في أعقاب نكسة 1967، قام الجيش المصري بإعادة بناء قواته العسكرية، لرد اعتبار مصر جراء النكسة، وبدأ الجيش في شن عمليات عسكرية من فترة لأخري عُرفت ب"حرب الاستنزاف"، مما كان حافزًا لمعنويات الضباط والجنود، التي كُسرت على أبواب سيناء في النكسة، فقامت البحرية بثلاث عمليات صنعت ملاحم عسكرية رائعة في استرداد الكرامة. وتتلخص جوانب الملحمة الأولى في تدمير السفينتين "هيدروما" و"دالي"، والتي بدأت عملياتها من يوم 15و16 نوفمبر 67، حيث قام بها القبطان عمر عزالدين والقبطان حسنين جاويش، والقبطان نبيل عبد الوهاب ومعهم 3 صف ضابط وهم "محمد العراقي، وعادل الطراوي، والشهيد محمد فوزي البرقوقي" من خلال سمفونية رائعة اشتركت فيها جميع الأجهزة بنفس القدر دون نشاز. والملحمة الثانية كانت في فبراير 1970، حيث استهدفت تدمير سفينتي "بيت شيفع" و"بات يام"، والتي قام بها ملازم أول "رامي عبد العزيز" وملازم أول عمرو البتنوني، وكان سبب تلك العملية، هو قيام قوات العدو بغارة على منطقة "الزعفرانة بالضفة الغربية بالبحر الأحمر"، وقاموا بإنزال 7 دبابات هناك، وأغاروا على نقطة للشرطة العسكرية، ونقطة الرادار، وقاموا بفك الرادار وأخذوه إلى إسرائيل، كنوع من "الشو الإعلامي" أمام العالم، ومن ثم قررت القيادة العسكرية الرد القاسي على إسرائيل، فكان القرار بتدمير ناقلة الدبابات التي نقلت الدبابات إلى منطقة الزعفرانة، وتدمير ناقلة الجنود أيضًا. أما الملحمة الثالثة والأخيرة فكانت عقب العملية الثانية بثلاثة شهور، تحديدا في مايو 1970، وتم من خلال تدمير الرصيف الحربي لميناء إيلات، وتتجلى البطولة والفداء في قيام الملازم نبيل عبد الوهاب -21 سنة وقتها - بالسباحة بجثة البرقوقي من مينا ايلات لنقطة العقبة"، حتى لا يأخذ العدو جثته، وعلى حد قوله: "لم يجعلني أجازف بالمخاطرة ، غير أن محبتي له منعتني أن أتركه في البحر"، مشيرا إلى أن الشهيد كان يشعر بأن "أنبوبة الأكسجين" أوشكت على الانتهاء، ولكنه أصر على أن يكمل مهمته أولًا، وبالفعل وضع اللغم في السفينة الحربية، ليطفو على سطح البحر بعد الشهادة، وبعدها أخذته وسبحت به مسافة طويله جدًا، إلى أن وصلنا للعقبة. كما قامت القوات البحرية بالعديد من العمليات خلال حرب الاستنزاف، كإغراق قناصتنا لغواصة إسرائيلية أمام سواحل الإسكندرية في منطقة "سبورتنج" وكان اسم الغواصة "داكار"، وأيضا تم تدمير مواقع تجمع العدو في رمانة وبالوظة، إضافة إلى عملية "الحفار" التي تمت خارج مصر، وهي قصة تشبه أفلام جيمس بوند، فقد أتت إسرائيل بحفار من كندا؛ للتنقيب عن البترول في خليج السويس وكانت إسرائيل تحتل الضفة الشرقية وخليج السويس وتسيطر على آبار بترول بلاعيم، فصدر القرار بتدمير هذا الحفار في عملية قام بها القبطان محمود سعد، استغرقت هذه العملية الكثير من المجهود والوقت، لأن رجالنا ذهبوا خلفه إلى السنغال، وبمجرد وصولهم كان الأوامر الإسرائيلية قد صدرت بتحرك الحفار إلى "أبيدجان"، وبعد سلسلة من المغامرات تم تدميره في ساحل العاج. ولتلك العملية قصة طريفة جدًا أيضا، حيث تم الاتفاق على تصوير فيلم "عماشة في الأدغال" من بطولة الفنان محمد رضا وصفاء أبو السعود هناك خصيصا، ليتخفي رجال الضفادع البشرية ضمن طاقم عمل الفيلم، المهم أن نصف الفيلم وصل إلى أذربيجان والحفار بها، وكان مقررا أن يتم تنفيذ العملية في اليوم التالي، وخشية أن يتحرك الحفار قبل أن يصل الباقون تم تدمير الحفار دون انتظار وصولهم، مما تطلب أن يقوم كل فرد من العملية أن يحمل لغمين بدلا من لغم واحد، ولكن للأسف الدراما لم تعطه كامل حقه بالشكل الذي يليق به.