يحتفل المصريون بالافتتاح الاسطوري لمعجزة القرن قناة السويس الجيدة التي تنطلق من ارض الكنانة كي تؤكد للعالم اجمع ان ارادة المصريين حقيقة من حقائق التاريخ تأكدت في الماضي بإرادة وصلابة الاجداد وبهمة وعزم الاحفاد هذه القناة بمثابة السهم الذي انطلق في فضاء المستقبل كي يرسم الملامح الجديدة لطموحات وأمال الشعب المصري نحو مستقبله المشرق. ونحن نحتفل بهذا الانجاز الاسطوري نؤكد علي حقيقة هامة ان الاطماع والمخاطر مازالت قائمة منذ زمن بعيد لذا يتعين علينا ان نظل متيقظين ومستعدين للدفاع عن مقدراتنا ضد اي خطر يحاول الاقتراب منا وبالرجوع الي الماضي نكتشف هذا المعني بوضوح تام لا يقبل الشك فقد تعرضت قناة السويس الي قدر كبير من التحدي والأخطار وهو ليس تحديا للقناة في حد ذاتها بقدر ما هو تحدي للدولة التي تملك القناة وتشرف علي ادارتها اذ لا يغيب عن البال ان جزء كبير من هذه المنافسة هدفه ان تفقد القناة اهميتها كممر عالمي وبالتالي تفقد جزءا كبيرا من ايراداتها. تتحدث الدراسات التى تأكدت مؤخرا عن خطط لإضعاف قناة السويس كشريان للملاحة العالمية منها: في مارس سنة 1967 بعد حرب السويس عقد في لندن مؤتمر يضم ممثلي شركات البترول التي لها مصالح في الشرق الاوسط – وهي ثماني شركات بريطانية وأمريكية وفرنسية وهولندية ناقشت موضوع توسيع خطوط البترول لمواجهة الزيادة المطردة في حركة تدفق البترول من منطقة الشرق الاوسط الي اسواق الاستهلاك في اوروبا الغربية انذاك وتمخض المؤتمر عن عدة مشروعات كلها تهدف الي تقليل او القضاء علي اهمية القناة كممر مائي . وفي عام 1974 حين كان انبوب العراق خطا منفردا ظهرت فكرة انشاء خط يجمع بترول ايرانوالعراق والكويت معا في انبوب ضخم قطرة يتراوح ما بين 34- 36 بوصة وتبلغ طاقته 22 مليون طن سنويا ويمتد مسافة 800- 850 ميلا مخترقا وسط العراق تقريبا منتهيا الي ميناء طرطوس في سوريا وقد تألفت شركة للخط وحصلت علي حق الطريق من سوريا إلا ان العراق رفض المشروع علي اساس ان هذا الخط سيؤدي الي اهمال استغلال بترول العراق.
مشروع خط العراق – تركيا وتنفيذا لسياسة الحد من اعتماد اوروبا علي قناة السويس فقد فكرت الدول الغربية في انشاء خط انابيب يبلغ طوله 1100 ميلا عام 1957- ويبدأ من حقول البترول في كركوك والموصل بالعراق ويخترق الاراضي التركية الي الاسكندرونة علي البحر الابيض المتوسط-وقد قاموا بوضع خطتين لتنفيذه الاولي :وتتضمن انشاء خط انابيب قطرة 42 بوصة-لينقل تقريبا 800 الف برميل يوميا اي ما يعادل ثلثي البترول الذي ينقل عبر قناة السويس. الخطة الثانية : تتضمن بناء خط بترول قطرة 30 بوصة وينقل 700 الف برميل يوميا. وأوكل الي عدد من الشركات العالمية دراسة بناء هذا الخط وجاءت النتيجة ان المشروع صالح من ناحية التضاريس إلا انه مرتفع التكاليف اقتصاديا ومستحيل سياسيا لأنه يتعارض مع مبدأ التضامن العربي ولهذا فقد رفضه العراق وانتقل المشروع الي قائمة المشروعات الميتة.
المشروع الاوروبي بدا الحديث عن هذا المشروع في اوائل الخمسينيات ويهدف اساسا الي خدمة اقتصاديات اوروبا وأغراض التنمية فيها والقضاء نهائيا علي قناة السويس وهو مشروع ضخم وخيالي ومؤداه ان يمر انبوب ضخم للبترول من كركوك شمال العراق مخترقا الاناضول الي البلقان الي وسط وغرب اوروبا حتى باريس بطول 2500 ميلا علي انة يمكن ان يمتد جنوبا حتى حقول الخليج العربي وتخرج منه خطوط فرعية للتغذية علي طول الطريق,كما اقترح مد انبوب للبترول من الخليج العربي الي شمال افريقيا علي طول الساحل الي المغرب ثم يعبر البحر الي اسبانيا والي فرنسا. ولم يخرج هذا المشروع عن كونه حلما راود خيال بعض الاستعماريين. ويتضح من هذه المشروعات ان الشركات التي تعمل في انتاج ونقل وتكرير البترول لم تهدا بالا في ان تفكر باستمرار في الاستغناء عن قناة السويس وكلما فشلت حاولت من جديد.
قناة اسرائيل حاول الاسرائيليون تحقيق هدفهم في القضاء علي مركز القناة الدولي بحفر قناة تماثل قناة السويس وتربط بين البحر الاحمر والبحر المتوسط وتبدأ من ميناء ايلات علي خليج العقبة حتى ميناء حيفا في فلسطينالمحتلة وقد قدرت تكاليف هذا المشروع بحوالي ثلاثة بلايين دولار ويستغرق العمل فيه نحو العشر سنوات ,إلا ان اسرائيل لم تتمكن من تنفيذ هذا المشروع لأنه يمر بأرض وعرة كما انة باهظ التكاليف ويحتاج الي وقت طويل لتنفيذه .