ننشر موعد آذان الفجر والسحور لليوم العاشر من رمضان    «التغيرات المناخية وكيفية مواجهتها» ندوة لحزب مصر الحديثة    الخبراء: قرار المركزى برفع الفائدة يهدف للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة    موسم حصاد القمح.. أسوان: ضوابط وعقوبات لردع المخالفين    هاتريك منسي.. الزمالك يودع دور المجموعات برباعية قاتلة على المريخ    حبس المتهم بالاتجار في النقد الأجنبي بمدينة نصر    مسرحية «أراجوز وأراجوزتا» في ثاني ليالي "أهلا رمضان" بالحديقة الثقافية    عميد كلية الشريعة والقانون: الصوم يعلمنا ضبط النفس والبعد عن الغيبة والنميمة    الإمساكية الصحية / هل تستطيع الحامل والمرضع الصيام ؟.. الصحة تجيب    150 ألف مصل يؤدون العشاء والتراويح في باحات المسجد الأقصى    نقيب الأشراف يطمئن محبي «أحمد عمر هاشم» علي حالته الصحته | خاص    360 مليون يورو لوكلاء اللاعبين في الدوري الإنجليزي خلال 2022    تحت أنظار إمام عاشور.. ميتيلاند يضرب أودينسي بثلاثية في الدوري الدنماركي    محافظ القاهرة يحتفل بانتصارات العاشر من رمضان بمسجد عمرو بن العاص    أخبار مصر اليوم: رسائل السيسي لكبار قادة القوات المسلحة.. والأرصاد تعلن طقس غدًا السبت    مادلين طبر تنفي إضرابها عن الزواج: شائعة ولم أعتزل الغرام    بفستان لافت .. المطربة بوسي تفاجئ متابعيها بهذه الإطلالة    إزالة الهيمنة الأمريكية، أبرز بنود استراتيجية روسيا الجديدة للسياسة الخارجية    دار الإفتاء: «الحماة» ليست من الأرحام    موعد أذان فجر السبت ليلة 10 رمضان 2023.. وعدد ساعات الصيام    مناظرة السجلات الطبية ب وحدة الأسرة في بحانوت بالشرقية لتقييم أداء العمل    طريقة عمل كفتة الحاتي من الشيف توتا (فيديو)    محافظة الغربية تبدأ فى إنشاء القوس الشرقى للطريق الدائرى حول مدينة المحلة    هل قطرة العين والأنف تفسد الصوم؟ مفتي الجمهورية يُجيب    "المتحدة" تجذب الأطفال فى رمضان بمحتوى يخاطب عقولهم.. "يحيى وكنوز 2" مغامرات مشوقة عن الحضارة المصرية بلغة الإشارة.. "الربابة مصرى" اسكتشات غنائية عن المشروعات القومية.. و"المحمية" مغامرات عن الكائنات البحرية    «المداح 3» الحلقة 10.. محاولة قتل حمادة هلال على يد هلا السعيد بعد سيطرة الجن عليها (صور)    مقتل 35 شخصًا إثر سقوطهم في بئر بالهند    أسعار التصالح على إشغالات الطرق في الجيزة.. تصل إلى 30 ألف جنيه    وفاة أسامة شبكشي وزير الصحة السعودي الأسبق    رامز جلال يجبر أمام عاشور على الاعتذار للخطيب ويعلن: مساعدة كهربا في الغرامة    مصرع شاب أسفل عجلات القطار بمركز أبو تشت شمال محافظة قنا    ستتحمل العواقب.. الخارجية الروسية ترد على تهديدات الولايات المتحدة    «الإنجليز أكثر تفتحا منا».. مدرب نيس عن موقف الدوري الفرنسي من إفطار اللاعبين    إمام عاشور يحرج لاعبي الزمالك .. طالع التفاصيل    شيخ الأزهر: قوامة الرجل على المرأة قوامة إدارة وتيسير أعمال وليست قوامة رئاسة أو سيطرة    إجراء سعودي هام بشأن الحج والعمرة.. تفاصيل    وزير الري يؤدي صلاة الجمعة بمسجد العارف بالله الدسوقى    برواتب تصل ل7000 جنيه.. وظائف خالية للمعلمين في هذه المحافظة    دعاء الرسول المستجاب يوم الجمعة .. 6 كلمات لجلاء الهموم وسداد الديون    خالد البلشي يحيي الذكرى ال 82 لتأسيس النقابة    مصادرة 195 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة فاسدة بالغربية    المركز السوري للزلازل: تسجيل 10 هزات أرضية خلال 24 ساعة الماضية    الصحة: تقديم الخدمات الطبية ل2.2 مليون مواطن بمستشفيات الصدر خلال 2022    يتبقى له واحدة ليعادل الرقم القياسي.. أرتيتا مدرب الشهر في الدوري الإنجليزي    تعيين الدكتور محمد شوقي مديرا ل مركز أورام طنطا    لأول مرة .. نجاح عملية استئصال ورم بالمخ لمُسِنة تحت مظلة التأمين الشامل بمستشفى رأس سدر    إيرادات مصر الجديدة للإسكان والتعمير تقترب من 2 مليار جنيه في 18 شهرا    عبدالفتاح الطاروطى: الشيخ عبدالباسط عبدالصمد نشر القرآن فى ربوع العالم    محافظ الإسكندرية يهنئ الرئيس السيسي ورجال القوات المسلحة بذكرى العاشر من رمضان    تداول 8 آلاف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    خيط الجريمة.. كيف قتل "المجنون" لاعب كرة صاعد فى المطرية    الداخلية تضبط 22 كرتونة ألعاب نارية بالقاهرة    تحرير 3659 مخالفة عدم تركيب الملصق الإلكتروني    روسيا تطرد موظفا من البعثة الدبلوماسية الإستونية لديها    مانشستر يونايتد يحدد أول الراحلين عن الفريق بالصيف    عودة حركة الملاحة ونشاط الصيد بميناء العريش البحري    قوية ومستقلة.. إزاي تكوني زي نيللي كريم في "عملة نادرة"؟    أخبار مصر: اتهام جنائي لترامب وأنصاره بالشارع، سر ال 800 مليار جنيه برفع الفائدة، نص توصية عزل مرتضى، هبوط أرضي بكوبري بنها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنة فى قنا
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 09 - 2015

هذا كتاب صغير، جميل ومهم، مكتوب بدقة وعناية، يثير دون افتعال قضايا كبري، على الرغم من أنه يخاطب الشباب الصغير إلا أنه يضع القاريء فى قلب

أهم وأدق مشاكل الوقت الراهن. «سنة فى قنا»، كتاب للفتيان (8 14 سنة) كاتبته السيدة الكاتبة «هديل غنيم» والرسوم المصاحبة لياسر جعيصة، صدر عن دار البلسم (2014) بدعم من مؤسسة «أنا المصري».
الكتاب يوميات فتى من القاهرة يذهب مع والدته وأخته الأصغر، لقضاء عام فى قريتهم القريبة من قنا فى الصعيد، لكى يكونوا إلى جوار جدتهم الصعيدية الكبيرة، ويساهموا فى رعايتها ومشاركة خاله المزارع وزوجته التى انشغلت بمولود جديد.
يقول: سنة فى قنا؟
مستحيل!
أترك غرفتى ومدرستى وأصحابى والنادى سنة كاملة وأعيش فى الصعيد؟كيف أسكن عند جدتى رقية فى بيتها القديم هذا؟ أففف.. أتذكركم كرهت رائحة هذا المكان آخر مرة زرنا فيها تيتة. ولا أريد حتى أن أتخيل شكل المدرسة ومن سيكون معى فى الفصل. يا له من كابوس.
هذه هى الصفحة الأولى فى الكتاب فى قلب واحدة من أهم مشاكل حياتنا المعاصرة: تلك الفجوة الرهيبة التى تفصل بين القرية والمدينة.. أكبر الكتاب، والمفكرين السياسيين وعلماء الاجتماع يتحدثون منذ عقود، فى توصيف هذه المسافة المستحيلة، فى محاولة صناعة جسر للعبور أو سبيل للتقارب والتفاهم.. وكل صاحب عقل أو ضمير يدرك أن مستقبل هذا المجتمع، ومستقبل أى أفكار للتنمية أو التغيير أو التطوير مرتبط أولا بالتخلص من هذا الجرف الهاوى والمسافة الرهيبة التى تفصل: اقتصاديا وحضاريا واجتماعيا بين الريف المصرى (صعيد أو بحري) وبين المدينة (قاهرة اسكندرية فقط تقريبا). الكاتبة الباحثة الجادة لا تكتفى بأن تثير ببساطة وضوح هذا المشكل الكبير المؤلم ولكنها تدخل من خلال يوميات هذا الفتى الذكى الحساس إلى قلب مشاكل أخرى حيوية وخطيرة تطرحها فى نعومة وبساطة وداخل بناء سهل ومغر بالقراءة للصغير والكبير: فجوات الثقافة الفرعونية والقبطية التى تتحكم فى الزراعة وحياة الفلاح حيث تردد الجدة أسماء الشهور المصرية والأمثال الغنية بالمعانى والصور التى تنظم الزرع والحصاد وتتوقع المناخ ونضوج الثمر. ومزاج الكبير والعجوز وحالات الليل والنهار. يتفتح وعى الفتى القاهرى وأخته على عالم جديد جميل من الطبيعة والزرع والحيوان بعد أن أمضى ما فات من أيامه فى النادى والمول. والسينما والغرف المغلقة: «الصبح فى قنا لا يأتى فجأة مثل جرس المنبه، بل يوقظنى بحنان، بالتدريج بسلسلة من الأصوات يبدأ الديك فى الفجر بشيء من الصياح. وبعد قليل أسمع صوت جدتى وزوجته خالى قرب الفرن ويستعد أنفى لاستقبال رائحة الخبيز. وبعد ذلك بقليل مع بداية الشروق تنهض العصافير وتبدأ الزقزقة بنشاط لا أدرى لماذا يسمون العصافير هنا زرازير وأخيرا أصحو من النوم قرابة الساعة السابعة عندما يأتى الحمام على الشباك وأسمع هديله».
تغير صديقنا قليلا. أحس بالاستياء بشكل مختلف ولاحظ النور والأصوات والكائنات. وكان قد امتحن علاقته مع الرفاق الجدد فى الصعيد فى محاولات لكى يثبت أنه ليس ولد «خرع» وأنه «جدع» قادر على العمل وتحمل المسئولية وقرب نهاية صفحات الكتاب المنير الممتع يأخذنا الفتى إلى مولد سيدى عبد الرحيم القناوي.. ويلفت نظره فارق جوهرى أن المسابقات والاستعراضات هنا سواء بالخيل أو بالتحطيب ليس الغرض منها الفوز والتغلب على الخصم ولكن الاستعراض والاستمتاع بما فى اللعبة من جمال (الصراع من أجل الفوز يولد توترا لا يتفق مع جو الاحتفال بالمولد) لابد طبعا أن تثار مشكلتان الأولى تقاليد الصعيد الفرق فى المعاملة بين أولاد العائلات والأسر التى لا أصل لها فى تكريس وتثبت للوضع الطبقي، ثم ثانية المسألة الطائفية عندما أبدى رغبته فى زيارة مولد العذراء مريم فى دير درنكة المجاور.. كل هذه المشاكل موضوعة أمامك فى انسياب بسيط وفى دعوة طيبة لإعمال العقل والتفكير.
الكاتبة هديل غنيم: عقل فنى نقى جاد فى الوصول إلى كتابة سهلة واضحة. قائمة على «الفكرة والمضمون» فى أبسط طريقة لتوصيل وعى جديد. بدأت حياتها الكتابية فى مجلة «وجهات نظر» وقدمت دراسة عن تمصير مجلة ميكى ثم قدمت كتاب جميل «نجيب محفوظ من البداية» مع رسوم الفنان وليد طاهر، ثم كتاب عن «رحلات أحمد زويل» (صدر الكتابان عن دار الشروق ثم عن مكتبة الأسرة» كما حاولت مواصلة طريق الرائد كامل كيلانى فى المكتبة الخضراء: حيث قدمت: الفطيرة الخطيرة سر الحياة دنيا تفكر مدرسة من؟
الكاتبة الشابة تقيم الآن فى الولايات المتحدة. أرجو ألا يحرمنا هذا من مواصلة محاولاتها الواهية المخلصة لتقديم أدب مصرى للأطفال والشباب فهذا أول طريق العمل الفكرى الفنى الجاد.
لمزيد من مقالات علاء الديب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.