"بوسعي أن أعلن اليوم أن الولاياتالمتحدة وافقت على إعادة العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية كوبا، إنها خطوة تاريخية إلى الأمام وفتح صفحة جديدة مع جيراننا في القارة الأمريكية"بهذه الكلمات أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما, تزامنا مع إعلان الرئيس الكوبي راؤول كاسترو، وضع حد لأربعة وخمسين عاما من القطيعة والخلاف بين الولاياتالمتحدةوكوبا, مع الإتفاق على أن يكون20 يوليو القادم موعدا لفتح السفارتين. الإعلان هذا لم يفاجئ المراقبين لكونه ثمرة مفاوضات استمرت عدة أشهر ساهمت في إنجاحها كندا ودولة الفاتيكان, لكن المفاجيء هو تزايد أعداد المهاجرين الكوبيين غير الشرعيين إلى "بلاد العم سام", حيث شهدت ارتفاعا كبيرا قارب العشرة آلاف شخص، في ظاهرة يبررها خبراء بشكل أساسي بالغموض المحيط باحتمالات تطور سياسة الهجرة الأمريكية حيال الكوبيين, وهم يطرحون تساؤلا:هل يصبح المهاجرون الكوبيون حجر عثر فى طريق المفاوضات بين واشنطن وهافانا؟ دائرة الجمارك الأمريكية قالت أن الزيادة فى أعداد المهاجرين الكوبيين مقارنة بنفس التوقيت من العام الماضي سجلت حوالى 118%, منهم من حاول الوصول بحرا إلى فلوريدا وذلك على الرغم من أن السياسة الأمريكية تقضي بإعادتهم إلى الجزيرة الكوبية إذا ما ضبطوا في البحر, حيث تعتمد الولاياتالمتحدة رسميا منذ عام 1994 السياسة المعروفة ب "الأقدام المبللة والأقدام الجافة"، أي في حال وطئت أقدام المهاجرين الأراضي الأمريكية يحصلون على تسهيلات للبقاء في الولاياتالمتحدة، لكن في حال أوقفت زوارقهم في المياه يرسلون إلى كوبا. ومنذ عام 1966، يقدم "قانون تسوية أوضاع الكوبيين" تسهيلات على صعيد الإقامة في الولاياتالمتحدة إلى المهاجرين سواء كانوا يحملون تأشيرة دخول أم لا، ويتيح لهم الحصول على عرض عمل وعلى إقامة دائمة في غضون عام, ولكن على الرغم من التقارب الجاري، لا تزال واشنطن غير مستعدة لإلغاء هذه الامتيازات الاستثنائية، فيما تحتج هافانا على ما تعتبره تحريضا لرعاياها على الهجرة. "لقد بدأنا نرى من جديد زوارق متهالكة يقل طول الواحد منها عن ستة أمتار وعلى متنها خمسة أشخاص يصلون في حالة يرثى لها" هكذا تحدث فرانسيسكو فيجويروا من منظمة الكنيسة العالمية للخدمة وهي منظمة غير حكومية تعمل على مساعدتهم، حيث قال لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إن قانون الهجرة عام 2013 الذي يسهّل شروط السفر لمعظم المواطنين الكوبيين، يتيح الانتقال بصورة قانونية إلى بلدان أخرى ليجتازوا بعد ذلك الحدود الأمريكية في المكسيكوكندا أحيانا, وبالإضافة إلى ذلك، تمنح الولاياتالمتحدة سنويا 20 ألف تأشيرة هجرة دائمة، ونحو 30 ألف تأشيرة مؤقتة لا يتم التقيد بالمهل المحددة فيها على الدوام, حيث أن هناك أكثر من 15 ألف مواطن كوبي يتجاوزون سنويا مهل تأشيراتهم السياحية الأمريكية. ويبدي الكوبي اورلاندو غارسيا هيريرا (53 عاماً) الذي وصل إلى ميامي، منتصف يونيو بجواز سفر إسباني تخوفه - في تصريح لصحيفة " الإندبندنت" البريطانية- من ثمار إعادة العلاقات بين كوباوالولاياتالمتحدة, حيث يعتقد بعض الكوبيين أن أولى التدابير التى ستتخذها الحكومة الأمريكية هي إلغاء المساعدات للكوبيين المهاجرين. ومنذ 50 عاما، هاجر مئات الآلاف من الكوبيين إلى الولاياتالمتحدة, واذا كان بعض مهاجري الموجة الأولى من المنفيين "المهاجرين السياسيين" في بدايات الثورة- ما زالوا يعربون عن معارضتهم الشديدة لأي تقارب مع نظام هافانا، فإن المهاجرين الجدد الذين دفعتهم الأسباب الإقتصادية إلى المجيء إلى الولاياتالمتحدة احتفظوا من جانبهم بصلات وثيقة في الجزيرة ورحبوا كثيرا بالإعلان عن هذا التقارب بسبب إحتمال أن يصبح تواصلهم مع أقاربهم أسهل بجانب تطبيع العلاقات مع بلدهم الأم, وهذا بدا جليا بين أبناء الجالية الكوبية في الولاياتالمتحدة وقوامها 1.5 مليون شخص قبيل خروج أوباما على التليفزيون لإعلان الخبر التاريخي, حيث قال هيوجو كانسيو الذي جاء إلى ميامي ضمن موجة هجرة جماعية من كوبا عام 1980، ويدير مجلة لها مكاتب في ميامي وهافانا، لرويترز: "هذه بداية جديدة".