هل نستسلم للغزو المتصاعد من أعمال سينمائية تهددنا بهدم مجتمعنا؟! والهدم هنا حقيقى وليس مجازيا، لأن الترويج لثقافة العنف والبلطجة والرذيلة، وانهيار السلوكيات الإنسانية فى أى مجتمع يعنى مباشرة سقوطه فى مستنقع الفوضى والتسيب الأخلاقى والانفلات الأمني فهل يقف المصريون عاجزين عن حماية مجتمعهم أمام ثلة مرتزقة لا هم سوى المادة، وقد هبطوا على الساحة الفنية بمظلات التخريب العقلى والأخلاقى؟!!.. فالفرد هو نواة أى مجتمع، وبناؤه وصقله والارتقاء به فكريا وأخلاقيا ووجدانيا هو بناء وصقل للمجتمع وارتقاء به ونحن نعلم أن الفنون بأنواعها وفى القلب منها السينما تخاطب وجدان الإنسان وتلعب دورا كبيرا فى تشكيل وعيه وفكره وسلوكياته. فهل نرفع الايادى مستسلمين أمام بضع مئات من أشباه ممثلين وبعض غلاة العلمانين الذين يدعون كذبا أن ما تعرضه السينما اليوم من أفلام هابطة يعتبر فنا وإبداعا يتحتم على الدولة حماية حريته؟!! ثم يبالغون فى الكذب مدعين أن ما نشاهده من أفلام رديئة ومسفة لا تؤثر على أخلاق وسلوكيات الشباب والأطفال بما تبثه من قيم فاسدة وأفكار مغلوطة!! هل هذا هو مفهوم الحرية لدى النخبة المثقفة فى مصر؟ وهل هذه هى رسالة الفن السامية التى تطلع إليها طلعت حرب وهو يفكر فى انشاء ستوديو مصر ليرتقى بالمجتمع المصرى فكرا وخلقا وسلوكا؟!! لقد كتب كثيرون من صحفيين ومفكرين ونقاد فنيين هالهم مدى التردى الذى وصلت إليه السينما المصرية على ايدى أشخاص لا علاقة لهم بفن أو إبداع أو أدنى رؤية فنية أو درامية للقضايا مجتمعنا. ان السينما مرآة المجتمع فى أى دولة، وعلى قدر تعبيرها الصادق والأمين عن مشكلات قضايا وأحلام شعبها، تنال النجاح وتحقق الإبداع الذى يمس شغاف القلوب ويثرى الوجدان. ومانراه اليوم إلا من رحم ربى من أعمال سينمائية جيدة نادرة ليس سوى مسوخ سينمائية غريبة عن مجتمعنا لا علاقة لها بقضايانا ومشاكلنا فضلا عن غرس قيم فاسدة فى وجدان قطاع كبير من المصريين. لقد وصل أديبنا العظيم الراحل نجيب محفوظ إلى العالمية، وحصل على جائزة نوبل فى الأدب برواياته الرائعة الممعنة من المحلية التى سردت لنا حياة المصريين فى بيوتهم وحارات مصر وأزقتها. ووصلت السينما المصرية فى عصرها الذهبى إلى العالمية ونافست على الأوسكار، وكانت مرشحة ضمن خمسة أفلام أجنبية لنيل الجائزة المرموقة عامى 1960و1964 بفيلمى «دعاء الكروان» و«أم العروسة». وبعيدا عن أى سفسطة وحجج عقيمة فان المنطق يفرض تساؤله على أهل تلك المسوخ الفنية!! ما هو الفن فى مشهد رجل وامرأة عاريين فى الفراش؟!! وما هى العبقرية الإبداعية فى هذا المشهد القمىء؟!!.. وما مغزى مشاهد استخدام الأسلحة البيضاء مثل السيوف والسنج العديدة والمتكررة فى تلك الأفلام، وكأنها باتت أمرا عاديا وسلوكا لا يجرمه القانون خاصة فى العشوائيات والمناطق الشعبية حتى استقر فى وجدان قطاع كبير من قاطنى هذه المناطق أن حمل واستخدام تلك الأسلحة خاصة المطاوى أصبح مظهرا من مظاهر الرجولة والجدعنة، وضرورة مجتمعية وأمنية لحماية النفس والحقوق؟!! أين الدولة فى مواجهة هذه الهجمة الشرسة من غزاة متجردين من أى قيمة إنسانية ووطنية يرتدون عباءة الفن كذبا، ويصنعون لنا أفلاما مفسدة تنخر بسمومها فى عظام المجتمع؟!! محمد سعيد عز