انتهاء اختبار مادة اللغة الأجنبية الثانية لطلاب الثانوية العامة النظام القديم    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    "الإصلاح الزراعى" يطلق منافذ متنقلة لطرح البيض والأسماك بأسعار مخفضة    انخفاض سعر الدولار اليوم الثلاثاء 24-6-2025 أمام الجنيه فى منتصف التعاملات    رئيس مدينة الطود يتفقد إحلال وتجديد كوبرى السلام واسترداد 17 حالة تعد.. صور    وزير الإسكان يتابع آلية عمل وحدتي تنظيم السوق العقارية وتصدير العقار    وزير الصناعة يشهد توقيع عقد بناء سفينتين جديدتين من سفن الصب الجاف العملاقة    العمل تفتح باب التقديم على وظائف مكاتب التمثيل العمالي بالخارج.. الشروط والتفاصيل    استشهاد 14 فلسطينيا في قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق واسعة بغزة    العراق يستأنف الرحلات الجوية فى المناطق الجنوبية ويفتح جميع مطاراته    بالفيديو.. أستاذ علوم سياسية يكشف أسباب عدم التدخل الروسي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية    الأهلي يحصد 585 مليون جنيه من المشاركة فى كأس العالم للأندية.. فيديو    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن موعد صلاة الجناز على شهداء كنيسة مار إلياس    وفد جامعة بنها في زيارة لجامعة سكاريا للعلوم التطبيقية بتركيا    "تعليم أسوان" تعلن موعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية    رئيس منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتفقد امتحانات الثانوية بالمحافظة    مشاجرة بين أصحاب مقهى وصالون حلاقة بمصر الجديدة    محمد عبد المنعم.. رحيل عميد الصحافة العسكرية المصرية    أسرة عبد الحليم حافظ تشن هجوما على مهرجان موازين بعد حفل الهولوجرام: مهزلة وسقطة كبيرة.. العندليب ظهر بشكل كارتونى مضحك.. وما قدم على المسرح الوطنى محمد الخامس بالعاصمة المغربية إساءة لحليم ورموز الفن    مؤتمرات صحفية ل راغب علامة وديانا حداد ونجوم آخرين فى خامس أيام موازين    الكشف على 1173 مواطنا من نزلاء مستشفى الصحة النفسية بالخانكة.. صور    نائب وزير الصحة تتفقد عدد من المنشآت الصحية فى محافظة قنا    خالد عبدالغفار: مستقبل الصحة في إفريقيا يجب أن ينبع من داخل القارة    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    واشنطن بوست: ترامب دمر خطط «الناتو» بشأن أوكرانيا بضربة إيران    «الداخلية»: ضبط 10 أطنان دقيق في حملات موسعة للتصدي للتلاعب بأسعار الخبز    «التضامن»: عودة آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية من الأراضي المقدسة غدا    "صحة بني سويف": ضبط 10 آلاف قطعة "لوليتا" والتحفظ على كميات مخالفة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم الثلاثاء    كأس العالم للأندية| ريبييرو: قدمنا مباراة كبيرة أمام بورتو.. والحضور الجماهيري مذهل    تعليق مثير من مدرب بورتو بعد التعادل مع الأهلي: لم يكن هناك نقص في الطماطم    يديرون الميزانية بنجاح.. 4 أبراج حريصة على أموالها    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بالعام الهجري الجديد    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    وزير البترول: وحدات التغييز الجديدة تعزز جاهزية البنية التحتية لتأمين الغاز خلال الصيف    رئيس الوزراء يستعرض التعاون مع «برجيل القابضة» في مجال زرع النخاع    أفشة يعتذر لجماهير الأهلي بعد وداع كأس العالم للأندية    فانس: قضينا على البرنامج النووي الإيراني ونأمل ألا تعيد طهران تطويره    سبب مشاركة سلوى محمد علي في أفلام أمريكية    نانسي عجرم تحمل كرة قدم وقميص فريق منتخب المغرب ب«موازين» (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 3 محافظات    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية التجارة بجامعة قناة السويس    داري وعطية الله يخضعان لكشف المنشطات بعد مباراة الأهلي وبورتو    السفير الأمريكى لدى إسرائيل يرحب بإعلان ترامب وقف إطلاق النار مع إيران    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    عاجل الخارجية القطرية: حذرنا مرارا من مغبة تصعيد إسرائيل في المنطقة وسلوكياتها غير المسؤولة    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    فرص تأهل الهلال إلى دور ال 16 من كأس العالم للأندية    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    علاج الإمساك المزمن، بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    بروتوكول بين «الجمارك» وجامعة الإسكندرية لتعزيز الاستثمار في التنمية البشرية    ترجمات| «هكذا تكلم زرادشت».. صدم به «نيتشه» التيارات الفلسفية المتناقضة في أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حادث التدافع .. وبداية الحرب على السعودية
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 09 - 2015

بعد حادث التدافع في مشعر منى يوم الخميس الماضي، والذي ذهب ضحيته مئات الحجاج بين متوفّي وجريح ( 769 حالة وفاة و934 في آخر احصاء عند كتابة هذا المقال أمس الأحد) ارتفعت أصوات من من دول مسلمة تطالب بتحقيق في الحادث، وذهب بعضها إلى حد المطالبة بلجنة تحقيق دولية، وشك أن تلك كلمة حق، ولا ندري أيريد منها أصحابها حقا أم باطلا، لكن الذي يهمنا هنا أنها لا تخلو من تسييس للحادث يقوم على أساس الأحداث الجارية في المنطقة ودور السعودية فيها، وتحديدا في اليمن وسوريا وليبيا، ولهذا نتوجس خيفة من تداعيات تلك الدعوات على المسلمين جميعا، بل إننا قد نذهب إلى أبعد من ذلك حين نعيد التذكير بالمشاريع الدولية بمشاركة بعض الدول الإسلامية الساعية لتدويل المقدسات، مما سيزيدنا فرقة واختلافا واقتتالا.
من الناحية الواقعية لا أحد ينكر ضرورة اجراء تحقيق في هذا الحادث الأليم، حتى لو كان عدد الضحايا قليلا، وهو ما تقوم به السلطات السعودية بالفعل، ولا أحد يمكن أن يزايد عليها في هذا المجال، ولا أن يربط مواقفها السياسية تجاه الأحداث الجارية في المنطقة، والتي قد يختلف معها كثيرون حولها، بمجريات التحقيق، حتى أن بعض وسائل الإعلام قدمها بصورة الدولة العاجزة عن تحقيق الأمان للحجيج، أو اعتبارها معادية لهذه الدولة أو تلك، فقط لأنها أرادت أن يتم التحقيق وبمشاركة البعثات المسلمة الموجودة في مكان الحادث، وهذا فيه من كثير الظلم قياساً على نجاح السعودية في تنظيم الحج لعقود خلت باعتراف كل المشاركين.
هنا علينا أن نتساءل عن مغزى ما جاء في كلمة الرئيس الإيراني حسن روحاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة حين طالب بتحقيق في حادث مشعر منى، وهو مطلب مشروع خاصة وأن العدد الأكبر من الضحايا هم من إيران، لكن طرحه في منبر أممي يذكرني بما قامت به جامعة الدول العربية حين نقلت المسألة السورية وهي لا تزال في بدايتها إلى الأمم المتحدة، وكانت النتيجة بحورا من الدماء لأكثر من أربع سنوات وهجرة جماعية للشعب السوري، وتجمع للإرهابيين، وتدخل الدول الكبرى والصغرى واستباحتها للسيادة السورية.
لم يكن حدث التدافع عملا مقصودا من السلطات المشرفة على تسيير الحجيج بمنى، وإلا أعتبر جريمة، كما أنه لم يكن عملا موجها قبولا أو رفضا تجاه الإيرانيين، وحسب تصريحات وزير الصحة السعودي خالد الفالح فإن وزارته تحركت من أول لحظة في حادثة التدافع مع الدفاع المدني والأمن العام والهلال الأحمر، وأثبتت جاهزيتها واستعدادها لحالات الطوارئ، وسخرت طاقاتها للاهتمام بالحج، ووضعت 25 ألفا من المسئولين والكوادر لموسم الحج، وذكر أيضا أنه وبمتابعة من منظمة الصحة العالمية قد خلا موسم الحج هذا العام من الأوبئة والأمراض.
لكن كل تلك المتابعة والاهتمام لم يأت على ذكرها من طرف وسائل الإعلام المعادية، وتركز اهتمام الناس على الحادث، وذلك أمر طبيعي ومقبول ورد فعل طبيعي من الرأي العام في الدول المسلمة، لكنه مرفوض من الحكومات والدول، ليس فقط لأنها تسهم في البلبلة والفوضى، ولكن لأنها تسبق التحقيق الجاري، بل إنها تقيم حظرا مسبقا على نتائجه المسبقة، خاصة وأن عملية التشكيك بدأت من الآن، وقد يكون الهدف منها هو التشكيك في مشروعية السعودية، وأحقيتها في الإشراف على المقدسات في مكة والمدينة.
في الحالة الراهنة من الضروري أن يبرز دور منظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي، وهما للعلم موجودتان على أرض السعودية في كل من جدة ومكة المكرمة لجهة متابعة التحقيق في حادث التدافع في مشعر منى، وعليهما اشراك بعثات الحج لهذا العام، وسفراء الدول الإسلامية، خاصة التي لها ضحايا، لكن هذا كله يتم تحت اشراف السلطات السعودية، وهنا علينا القول بصراحة: إن حجّة الذين يطعنون في شرعية السعودية لإدارة موسم الحج، أو إشرافها وإدارتها للمقدسات غير مبررة، ذلك لأن المقدسات جزء من السيادة السعودية مثلما هي سيادة كل الدول على أراضيها، وكون أن الدول الإسلامية الأخرى تشترك معها في العقيدة فهذا لايعطيها الحق في السيطرة المكانية على البقاع المقدسة، ولا الشراكة الكليّة في إدارة الحج.
من ناحية أخرى هناك مخاوف حقيقية من مطالب بعض الدول المسلمة ليس بالتحقيق في الحادث الراهن، على ما فيه من صخب وفوضى وترويج إعلامي لمسار حقيقي أو وهمي وإنما تتعلق بمصير الأماكن المقدسة في السعودية لجهة تدويلها واخراجها من سلطة الدولة السعودية، أو التشكيك في القدرات السعودية لتنظيم الحج، أو تقديمها كدولة فاشلة في قيادة تجمع يعتبر من أهم التجمعات التعبدية في العالم، وكل هذا تطغى فيه السياسة على غيرها من المسائل الأخرى، بما في ذلك العبادة.
لاشك أن الدعوات المتكررة من سنوات حول تنظيم الحج مقبولة من ناحية المبدأ، ولكن تفصيلات المطالبة بترقية مناسك الحج والإشراف عليه وتوفير بيئة مناسبة للحجيج تدخلنا في مغارات مظلمة من الكراهية المتركمة، بل قد تساعد على إيقاظ الفتنة، التي تحركها السياسة في الغالب، لذلك فإن الخلاف حول المواقف السياسية بين الدول الإسلامية لا يمكن الغاؤه، لكن يمكننا تجنب الخلاف الذي قد يؤدي إلى صراعات دموية كما هي الحال في بعض دولنا اليوم.. صحيح أن الحادث مؤلم، ولكن خلاف المسلمين حوله، أو شكهم في مجريات التحقيق، أو اعتقاد بعضهم بتهاون متعمد أو مقصود من السلطات السعودية هو أكبر وأشد إيلاما.
إن البقاع المقدسة في السعوية ملك لجميع المسلمين، وهي ميراث ديني إيماني خالص، يأتيها المؤمنون من كل فج عميق، لكن الإشراف عليها وتنظيمها حق متوارث لأهلها في مكة والمدينة، وبالتالي للسلطات السعودية، والدعوة لتطوير أساليب التنظيم من أجل مزيد من الأمان للحجيج أمر خير، لكن المطالبة بتحقيق دولي يحمل معاني الاتهام يعتبر شرا ربما من غير قصد دعاته، والحل هو مساندة السعودية لأنها كانت ولا تزال وستقبى الأولى والأحق بخدمة بيت الله وزواره، وستخرج من هذه المحنة والمسلمون معها بعون الله منتصرة على المواقف الظاهرة والباطنة، التي لاتزيد المسلمين إلا انقساما وخلافا وكراهية.
كاتب وصحفي جزائري
لمزيد من مقالات خالد عمر بن ققه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.