(1) في اسكتش لثلاثى أضواء المسرح، يقف الضيف أحمد بين جورج و سمير قائلا» سيداتى آنساتى»، فيقاطعه زميلاه قائلين»سادتى»، ينظر إليهما شذرا طالبا منهما التخلي عن شغل العيال و منحه الفرصة ليقول الجملة كاملة، يبدأ من جديد «سيداتى آنساتى» فيقاطعنه من جديد»سادتى»، يعاتبهما مرة ثم يعنفهما مرة وهم لا يتوقفون عن مقاطعته عند هذه النقطة، حتى انفجر فيهما الضيف قائلا لهما الجملة التي تلخص مسيرته مع فرقة ثلاثى أضواء المسرح. (2) على باب مسرح جامعة القاهرة حاول صديق فؤاد المهندس أن يثنيه عن الدخول، قائلا له أنت تفتش عن وجه جديد لمسرحيتك الكوميدية، من الصعب أن تعثر عليه في عرض جاد «الأخوة كارامازوف»، قال المهندس لن نخسر شيئا، و خرج من العرض في يده « الضيف أحمد» و دفع به إلى عرضه الجديد» أنا وهو وهى». بعدها بسنوات كانت المذيعة سلوى حجازى تقدم برنامجا قائما على المناقرة بين الضيوف، كان من المفترض ان يجالس الكاتب الكبير ثروت أباظة فرقة ثلاثى أضواء المسرح، غابوا جميعا إلا الضيف، في منتصف البرنامج سأله أباظة إن كانت الكوميديا ستسمر على النحو الذى يقدمه الضيف (كوميديا الموقف) أم إنها ستعود يوما للكوميديا الإنسانية التي كان يقدمها الريحانى؟، قال الضيف كلا النوعين سهل من الممكن لأى عمل أن يقدمه، لكن طموحى أن يكون المستقبل للكوميديا الفكرية، ثم أكمل قائلا : الجمهور عندنا بيضحك لأنه شغل مخه، و عثر فيما تقوله على فكرة ،عندما دارت في مخه.. ضحك. قال الكاتب الكبير مصطفى أمين: كان الضيف يزورنى في مكتبى و نتحدث عن تجربة شارلى شابلن و كان الضيف يحاول أن يضع يده على مفاتيح نجاحها ليكررها و كان صادقا في ذلك. قال الكاتب الكبير صلاح حافظ: هناك ممثل يشبه عازف الكمان الموهوب، عازف كمان لا يجد نوع الفن الذى يقدمه رواجا كبيرا، فقرر حتى يصل إلى جمهور أكبر أن يكون لاعب أكروبات في السيرك، ينتظر اللحظة التي سيكون سابحا فيها في الهواء والأنظار كلها معلقة به فيخرج من سترته الكمان ليقدم اللحن الذى يحبه. أتأمل ما قاله الكبار عن الضيف أحمد فاكتشف أننا لم نعرفه جيدا، رحيله في الثانية و الثلاثين كان في منتصف الطريق تماما ما بين الأرض و لحظة إخراج الكمان المخبأ في سترته. (3) عاد الثلاثى من الأردن بعد أن شاركوا في حفل زفاف شقيقة الملك حسين. عاد كل فرد إلى منزله فيما عدا الضيف الذى توجه إلى مسرح الهوسابير، و هناك اتصل ببقية أعضاء الفرقة صائحا( بروفة)، كان هو مخرج العرض الجديد « الراجل اللى اتجوز مراته»، الضيف عموما كان مخرجا و مؤلفا و ملحنا لإسكتشات الثلاثى ومديرا للفريق و مسرحه و كاتبا لسيناريو أفلامه و أفلام غيره (ربع دستة اشرار لفؤاد المهندس مثلا)، كان الضيف صنايعى تجربة كوميدية استقرت في منطقة دافئة في وجدان مصر،. «بروفة» صاح الضيف، قالوا له إن الصباح رباح و لنعاود العمل غدا، لكن الضيف كانت لديه فكرة بخصوص مشهد النهاية لا يمكن تأجيلها . كان مشهد النهاية يقوم على فكرة أن يرقد الضيف أحمد داخل تابوت . قبل أن ترقد الشخصية التي يلعبها الضيف في تابوت كانت آخر جملة لها « انا لما أموت الناس هتبتدى تتكلم عنى .. أنا نكرة دلوقتى .. لكن بكرة تعرفوا لما أموت الناس هتقول إيه». رفض جورج سيدهم الكلام الذى أضيف للشخصية و اعترض على الضيف قائلا: لا يا ضيف الكلام تقيل قوى. قال الضيف: ليه بتخافوا من الموت ده الموت علينا حق؟ قال جورج: آه علينا حق .. بس مش بنقدمه للناس.. إحنا عايزين الناس تضحك .. قال الضيف: أنا هاخلى الناس تشوف الضحك اللى في الموت، أصر الضيف على وجهة نظره و انتهت البروفة وصافح زملاءه و انصرف .. عندما وصل إلى منزله اتجه إلى الفراش متعبا، بعد قليل بدأ يشكو من ضيق في التنفس، ازداد الألم فطلب من زوجته ان تتصل بالطبيب، فات وقت طويل دون أن يصل، كان الألم يزيد، فطلب الضيف من زوجته ان تنقله في سيارة إسعاف إلى اقرب مستشفى، في الطريق إلى مستشفى العجوزة كان قد فارق الحياة. (4) إلى توأم الروح و زميل العمر الفنان الضيف أحمد لا نملك تجاه مشيئة الله سوى أن نقول اللهم أنك أعطيت و أخذت..ومنحت وسلبت..وحكت و قضيت..فافرغ علينا صبرا نستعين به على ما قدرت. سمير غانم – جورج سيدهم .. ( نص النعى الذى نشر في الأهرام أبريل 1970) (5) قال فؤاد المهندس سأكمل إخراج المسرحية بشرط أن تظهر للناس و عليها إسم المخرج الاصلى ( الضيف أحمد). عند مشهد النهاية الذى كان يفترض أن يؤديه الضيف تذكروا كلماته الأخيرة، فانهمرت دموع كل الموجودين، فقرروا إلغاء المشهد و تعديل النهاية.. في ليلة العرض الأولى لم يحضر سوى 3 متفرجين... تكرر الأمر حتى أصبحت الخسارة فادحة فأغلقت المسرحية. (6) رسب سمير غانم كطالب في كلية الشرطة لمدة عامين متتاليين، فتم فصله، التحق بعدها بكلية الزراعة، التقى هناك بطالبين محبين للفن، فقرر أن يكون فريقا يقدم بعض الاسكتشات الكوميدية، كان زميلاه هم وحيد سيف و عادل نصيف، أما الأول فقد اعتذر عن عدم الإستمرار لظروف خاصة،و جاءت للثانى فرصة السفر إلى خارج مصر لاستكمال دراسته العليا. اختار جورج سيدهم ان يترك مدينته في أقصى الصعيد ليدرس الزراعة في القاهرة ، و لمع اسمه كمحب للفن، و التقى مع سمير غانم، و بحثا عن الضيف أحمد طالب الفلسفة الذى لمع اسمه كنجم لمسرح الجامعة ممثلا و مخرجا. اكتمل الفريق و كانت البداية السهلة هي الإسكتشات، لكن الضيف قرر تطوير التجربة و سحبها إلى ارض المسرح، خاف صديقاه، يقول سمير غانم إنه كان يرى الفريق قائما على الضيف و جورج لكنه لم يكن يرى نفسه مصدرا للضحك، طلب منه الضيف أن يترك له نفسه قائلا: انت هتبقى حاجة كبيرة. من عرض لآخر كان النجاح يكبر. وعندما رحل الضيف كان الوضع صعبا، لا أحد يسد مكان الضيف، و إن كان هناك ثمة شخص يصلح بحكم الموهبة فإن سقوطه سيكون محتما حال وضعه في مقارنة مع الضيف، و الوقت يمر، و الخسارات تتوالى، ولا يكمل اى عرض المدة المقررة له. فلنجرب أن يأخذ مكان الضيف (ممثلة)، فكانت صفاء أبو السعود و بدأ النجاح يعود تدريجيا. (7) في إحدى حفلات أضواء المدينة .. يقف الضيف بين جورج وسمير قائلا» سيداتى آنساتى»، فيقاطعنه قائلين»سادتى»، ينظر إليهما ثم يبدأ من جديد «سيداتى آنساتى» فيقاطعنه «سادتى»، تكرر الأمر حتى انفجر فيهما الضيف قائلا لهما الجملة التي تلخص مسيرته مع فرقة ثلاثى أضواء المسرح.. « سيبونى أقول الجملة كلها لوحدى لو سمحتوا .. أنا جى أقول الجملة دى بس.. أنا جى أقدمكم و ماشى وانتوا اللى هتشتغلوا أنا ماعنديش وقت». ................................................................. مصادر:أرشيف مؤسسة الأهرام – أرشيف التليفزيون المصرى - برنامج واحد من الناس - موقع يوتيوب (قناة أصحاب للأبد لحفظ التراث) - مواقع (المصرى اليوم، أخبار حصرى).