كامل الوزير يرد على منتقدي المونوريل: ليس في الصحراء.. وتذكرته 50% من تكلفة بنزين سيارتك    طفاطف جديدة وخطوط سير في رأس البرّ خلال عيد الأضحى بدمياط    "تنمية المشروعات" يواصل دعم الإسكندرية: تفقد مشروعات بنية أساسية وتوقيع عقد تمويل ب30 مليون جنيه    أبو حطب يشهد استلام ممشى «عصفور الجنة» وميدان الخالدين بعد الانتهاء من أعمال التطوير    منال عوض: التصدي بقوة لمحاولات التعدي بالبناء المخالف خلال عطلة عيد الأضحى    رئيس جامعة أسيوط: الطبيب على سيد كان مخلصا فى خدمة المرضى ومحبوبا بين زملائه    الأمم المتحدة ترد على هجمات إيلون ماسك    2443 حاجًا من 100 دولة يصلون إلى مكة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج    مصطفى بكري: مسؤول كبير سيخلف أبو الغيط في قيادة الجامعة العربية قريبا    الجيش الإسرائيلي يحذر من التوجه إلى مراكز توزيع المساعدات في غزة ويصفها ب"مناطق قتال"    مجلس إدارة الزمالك في جلسة مع اللاعبين قبل نهائي الكأس    الزمالك: رفع إيقاف القيد بعد سداد مستحقات ياسر حمد    ريبيرو: ثقافة الأهلي الفوز دائما.. وهذا ما تعلمته مع أورلاندو بايرتس    رغم الظروف الصحية.. حسين لبيب يقدم العزاء في والدة «الجنايني»    حملة مسائية.. إزالة 1200 حالة إشغال للمقاهي والكافيهات في الجيزة    خبر في الجول - المصري يستفسر عن طلبات الشعباني وموكوينا وبوميل    تقرير: الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة    إصابة عامل كشري بجرح ذبحي في مشاجرة داخل المحل بالفيوم    حريق محدود بشقة سكنية بطهطا دون إصابات    نتيجة الصف السادس الابتدائي 2025 بالمنوفية    اقتداءً بسنة النبي.. انطلاق تفويج حجاج دول العالم الإسلامي إلى منى لقضاء يوم التروية    بعد العيد... بدء التشغيل الليلي ل«مطعم خوفو» داخل منطقة أهرامات الجيزة    رشوان توفيق ينعى سميحة أيوب: موهبتها خارقة.. وكانت ملكة المسرح العربي    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    شريف عامر: سميحة أيوب قيمة فنية يَصُعب تعويضها.. خسارة كبيرة لمصر والعالم العربي    فيديو.. أحمد السقا يوضح موقفه من مها الصغير عبر بسمة وهبة: مش هرجع بس هفضل سندها    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    إنفوجراف.. كواليس جديدة فى قضية التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بمدينة الأقصر    محافظ الإسكندرية يشدد على إزالة الإشغالات الحاجبة لرؤية البحر وتجهيز الشواطئ لعيد الأضحى    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 4 يونيو في الصاغة    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    كندا تخطط لإزالة الرسوم الجمركية الصينية على منتجاتها الزراعية    أوربان: انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي «صفقة خاسرة» ستستنزف اقتصاد أوروبا    «قبل ساعات من العيد».. الضأني والماعز يتصدران أسواق الأضاحي بالمنيا عام 2025    وفاة 3 أشخاص إثر حادث تصادم توكتوك وسيارة ربع نقل بكفر الشيخ    ريبيرو يكشف أفكاره لأسلوب لعب الأهلي في كأس العالم للأندية    عيد الأضحى 2025.. خطوات شواء اللحوم بطريقة صحية    قبل عيد الأضحى 2025.. هل يمكن ذبح الأضحية خلال خطبة العيد؟    لتقديم التهنئة والمشاركة في صكوك الأضاحي: وزير الأوقاف يستقبل رئيس الطائفة الإنجيلية والوفد المرافق له.. صور    وزيرة البيئة: ما حدث في الإسكندرية نتيجة لتغير المناخ.. الاستعداد المبكر جنبنا كارثة    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    محافظ الدقهلية: 1161 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية    الرعاية الصحية بأسوان تتابع سير الخدمات الطبية بمستشفى المسلة    فرص عمل للمصريين بالأردن براتب يصل إلى 350 دينار.. اعرف التفاصيل    «القاصد» يرأس لجنة اختيار عميد كلية التربية الرياضية بجامعة المنوفية    حزب المؤتمر يقدم ورقة عمل لمجلس حقوق الانسان المصري حول تضمين المبادئ في برنامجه    الشيخ خالد الجندي: من يأكل أموال الناس بالباطل لا حج له    الأزهر للفتوى: الأضحية من الشاة تجزئ عن الشخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا    وزير العمل يلتقي مسؤولة ب"العمل الدولية" ويؤكد التزام مصر بمعاييرها    تشغيل عيادات التأمين الصحي بالدقهلية خلال عيد الأضحى المبارك.. تعرف على الأماكن والمواعيد    «الأرصاد» تحذر من موجة حارة خلال عيد الأضحى    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    مهرجان إيزيس الدولي ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«روح أكتوبر» تواجه الإرهاب
عبور جديد إلى الأمن والتنمية والمشروعات العملاقة
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 10 - 2015

لا يزال لنصر أكتوبر المجيد روحه الوثابة التى تحلق بالمصريين فى عنان السماء عزيمة وتحديا وإصرارا على قهر الصعاب والعبور إلى المستحيل الذين برهنوا على قهره فى تلك الحرب المجيدة
تتوالى ذكرى النصر فتتوالد من رحمها توجهات ونداءات وبحوث ودراسات يجمع أغلبها على استغلال روح النصر التى كانت تسرى فى المصريين والعمل على إحيائها وبث الحياة فيها من جديد للعبور الجديد الذى تحاول مصر الوصول إليه بهمة المصريين قيادة وشعبا على جميع الأصعدة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا ومواكبة العصر الجديد بكل مقوماته العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية للعبور إلى المستقبل الواعد الذى يسألنا عنه الأجيال القادمة فماذا نحن فاعلون؟.
فى رؤيته فى كتاب 6 أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية يرى د.جمال حمدان (مخطئ من ينظر إلى معركة سيناء والجولان المظفرة فى إطارها الضيق وأبعادها المحلية أو من يظن أن عبورنا المقدس إلى قدس الأقداس سيناء أمر ستقتصر دلالته فى النهاية على «إزالة آثار العدوان»، إن هذه اللحظة التاريخية وهذه الأيام الفاصلة المشحونة بالانفعالات المتوقدة والتوتر قد لا تترك مجالا للرؤية المتأنية وللفكر المتروى ولكننا نزعم أن هذا ليس وقتا للحماس والانفعال بقدر ماهو وقت للفكر والفعل، ومن هنا فى هذا الإطار التاريخى والاستراتيجى الشامل ينبغى أن ننظر إلى هذه المعركة الوطنية العظمى التى دارت رحاها على أرض سيناء والجولان، فقد آن الأوان لكى نحاول تقييما شاملا ومحيطا للمعركة بكل أبعادها وفى أوسع أطرها ابتداء من تطوراتها الموضعية الميدانية إلى موقعها فى الاستراتيجية العالمية برمتها مرورا بكل أصدائها وإشعاعاتها وانعكاساتها العسكرية والسياسية وكذلك نتائجها واحتمالاتها الجيوستراتيجية والجيوبولوتيكية).
لقد فرضت نكسة 1967 خوض حرب أكتوبر بهدف إزالة آثار العدوان الإسرائيلى وفقا لمبدأ ثابت أعلنه عبد الناصر وقتها وهو أن «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة».. هذا المبدأ الذى تأسس على بعد استراتيجى طرحه الفريق الراحل عبدالمنعم رياض فى واحد من اجتماعات المجلس الأعلى للقوات المسلحة عقب النكسة مؤداه كما أورده الأستاذ هيكل فى كتاب الانفجار «أن المفاوضات قد تعيد الأرض لكنها لا تضمن استعادة الكرامة التى ضاعت فى سيناء والجولان والضفة الغربية بما يعنى حتمية خوض معركة التحرير وعدم انتظار الحل السياسي» فاستعادة الكرامة هى التى تعين على النهوض مرة أخرى وليس مجرد استرداد جزء من الحق المسلوب.
علينا فى البداية أن نلقى الضوء على كيفية إدارة مصر للمعركة فى شقها العربى وكيف تحقق نجاح الحشد هكذا يؤكد د.عبد الحليم محجوب الخبير فى الشئون العربية بأنه خلال فترة الثلاثينات والأربعينات شهدت بلورة ناضجة إلى حد كبير للفكرة القومية على يد عدد من المفكرين والسياسيين فى الشام والرواد المصريين أيضا لكنها بقيت حبيسة الأطر الحزبية أو الجمعيات الثقافية الأهلية ثم أخذت تأثيراتها على القواعد الشبابية وبعض عناصر الصفوة تتسع باستمرار، وشكلت نكبة 1948 دفعة قوية لهذه التيارات لكن تصرفات الطبقات الحاكمة فى الدول العربية كانت تخضع لقيود عديدة نتيجة لتحكم القوى الأجنبية فى القرار السياسى العربي، حتى جاءت ثورة يوليو 1952 لتتبنى صراحة هذه التيارات وكان أول اختبار حقيقى لها متمثلا فى الدعوات الغربية لإنشاء حلف بغداد بزعم مواجهة الخطر الشيوعى القادم من الاتحاد السوفيتى وكان رد عبد الناصر الذى أفشل هذه الدعوة واقتصر التجاوب العربى على العراق وحده هو أن العرب يواجهون خطرا أهم بكثير من الخطر الشيوعى وهو إسرائيل و القوى الاستعمارية المهيمنة على عدد كبير من الدول العربية.
وكان نجاح عبدالناصر فى هذه المعركة مقدمة لنجاحات أخرى متوالية ليس فقط على مستوى الدول والحكومات بل وهو الأهم على الصعيد الشعبى فقد واجهت أوروبا أول تجربة لاستخدام سلاح النفط بتفجير خط أنابيب التابلاين الذى يعبر الأراضى السورية ردا على العدوان الثلاثى 1956، وعندما تعرضت إحدى المراكب المصرية وتدعى «كليوباترا» لمؤامرة أدت لاحتجازها فى ميناء نيويورك عام 1960 تنادت اتحادات العمال العربية بناءً على دعوة الاتحاد المصرى لمقاطعة السفن الأمريكية فى الموانى العربية مما أسفر عن السماح للسفينة المصرية بمغادرة الميناء الأمريكى فى أقصر وقت ممكن.
لكن التحالف الغربى المعادى لهذا التيار الجارف طور بدوره من اساليبه لضمان استمرار احتكاره للنفوذ فى الشرق الأوسط فكانت مؤامرة إحباط أول تجربة وحدوية بين مصر وسوريا ثم تدخله المباشر فى اليمن ضد ثورة السلال والتآمر لإسقاط العديد من الزعامات الإفريقية والآسيوية التى شكلت رموزا لحركات التحرر الوطني، وانتهاء بنكسة 1967 التى استهدفت إخراج مصر عبد الناصر من معادلات القوة فى المنطقة.
من المؤكد أن التغيرات التى تعرض لها العالم على مدى أربعة عقود تفرض علينا البحث فى أساليب جديدة، ومطالبين بالعمل على بناء طبقة سياسية جديدة فى أكثر من دولة عربية تعمل على إحياء الفكرة القومية والحاجة الملحة لبلورة مفهوم واضح للأمن القومى العربى وإعادة هيكلة مؤسساته الرسمية وغير الرسمية، وفى حاجة لبناء قوة عسكرية مشتركة وقدرات متكاملة بين أكثر من دولة عربية بشرط أن يكون هناك توافق علي: من هو العدو وطبيعة الخطر الذى تتعرض له الأمة وليس نظام سياسى بعينه، ولن يكون هناك أى أمل فى تحقيق النجاح المنشود فى استعادة الهوية القومية إلا بشرطين أولهما هو إحياء اللغة العربية وآدابها خاصة بين أجيال الشباب وذلك من خلال إطار مؤسسي، أما الشرط الثانى فهو اعتماد مفهوم «الحركة» وعدم الاقتصار على طرح الأفكار النظرية، والمشروعات البحثية فى الندوات والمؤتمرات.
وأخيرا فإن عودة القضية الفلسطينية إلى سابق موقعها كقضية مركزية فى السياسات العربية على المستوى القطرى والقومى مع اقتحام الأزمات المثارة حاليا فى أكثر من دولة عربية سوف يوفر عاملا جوهريا لاستعادة الحشد والتعبئة على المستوى القومى ويسهم فى مواجهة العديد من التحديات التى يتعرض لها الوطن العربى سواء من داخله أو من قبل قوى إقليمية ودولية.
وعن دور القوى الاقليمية أثناء حرب أكتوبر وكيفية أحيائها مرة أخرى يشير د. محمد مجاهد الزيات مدير مركز القومى لدراسات الشرق الاوسط بأن إيران أخذت موقفا محايدا رغم انحيازها الكبير لإسرائيل على الرغم من أنها أمدتنا بالبترول حسب تصريحات الرئيس السادات، لكن لم تؤيد الموقف العربى ضد إسرائيل وكانت تعتقد أن مجرد الاشتباك المصرى مع إسرائيل يخلى الساحة الإقليمية لحركتها الاستراتيجية على التمدد فى المنطقة منذ أيام الشاه وحتى الآن وانشغال القوى الإقليمية مع بعضها يعتبر من مصلحة إيران، أما فى الموقف الحالى فالساحة الإقليمية تشهد تمددا لنشاط إيران بصورة أساسية خاصة بعد الاتفاق النووى الإيرانى وخروجها من تحت دائرة العقوبات والحصار، وقد بدأت مظاهر هذا التمدد فى التصعيد الذى تمارسه إيران حاليا مع السعودية ودول الخليج وحرب اليمن هو أحد المظاهر الأساسية فيها سواء من محاولة اختراق المنطقة سواء فى البحرين أو اليمن وتعطيل الكثير من الملفات المفتوحة فى المنطقة والتى تشهد اشتباكا مع أطراف عربية أخرى خاصة العراق وسوريا ولبنان، ولاشك أن التقارب الإيرانى الروسى يترك تداعيات إيجابية على الحركة الإيرانية وعلى دورها الإقليمي، وفيما يتعلق بتركيا فإن لديها مشروعا سياسيا فى المنطقة هو محاولة استعادة الإمبراطورية العثمانية التركية وقد حاول أردوغان منذ عدة سنوات أن يسيّر تحالفات فى المنطقة تضمن له نفوذا إقليميا واسعا وارتكز على مبادئ أعلنها أحمد داود أوغلو تحت مسمى تصفير المشاكل مع دول الجوار، وبناءً عليه صاغ تحالفت مع نظام بشار الأسد وأقام علاقات طيبة مع إسرائيل وحاول إقامة علاقات جيدة مع مصر إلا أنه بعد ثورات الربيع العربى سرعان ما تغيرت الاستراتيجية التركية وكشفت عن وجهها الحقيقى فى محاولة فرض الهيمنة، وتحقيق المشروع السياسى التركى زاد الاحتقان بينها وبين نظام نظام الأسد وأصبحت تتبنى وتساعد بعض الجبهات التكفيرية والتى تعمل فى سوريا ضد النظام، وساءت علاقتها بمصر بصورة كبيرة بعد ثورة 30 يونيو ومحاولة أردوغان أن يقدم نفسه مسئولا عن المنطقة أو محركا للأحداث ومحاولة فرض وصاية على مصر نفس الموقف حدث بعلاقاته بالعراق والتى شهدت تماسا مع النفوذ الإيرانى بصورة كبيرة ومن ناحية أخرى كانت تركيا سعيدة جدا بالحصار على إيران لأنها كانت تستفيد اقتصاديا من خلال استثناءات خاصة من الدول الكبري، وكانت ترى أن انشغال إيران بهذا الحصار يتيح لها مساحة حركة أوسع إلا أن الاتفاق النووى الإيرانى وتحرر إيران من الضغوط سوف يزيد من التنافس التركى الإيراني، وقد وضح ذلك فى الملف السورى بصورة أساسية والنقطة الثانية مصر بدأت تستعيد دورها الإقليمى بصورة واضحة.
إن الموقف الداعم لمصر أثناء حرب اكتوبر كانت المواقف العربية وعلى رأسها الموقف السعودى والذى أعلن عن حظر تصدير البترول ومثل ضغوطا على المؤسسات الاقتصادية الغربية وكان هناك مواقف عربية مشرفة مثل العراق ومن الكويت فى تقديم مساعدات عسكرية مباشرة وقوات شاركت فى العمليات ولو أنها شاركت بصورة رمزية، كما كان للجزائر مواقف مشهودة، حيث إنها قدمت مساعدات ثم خلال محاصرة الثغرة ذهب الرئيس بومدين وقام بتمويل صفقة دبابات جديدة لمصر من روسيا التى تم إنشاء فرقة مدرعة جديدة بخصوصها.
صيغة التعاون العربى عام 73 صيغة غير مسبوقة وأعتقد أنها أفضل صيغ التعاون العسكرى والسياسى الاجتماعى التى تحققت فى السنوات الأخيرة ومحاولات إنشاء تحالفات فى صورة جديدة فى الوقت الحالى ربما تسترشد بما حدث فى عام 73 كقضية مركزية شارك العرب فيها قامت القوات المصرية بالعمليات العسكرية لاستعادة الأرض المحتلة وساندتها الدول العربية كل بما يملك وبمن يرغب فى ذلك فى تقديم المساعدة، وهذه الصيغة لم تتحقق داخل جامعة الدول العربية ولكن خارج إطارها، وهو ما يرجح أن أى صيغة جديدة نسعى إليها الآن لتكوين قوة عربية مشتركة لابد أن تتحرك بالتدرج كما حدث الأمر لمن يرغب من الدول العربية، وأن نخفض سقف التوقعات فى إنشاء هذه القوى لنبدأ بالتنسيق فيما بيننا فى التعاون العسكرى ومواجهة التهديدات والمخاطر ثم يرقى هذا التنسيق مستقبلا إلى نوع من التكامل، وأعتقد أن صيغة التحالف المصرى الخليجى بمشاركة الأردن هى صيغة مناسبة وإذا رغبت دول أخرى المشاركة كان بها ويجب أن يكون واضحا التهديدات والمخاطر التى تتعرض لها المنطقة العربية فهناك تباين فى وجهة نظر الدول فيما يتعلق بالتهديدات فإذا كان البعض يتصور أن إيران تمثل خطرا فى تحركاتها الأخيرة فإن البعض الآخر لا يتصور ذلك مثل العراق وسوريا وقوى سياسية كبيرة فى لبنان.
تكوين قوى عربية مشتركة الآن رغم ضرورتها وأهميتها إلا أنها تواجه صعوبات، وهذه الصعوبات تتحدد فى كثير منها أنه لا يوجد اتفاق على المخاطر والتهديدات، أى أنه لابد من إتمام صياغة تحالف على صيغة التحالف المصرى الخليجى الأردني، حيث تتفق هذه الدول على المخاطر والتهديدات التى تواجه المنطقة وبالتالى تكون هى نواة لتطويرها لتصبح قوى عربية مشتركة فى المستقبل، لكن الآن هناك معوقات عدم اتفاق على الآليات أيضا تختلف فلا يجب أن ترفع سقف القوى العربية المشتركة ولكن نبدأ بالتنسيق ويمكن أن تتطور، صيغة عاصفة الحزم صيغة قابلة للتكرار إذا اتفق الأطراف المشاركة فيها، ربما تكون المشروعات السياسية الإقليمية تتحرك بشدة مثل المشروع السياسى الإيرانى التركى الإسرائيلى ويتعين على مصر أن تتحرك فى استعادة دورها الإقليمى الذى بدأت ملامحه تتضح من خلال مساندة سعودية وخليجية وأن تواصل مصر تأكيدها على أن الأمن فى الخليج جزء من الأمن القومى المصرى لتأكيد ذلك.
ولاستعادة هذه الروح واستغلالها فى القفز بالشعب المصرى إلى مصاف العالم الأول لابد أن نحيى العناصر والمقومات التى يمتلكها هذا الشعب العظيم وفى ذلك يقول د. فاروق عبدالخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ومدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية إن أحد العناصر الأساسية لنجاحنا فى حرب أكتوبر بدأت بعد هزيمة 1967 مباشرة بحيث قامت السياسة المصرية بكافة جوانبها سواء السياسية والعسكرية بمراجعة وتشخيص أسباب الهزيمة وعناصر الضعف فى بنائنا القومى والعسكري، وبناء عليه وضعت الخطط اللازمة لسد هذه الثغرات وإعادة بناء ليس فقط القوات المسلحة ولكن إعادة بناء المجتمع والاقتصاد المصرى بما يستطيع من خلاله مواجهة هذا النوع من التحدى الخطير واسترداد الأرض وتحقيق الانتصار ورد الكرامة الوطنية.
فالجوهر والعمق فى نجاحنا فى حرب أكتوبرهو قدرتنا على تحقيق التشخيص الصحيح للمشكلات ثم وضع مجموعة السياسات والإجراءات الكفيلة لسد هذه الثغرات فى بنائنا القومي، وتجاوزها وتحقيق الانتصار ثم إرادة سياسية وعسكرية على أعلى المستويات فى الدولة لتنفيذ هذه الخطط، وتحقيق الأهداف المرجوة فى ظل جدول زمنى محدد لإعادة بناء القوات المسلحة والمجتمع المصري، ولم يكن الاقتصاد المصرى عشية العدوان الإسرائيلى على مصر ضعيفا أو متهالكا ولكنه كان قويا ويحقق أعلى معدلات النمو فى دول العالم الثالث وكان يقدر بحوالى 6.5% لكنه كان يعانى من مشكلات كبيرة وزادت بعد العدوان، لأن جزءا من مواردنا تمت إضاعته مثل موارد السياحة ورسوم مرور قناة السويس والبترول مع العلم بأنها ليست كبيرة ولكنها عنصر مهم فى الاقتصاد القومي، هذا مع أن قطاعات الصناعة فى ذلك الوقت كانت تعمل بصورة جيدة وحجم تجارتنا الخارجية كان مناسبا ونسب العجز ما بين وارداتنا وصادراتنا لم تكن تزيد فى حدود 30% فبشكل عام كان الاقتصاد المصرى قادرا بفعل معدلات النمو المرتفعة منذ عام 1957 وحتى عام 1967، وبناء قاعدة صناعية كبيرة، وجرى إنشاء ألف مصنع فى تلك السنوات وكان الاقتصاد قادرا على امتصاص الصدمة وإعادة التكيف لمواجهة التحدى العسكرى والوطني.
وهذا ما يسمى بروح أكتوبر والتى مثلت بعد الإنجاز العسكرى فى أيامه الأولى حالة من حالات الرعب لدى دوائر رسم السياسات وصانعيها فى أمريكا تحديدا أكثر من إسرائيل لأنها اكتشفت بأن هناك قوى ناهضة لابد من وقف تطورها، والذى كان من الممكن أن تمثل خروجا من عنق الزجاجة وبالتالى قدرتها على القيادة ليست على المستوى السياسى ولكن على المستوى الاقتصادى فى الإقليم العربى كله، إلا أن هناك كان يوجد مخطط آخر لدى الدول الغربية خاصة أمريكا بتبديل مراكز الثقل السياسى فى الإقليم لصالح قوى جديدة هى قوى الدول العربية النفطية، ولذلك لابد لعودة تلك الروح للمصريين من إحياء العوامل التى حققت نصر أكتوبر, فهل يتوافر لدينا الآن هذا التشخيص الاستراتيجى لطبيعة المشكلات فأخشى أن أقول بأن هناك إحساسا بالخطر موجود لدى كل المسئولين بالدولة المصرية لكن عندما أتحدث عن تشخيص استراتيجى كامل لطبيعة المشكلات الاقتصادية والسياسية والأخلاقية والاجتماعية والتى يتعرض لها الاقتصاد المصرى على مدار خمسة وثلاثين عاما الماضية وتحديدا عندما بدأ الحديث عن اقتصاد السوق وآلية العرض والطلب وتخلى الدولة عن أدوراها الاقتصادية والاجتماعية فهناك إحساس بالخطر، ولكنى أستطيع أن أتحدث عن وجود تشخيص استراتيجى كامل لطبيعة هذه المشكلات على سبيل المثال لدينا بنتيجة استمرار هذه السياسات الأربعة عقود تأكل فى فقرات العمود الفقرى لاقتصادنا القومى وهى قطاعات الإنتاج الأساسية والتى نسميها قطاعات الإنتاج السلعى أى زراعة وصناعة وكهرباء وطاقة وهؤلاء العناصر تقوم عليها الاقتصاديات الحدثية بما فيها قطاعات التجارة والخدمات، فهذه القطاعات تعرضت إلى إهمال وسوء إدارة فأصبحت النتيجة الآن أن حوالى من 60:65% من غذائنا نستورده من الخارج، و65% من مستلزمات التشغيل الصناعى نقوم باستيراده، وبالتالى نشأت طبقة ضخمة من كبار رجال الأعمال المستوردين أصبح من مصلحتهم الأساسية ألا ننتج شيئا وإنما نستورد كل شيء لأن هذا يحقق لهم الأرباح والمكاسب الضخمة، وأصبح لهم تأثير كبير على صنع السياسات الاقتصادية إلى حد كبير وهذا عنصر من العناصر .
هذه الاختلالات الهيكيلية انعكست على القطاع المالى فأصبح هناك ضغط على الاحتياطى النقدى لأننا نستورد كل شيء، وبالتالى حجم الاحتياطى النقدى يتآكل باستمرار، فكل هذه العناصر تدخلت معا فأدى إلى صورة مركبة للوضع الاقتصادى وصلت عشية ثورة25 يناير إلى حد الخطر الكبير والذى يهدد الدولة المصرية بمخاطر جامة، وفى نفس الوقت مصر بلد غنى بالموارد حيث تمتلك موارد ضخمة جدا، ولذلك فى ظل هذا التشخيص الاستراتيجى العام وزواج المحارم بين رجال المال والأعمال ورجال الحكم والإدارة، فكان ينبغى أن يترتب على هذا التشخيص الاستراتيجى وضع خطة عمليات متكاملة كما تقوم بها الجيوش تماما وهى : ما هى السياسات التى يجب أن نتبعها من أجل تفكيك ركائز دولة الفساد وفك هذا الزواج، أيضا ما هى مجموعة السياسات الاقتصادية الكفيلة لإنقاذ الوضع الاقتصادى وإعادة الاعتبار لقطاعات إنتاج السلع الرئيسية، وأن يكون هناك وزير متخصص للتصنيع فقط.
ومن المعلوم أن هناك مجموعة من الجهود التى يبذلها الرئيس عبد الفتاح السيسى لتدارك شيء من الخطر وهذا يختلف عن التشخيص الاستراتيجى من وضع خطة متكاملة الملامح، لكن ما يجرى الآن فهو محاولة لتنشيط الاقتصاد القومى من خلال عدد من المشروعات، ولذلك لكى نستعيد روح أكتوبر مرة أخرى فلابد من عمل مؤتمر محدود فى مجالات الاقتصاد ومع القيادات المسئولة فى الدولة مع اختيار الاستراتيجية المناسبة لإنقاذ الاقتصاد المصري، يتم وضع الخطط بتوقيتات زمنية وتحديد الموارد بشأن إعادة بناء القطاعات الأساسية للاقتصاد والتى تمثل العمود الفقرى للدولة، وإعادة النظر فى بنية العمل الوزاري، وإعادة فك الارتباط ما بين رجال المال والأعمال ورجال الحكم والإدارة، فربط المواطنين بهذا المشروع القومى والذى بنى على تخطيط استراتيجى سليم وسياسات واضحة لدى الرأى العام.
وعن تأثير التحولات المجتمعية مابين زمن أكتوبرالماضى والحاضر وهل من الممكن حشد المجتمع المصرى وراء قضية حالية أو خطر يؤكد د. سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى بان هناك إجماعا وطنيا بأن هناك عدوا هدف وهو تحرير الارض، بعكس عام 1967 عرفنا ما هو الخطأ بأننا كنا نفشى الاسرار مثل(مكان المطار السري) وغيرها، ولكن فى عام 1973تم التدريب على أقصى درجة من الحيطة والحذر وتعاملنا بجدية مع العدو بحجمه وقوته الحقيقة وأستطعنا القيام بعمل جيش قوى ثم القيام بخداع المخابرات الامريكية والاسرائيلية وتم عمل معجزة العبور، وأثبت المصريون أنهم قادرون على فعل المعجزات رغم التحديات، وبعد عام 1974 بدأ نوع من التأثيرات الاقليمية وداخليا وتغييرات أدت فى النهاية إلى ازدياد الفردية الاستهلاكية وغياب الاهداف القومية وتوحدهم، فهناك أفراد يمشون على ثقافة أخرى وليست ثقافة وطنية موحدة فهناك ثقافة الوطن وثقافة الاخوان وثقافة عدم تحية العلم مما أدى إلى إضعاف الروح الوطنية للوحدة الوطنية، وأصبح كل فرد يقوم بعمل شيء مختلف أيضا الفجوة الطبقية والفقر والجهل وعدم الحرفية المهنية فى قطاعات عريضة.
ففى عام 1973كان الانتماء فى أعلى درجاته عما عليه الان وأقرب مثال مستوى النظافة وقتها أعلى من الان، أيضا الفوضى الموجودة فى الشوارع المصرية من مرور وزحام، أيضا لا يوجد انتماء لبلد قذرة فالنظافة أمن قومى وهذا يحتاج إلى حملات تعبئة لاهداف وطنية، فلابد من توعية وتعبئة المواطنين بموضوع النظافة (فالنظافة من الايمان) واستخدام الدين والثقافة والصحة، أيضا لا وجود لقيادة سياسية خلال الفترة الماضية تقوم بعمل مشروع قومى يلتف الشعب حوله، فالمشروع القومى فى نظام مبارك خلال الثلاثيين عاما الماضية هو توريث الحكم، ولكن مع الرئيس عبد الفتاح السيسى فقد بدأ فى إحياء بأن يكون هناك هدف ويتم تنفيذه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.