بعد 7 سنوات من الموت السريرى يعود النبض إلى أطلس المأثورات الشعبية والذى لم يصدر منه سوى مجلدين فقط وهما الخبز والآلات الموسيقية الشعبية ليواصل الحياة ويؤدى دوره الهام فى جمع وتوثيق التراث الشعبى الشفاهى والمادى لحمايته من الاندثار وربطه بعمليات التنمية الشاملة وفقا للنهج الذى أقرته اللجنة العلمية الجديدة التى شكلت مؤخرا ، وتتولى حاليا مراجعة المجلد الثالث للأطلس بعنوان الفخار والمنتظر صدوره قريبا،ولكن ما سر توقف هذا المشروع ؟ وما الضمانات الكفيلة باستمراره؟ وما التطويرات التى أدخلتها اللجنة العلمية لتفعيل دوره الثقافى والاجتماعى؟ مشاكل الجمع الشاعر أشرف عامر رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث بهيئة قصور الثقافة يرى أن أطلس المأثورات الشعبية أحد مفاتيح الرؤية الثقافية العميقة لفهم طبيعة وهوية الشعب, و يؤكد أن الحالة الأمنية المتردية كانت وراء إحجام العاملين فى الجمع الميدانى فى التحرك إلى مواقع العمل والتى تغطى جميع محافظات الجمهورية وهو يشكل العمود الفقرى للأطلس، ذلك بجانب قلة عددهم لخروج بعضهم للمعاش، ويضيف أن اللجنة الجديدة وضعت فى أولوياتها مراجعة المادة العلمية والخرائط الخاصة بمجلد الفخار المتعثر وتزويدها بشروح تفصيلية من أجل خروجه بصورة مرضية والانتهاء من ترجمته إلى اللغة الإنجليزية ، ثم يليه مجلد جديد للأزياء الشعبية. وأضاف عامر أنه سيتم إنشاء موقع على شبكة الإنترنت لمتابعة أخبار الأطلس و أنشطة اللجنة العلمية، ودراسة إمكانية إصدار طبعة شعبية للأطلس حتى يصبح فى متناول القراء والباحثين. حل المشكلة ويتحدث عثمان عزمى مدير عام أطلس المأثورات الشعبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة عن دوره قائلا: إنه يقوم بالتوفيق فيما بين اللجنة العلمية الاستشارية وبين الجامعين الميدانيين العاملين بالهيئة، وبإنجاز كافة الإجراءات المالية والإدارية لإصدار مجلد واحد فقط من الأطلس كل عام, وذلك لأسباب تتعلق بعامل الوقت الذى يأخذه الجامعون الميدانيون فى جمع المواد العلمية المطلوبة ومراجعتها وإعداد الخرائط اللازمة وتجهيزات الطباعة والنشر. وعن كيفية التغلب على مشكلة نقص عدد الجامعين الميدانيين بالمحافظات, أشار عثمان عزمى إلى إعداد دورات تدريبية لبعض العاملين بالهيئة, من ذوى المؤهلات العليا, لمدة سنتين بمعهد الفنون الشعبية، وأيضا إعادة النظر فى التوزيع الكرتوجرافى "المناطق الممثلة للعينات المراد جمعها" , وتخصيص صفحة للأطلس على موقع الهيئة لتلقى المواد العلمية لتوفير الجهد والوقت، ومنح مكافآت للباحثين وبدلات انتقال وحوافز إثابة إضافية لذوى الجهد الكبير منهم. فلسفة جديدة للأطلس د. سميح شعلان, عميد معهد الفنون الشعبية ورئيس اللجنة العلمية للأطلس, صاحب رؤية جديدة للعمل تتمثل فى إجراء مسح شامل للحرف الشعبية على مستوى الجمهورية من حيث نوع الحرفة وعدد العاملين بها و أسباب انتشارها من عدمه, للتعرف على مدى تأثير طبيعة المكان فى صياغة مفردات الإنسان وبالتحديد مكونات الثقافة الشعبية، من خلال تتبع طرق انتشار تلك الحرف فى المجتمعات العمرانية والوقوف على درجة تواجدها الواسع أو انحسارها الضيق: على سبيل المثال الحرف الفخارية, وتأثيرعامل الزمن فى مسألة التغيير الذى طرأ عليها, ووضع رموز وعلامات على الخرائط للدلالة على الاندثار أو الاستمرار، كمؤشرات للحرف التى ترغب الجهات ذات الصلة بأمور الثقافة الشعبية الحفاظ عليها وتنميتها إذا كان لها دور ايجابي فى حياة الجماعة التى أنشأتها. وقد طلب د. شعلان من محمد عبد الحافظ ناصف رئيس هيئة قصور الثقافة مخاطبة الوزارات ذات الصلة بالحرف الشعبية مثل وزارات الصناعة والاستثمار والتعليم الفنى لتحديد مندوبين عنهم لحضور جلسات اللجنة العلمية لتبادل الرأى والاستفادة من الخرائط الأطلسية فى هذا المجال لتنمية الحرف الشعبية . واللجنة العلمية لن تكتفى بالقراءة الأطلسية لانتشار الحرف وغيرها بل ستعد كتابا منفصلا ومزودا بالصور يوثق لطبيعة كل حرفة والخامات الداخلة فيها, ومراحل تصنيعها والقائمين عليها ومخرجاتها وأهمية منتجاتها.كما يأمل من جهاز التنسيق الحضارى أن يحاول إيجاد نسق معمارى يتلاءم مع حياة الريف وطبيعة الحرف القائمة على الإنتاج الزراعى والحيوانى لإنعاشها والحفاظ على بقائها فى محيط يسمح بوجودها ، ولديه أفكار لتطوير تلك الحرف لتساير متطلبات العصر, ويمكن للمتخصصين فى كليات التربية الفنية والفنون الجميلة والفنون التطبيقية المساهمة فى ذلك الأمر. مكنز الفلكلور توثيق مواد الأطلس بعد جمعها هو من صميم عمل د. مصطفى جاد أستاذ تقنيات حفظ الفلكلور ووكيل معهد الفنون الشعبية, والذى يقوم بوضعها فى قاعدة بيانات مصنفة بشكل منهجى وعلمى حسب مجالات الفلكلور المختلفة بالاستعانة بما يعرف بمكنز الفلكلور, الذى حصل عنه د. جاد على جائزة التراث الشعبى من المنظمة العربية للعلوم والثقافة "الأليكسو". وهو عبارة عن قائمة مصنفة لموضوعات الفلكلور بشكل هرمى, متدرجة من العام إلى الخاص, وتقسم التراث الشعبى عامة إلى 6 موضوعات هى مجالات الفلكلور العامة: المعتقدات الشعبية, والعادات والتقاليد الشعبية, والأدب الشعبى, وفنون الأداء الشعبى, والمعارف الشعبية، وفنون التشكيل والحرف الشعبية. وكلها تتنوع من العام إلى الخاص إلى الأكثر خصوصية, لتنفجر الموضوعات فيصل عددها إلى 8 آلاف موضوع, بجانب توثيق آخر عن طريق الفيديو والمصادر الببليوجرافية والمراجع. دعوة لجمع الفلكلور الغنائى أما د. إبراهيم عبد الحافظ, رئيس قسم الأدب الشعبى بمعهد الفنون الشعبية, فيقوم بالإشراف على تدريب مجموعة العاملين بالجمع الميدانى للأطلس لمدة عامين يحصل بعدها المتدرب على دبلوم معهد الفنون الشعبية ويكون جاهزا للعمل الميدانى. ويقترح د.عبد الحافظ الإسراع فى عمل مجلد للأغانى الشعبية التى تتعرض الآن للاندثار بسبب الأغانى الهابطة المتفشية, وذلك بإجراء تدوين للأغانى الشعبية ووضعها على سى.دى .ويأمل فى أن تتعاون منظمة اليونسكو وجمعيات المجتمع المدنى فى تنفيذ مشروع الأطلس باعتباره المشروع الرائد والوحيد على مستوى الشرق الأوسط فى مجال حفظ وتنمية التراث الشعبى.