تداولت ابنتي خريجة الثانوية العامة لهذا العام وزميلاتها علي صفحاتهن في الفيس بوك نتيجة التنسيق لأحد الطلاب الذين ألحقهم مكتب التنسيق بكلية الهندسة جامعة عين شمس مع أنه حاصل علي مجموع نسبته 87% و الحد الأدني لهندسة عين شمس هذا العام كان 95%، وذلك بعد أن اضيفت له درجات الحافز الرياضي وهي حوالي 30 درجة (8% تقريبا)، ولما كان أمر ذلك الحافز الرياضي يصعب فهمه أو تفهمه من خلال ابنتي وزملائها الذين لا يزالون في بداية عمرهم، فقد لجأت الي والدها أستاذ الجامعة، لكي تسأله مستنكرة عن السبب في الحاق هذا الطالب بمجموعه المتدني (87%) بكلية الهندسة جامعة عين شمس، في حين رفض مكتب التنسيق الحاق زميلتها بأي كلية هندسة مع أن مجموعها 92%، خاصة وأن الطالبين قد امتحنا ذات الامتحان القومي للثانوية العامة، ولا يجوز حسب فهمها وحسب أبسط قواعد المنطق والمساواة وتكافؤ الفرص أن يتخطي من كان مجموعه 87% من كان مجموعه 92%، وهنا أسقط في يدي وحرت في البحث عن إجابة لابنتي التي ذهبت بها الظنون وزميلاتها كل مذهب في تفسير الأمر، فتارة يقولن أن الولد ابن ضابط وتارة يقولن أنه الحافز الرياضي، وقد بحثت في القانون ولائحته التنفيذية واستشرت اولي الأمر لأجد المبرر القانوني لهذا الحافز الرياضي سليما، وأن اللوائح تسمح بمنح تلك الدرجات "بقشيش" نظير التفوق الرياضي، وأن المتفوقين رياضيا يحصلون علي درجات تضاف الي مجموعهم في الثانوية العامة كل حسب درجةتفوقه الرياضي، حتي أن الدرجات المضافة تصل الي 40 درجة للبطل الاولمبي أو ما يعادل10% تقريبا، وصحيح أن الأمر سليم من الناحية القانونية بسبب هذا القانون أو اللائحة الذي سن لتشجيع التفوق الرياضي، لكن علي الجانب الآخر لم يبحث أحد ولم يهتم بمدي دستورية هذا القانون أو اللائحة وهذا الحافز ومدي تعارضهما أو اتفاقهما مع المبادئ الدستورية الراسخة و الحاكمة مثل مبدأ المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص، تلك القواعد التي تساوي أو يجب أن تساوي بين أصحاب المراكز القانونية المتساوية، وباسقاط ذلك علي حالة طلاب الثانوية العامة ومكتب تنسيق القبول في الجامعات وبسبب مجانية التعليم وندرة الأماكن الجامعية مقارنة بعدد من يطلبها من الطلاب، فقد ارتضت الدولة معيارا واحدا ووحيدا لترتيب الطلاب الناجحون في الثانوية العامة، ومن ثم ترتيب التحاقهم بالجامعات، وهذا المعيار هو نتيجة امتحانهم في امتحان قومي موحد علي مستوي القطر المصري هو أمتحان الثانوية العامة، وبالتالي لا أفهم كيف نضع هذا المعيار الوحيد للتنافس حوله ثم نقبل فيه استثناءات؟؟، كيف نسمح باختراق قواعد المساواة وتكافؤ الفرص بهذا الحافز الرياضي ودرجاته ونحن لم نوفر ذات الفرص والامكانيات الرياضية والغذائية لكل الطلاب في كل شبر من ارض مصر علي قدم المساواة؟؟، وما هي العلاقة بين رعاية الموهوبين رياضيا وبين منحهم درجات اضافية في امتحان قصروا فيه وأجاد غيرهم؟؟، وما هي العلاقة بين التفوق الرياضي والحاق هؤلاء الرياضيين بكليات الهندسة أو الطب؟؟، هل يخلط كمبيوتر التنسيق بين لعب "الرياضة" ومادة "الرياضة" التي هي شرط الالتحاق بكلية الهندسة؟؟!!، يا ناس..اذا ارادت الدولة رعاية المتفوق رياضيا فعليها أن تمنحه مرتبا خلال دراسته الجامعية، وأن تشركه في البطولات المحلية والدولية وأن تصرف عليه كما تشاء كما يحدث في الدول الأخري، لكن أن تجعله يدخل كلية الهندسة أو الطب متخطيا الآلاف من زملائه فهو أمر مخالف لكل قواعد المساواة وتكافؤ الفرص في الدستور بكل تأكيد، ولو أن القانون هو ما يسمح بذلك العبث فهو قانون "حمار" كما وصفته ابنتي وزميلاتها.