لاأظن أننا بحاجة إلي طوق إنقاذ لأمتنا في هذه المرحلة الصعبة والملتبسة قدر احتياجنا إلي ثنائية العلم والدين حتي نقطع الطريق علي أولئك الخوارج في الشرق ونظرائهم من الملاحدة في الغرب الذين يروجون لما يسمي بإشكالية العلم والدين. ولعلي في البداية أشير إلي أن هذه القضية أوسعها الفلاسفة والمفكرين بحثا منذ بداية عصر النهضة الأوروبية قبل ثلاثة قرون وللأسف الشديد فإن بعض الذين يزعمون انتسابهم لمعسكر العلم والنظرية العلمية يواصلون رفضهم للدين والنظرية الدينية والعمل علي إظهار المرجعيات الدينية بأنها مرجعيات تخطاها الزمن في مرحلة «الحداثة» أو ما بعد «الحداثة» التي حسمت حتمية التمييز بين «العقل» و «ما يتجاوز العقل» وبين «الموضوعي» و«الذاتي» من خلال تصنيف يضع «العلم» تحت خانة العقل والموضوعية بينما يصنف الدين تحت خانة الإيمان الذاتية من دون انتباه إلي أن الله سبحانه وتعالي يجعل من الدين شأنا «موضوعيا» أي مرتكزا إلي موضوع قائم في ذاته بانفصال عن الحالات النفسية الذاتية وأن الإيمان الذي يضع الإنسان في علاقة مع الله هو «العقل» في نطاق «الدين». ومعني ذلك أنه لا تناقض ولا تضاد بين العلم والدين وإنما هناك تكامل يراد فصمه سواء من جانب الإلحاديين أو الخوارج علي الدين الذين يرفضون الاعتراف بأن ما نعايشه مع حركة الكون تجعلنا نري في العلم وجها للدين وفي الدين وجها للعلم مع التسليم بأن للعلم وسائله المستقلة عن الدين مثلما أن معرفة الله لا تحصل البتّه عبر العلوم ولكن الفقهاء في الدين يجب أن يستعينوا بالثقافة الإنسانية الواسعة والعميقة المرتكزة إلي العلم حتي يسهل عليهم كأئمة في المساجد أو قسسا في الكنائس أو أحبارا في المعابد أن يجددوا ويطوروا في خطابهم الديني الذين يقرب بين الأمم والشعوب ويتجنب الدق علي التناقضات بين الأديان والعقائد والمذاهب والطوائف... وغير ذلك سفسطة وهرطقة وسوء فهم للدين خير الكلام : إن من الكلام ما هو أشد من الحجر وأوخز من الإبر وأمرّ من الصبر وأحرّ من الجمر ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله