افتتحت فعاليات الدورة الأولي من المؤتمر العلمي الأول لأطلس المأثورات الشعبية تحت عنوان »عشرون عاماً علي أطلس المأثورات الشعبية..التحديات والطموحات«، الذي تنظمه الإدارة العامة لأطلس المأثورات الشعبية التابعة للإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة مسعود شومان، وذلك بقصر ثقافة الجيزة علي مدار ثلاثة الأيام الماضية. علي صوت موسيقي تتر الفيلم التسجيلي لأطلس المأثورات الشعبية، كانت افتتاحية فعاليات المؤتمر، بحضور الدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي رئيس المؤتمر، والشاعر سعد عبد الرحمن، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، الذي افتتح المؤتمر، ود.محمد رضا الشيني نائب رئيس الهيئة، والشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، وهشام عبد العزيز أمين عام المؤتمر ومدير عام الإدارة العامة لأطلس المأثورات الشعبية، ومنيرة صبري رئيس إقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد الثقافي، ولفيف من الباحثين والمهتمين بالفولكلور والتراث الشعبي . قال الشاعر سعد عبد الرحمن في كلمته خلال المؤتمر، بعد 20 عاماً من نشأة الأطلس، مازل أمامنا الكثير لنقدمه في هذا المجال، علي الرغم مما قدمه الباحثون من جهد إلا أنه يعد قليلا بالنسبة لما هو موجود في الواقع الذي يحتاج إلي بذل مزيد من المجهود للتحصيل والتحصين. وأضاف: ان أهمية مشروع أطلس المأثورات الشعبية والفولكلور التابع للهيئة، يستهدف الحفاظ علي جزء كبير من شخصيتنا القومية الوطنية، الذي يمثل هذا الموروث الجزء الأهم فيها، مشيراً إلي أن كثيرا من ملامحنا الشعبية مهددة بالإندثار، كما أن هناك لصوصا متخصصين في سرقة التراث وتزييفه. وأكد أن مشروع أطلس المأثورات الشعبية والفولكلور هو مشروع وطني مرّ بمراحل كثيرة في بعضها صعود والبعض الآخر هبوط، ولكن في النهاية هناك نتاج لأناس عاشقين تراب هذا الوطن، استطاعوا رغم الصعوبات أن يقدموا شيئاً ملموساً نستطيع أن نفخر به إقليمياً وعربياً وعالمياً. وأوضح الدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي، أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن الأدب المكتوب لا يمكن أن ينفصل عن الأدب الشفهي، فالعين لا يمكن أن تنسي ما تقوله الشفتان، مؤكداً أن الأطلس هو البداية الأولي لدخول عالم الفولكلور بطريقة علمية عميقة، وطالب بضرورة طباعة كتب الفولكلور، كما طالب بضرورة أن ينزل باحثو الأطلس إلي كافة الموالد الشعبية المصرية التي توجد بها كافة الفنون الشعبية، والاهتمام بالثقافة الجماهيرية، حيث تعتبر الثقافة الجماهيرية؛ أهم أشكال الثقافة وأكثرها تعبيرًا عن موروث الدولة، وضرورة دراسة التحطيب ورقصة الخيل. وأضاف الحجاجي، »إن المسرح والشعر والرواية العربية لا يمكن كتابتها ودراستها بعيداً عن التراث الشعبي«، مشيراً إلي أن »الأدب المكتوب لا يمكن أن ينفصل عن الأدب الشفهي، فالعين لا يمكن أن تنسي ما تقوله الشفتان«. واختتم د.الحجاجي:الرحلة بدأت بالرواد وأدوا دورهم، وعلي الشباب أن يكملوا المسيرة التي بدأها الأخرون، ووجه الشكر للهيئة العامة لقصور الثقافة والقائمين علي الفولكلور الذين شرّفه باختياره رئيساً للمؤتمر. وأشادت منيرة صبري، رئيس إقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد الثقافي، أنه يعتبر بمثابة نقلة في التعامل مع مأثورنا الشعبي ومتمنية إقامة المزيد من المؤتمرات في هذا السياق حتي لا يندثر تاريخنا. وان يستخدم مواد التراث الشعبي والحياة الشعبية في إعادة بناء الفترات التاريخية الغابرة للأمم والشعوب والتي لا يوجد لها إلا شواهد ضئيلة متفرقة، وتستخدم أيضاً لإبراز الهوية الوطنية والقومية والكشف عن ملامحها، مضيفه بأن التراث والمأثورات التراثية بشكلها ومضمونها أصيلة ومتجذرة إلا أن فروعها تتطور وتتوسع مع مرور الزمن وبنسب مختلفة، وذلك بفعل التراكم الثقافي والحضاري وتبادل التأثر والتأثير مع الثقافات والحضارات الأخري وعناصر التغيير والحراك في الظروف الذاتية والاجتماعية لكل مجتمع. وأكدت علي انه لا حضارة بدون تراث لأنها ستصير حضارة طفيلية، ترتوي من تراث الآخر دون تراثها شأن الطفيليات التي تتقوت مما تنتجه الأشجار الأخري فما إن تحبس عنها الأشجار قوتها حتي تندثر مهما بلغت طولاً وعرضاً، بل يجب أن تكون الحضارة أصيلة لا تبعية عندها، مستقلة تملك جذورها العميقة. وقال الشاعر مسعود شومان، رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، إن المؤتمرات العلمية تعتبر أولي خطوات إحياء الموروث الشعبي وغيره من الثقافات المهملة حيث تأتي هذه المؤتمرات بعد قرابة ربع قرن من تهميش بعض الثقافات حيث بدأت الهيئة العامة لقصور الثقافة بالمؤتمر العلمي الأول لثقافة القرية، المؤتمر العلمي الأول لثقافة الطفل، المؤتمر العلمي الأول لثقافة الشباب وكذلك لثقافة المرأة. وأكد شومان، أن الأطلس لا يهدف إلي تتبع الأنواع والأجناس التي تندرج تحت جنس الفولكلور، لكنه يعمق المجري ليكشف المراحل التاريخية المتراكمة التي تمثل إشراقات الثقافة المصرية سعياً لسد فجوات التاريخ التي سكت عنها التاريخ الرسمي أو تجاهلها أو لم يُدخِلها ضمن اعتباراته التي لا تخلو من أغراض أيديولوجية، مشدداً علي أن الأطلس يسعي لتحديد ملامح المناطق الثقافية علي اختلاف مشاربها وجذورها، مضيفاً أن مشروع الأطلس قد بُني بكفاح وعرق جامعيين وباحثين وعلماء منهم من هم بيننا الآن ومنهم من رحل عن عالمنا تاركاً بصمته شاهدة علي جهده. وأضاف شومان، ان التراث الشعبي ثروة كبيرة من الآداب والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافة المادية والفنون التشكيلية والموسيقية، وهو علم يدرس الآن في الكثير من الجامعات والمعاهد الأجنبية والعربية لذا فإن الاهتمام به من الأولويات الملحة. في نفس السياق، أشار هشام عبد العزيز، أمين عام المؤتمر ومدير عام الإدارة العامة لأطلس المأثورات الشعبية، أن الأطلس الآن يمتلك» 744906« بطاقة بحث في كل مجالات المأثور الشعبي، و»258141« دقيقة صوت في أشرطة الكاسيت، و»97750« دقيقة في أشرطة الفيديو، و»50789« صورة فوتوغرافية، كل هذا إضافة إلي ما لم يتم توثيقه من صور فوتوغرافية مازلنا بصدد توثيقها، وكذلك أكثر من 200 جيجا من مشروع الجمع الميداني شارك فيه الأطلس مع اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو أواخر عام 2012 وأستكمل عبد العزيز، ان أطلس المأثورات الشعبية المصرية، هو أكبر وأهم إدارة علمية حكومية تعني بإصدار أطالس لعناصر الفلكلور المصري، والأطلس هو رؤية جغرافية لعناصر المأثور الشعبي المصري، تقيس الوحدة والتنوع والتطور الذي يلحق بالثقافة الشعبية المصرية وهو يمثل الذاكرة الوطنية للموروث الشعبي المصري باعتباره مجموعة الفنون القديمة والقصص والحكايات والأساطير المحصورة بمجموعة سكانية معينة في أي بلد من البلاد، ويتم نقل المعرفة المتعلقة بالفلكلور من جيل إلي جيل عن طريق الرواية الشفهية غالباً. وأوضح عبد العزيز، ان أخذ علم المأثورات الشعبية مكانته إلي جانب العلوم الإنسانية الأخري في جامعات العرب والعالم، فهو يدرس بشكل واسع وعميق، كما يدرس علم الإنسان »الانثربولوجيا«، وعلم الاجتماع، وعلم النفس ...، وقد أنشئت بالتزامن مع الاهتمام المنهجي الأكاديمي كخطوة أساسية ولمزيد العناية بهذا العلم، ولفتح أبواب الاشتغال العلمي والمنظم، العشرات من الجمعيات والمؤسسات والدوريات المتخصصة للتصدي في سباق مع الزمن للجمع والتوثيق والدراسة والتحليل، بل وتنوعت زوايا البحث والرصد لمواد المأثورات الشعبية بتنوع التخصص افي مصر كنموذج وفي أكاديمية الدراسات الشعبية»، مثلا هناك تخصصات تفصيلية فالطلبة يتخصصون في طرائق الجمع الميداني، أو جماليات الموروث الشعبي بشقية الشفاهي والمادي. واسترجع عبد العزيز، ان في مؤتمر المأثورات الشعبية تحت رعاية جامعة الدول العربية عام 1971 وفي إحدي وعشرين توصية تلح علي الوصول الي التأسيس المنظم المرتبط بإنشاء أقسام دراسية ملحقة أو مستقلة، وقد استجابت لها واعتمدتها أغلب الدول التي شاركت في ذلك المؤتمر - ومنذ ذلك التاريخ - وظلت في الماضي بلادنا بعيدة عن الاعتراف المنهجي التخصصي وكادت انعدمت الدراسات الشعبية المتعلقة بالمأثورات الشعبية، إلا إن صلاحية عناصر الموروث واستخدامها في الحياة الواقعية مرتهن بأشكال الوجود الاجتماعي بالدرجة الاولي في هذا الوقت بمصر. وعلي هامش المؤتمر الاول العلمي لأطلس المأثورات الشعبية المصرية، نوقشت مجموعة من الأبحاث من بينها »أطلس الفولكلور العربي .. تساؤلات وتحديات« للباحث إسلام أبو زيد، و»تحديات أطلس المأثورات في مصر والعالم العربي« للباحث سامي عبد الوهاب، وسأرشفة مواد أطلس المأثورات الشعبية باستخدام المكنزس للباحث أحمد فاروق عثمان، و»أشكال الفرحة الشعبية في العصر الرقمي« للدكتور سيد خطاب، و»الحروف اليدوية في محافظة كفر الشيخ والاستفادة منها في مشروعات التنمية« للدكتورة جاكلين بشري، وسأطلس المأثورات الشعبية والحفاظ علي الهوية للدكتور خالد أبو الليل، و»أطلس الفولكلور ضرورة وطنية .. قراءة أولية« للدكتور محمد أمين عبد الصمد، وستجربة دراسات السيرة الهلالية وتنمية المجتمعس للباحثة دعاء صالح، و»أطلس المأثورات الشعبية بين التحديات ورهانات التطور التنموي .. ورقة استشراقية للدكتور عبد الحميد خليل، وسدور الدراسات الفولكلورية في خطط التنمية المجتمعية« للباحثة سعاد إبراهيم. كما شهد المؤتمر جلسة للشهادات شارك فيها د.صلاح الراوي، وإبراهيم عبد المجيد، وعبد الوهاب حنفي وعبد المحسن إسماعيل، ومسعود شومان، بالإضافة إلي مائدة مستديرة شارك فيها د.عصمت يحيي، ود. محمد حافظ دياب، ود.سميح شعلان، وناصر عبد المنعم، ومسعود شومان، ومحمد حسن عبد الحافظ، فضلا عن إقامة ورشة الجمع الميداني في ضوء إتفاقية صون التراث غير المادي تحت إشراف الدكتور مصطفي جاد، وعرض فني لفرقة شبرا الخيمة للآلات الشعبية. وقد تم تكريم اسم العالم محمد رجب النجار، الذي وضع حجر الأساس لمشروع »أطلس المأثورات الشعبية«، بإهداء من رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة وتسليم ابنه درع الهيئة وشهادة تقدير، وتم ايضاً تكريم الدكتور محمد الجوهري، والدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي. بالإضافة إلي إفتتاح معرض صور أطلس المأثورات الشعبية، وعروض الأفلام التسجيلية التي أنتجها الأطلس ومعرض كتب لإصدارات الهيئة، تضمنت الافلام التسجيلية التي عرضت في المؤتمر وقت إعلان بداية هيئة قصور الثقافة استعدادها للتنفيذ ورصد الإمكانات وتشكيل لجنة علمية متخصصة بجانب لجان معاونة وتم تدريب بعض الجامعيين علي جمع المادة التراثية وإعدادها وتوقيعها علي الخرائط، وفي عام 1998 تقرر تشكيل لجنة عليا لإستكمال الأطلس، وقد أعادت تلك اللجنة فحص المادة العلمية التي جمعت خلال السنوات الماضية وتبين من العينات أن الجانب الأكبر منها لم يخضع للاختبار والمراجعة والتحقيق، وهذا ما قاموا به علي مهل، واستقر الرأي علي أن يكون »الخبز« هو أول موضوع يتناوله الأطلس، خاصة أن هناك دراسة علمية جاهزة عنه مما يشكل أساساً موثقا يمكن الاعتماد عليه، وكذلك لانتشار الظاهرة جغرافياً في مصر من حيث الممارسة، وثراء عناصر المأثورات الشعبية في هذا الموضوع. وفي سرد إنجازات أطلس المأثورات الشعبية أثناء المؤتمر، استكملت الافلام التسجيلية في شرح أول أطلس للآلات الموسيقية الشعبية بمصر، حيث سجل »أطلس آلات الموسيقي الشعبية« بمصر 26 نوعاً من هذه الآلات الموسيقية التي تختلف في أشكالها وطرق استخدامها من محافظة لاخري ومن مدينة اقليمية إلي قرية.