كم هائل من الأبحاث والأفكار وجهود مخلصة بذلت للإعداد لمؤتمر ضم نخبة من خيرة علماء مصر ومثقفيها وسياسييها ومفكريها وشبابها رجالا ونساء ليجلس الجميع على مائدة الفكر والعلم لبحث آليات تجديد الخطاب الديني. ولقد أكدنا أهمية تطوير الخطاب الدينى بما يعكس سماحة الدين بعيدا عن الغلو والتطرف والعنف والإرهاب، وفى ذات الوقت بعيدا عن الانحلال والانحراف والفوضى مع الحفاظ على ثوابت الدين وميزان الاعتدال وبما يحقق الهدف سواء على المستوى المحلى والدولى فى سبيل مواجهة الفكر المتطرف الشاذ والعودة إلى روح المحبة والتسامح والإيثار وخلال يوم كامل أكد أهمية الشراكة الوطنية فى مواجهة القضايا الوطنية والمصيرية أسهم الجميع فى وضع وثيقة رائعة تستحق الاحترام والتقدير لما بذل فيها من جهد علمى ووطنى يعكس الحرص الشديد على التمسك بالدين الحنيف والتصدى لكل من تعمد تشويه صورته واستخدامه فى اغراض سياسية ودنيوية أو توظيفه أو تحريفه لتضليل العقول وإشعال نار الفتن وتدمير مصالح البلاد والعباد. رغم انه الدين العالمى الذى دعا إلى الرحمة والتسامح والحب والسلم واحترام الآخر وحرم القتل وسفك الدماء والتعدى على حقوق الآخرين وإشاعة الفوضى والخراب. كما عكست الوثيقة الحرص الشديد على حماية الوطن وضمان أمنه وسلامته وصيانته من العابثين والطامعين والخائنين، إلا أن تلك التوصيات تحتاج لتضافر جهود جميع مؤسسات الدولة لترى النور وتحقق الهدف المنشود، فبعض تلك التوصيات تحتاج إلى تشريع قانونى يدعمها ويمكنها والبعض الآخر يحتاج إلى قرارات وزارية وبعضها يحتاج إلى دعم المؤسسات الإعلامية والتعليمية والى شعب يمتلك إرادة التغيير ويتطلع للنهوض والتقدم، وقبل أن ينتهى المؤتمر وفى لقاء جمعنى بوزير الأوقاف والسيد نقيب الأشراف ونخبة من المثقفين والعلماء والمفكرين أكدنا وجوب تحمل المسئولية فى تلك المرحلة الحساسة والدقيقة التى تمر بها الأمة، وأكدنا أهمية تضافر جهود كل المؤسسات بشكل عام والمؤسسات الدينية على وجه الخصوص: الأوقاف والإفتاء والصوفية والأشراف مع الأزهر الشريف بشكل خاص سعيا لنشر ثقافة الوسطية والاعتدال ولمواجهة الأفكار الهدامة، كما اتفقنا على متابعة تلك التوصيات حتى تخرج للنور. لقد انتهى المؤتمر بنجاح فاق التوقعات ويجب علينا أن نقدم الشكر لكل من بذل جهدا لإنجاحه وفى مقدمتهم الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الذى أدار المؤتمر بحكمة بالغة وبعقلية العالم المستنير. وتحية حب وتقدير إلى القائد الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أطلق دعوة تجديد الخطاب الدينى بهدف الحفاظ على الدين والوطن. واليوم نؤكد أننا فى سبيل تحقيق هذا الهدف السامى وهو الحفاظ على الدين والوطن علينا أن نطور لغة الخطاب فى كافة مناحى الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتعليمية بجانب الخطاب الديني، لأن محصلة ذلك تؤثر فى تشكيل فكر ووجدان وعقل الإنسان فيؤهل لحمل الأمانة التى كلفه الله بها أو ينحرف فيضيعها، وأسأل الله أن يحفظ مصر وأهلها وأن يحفظ الأمة العربية والإسلامية وأن يكتب الخير لكل البشرية. لمزيد من مقالات د. عبد الهادى القصبى