مدبولي: اكتمال تشكيل البرلمان إيذان بمرحلة جديدة من التعاون التشريعي والحكومي.. صور    محافظ البحيرة تتابع سير العملية الانتخابية من غرفة التحكم والسيطرة    رئيس غرفة عمليات حزب المؤتمر: لم نرصد تجاوزات بالانتخابات حتى الآن    التفتيش على 974 منشأة خلال 6 أيام لتطبيق قانون العمل الجديد    السكة الحديد تعلن متوسط تأخيرات القطارات على الوجهين القبلي والبحري    الاحتلال يسلم جثامين 15 أسيرا فلسطينيا ضمن صفقة التبادل    تخطى حاجز ال 300، عدد أهداف الدوري الإنجليزي بعد 11 جولة    اليوم.. انطلاق معسكر منتخب مصر استعدادًا لكأس العين الدولية الودية    نورة عصام ابنة جامعة القناة تحصد 3 برونزيات في دورة ألعاب التضامن الإسلامي    انتخابات مجلس النواب، إصابة رئيس لجنة في حادث تصادم بأسوان    براءة ربة منزل من تهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب في التجمع    تحرير 1248 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    الليلة، "واحد من الناس" يستعيد ذكريات زكي رستم وشكوكو وسيد زيان    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المالي    اعرف الأسعار فى أسواق الخضار والفاكهة اليوم الإثنين 10-11-2025 فى المنوفية    زيادة عالمية جديدة.. سعر الذهب اليوم الاثنين 10-11-2025 وعيار 21 الآن في محال الصاغة    استقرار أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 10 نوفمبر 2025    كأس العالم للناشئين.. موعد مباراة مصر وإنجلترا| والقنوات الناقلة    جهاز الإحصاء: ارتفاع معدل التضخم الشهرى 1.3% لشهر اكتوبر 2025    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    زيلينسكي: الملك تشارلز لعب دورا في تشجيع ترامب على دعم أوكرانيا    حالة الطقس.. منخفض جوي بارد يؤثر على البلاد اعتبارا من الخميس المقبل    خطوات وموعد تسجيل استمارة التقدم لامتحانات الشهادة الإعدادية 2025    عاجل- بدء سداد رسوم حج القرعة لموسم 2026 بالبنوك الوطنية ومكاتب البريد    الرئيس الأمريكي يصدر عفوا عن عشرات المتهمين بالتدخل في انتخابات 2020    في ذكرى رحيل معالي زايد.. رحلتها من الفن التشكيلي إلى عالم السينما    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    السيدات يتصدرن المشهد أمام لجان انتخابات مجلس النواب بدائرة الهرم والعمرانية    مازن المتجول: أجزاء فيلم «ولاد رزق» مثل أبنائي.. ولا يوجد تأكيد لجزء رابع    وزارة الرياضة تقوم بحملات رقابية على مراكز الشباب بمحافظة البحيرة    بعد 40 يوما .. مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى    ب أماكن لكبار السن وذوى الهمم.. الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لاستقبال الناخبين للتصويت في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    نقل محمد صبحي للعناية المركزة بعد إغماء مفاجئ.. والفنان يستعيد وعيه تدريجيًا    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب    وزير المالية: بعثة صندوق النقد تصل قريبًا ومؤشراتنا مطمئنة    هاني رمزي: تجاهل زيزو لمصافحة نائب رئيس نادي الزمالك «لقطة ملهاش لازمة»    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    تقرير - هل يتراجع المد اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين في هولندا بخسائر فيلدرز؟    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة ويؤكد قيم الوحدة الوطنية    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقى .. رحيل حزين لكاتب كبير
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 10 - 2015

فقدت الصحافة العربية وفقدت الأهرام واحد من أكثر ابنائه كفاءة وموهبة فى ستينيات وسبعينيات القرن الماضى . صدمت بالخبر الحزين الذى نشر بالصفحة الأولى من أهرام يوم الاثنين الماضى وأنا خارج مصر .
كان الصديق الراحل واحدا من أبناء جيل الستينيات فى القرن الماضى، وقد شارك فى تحديث الأهرام لتصبح واحدة من أهم عشر صحف فى العالم بثقافته الموسوعية ومتابعته لكل جديد فى الصحافة العالمية وعلاقاته داخل مصر وخارجها بزعماء العالم وبصناع القرار خاصة فى الولايات المتحدة وعدة دول إفريقية .
كان محمد حقى أول ملحق صحفى فى واشنطن بعد تخرجه فى قسم الأدب الانجليزى بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1955 ثم نقل بعد أربع سنوات للعمل ملحقا فى غانا بغرب إفريقيا، ومن هناك كان يتنقل بين دول إفريقيا ليتعرف على قادتها وعلى زعمائها وكبار السياسيين، فقد شهدت أواخر الخمسينيات والستينيات اهتماما كبيرا من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالقارة الإفريقية.
ولم يكن الأستاذ هيكل بعيدا عن التقارب المصرى الإفريقى، فبعد عامين من رئاسته للأهرام وقع اختياره على الأستاذ محمد حقى الذى كان عائدا من غانا ليعمل رئيسا للقسم الخارجى بالأهرام، وبعد شهور من التحاقه بالأهرام أرسله الأستاذ هيكل مراسلا متجولا فى دول القارة ليكتب ويتعرف ويتعلم. وخلال مهمته التى استمرت أربعة أشهر بعث محمد حقى بسلسلة من التحقيقات الصحفية والدراسات عن إفريقيا وقام بتغطية أهم أحداث القارة وكان من بينها الحرب الأهلية فى الكونجو ومقتل باتريس لومومبا وأيادى الاستعمار الخفية فى تلك الجريمة. وكان ل «الأهرام» السبق والتفوق على جميع الصحف فى تغطية أحداث القارة الإفريقية.
فى منتصف السبعينيات انتقل حقى ليعمل بالبنك الدولى مسئولا عن الاعلام فى قسم الشرق الأوسط، ثم اختاره وزير الخارجية إسماعيل فهمى وزيرا مفوضا إعلاميا فى واشنطن، ومن هناك التقى بالرئيس الراحل أنور السادات خلال إحدى زياراته للعاصمة الأمريكية، ثم وقع عليه الاختيار متحدثا رسميا للرئاسة خلال مباحثات كامب دافيد، ثم عاد الى القاهرة رئيسا للهيئة العامة للاستعلامات، وكان من الطبيعى أن يختلف مع صفوت الشريف وزير الاعلام القريب من الرئيس السابق حسنى مبارك، فقدم استقالته رافضا العمل والتعاون معه بعد أسابيع من اغتيال الرئيس أنور السادات، وعاد ضد إرادته الى واشنطن .
ينتمى محمد حقى الى أسرة ضمت عشرات المثقفين والأدباء فعمه الأديب الراحل يحيى حقى وعمه الآخر الفنان والمثقف موسى حقى أول عميد لمعهد السينما، وقد اكتسب بمعايشته منذ طفولته لهذا المناخ الثقافى أسلوبا أدبيا راقيا فى كتاباته السياسية. أما والده فكان رئيس المترجمين فى الديوان الملكى قبل ثورة 52 وكان يتقن خمس لغات، ويبدو أن حقى ورث عن والده هذا العشق للغات الأجنبية فكان يعد واحدا من أشهر من يجيدون اللغة الانجليزية . وقد ربط بين الوالد والابن نوع نادرمن الصداقة الحميمة والحب العائلى الذى لم يعد له وجود فى هذا العصر ، فكان الأب يزور الابن كل ثلاثاء ويصعدان الى كافيتريا الأهرام ليتناولا الغداء معا وكنت أسمع ضحكاتهما تجلجل فى أركان المطعم .
هذا الوجه الجميل الذى ترتسم عليه الابتسامة وتجذب ضحكاته ودعاباته أى شخص ليقترب منه ويصادقه يوحى لمن لايعرفه بأنه ينتمى الى طبقة الأثرياء الأرستقراطيين، لكن واقع محمد حقى الإنسان المثقف الوطنى العاشق لمصر وترابها كان عكس ذلك تماما. فكما كان يرتاد الصالونات يلتقى كبار السياسيين والمثقين كان أيضا يزور الأحياء الشعبية يلتقى زملاء الدراسة ممن عايشهم فى الماضى بمدرسة المحمدية الابتدائية بالحلمية الجديدة .عاش حقى بسيطا محبا للجميع وكان من الصحفيين من أبناء جيله ممن لديهم حصانة ضد الكراهية والأحقاد . تحدثت معه تليفونيا فى شهر مارس الماضى من مونتريال وهو يصارع المرض ويعانى الغربة وكان يأمل أن يتمكن من أن يعود الى القاهرة ويبقى يواصل العلاج فى مصر، لكن أمنيته لم تتحقق للأسف .كان يعانى الاكتئاب بعد أن سقطت كل أوراق شجرة الأصدقاء المصريين فى واشنطن وكان آخرهم الدكتور رشدى سعيد أستاذ أساتذة الجيولوجيا وصاحب أشهر كتاب عن نهر النيل الذى ما أحوجنا الى أفكاره ونصائحه الآن . مات محمد حقى وحيدا فى غربته فى أرض باردة سياسيا ومناخيا بعيدة عن وطنه الحبيب بأحد البيوت المخصصة للمرضى من كبار السن.
يبدو أن الموت أصبح قريبا منا أكثر مما توقعنا ليس فقط بحكم العمر ولكن المناخ السياسى فى عصر العولمة وثورة الاتصالات والوجبات السريعة أسقط أيضا معظم أوراق شجرة أصدقائى فى القاهرة. تكررت فى السنوات الأخيرة زياراتى لمساجد عمر مكرم والحامدية الشاذلية ومسجد الشرطة بمدينة نصر أكثر من حضورى لحفلات الزفاف، وتعددت زيارة المقابر لدفن الراحلين وهناك يشارك الأحياء الموتى فى الاقامة دون خوف . فقد الموت رهبته وهيبته ولم نعد نخشاه. سرادقات العزاء تحولت الى جلسات للحديث فى كل شيء بين الرجال.
رحم الله الصديق العزيز محمد حقى الذى أعطى الكثير لوطنه وللصحافة المصرية ولم يأخذ إلا القليل .
لمزيد من مقالات مصطفى سامى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.