عندما ظهر ثلاثي أضواء المسرح"الضيف أحمد جورج سيدهم - سميرغانم" علي شاشة التليفزيون لأول مرة، في نهاية الستينيات من القرن العشرين، كان الانطباع السائد لدي الجمهور، أنهم مجموعة من الشباب لايملكون الموهبة، ولكن لديهم الجرأة والقدرة علي التهريج! فقد كانوا يقدمون بعض الاسكتشات الضاحكة علي إيقاع الطبلة "الدربكة" والصاجات، في زمن كان مسرح التليفزيون في أوج مجده، يقدم مسرحيات كوميدية راقية لفؤاد المهندس وشويكار، ومدبولي، ومحمد عوض وأمين الهنيدي، كما كان المسرح القومي يقدم مسرحيات نعمان عاشور وسعد الدين وهبة، وغيرهما. كانت الحالة العامة تحفز علي الفن الجاد، حتي وهو يتعامل مع الكوميديا، ولكن ثلاثي أضواء المسرح، تمكنوا بوسائلهم البسيطة في الإضحاك، في جذب اهتمام المشاهدين، وخاصة بعد أن تولي أمرهم المخرج الراحل محمد سالم، الذي منحهم اسم الشهرة وصك النجاح، وقدمهم في برنامج أضواء المسرح، الذي كان يشارك فيه كل نجوم الغناء والرقص في العالم العربي، وقدم الثلاثي أول فوازير تليفزيونية حققت نجاحا منقطع النظير قبل أن تدخل نيللي في الكادر وتحولها إلي فوازير استعراضية، وكانت أيام الثلاثي تعتمد علي الكوميديا الفارس، وإذا كنت ممن تابعوا قناة التليفزيون العربي، التي ظهرت لمدة شهر واحد في عام 2010 بمناسبة مرور نصف قرن علي بداية إرسال تليفزيون ماسبيرو، فلاشك أنه قد لفت نظرك برامج المنوعات المصورة بكاميرا السينما، التي كان يقدمها الثلاثي أضواء المسرح، وطريقتهم الفريدة في الغناء علي إيقاع الطبلة، مع وجود فقرة تكاد تكون ثابتة، في تقمص كل منهم لأدوار النساء! تحول الثلاثي إلي موضة في معظم الأفلام المصرية الكوميدية التي تم إنتاجها في الستينيات وكان موت الضيف أحمد المفاجئ ضربة قاصمة للثلاثي، الذي تحول إلي ثنائي من سمير غانم وجورج سيدهم، ثم انفصل الثنائي وبقي كل واحد بيشتغل لوحده، وانتهت قصة أشهر ثلاثي فني! هذه الحكاية أرويها كمقدمة للحديث عن ثلاثي جديد، ظهر من سنوات قليلة وهو مكون من شيكو، وأحمد فهمي وهشام ماجد، والثلاثة بدأوا علاقتهم بالفن من باب الهواية، فليس من بينهم من درس السينما، ومع ذلك فهم يكتبون أفكار ما يقدمونه من أفلام وبدأت الحكاية بتقديم فيلم ديجيتال باسم المهمة المستحيلة، يسخرون فيه من أفلامنا التي تتصدي لأعمال المخابرات، وعلي طريقة البارودي الشهيرة في محاكاة الأفلام الناجحة وتقديم صورة هزلية منها، وحقق الفيلم شعبية رغم بساطة مفرداته التي كانت بدائية، ولكنها تحمل طموحا، وجري عرضها في الكفافبهات التي يتجمع فيها الشباب، وقد تطور حال هذا الثلاثي الذي ليس له إسم فني يُعرف به،عندما قدموا أول فيلم سينمائي بجد، وهو ورقة شفرة، وحقق الفيلم إيرادات كبيرة جعلت شركات الإنتاج تبدأ بالنظر إليهم بجدية، بعد أن كانت تعتبرهم ظاهرة طارئه ومؤقتة، وتكرر النجاح مع فيلم شهير وسمير وبهير، ثم جاء فيلم بنات العم الذي أخرجه أحمد سمير فرج وهو يعرض الآن في دور السينما، متحديا كل المشاكل التي يمر بها المجتمع المصري وأدت إلي ارتباك سوق السينما. يعتمد فيلم بنات العم علي تيمة قدمتها السينما العالمية والمصرية كثيرا، وهي أن ظروفا ما تؤدي إلي أن يتحول الرجل إلي امرأه، وهي أقصر الطرق التي تؤدي الي الضحك، وقدمها إسماعيل يس في أكثر من فيلم أشهرها الآنسة حنفي، غير أن فيلم بنات العم يقدم الصورة المعاكسة للآنسة حنفي، حيث تتحول ثلاث فتيات إلي ثلاثة رجال نتيجه لعنة ما تصيبهن، وتكون النتيجة النهائيه أننا أمام ثلاثة رجال هم في الأصل نساء! وهذه النوعيه من الأفلام التي تقوم علي خيال جامح وضرب للمنطق من أجل تقديم الكوميديا، تحتاج إلي مخرج يتمتع بنفس القدرة علي التحليق بل ربما تفوق الفكرة، ولايليق أن تقدم فيلما يعتمد علي الفانتازيا بإنتاج فقير أو متواضع يقابله فقر في الخيال، وهو أحد العيوب البارزة في تجربة شهير وبهير وسمير، وأيضا بنات العم ! تبدأ الأحداث بقصر تملكه أسرة ذات أصول عريقة، تؤول ملكيته لثلاث فتيات هن بنات عم، ومعهن سيدة من الأسرة "رجاء الجداوي" تحاول جاهدة أن تمنع بيع القصر، لأن كل من حاول بيعه في أزمنة سابقة أصيب بلعنة ما، ولكن الفتيات نظرا لرغبتهن في الثراء يتحايلن علي بيعه، ومنهن من كانت تعمل راقصة "آيتن عامر" التي تفاجأ بظهور أعراض الرجولة علي جسدها وملامحها وتتحول إلي رجل بشارب ولحية، أحمد فهمي، وهو الأمر الذي يؤدي إلي كثير من المواقف الضاحكة وخاصة مع وجود زوج لهذه الراقصة، لايصدق أن امرأته الساخنة تحولت إلي رجل بين طرفة عين وانتباهتها، ونفس التغيير يحدث في بقية بنات العم حيث تكتشف إحداهن"شيكو" أنها تحولت إلي رجل عندما تدخل الحمام لتقضي حاجتها، وتكون مفاجأة لأكثرهن دلعاً ودلالاً عندما تنظر في المرآة فتكتشف أنها أصبحت هشام ماجد! وحتي يتخلصن من هذه اللعنة، كان لابد لهن أو لهم أن يحصلوا علي عقد بيع القصر الذي اشتراه "إدوارد" الخصم اللدود للعائلة، وبعد مغامرات وحيل ومواقف ضاحكة يتمكن ولاد العم، من الحصول علي عقد ملكية قصر العائلة ولكن تقابلهم مشكلة جديدة لم تكن في الحسبان! الفيلم يتضمن مواقف ضاحكة، تعتمد علي الإفيهات اللفظية، ولكن فقر الصورة، وفقر خيال المخرج خصم الكثير من تأثير الموقف! وكان وجود يسرا اللوزي لامبرر له والدور الذي لعبته لم يكن في حاجة إليها، ولم تكن في حاجة إليه! أما "إدوارد" فرغم قلة عدد مشاهده إلا أنه أضاف حالة من البهجة علي الأحداث، يحتاج الثلاثي شيكو وأحمد فهمي وهشام ماجد إلي إعادة نظر في المخرج الذي يتعاملون معه، بحيث يستطيع ترجمة الخيال الجامح للفكرة بخيال يقابله في الصورة!