لاشك أن الطفل المصرى حرم من حقوق كثيرة خلال السنوات الماضية مما أدى إلى تراكم قضاياه ومشاكله التى تستلزم جهود الجهات الرسمية وغير الرسمية لمعالجة هذه القضايا والقضاء عليها لتوفير حياة كريمة وعادلة للطفل تؤهله لخدمة مجتمعه ووطنه فى المستقبل. رصدت «الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان» وضع الطفل المصرى بمناسبة مرور عام على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى ،مشيرة إلى دعمه الواضح لقضايا الطفل المصرى فى أكثر من موقف ومناسبة، وتمثل هذا الدعم فى مجموعة من التعديلات التشريعية الخاصة بحقوق الطفل والتى تم إدخالها تباعاً على قانون الطفل 12/1996 المعدل بالقانون 126/2008 وكذلك تخصيص مبلغ مائة مليون جنيه لدعم قضايا الأطفال «فى وضعية الشارع»-أطفال الشوارع- من صندوق تحيا مصر، وهى تحركات تنبئ عن أن القيادة السياسية بمصر تولدت لديها الإرادة اللازمة لدعم وخدمة قضايا 40% من جملة سكان مصر وهم فئة الأطفال وفقاً لمفهوم نص المادة 2 من القانون 12/1996 والمادة 80 من الدستور المصرى المعدل.
مطلوب.. «دعم قانونى متخصص للطفل» وأوضحالمحامى محمود البدوى خبير حقوق وتشريعات الطفل ورئيس الجمعية بأن النظام القانونى والقضائى المصرى يتمتع بأقوى بناء تشريعى حمائى للطفل وصديق له من الناحية الفنية،ولامثيل له على مستوى العديد من دول العالم وبخاصة المتقدمه منها، فمصر عرفت القانون 12 لسنة 1996 كأول قانون منظم لحقوق الطفل وأحد مخرجات إنضمام مصر للإتفاقية الدولية لحقوق الطفل CRCعام 1990 والتى لخصت جهود المجتمع الدولى لأكثر من 70 عام فى مجال حماية حقوق الطفل، كما أن المشرع المصرى تفاعل سريعاً مع مطالب المجتمع بإدخال حزمة جديدة من التشريعات الجديدة على القانون بموجب القانون 126 لسنة2008 وهو ماعرف «بقانون الطفل الجديد»، ثم أخيراً المادة 80 من الدستور المصرى المعدل والتى تمثل أول إطار حمائى دستورى لحقوق الطفل، وعلى الرغم من أن كل هذه الضمانات القانونية أو -البنية التحتية التشريعية الصديقة للطفل- إلا أن مشكلة الدعم القانونى المتخصص للطفل المعروض أمره على جهات التحقيق والتقاضى تعد إحدى الإشكاليات والمصاعب التى تواجه الطفل المصرى، وتجعل حقوقه عرضه للانتقاص بشكل ملحوظ فى ظل هذة الطفرة التشريعية المتعلقة بحقوق الطفل خلال الفترة من 1990 وحتى 2014 . ويضيف أن التحدى الأكبر الذى نواجهه ونسعى للتغلب عليه هو غياب آليات التنفيذ القادرة على تحويل الواقع القانونى إلى واقع مادى ملموس ينعكس إيجاباً على أحوال الطفل المصرى فى كافة مناحى الحياة، حيث ان غياب مهارات تطبيق قانون الطفل وتعديلاته أمام القضاء تمثل عائقا كبيرا، فبعض العاملين بقضايا الطفل ليسوا على دراية كاملة ومتخصصة بهذه القوانين،أو إنهم يجهلون أحياناً الفرق الواضح فى المعاملة الجنائية للطفل فى ظل قانون الإجراءات الجنائية وما يتمتع به من ضمانات أقوى وأكثر تخصصا فى قانون الطفل 12/1996 المعدل بالقانون 126/2008 . ويؤكد البدوى:»أن فكرة الإحصائيات المتعلقة بكافة شئون الطفل المصرى كانت ومازالت أحد أهم التحديات التى تواجهنا حال التعامل مع قضايا الطفل وواقعه، فهناك دائماً حالة من التضارب حول «أعداد الأطفال فى وضعية الشارع» مثلاً أو حول عدد الأطفال فى نزاع مع القانون، ولعل الجدل الكبير الذى آثير مؤخراً حول عدد الأطفال فى وضعية الشارع هو أكبر دليل على هذا الأمر، وللأسف نجد بعض الجهات أو المؤسسات تغالى وتضخم فى الأعداد بشكل غير معقول لمخاطبة ومغازلة تمويلات خارجية وجهات مانحة لاتعلم شيئا عن حقيقة أحوال الطفل المصرى، وتعتمد على تقارير وبيانات مكذوبة ومحرفة من بعض الجهات التى احترفت الاتجار بهموم الطفل المصرى جهراً على مدار سنوات طويلة، وبدون أن تلقى تلك التمويلات أى أثر إيجابى على حالة الطفل المصرى الذى راح ضحية المتغيرات السياسية بدءا من يناير 2011 وحتى الآن.»
وزارة التضامن.. وإرث السنوات الطويلة وتطالب الجمعية مؤسسة الرئاسة بضرورة خلق أطر أوسع من التعاون الفعال مع المنظمات والجمعيات العاملة فى مجال حقوق الطفل وعدم الاكتفاء بالدور المتميز والفكر المتفتح الذى تنتهجه وزيرة التضامن فى التعاون مع الجمعيات العاملة فى مجال حقوق الطفل،لأننا لايمكن أن نحمل وزارة التضامن منفردة إرث سنوات طويلة من إهمال قضايا الطفل، وذلك بعد أن وضح أن هناك نوع من التقصير والإهمال فى التعامل مع تلك القضايا وبخاصة من جانب المجالس المتخصصة والتى وضح بما لايدع مجالاً للشك أنها عجزت عن مواكبة طموحات رئيس الجمهورية فى مجال دعم حقوق الطفل وأصبحت بحاجة ماسة الى إعادة رسم سياستها العامة وإعادة هيكلتها بما يجعلها تتوائم مع طموحات السيد الرئيس ووعودة للشعب بإحداث نهوض مجتمعى ملحوظ على كافة المستويات، وهناك حاجة ملحة إلى آليات فاعلة تساعد على خلق وعى مجتمعى حمائى للطفل لدى الكافة، وهو الأمر الذى من شأنه أن يحافظ على حقوق الطفل وصولاً إلى مجتمع صديق للطفل وجدير به،بالإضافة إلى تعزيز أطر التعاون بين كافة الجهات التى تتعامل مع قضايا الطفل ومع متطلباته على كافة الأصعدة، فضلاً عن ضرورة خلق عدد من الآليات القابلة للتطبيق على أرض الواقع والتى نص عليها قانون الطفل وتعديلاته والمادة 80 من الدستور لتتحول النصوص إلى واقع ملموس وحقيقى ينعكس بشكل إيجابى على أوضاع الأطفال والتى نعول عليها كثيراً فى تحقيق النهوض المأمول للوطن فى المستقبل القريب.