في منتصف الستينيات ظهر ثلاثي أضواء المسرح: سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد، وكان هذا الأخير هو العقل المفكر لهذا الفريق الذي قدم نفسه في إطار من الكوميديا الغنائية من خلال الاسكتشات خفيفة الظل والحركة والايقاع الموسيقي.. وعلي مدي خمس أو ست سنوات، كان الثلاثي يمثل حالة كوميدية ليس لها مثيل من قبل ولم تتكرر بعد ذلك بل أن حركة الكوميديا في السينما والمسرح لا يمكن رصدها بشكل حقيقي دون هذا التطور الذي جاء به «الثلاثي».. وبعد وفاة الضيف أحمد ظلت السينما ترحب بكل من سمير غانم وجورج سيدهم كل علي حدة لما يتمتعان به من موهبة وخفة ظل حقيقية. وبعد أكثر من 40 سنة ظهر فريق آخر ليس له اسم يتكون من: أحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد، وقد قدموا أنفسهم لأول مرة في عمل درامي ساخر ومتواضع تم بثه علي الإنترنت بعنوان «رجال لاتعرف المستحيل» وكان عملا شبابيا متمردا يسخر من كل شئ وأي شئ، ولكنه خفيف الظل!!.. المهم أن هذا الفريق من الاصدقاء استمروا ووجدوا من يساندهم بما لديهم من أفكار ساخرة ومنتقدة رغم أنها لاتحمل أي قدر من الجدية، وكان فيلم «ورقة شفرة» الذي قدم قبل عامين ثم كان عملهم الأخير «سمير وشهير وبهير» الذي يعرض حاليا وأهم ما يميز هذا الفريق أنهم لديهم قدر من الخيال الذي يبحث عن فكرة لا معة وغريبة ثم يحاول معالجتها دراميا، وهم يشتركون معا في التأليف والتمثيل. الطريف والغريب في فكرة فيلم «سمير وشهير وبهير» ليس في العودة بالزمن إلي سنوات السبعينيات ففكرة العودة بالزمن ليست جديدة إنما الجديد أنهم ثلاثة أشقاء ولدوا في نفس اليوم من ثلاث أمهات مختلفات ولكن من نفس الأب.. والأبناء الثلاثة يدرسون في نفس الكلية، ولكن العلاقة بينهم فاترة، ويقرر الاستاذ الذي يدرس لهم أن يسند إليهم «مشروع» تخرجهم في كلية الهندسة، وأن يكون عن «آلة الزمن» ولأنهم لا يتمتعون بأي درجة من التفوق، يقررون السطو علي مشروع الاستاذ، ونتيجة خطأ في تشغيل آلة الزمن يعود بهم الزمن إلي اليوم الذي يتزوج فيه أبوهم أمهاتهم(!!).. أي أن الزمن يعود بهم قبل أن يولدوا ويظهر الاشقاء الثلاثة من خلال زمن السبعينيات من خلال الشكل: الملابس والموضة وأشهر الأغاني ويصبح شاغلهم الشاغل: كيف التقي والدهم الذي يلعب دوره في الكبر «محمود الجندي» بينما وهو شاب «شريف رمزي» مع أمهاتهم؟.. وتحدث حالة من الارتباك الدرامي في البحث عن أسلوب للمعالجة فنجد الفيلم يستعرض حياة الامهات وهن فتيات تارة، ونجد محاولة من الابناء لإعاقة الزواج تارة أخري، ونجدهم يتلاعبون بالزمن بين الماضي والحاضر تارة ثالثة، كما هو الامر في استدعاء عبدالحليم حافظ. صحيح أننا أمام عمل لايهدف إلا للتسلية ولكن من قال إن الكوميديا أو دراما التسلية لا تتطلب جهدا حقيقيا، وخيالا يحمل قدرا من الوعي في تجسيد الخيال، وتعمق المفارقة حتي لو كان الهدف منها الابتسام أو الضحك.. إذن فنحن أمام فكرة غنية بالخيال وذكية، ولكنها فقيرة في المعالجة وتوليد الضحك، فكرة استطاعت تقديم الشكل وهرب منها الموضوع.. لذلك تخرج من الفيلم بمشاعر محايدة تماما لا تستطيع أن تحب الفيلم ولا تملك أن تكرهه. كان أبرز مشاهد الفيلم تلك التي ظهر فيها «أحمد السقا» كضيف شرف فهو يقوم بدوره الحقيقي كفتي شاشة يقدم المشاهد البوليسية الصعبة بينما يكون أحد الابطال الثلاثة أحمد فهمي «سمير» هو دوبلير له بالافلام ولمساندة هذا الفريق من الشباب شارك مجموعة من ممثلينا في دعمهم: حسن حسني دلال عبدالعزيز شريف رمزي هناء الشوربجي وسلوي عثمان وغيرهم.. وقد قدم المخرج الشاب معتز التوني نفسه كمخرج لأول مرة ولا شك أنه يملك حسا كوميديا ولكنك تشعر طوال الوقت أنه يقدم اسكتشات منفصلة قد تلتقي وقد لاتلتقي فالسيناريو لم يساعده في تأكيد حسه الكوميدي.. وعلي أي الاحوال نبقي أمام فيلم مختلف ويحاول أن يغير من شكل الكوميديا التقليدية السائدة وأظن أن هذا الفريق في حاجة حقيقية لمن يتبناه فنيا ويطور ما يقدمونه من أفكار لتنطلق نحو النضج فالبحث عن مواقف طريفة فقط لا يصنع فيلما مع احترامي الكامل للتجربة. أحمد فهمي «سمير» وشيكو «شهير» وهشام ماجد «بهير» وجوه تقدم نفسها كما قدم ثلاثي أضواء المسرح أنفسهم في «اسكتشات» وهي هنا تتمثل في أفكار وتمثيل واستمرارهم سوف يجعل لهم وجودا مختلفا ونحتاجه فعلا في الكوميديا وفنون السخرية.. إنهم «ثلاثي» هذا العصر وعليهم أن يثقلوا أنفسهم فنيا، وأن يستفيدوا من خبرات المحترفين في صناعة الافلام، فنحن في حاجة إليهم وهم في حاجة لتطوير أنفسهم.