعاون كامل قابلتنا رانيا لاشين مسئولة العلاقات العامة والإعلام بالوزارة ووجهتنا إلى التواصل مع اللواء عمرو الدسوقى رئيس الإدارة المركزية للأمن بالوزارة والتابع لها مسئولية الأمن بالمدارس إلا أننا فوجئنا بمسئولى مكتبه يرفضون إيصالنا به متمسكين بضرورة حضورنا لديوان الوزارة حسب تعليماته !! وبرغم إبلاغنا لهم بأن تواصلنا معهم بناء على علم وتصريح من مسئولى العلاقات العامة والإعلام بالوزارة إلا أنهم رفضوا .. وحرصا منا على عرض كل وجهات النظر استجبنا لرغبتهم وتوجهنا الاثنين الماضى 12 أكتوبر لديوان الوزارة ومنه إلى مكتب اللواء الدسوقى إلا أننا قوبلنا من مسئولى مكتبه بعد الرجوع إليه برفض الإدلاء بأى تصريحات بدعوى الانشغال, مطالبين إيانا بتحديد موعد مسبق وهو ما لم يطلب منا فى التواصل الأول! .. وخرجنا من ديوان الوزارة المنوط بها صون كرامة معلميها بلا معلومة ولا خطة !! الإدارة .. بين نارين لأول وهلة كنا نظن أن إدارات المدارس مرحبة ومصرة على ما تكلف به المدرسين من جلوس على البوابات لحراستها إلا أننا فوجئنا بغير ذلك.. فتحى خطاب مدير مدرسة ابتدائية بالساحل يقول: أرفض رفضا قاطعا وأراه أمرا لايليق أن أطالب مدرسا بالجلوس كأمن بوابة فهذا ليس عمله .. ولكن .. أين البديل؟ .. إذ لا يمكن ولا يصح أن أترك المدرسة فوضى يدخلها كل من هب ودب دون أن نعرف ماذا يريد وإلى أين يتجه .. مشددا على أن هذا يترك تأثيرا نفسيا سيئا على نفسية المدرس وعلى أدائه داخل الفصل فضلا عن أنه يؤثر على سير العملية التعليمية خصوصا فى ظل العجز الذى نعانيه فى عدد المدرسين. وعن اقتراحه الحل حفاظا على كرامة و دور المعلم يرحب خطاب باستحداث شرطة متخصصة لأمن المدارس إلا أنه يرى أيضا إمكانية التعاقد مع أفراد أمن من الشباب ذوى المؤهلات المتوسطة بعد حصولهم على دورات بسيطة تؤهلهم للقيام بهذه المهمة ولحين استحداث الشرطة المتخصصة. شرطة متخصصة والحل طويل الأجل الذى يقترحه الدكتور محمد زهران هو توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الداخلية يتم بموجبه استحداث شرطة متخصصة تسمى (إدارة الشرطة المدرسية) أو (شرطة المؤسسات التعليمية) مثلها مثل شرطة السياحة وشرطة المرافق وشرطة النقل والمواصلات وغيرها من إدارات الشرطة المتخصصة ... يكون أفرادها مسلحين ومؤهلين وعلى اتصال بنقطة الشرطة أو بالقسم ويكون أى اعتداء أو تطاول عليهم محل مساءلة قانونية وتلقى أى استغاثة استجابة فورية على عكس ما يحدث الآن . كفانا مهانة (كفانا مهانة نحن المعلمين) يقولها بأسى وحسرة يحيى المنشاوى معلم خبير بإدارة المعادى التعليمية متسائلا : هل يليق أن يجلس المعلم الذى يعطى لطلابه علماً وتربية وأخلاقاً على بوابة المدرسة (أمن) فيتعرض للسب والشتم ، بل الضرب وتمزيق الملابس والصفع على الوجه من بعض أولياء الأمور الذين يرفضون الالتزام بالتعليمات، ويريدون دخول المدرسة بالإكراه فى أثناء اليوم الدراسى ؟ .. هل المدرس الذى يتم ضربه أمام طلابه، أو المعلمة التى يتم ضربها أمام تلاميذها تصلح بعد ذلك أن تكون قدوة لطلابها أو بناتها الطالبات؟ .. إن الذين أهينوا من المعلمين والمعلمات لا ذنب لهم إلا أنهم أُسند إليهم عمل لا يخصهم بل ومصدر إهانة لهم ، وهو حراسة بوابات المدارس، إننا نريد قراراً بتعيين أمن بجميع المدارس ، لنُبقى على البقية الباقية من كرامة المعلم ، مضيفا : كلما اصطدمت بولى أمر على باب مدرسة ، وهو يشتبك مع معلم يجلس (أمن) على البوابة ، أقول له : إنت بتتكلم مع المُدرس بالطريقة دى إزاى؟ ، فولى الأمر يرد باندهاش : هو فيه مدرس بيقعد على البوابة كده يا أستاذ ؟ !!!