لا تختلف كثيرا قضية البرنامج الدراسى «المهزلة» بين جامعة الإسكندرية والجامعة الفرنسية (الذى قبل بمقتضاه طلاب فى كلية الطب فى العام الماضى بمجموع تقل نسبته 5% عن مجموع نظرائهم الملتحقين بالكلية عبر مكتب التنسيق) عن قضية درجات «الحافز الرياضى» التى تضاف لبعض الطلاب بلا أى منطق من المساواة أو تكافؤ الفرص هذا الحافز الذى يدخل بمقتضاه طلاب لكليات الطب والهندسة بمجموع أقل من الحد الأدنى لتلك الكليات بنسبة تصل إلى 8% كاملة، ولقد تداول طلاب الثانوية العامة العام الماضى على صفحاتهم فى «فيس بوك» نتيجة التنسيق لأحد الطلاب الذين ألحقهم مكتب التنسيق بكلية الهندسة فى جامعة عين شمس مع أنه حاصل على مجموع نسبته 87% وذلك بعد أن أضيفت له درجات الحافز الرياضى وهى نحو 30 درجة (8% تقريبا) مع أن الحد الأدنى لهندسة عين شمس فى العام الماضى كان 95%، ولما كان أمر ذلك الحافز الرياضى يصعب فهمه أو تفهمه من خلال طلاب الثانوية الذين لا يزالون فى بداية عمرهم، فقد لجأت ابنتى طالبة الثانوية فى العام الماضى إلىَّ باعتبارى أستاذا فى الجامعة وسألتنى مستنكرة عن السبب فى إلحاق هذا الطالب بمجموعه (87%) بكلية الهندسة، فى حين رفض مكتب التنسيق إلحاق زميلتها بالكلية نفسها مع أن مجموعها 92%، خاصة أن الطالبين قد أديا الامتحان القومى نفسه للثانوية العامة، ولا يجوز حسب فهمها وحسب أبسط قواعد المنطق والمساواة وتكافؤ الفرص أن يتخطى من كان مجموعه 87% من كان مجموعه 92%، وهنا أسقط فى يدى وحرت فى البحث عن إجابة أقدمها لابنتى التى ذهبت بها الظنون وبزملائها كل مذهب فى تفسير الأمر، وقد بحثت فى القانون ولائحته التنفيذية واستشرت أولى الأمر، فوجدت أن المبرر القانونى لهذا الحافز الرياضى سليم وأن اللوائح تسمح بمنح تلك الدرجات «بقشيش» نظير التفوق الرياضى، وأن المتفوقين رياضيا يحصلون على درجات تضاف إلى مجموعهم فى الثانوية العامة كل حسب تفوقه الرياضى، حتى إن الدرجات المضافة تصل إلى 40 درجة للبطل الأوليمبى أو ما يعادل 10% تقريبا، وصحيح أن الأمر سليم من الناحية القانونية بسبب هذا القانون أو اللائحة، الذى سن لشجيع التفوق الرياضى لكن على الجانب الآخر لم يبحث أحد ولم يهتم بمدى دستورية هذا القانون أو اللائحة وهذا الحافز ومدى تعارضهما أو اتفاقهما مع المبادئ الدستورية الراسخة والحاكمة مثل مبدأ المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص، فهذه القواعد تساوى أو يجب أن تساوى بين أصحاب المراكز القانونية المتساوية، وبإسقاط ذلك على حالة طلاب الثانوية العامة ومكتب تنسيق القبول فى الجامعات وبسبب مجانية التعليم وندرة الأماكن الجامعية مقارنة بعدد من يطلبها من الطلاب، نجد أن الدولة ارتضت معيارا واحدا ووحيدا لترتيب الطلاب الناجحين فى الثانوية العامة، ومن ثم ترتيب التحاقهم بالجامعات، وهذ المعيار هو نتيجة امتحانهم فى امتحان قومى موحد على مستوى مصر هو امتحان الثانوية العامة، وبالتالى لا أفهم كيف نضع هذا المعيار الوحيد للتنافس ثم نقبل فيه استثناءات؟؟، كيف نسمح باختراق قواعد المساواة وتكافؤ الفرص بهذ الحافز الرياضى ودرجاته ونحن لم نوفر الفرص والامكانات الرياضية والغذائية نفسها لجميع الطلاب فى كل شبر من أرض مصر على قدم المساواة؟؟، وما هى العلاقة بين رعاية الموهوبين رياضيا ومنحهم درجات إضافية فى امتحان قصروا فيه وأجاد غيرهم؟؟، وما هى العلاقة بين التفوق الرياضى وإلحاق هؤلاء الرياضيين بكليتى الهندسة والطب؟؟، والأغرب أن وزير التربية والتعليم ينوى فى العام الجديد إضافة حافز علمى وآخر ثقافى، ولا شك أن هذه الحوافز ستكون هى الباب الخلفى لاستثناءات مرفوضة. د. أحمد الجيوشى عميد كلية التعليم الصناعى جامعة حلوان