فى شهر الصيام والقيام، تصفو النفوس، بالاجتهاد فى العبادة وقيام الليل وقراءة القرآن، وحضور دروس العلم، ولذلك لابد أن تكون هذه الأيام الكريمة فرصة للتسامح والعفو والصلح بين المتخاصمين، والتخلص من الكراهية التى تعمى الأبصار والقلوب. علماء الدين من جانبهم طالبوا المسلم بأن يبادر بالتسامح، ويعفو عمن ظلمه، ويعطى من حرمه، لأنه بذلك ينفذ تعاليم الحق سبحانه وتعالي، وإذا كان التسامح مطلوبا فى كل الأوقات، فما أجمله فى رمضان شهر الرحمة والغفران والقرآن، لأنه لا يمكن أن يركز الإنسان فى العبادة وقراءة القرآن وقلبه يمتلئ بالكراهية، وكل إنسان عليه أن يصلح بين الناس، ويعمل على لم الشمل والصلح بين المتخاصمين . ووجه الدكتور الأحمدى أبو النور وزير الأوقاف الأسبق رسالة للمتخاصمين، بأن رمضان هو شهر التسامح والعفو والرحمة والمودة، وهذه الأيام المباركة لابد أن يستغلها المسلم فى الطاعة، والبعد عن طريق الشيطان والتغلب على النفس الأمارة بالسوء، ولابد أن يفتح كل إنسان صفحة جديدة مع الجميع، تطوى فيها الأحقاد والخلافات، وتبدأ هذه الصفحة بالتسامح والعفو، وحب الخير للناس، لأن المسلم فى هذا الشهر الكريم، عليه أن يركز فى الطاعة والعبادة، وأن يتجاوز الخلافات ويتخلص من الأحقاد . التخلص من أمراض القلوب وطالب بأن يقوم كل إنسان مسلم بوضع جدول إيمانى يومي، يشمل حضور جلسات العلم وقراءة القرآن وقيام الليل، وقبل أن يفعل ذلك عليه أن يتخلص من أمراض القلوب، لأنه إذا لم يتخلص من الحقد والكراهية، فلن يستطيع أن ينفذ هذا البرنامج الإيمانى، مؤكدا أن المسلم سوف يشعر براحة كبيرة جدا، عندما يصفى قلبه من هذه الخلافات والصراعات، بل ستكون حياته كلها خيرا وبركة وإيمانا، وسوف يندم على الأيام التى ضاعت منه فى هذه الخلافات، ويتمنى لو كان استغل هذه الأوقات فى الذكر والعبادة والطاعة، والمسلم إذا ضيع رمضان فى الخصام والخلاف، من المؤكد أنه سوف يندم أكثر بعد رمضان، وهذه رسالة للجميع، بأن يكون التسامح والعفو وترك الخلافات، هو الطريق الذى يسير فيه المسلم فى كل الأوقات. الصلح بين المتخاصمين ويرى الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر بأسيوط، أن الصلح بين المتخاصمين أمر واجب فى الشريعة الإسلامية، لأن الصلح بين المتخاصمين ينشر التسامح والمودة فى المجتمع، مؤكدا أن هذا من الأعمال التى يؤجر عليها الإنسان، ولذلك لابد أن نغرس هذه القيم والمفاهيم بين الناس، وهذا الأمر ليس فى رمضان فقط، بل لابد أن يكون ذلك فى جميع الأوقات، لكن فى رمضان وهو شهر الطاعة والذكر والعبادة، ينبغى أن يبادر كل إنسان بالتواصل مع غيره من المسلمين، ولا تكون هناك قطيعة أو كراهية بين أبناء المجتمع المسلم ، لأنه من المعلوم عندما تكون هناك حالة خصام وخلاف، فإن ذلك ينعكس على الحالة النفسية للإنسان، ولا يستطيع أن يركز فى العبادة والذكر والطاعة، وفى هذه الحالة يفقد الأجر الذى كان سيحصل عليه من الله عز وجل، ولذلك يجب ألا يضيع الإنسان هذه الأيام الكريمة فى خلاف وخصام، بل عليه أن يركز فى العبادة والطاعة، ويكون فى حالة صفاء نفسي، ولابد أن يقوم كل إنسان بدوره فى الصلح بين المتخاصمين، سواء كان ذلك فى دائرة الأقارب أو الأصدقاء، لأن هذا الأمر واجب فى الشريعة الإسلامية، ولابد أن نستغل أيام رمضان فى القيام بهذه المبادرات التى تصحح العلاقة بين الناس . أفضل من أعمال التطوع ويقول الدكتور أحمد حسين وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر، إن المشاحنات ربما تأتى لسوء فهم، أو تأتى لاختلاف وجهات النظر، أو لسوء المعاملة من أحد الأطراف، موضحا ان النبى صلى الله عليه وسلم أخبر أن الإصلاح بين الناس أفضل من تطوع الصيام والصلاة والصدقة، عن أبى الدرداء رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ ) قَالَ الترمذي: وَيُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ : ( هِيَ الْحَالِقَةُ. لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ). مشيرا الى انه لابد أن نحرص على مكارم الأخلاق، ولا ننسى أن الله عز وجل قال لحبيبه المصطفى: (وإنك لعلى خلق عظيم)، ومن هذا المنطلق لابد أن نحرص ونحذر أن نقع فى شحناء مع الآخرين وأن يكون التعامل مع الآخر بحب وود ولطف، كما أمرنا النبي، صلى الله عليه وسلم، فى قوله تعالى: (وقولوا للناس حُسنا)، وأن نحرص على إصلاح ذات البين لأن فيه تأليفاً بين القلوب وتقوية للروابط ودفعاً للشحناء وتسكيناً للنفوس وإذابة الفرقة وقبولاً للأعمال الصالحة.