انتشار المال السياسي وتوجيه مباشر للناخبين ودعاية لأحزاب الموالاة….المصريون يواصلون مقاطعة انتخابات مجلس نواب السيسي    شركة القلعة القابضة تعتزم طرح 5 شركات تابعة بالبورصة المصرية خلال عامين    رونالدو: أعتبر نفسي سعوديا وجئت مؤمنا بقدراتها    بعد صورته الشهيرة.. ناصر ماهر ينفي امتلاكه حساب على "فيسبوك"    ياسر إبراهيم: كنا نعلم نقاط قوة الزمالك.. وزيزو لاعب عقلاني    مشاجرة الملهى الليلي.. النيابة تحيل عصام صاصا و15 آخرين لمحكمة الجنح    بالصور.. تعرض شيماء سعيد للإغماء خلال تشييع جثمان زوجها إسماعيل الليثي    بعد عرض جزء منه العام الماضي.. فيلم «الست» يعرض لأول مرة في الدورة ال 22 لمهرجان مراكش    «سنبقى على عهد التحرير».. حماس تحيي الذكري 21 لرحيل ياسر عرفات    غزة على رأس طاولة قمة الاتحاد الأوروبى وسيلاك.. دعوات لسلام شامل فى القطاع وتأكيد ضرورة تسهيل المساعدات الإنسانية.. إدانة جماعية للتصعيد العسكرى الإسرائيلى فى الضفة الغربية.. والأرجنتين تثير الانقسام    هيئة محامي دارفور تتهم الدعم السريع بارتكاب مذابح في مدينة الفاشر    مدير نيابة عن الوزير.. مدير «عمل القاهرة» يُلقي كلمة في افتتاح اجتماع «حصاد مستقبل الياسمين في مصر»    شعبة المواد الغذائية: قرار وزير الاستثمار سيساهم في تحقيق استقرار نسبي لأسعار السكر    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    تعرف على بدائل لاعبي بيراميدز في منتخب مصر الثاني    أوباميكانو يثير الجدل حول مستقبله مع البايرن    طن عز الآن.. سعر الحديد اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 أرض المصنع والسوق    مدير «عمل الغربية» يزور العمال المصابين إثر انهيار سقف خرساني بالمحلة    طقس الخميس سيئ جدا.. أمطار متفاوتة الشدة ودرجات الحرارة تسجل صفر ببعض المناطق    الأوراق المطلوبة للتصويت فى انتخابات مجلس النواب 2025    بقاعدة عسكرية على حدود غزة.. إعلام عبري يكشف تفاصيل خطة واشنطن بشأن القطاع    الشرع لمذيعة فوكس نيوز: لم نعد تهديداً لواشنطن.. ونركز على فرص الاستثمار الأمريكي في سوريا    «إهانة وغدر».. ياسمين الخطيب تعلق على انفصال كريم محمود عبدالعزيز وآن الرفاعي في «ستوري»    «الحوت يوم 26» و«القوس يوم 13».. تعرف علي أفضل الأيام في شهر نوفمبر لتحقيق المكاسب العاطفية والمالية    مراسل إكسترا نيوز ينقل كواليس عملية التصويت فى مرسى مطروح.. فيديو    «الشرقية» تتصدر.. إقبال كبير من محافظات الوجه البحري على زيارة المتحف المصري الكبير    وزارة الصحة تكشف النتائج الاستراتيجية للنسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للصحة والسكان    وزير الصحة يستقبل نظيره الهندي لتبادل الخبرات في صناعة الأدوية وتوسيع الاستثمارات الطبية    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    إدارة التراث الحضاري بالشرقية تنظم رحلة تعليمية إلى متحف تل بسطا    تحرير 110 مخالفات للمحال غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    تأكيد مقتل 18 شخصا في الفلبين جراء الإعصار فونج - وونج    معلومات الوزراء يسلط الضوء على جهود الدولة فى ضمان جودة مياه الشرب    اليوم.. استئناف متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في الجيزة    بعد قرأته للقرأن في المتحف الكبير.. رواد السوشيال ل أحمد السمالوسي: لابد من إحالة أوراقه للمفتي    تحديد ملعب مباراة الجيش الملكي والأهلي في دوري أبطال أفريقيا    بعد تعديلات الكاف.. تعرف على مواعيد مباريات المصري في الكونفدرالية    إقبال متزايد في اليوم الثاني لانتخابات النواب بأسوان    مشاركة إيجابية فى قنا باليوم الثانى من انتخابات مجلس النواب.. فيديو    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    شكوك بشأن نجاح مبادرات وقف الحرب وسط تصاعد القتال في السودان    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في تصادم 4 ميكروباصات بطريق سندوب أجا| صور    وفد حكومي مصري يزور بكين لتبادل الخبرات في مجال التنمية الاقتصادية    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي يشاركان في ندوة جامعة حلوان حول مبادرة "صحح مفاهيمك"    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    هدوء نسبي في الساعات الأولى من اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025    انتخابات النواب 2025، توافد المواطنين للإدلاء بأصواتهم بمدرسة الشهيد جمال حسين بالمنيب    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    ضعف حاسة الشم علامة تحذيرية في سن الشيخوخة    بعد إصابة 39 شخصًا.. النيابة تندب خبراء مرور لفحص حادث تصادم أتوبيس سياحي وتريلا بالبحر الأحمر    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميزانية مصر‏..‏ ملاحظات وأرقام‏..‏
متي تذهب أموال الدعم إلي الفقراء فقط؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 04 - 2010

ميزانية مصر القادمة والحساب الختامي للعام المنقضي‏,‏ كانت محور مناقشات داخل البرلمان‏,‏ وتعكس الميزانية‏,‏ والقوانين التي أقرها البرلمان للسياسات الاقتصادية‏,‏ والقوانين التي سوف تتم مناقشتها دلالات مهمة تؤكد أن الحكومة تواصل عمليات الإصلاح الاقتصادي بدأب وفاعلية لإعداد شبكة من البنية التشريعية‏,‏ التي تسمح بالتطور والنمو‏,‏ وإذا اتجهنا جميعا إلي التحلي بالمعرفة‏,‏ وبدأنا عمليات الإصلاح خاصة في مجال الاقتصاد‏,‏ بعيدا عن الصخب الإعلامي أو التهريج السياسي‏,‏ واستخدمنا الأرقام‏,‏ لتحولت مناقشاتنا وحواراتنا‏..‏ حكومة ومعارضة إلي الإسهام في إحداث التغيير ودفع التطور‏.‏
ولعلي هنا أشير إلي الحوار الموضوعي بين الحكومة والجهاز المركزي للمحاسبات حول الفقر وكيفية حسابه‏,‏ وأيا كانت الرؤي في هذا الاتجاه المختلف والمتناقض بين الطرفين‏,‏ فإنها تصب في خانة تعظيم العائد‏,‏ وأن يستفيد المواطن البسيط من عملية التنمية والنمو التي تحدث في مصر‏.‏
فالطرفان متناقضان‏,‏ ولكنهما يتفقان علي أن الاقتصاد ينمو‏,‏ ويختلفان حول كيفية تقسيم العائد وتوجيهه لمصلحة أغلبية المواطنين‏,‏ وهذا يصب في مصلحة الاقتصاد‏.‏
أما عندما يتكلم الآخرون ويطرحون أفكارا وأرقاما بعيدة عن الحقيقة أو الموضوعية حول أن هناك صناديق خاصة بعيدة عن الخزانة العامة‏,‏ تصل قيمتها إلي أكثر من تريليون ونصف تريليون جنيه‏,‏ في حين أن كل الصناديق لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتجاوز مليار جنيه‏,‏ وأغلبها أصبح يصب في حساب الخزانة الموحد‏,‏ وتتم مراقبته من الجهاز المركزي للمحاسبات‏,‏ عندما يحدث ذلك تصبح قضية مفتعلة‏,‏ خاصة إذا عرفنا أن الناتج المحلي المصري كله تريليون و‏30‏ مليار جنيه‏,‏ فكيف تصبح الصناديق الخاصة بهذا الرقم المفتعل؟‏.‏ لقد حاول هذا الفريق الإثارة‏,‏ ولكنها كانت محاولة عبثية للغاية تغطي علي عمليات الإصلاح في الميزانية والاقتصاد بغبار لا مبرر له‏.‏
ثم كانت الزوبعة الثانية‏,‏ وهي الأطرف والتي أثارها الجهاز المركزي للمحاسبات‏,‏ وهي أن وزارة المالية قد أضافت‏24.3‏ مليار جنيه في بند الإيرادات‏,‏ وذلك بالمخالفة لقانون التأمين الاجتماعي‏,‏ وهو ما آثار حفيظة‏(‏ المتحفظين دائما‏)‏ من الأعضاء باعتباره خطأ جسيما‏,‏ بينما تري وزارة المالية أن الأمر لا يعدو أن يكون قيدا محاسبيا‏,‏ بحيث أضيفت في جانب الإيرادات‏,‏ ثم أعيدت مرة أخري إلي الصناديق في صورة مساهمات من الخزانة‏,‏ وهذا الموضوع يحتاج إلي شرح وتحليل‏,‏ فقد خلط الأعضاء بين الفائض الإكتواري المشار إليه في تقرير المحاسبات‏,‏ والفائض السنوي لصناديق التأمينات‏,‏ فالثاني عبارة عن الفرق بين جملة الموارد الجارية للصندوقين‏,‏ وجملة الاستخدامات الجارية خلال عام‏,‏ أما الفائض الإكتواري فهو عبارة عن الفرق بين الاشتراكات والمصروفات المتوقعة خلال فترة زمنية طويلة نسبيا تصل إلي‏30‏ عاما علي الأقل‏,‏ مع الأخذ في الحساب جميع العوامل المؤثرة مثل التطور الديموجرافي المتوقع للتركيبة السكانية وجميع الإيرادات المتوقعة‏.‏
‏.......................................................‏
ولعلنا هنا نشير إلي أن الدستور المصري حريص بشدة علي حماية نظام التأمينات الاجتماعية وحقوق المؤمن عليهم وأموالهم فنص علي أن تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي والصحي ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا‏,‏ كما أن الخزانة العامة ملتزمة بتحمل أي عجز في أموال الصناديق‏,‏ فهي ملزمة بضمان حقوق المؤمن عليه‏,‏ وتحول دون التلاعب بها بأي حال من الأحوال‏,‏ وهذا هو الأهم بالنسبة للمواطن‏,‏ والذي كان وراء ضم هيئة التأمينات الاجتماعية‏,‏ والمعاشات إلي وزارة المالية‏,‏ وكان وراء القانون الجديد للمعاشات والتأمينات الاجتماعية وهو القانون الذي يهدف إلي تطوير النظام الحالي‏,‏ وإعادة هيكلته‏,‏ بغية مراعاة التغييرات الديموجرافية‏(‏ السكانية‏)‏ والاجتماعية المتغيرة والجديدة لضمان مستوي أفضل من الكفاءة وتحقيق درجة أعلي من التغطية التأمينية للمواطنين‏,‏ بالإضافة إلي ضمان استمرارية النظام في أداء التزاماته بطريقة فعالة‏,‏ وكذلك إحداث متغير جوهري بالنسبة للمجتمع المصري بالإسهام في زيادة نسبة الادخار الإجباري للمواطنين‏,‏ لترتفع إلي‏18%,‏ وهي نسبة مناسبة تماما لاستمرار نمو الاقتصاد المصري بنسب أكبر من النمو السكاني‏,‏ بالاعتماد علي الذات أو علي مدخرات المصريين بدلا من رهنها بقدرة الاقتصاد علي جذب مورد من الخارج فقط‏.‏
فإذا أضفنا إلي المنظومة السابقة مشروع قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة‏,‏ والذي بني علي رغبة الدولة في رفع كفاءة تقديم وتطوير الخدمات العامة‏,‏ بجانب تقليل الأعباء المالية والإدارية التي تتحملها الدولة لتحقيق هذا الهدف‏,‏ نجد أن هذا النظام يساعد الاقتصاد المصري علي الاستمرار في تطوير البنية الأساسية والمرافق بمعدلات أكبر لمصلحة المواطنين في مجالات المياه والطرق والري والتجارة الداخلية والمستشفيات‏,‏ وهذه الرؤية ستؤدي إلي الإسراع في تنفيذ المرافق العامة بدرجة تتخطي قيود الموارد العامة وبما يتناسب مع طموحات المجتمع‏,‏ مع توجيه أكبر للموارد العامة للإنفاق الحتمي وزيادة الاستثمار في المشروعات العامة الإستراتيجية وغير الجاذبة للقطاع الخاص‏,‏ وبما يحدث النقلة النوعية المطلوبة في الاستثمارات القومية‏,‏ ويرفع معدل النمو والتوظيف في المجتمع‏.‏
بقيت أيام قليلة قبل أن ينتهي عمر مجلس الشعب الراهن وعلي النواب والبرلمانيين المصريين أن يعطوا صورة إيجابية وناصعة لبرلماننا ومجلسنا التشريعي في الأيام الأخيرة‏,‏ وأن يتحلوا بروح الإيجابية والقدرة علي النفاذ إلي احتياجات المواطن المصري الحقيقية دون أن يضعوا أمام أنفسهم الصورة التليفزيونية أو البهلوانية السطحية لشكل المعارض أو السياسي‏,‏ وأمامهم قائمة مهمة من القوانين الاقتصادية‏,‏ التي تكمل البرنامج الانتخابي للرئيس حسني مبارك‏,‏ والذي نجحنا في تنفيذه بمعدلات كبيرة برغم الأزمة العالمية للاقتصاد العالمي‏,‏ والتي أدت إلي أن شهدت موازنات معظم دول العالم المتقدمة والنامية تدهورا كبيرا في العامين الماليين الحالي والسابق كنتيجة طبيعية لتلك التطورات المالية العالمية‏.‏
وسوف يناقش البرلمانيون المصريون الميزانية خلال أيام‏,‏ والتي يجب أن تركز علي استمرار إعطاء أولوية كبري لتحقيق معدلات نمو مرتفعة‏,‏ حتي وإن جاءت علي حساب عجز الموازنة الذي استطاعت الحكومة خفضه في العام الماضي إلي‏6.8%‏ من الناتج المحلي‏,‏ بعد أن كان قد وصل إلي أكثر من‏10%‏ في بداية هذه الألفية‏.‏
‏.......................................................‏
وأمام الحكومة أولويات يجب أن يساعدها مجلس الشعب في تحقيقها وهي الاستمرار في سياسة توسعية في الإنفاق العام علي مشروعات البنية الأساسية‏,‏ والتي تعدت‏45‏ مليار جنيه حتي ولو أدت إلي تقليص الدعم لمصلحتها‏,‏ مع الاستمرار في خطة الإنعاش الاقتصادي المحفزة للنمو في ظل الأزمة العالمية‏,‏ والتي تقضي بضخ‏15‏ مليار جنيه علي البنية الأساسية والمشروعات التي تحفز النمو‏,‏ وتخلق فرص عمل في الشارع المصري حتي ولو أدت إلي تقليص دعم الصادرات‏,‏ وهذا الدعم وصل إلي‏4‏ مليارات جنيه‏,‏ يحصل عليه عدد محدود من المنتجين فقط‏.‏
وإذا تم الترشيد‏,‏ بحيث يعطي علي القيمة المضافة في مصر فقط‏,‏ فسوف يؤدي إلي مزيد من التشغيل وخلق الوظائف‏,‏ بدلا من تكدسها في جيوب بعض المصدرين فقط‏,‏ كما أن تدعيم القيمة المضافة سيحمي دعم المصدرين من العيوب‏,‏ التي يشير إليها ويتكلم عنها الكثيرون‏,‏ ومنها أن أحد المنتجين حصل وحده علي‏26‏ مليون جنيه‏,‏ بينما دفع ضرائب قدرها‏20‏ مليون جنيه‏,‏ فتدعيم القيمة المضافة في الاقتصاد المصري يحمي الجميع ويدعم الاقتصاد والمصدرين الحقيقيين‏,‏ وليس عددا محدودا من المصدرين يحصلون علي الدعم علي حساب الاقتصاد‏.‏
كما أن الميزانية الجديدة يجب أن تراعي أن دعم الطاقة وصل إلي‏65‏ مليار جنيه لنحو ثلاث سلع‏(‏ البوتاجاز والمازوت والسولار والبنزين‏)‏ وهو مايفوق دعم التعليم والصحة وأن هذا الدعم لا يذهب للمستحقين ولا يخدم قضية الفقر في مصر‏.‏
وأيضا دعم العيش وغيره يحتاج إلي سرعة إصدار قرار حكومي بإنقاذ الاقتصاد المصري من تجار الأزمات وتجار الدعم علي حساب البسطاء والفقراء‏,‏ ويجب علي الحكومة أن تبذل جهدا حقيقيا في ترشيد استخدام الدعم وقصره علي الفقراء وحدهم وحماية الميزانية المصرية‏.‏
‏///////////////////‏
زيارة السيد الوزير
سنوات ونحن نكتب ونشكو من حال التعليم‏,‏ سنوات ونحن نصرخ من الفوضي في المدارس ونبكي علي مدارس زمان وانضباط مدرسيها وطلابها‏..‏ وحين يأتينا من يحاول إعادة شيء من الانضباط إلي مدارسنا نتحول إلي الشكوي منه والبكاء علي الذين راحوا ضحية محاولة مبدئية لإعادة الانضباط‏,‏ ماذا نريد علي وجه التحديد؟‏.‏
لست هنا أدافع عن إجراءات وزير التربية والتعليم‏.‏ فالقضية أكبر كثيرا من ذلك‏.‏ ولها أشباه كثيرة‏,‏ فنحن نشكو فوضي المرور ونرفض أي إجراءات رادعة لإعادة الانضباط المروري‏,‏ ونرفض العشوائيات والفوضي ونحتج علي أي إجراءات لوقف العشوائيات واستعادة النظام‏.‏ قس علي ذلك الكثير‏.‏ ويبدو أن البعض منا اعتاد الصراخ والبكاء‏,‏ ولابد أن تستمر الأسباب حتي يظل الصراخ ويستمر البكاء‏.‏
مظاهرات التلاميذ التي خرجت من المدرسة التي أرادها الوزير منضبطة‏,‏ تثير من الحزن أضعاف ما تثير من التعجب والدهشة‏,‏ الحزن علي الأجيال الجديدة التي دفع بها المذنبون للاحتجاج علي أولي محاولات إعادة المدرسة إلي دورها الطبيعي الذي نحلم به‏.‏وهي محاولة لاستمرار متعة التخلف التي تأتي بها الفوضي‏,‏ فالنظام والانضباط والاحترام أصبح عبئا لايستطيع البعض تحمله‏,‏ ومن الطبيعي أن ينتفضوا في مواجهته‏.‏
لم يجد التلاميذ المتظاهرون سوي ترديد الشعار نفسه الذي استخدمه الفنان عادل إمام في السخرية من شعارات المرشحين في الانتخابات‏,‏ وجاء هذا الشعار معبرا عن حال المدارس وتلاميذها ومصادر الإلهام لديه‏,‏ نعم لاتنفعهم سوي الحالة التي هم عليها من فوضي وتسيب‏,‏ ولاينفعهم سوي من سمح لتلك الفوضي أن تستمر‏.‏
وبعيدا عن المدرسة وما جري فيها‏,‏ انبرت بعض الأقلام لكتاب وسياسيين محترفين يسخرون ويبكون مما فعله الوزير في مدرسة الفوضي في حلوان‏,‏ والغريب أن هذه الأقلام تتباكي علي القيم التربوية ومكانة المدرس‏.‏ ولم يسأل أحد منهم نفسه أين هي القيم التربوية‏,‏ فيما رآه الوزير في المدرسة وأين هم المدرسون ؟ ثم أليس المسئولون في الوزارة أيضا من التربويين‏.‏ وهل من التربية أن يترك مسئولو الوزارة الفوضي تضرب بالمزيد من الجذور في ضمير المجتمع؟ إن السكوت علي هذه الفوضي عوار في رجال التربية‏,‏ فالبعض يري أن مثل هذه الزيارات لن تصلح أحوال التعليم في بلادنا‏,‏ إذ كم مدرسة يستطيع الوزير زيارتها ليعيد إليها الانضباط؟ والحقيقة أنه بغير استعادة النظام لن تفلح أي حلول وبرامج لإصلاح الواقع التعليمي‏,‏ ولابد من تهيئة المناخ لمثل هذه البرامج الإصلاحية‏,‏ خطط كما شئت‏,‏ وفكر كما شئت وضع حلولا كيف شئت‏,‏ ولكنها سوف تقع جميعها في النهاية ضحية الفوضي الضاربة وغياب المحاسبة والشعور بالمسئولية‏.‏
لماذا نتغافل عن حقيقة أن إصلاح التعليم في مصر هو مسئولية مجتمع بجميع فئاته من الحكومة والخبراء وحتي جميع الأحياء علي أرض هذا البلد‏.‏ الرسالة التي تحملها تلك الأقلام إلي وزير التربية والتعليم أن اجلس‏,‏ في مكتبك وشارك اللجان أعمالها ودعنا نتحدث طويلا وكثيرا عن مشكلات التعليم ولكن الوزير اختار الطريق الصعب وقرر أن يواجه الفوضي في مدرسة أو اثنتين أو عشر‏,‏ ولكنه في النهاية يوجه رسالة واضحة لكل المدارس أينما وجدت‏,‏ رسالة واضحة لكل مسئولي التعليم في كل الوحدات الإدارية بأن يغادروا مكاتبهم لتفقد الأحوال في مواقعهم لاستعادة النظام المفقود‏,‏ فحين نستعيد ذلك النظام سوف تؤتي كل خطط التطوير وجهوده ثمارها‏.‏
‏............................................................‏
لم يأت الدكتور أحمد زكي بدر إلي وزارة التربية والتعليم بعصا سحرية سوف تنقذ ما عجز عنه غيره‏,‏ فالتعليم يتصدر اهتمامات المجتمع ويمس كل قطاع فيه‏,‏ ولايستطيع وزير أو وزارة بأكملها أن تنهض بمسئولية إصلاح التعليم منفردة‏.‏ فتراجع التعليم نشر الكثير من السلوكيات‏,‏ وعزز الكثير من المفاهيم بين قطاعات واسعة من المواطنين‏,‏ وهي تمثل اليوم عقبة في برامج الإصلاح أيضا‏.‏
أصبح المجتمع يمارس الوصاية علي المؤسسات التعليمية حتي في أخص مسئولياتها‏:‏ متي تبدأ الدراسة ومتي تنتهي‏,‏ وعدد سنوات الدراسة ومستوي الامتحانات‏,‏ والموضوعات التي تتضمنها المقررات الدراسية‏,‏ أصبح التعليم اختصاص كل من ليس له اختصاص‏.‏ واستجاب الخبراء ومسئولو الوزارة لذلك شيئا فشيئا حتي أصبح التدخل في أخص شئون التعليم حقا مكتسبا للجميع‏.‏
منذ سنوات وأنا أدعي لكثير من الندوات والمناقشات في مجالات شتي‏,‏ ولم تنته ندوة أو نقاش في السياسة أو الاقتصاد أو الجريمة أو أي شأن من شئون المجتمع بدون الحديث عن التعليم وفوضي المدارس‏,‏ مع مطالبات بوضع حد لتلك الفوضي‏,‏ وحين يبادر الوزير إلي شيء من هذا تخرج مظاهرات التلاميذ‏,‏ وتتشدق الأقلام بالقيم التربوية ومكانة المدرس‏,‏ لقد أضاع الكثيرون من المدرسين أنفسهم مكانتهم بين تلاميذهم حين ضاعت المسافة الفاصلة بين دور كل منهم‏,‏ وتداخلت الاهتمامات والمصالح‏.‏
والزيارة المفاجئة التي قام بها الوزير لواحدة من المدارس لم تكن أبدا العلاج الناجع لمشكلات التعليم‏,‏ ولكنها خطوة تحقق شيئا من اليقظة بين المدارس بشأن مسئولياتها‏,‏ وهي يقظة مطلوبة وبشدة حتي نستكمل منظومة إصلاح التعليم‏,‏ والأولي بنا أن نقف مؤيدين لهذه المحاولات بدلا من الخروج بها عن أهدافها‏,‏ ونقدها أو السخرية منها أو تسييسها للنيل من كل جهد تقوم به الحكومة في الإصلاح‏,‏ فالحكومة وحدها لاتستطيع الإصلاح ولكنها فقط تستطيعه حين يحتشد المجتمع وراء الرغبة الصادقة في الإصلاح والقدرة علي تحمل بعض ما تأتي به عملية الإصلاح من متاعب‏.‏
[email protected]

المزيد من مقالات أسامه سرايا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.