أطلق المصريين مصطلح "الهري" للتعبير عن موجة اللت والعجن والتنظير التي ليس لها ضابط ولا رابط علي مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيس بوك. فالكل تحول الي محللين سياسيين, ومنظرين عسكريين, وخبراء في إدارة شئون البلاد. المراقب لفئة المنظرين سيجدهم من الفئة التي تجمع كل التناقضات علي المستوي العملي والشخصي. وتلك الفئة تتمتع بالسطحية والاستهانة بالأحداث الجارية ولا يوجد لديها أي بعد نظر كما أنهم يفتقرون الي المنطق في تحليل الأمور وبالتالي فإن الدخول معهم في جدال سيكون بمثابة إهدار للوقت. جزء أخر من فئة المنظرين, نستطيع ان نقول أنهم موجهين بالفعل ويندرجون تحت مسمي اللجان الالكترونية وهدفهم بث الشائعات والتجريح وتهويل أي حدث. الفئة الأولي بما أنها تستهين بكل شيء, فهي لا تدرك حجم الخطر الذي واجهته مصر ومازالت علي مدار الأربع سنوات الماضية, وبالتالي فهم يستهينون بحجم التضحيات التي يقدمها رجال الجيش ورجال الشرطة وكل القائمين علي إدارة شئون البلاد, ولا يثير إعجابهم أي شيء, وكل هذا دون تقديم أي اقتراح أو فكرة قد تفيد. أما الفئة الثانية فهي تخدم مصالح معينة ولذا فهي تستبيح كل شيء حتي الأعراض وسمعة الآخرين بغرض الإساءة والتشويه. لتتحول تلك المواقع الي وسيلة من وسائل إشعال فتن العنصرية والطائفية، وبث الشائعات، بدلا من ان تكون وسيلة للتواصل الاجتماعي. هذا بالإضافة الي ما توفره وسائل التواصل من إمكانية تضخيم الشعور بالذات عبر الانتشار والنجومية وعلامات الإعجاب والمشاركة وإعادة التغريد. للأسف كما تحول كل إعلامي الي ناظر مدرسة ومفتي ومخترع للأخبار وأداة للتهويل عبر برنامجه, تحول الفيس بوك وتويتر الي وسيلة للتباعد الاجتماعي وليس للتواصل باستبدال العالم الواقعي بعالم افتراضي محرض ومعارض وسبب في انتشار الأفكار المغلوطة. وللأسف تحولت تلك المواقع الي وسيلة سهلة لبعض الصحفيين والإعلاميين لنقل الأخبار عن لسان قائليها وبخاصة لو كان شخصية عامة, تحت عنوان صرح فلان وعلان عبر صفحته الشخصية بكذا أو كذا دون أي إدراك لأبعاد وخطورة ما قد يقال علي لسان تلك الأشخاص. وبذلك يقومون بتهويل وتحريف وتجسيم الأمور لتتحول الي قضية مثارة من عدم. يأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه جون برينان، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خطورة شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي ان وسائل التواصل الاجتماعي، يستعملها المتشددون، لتبادل المعلومات وتنفيذ العمليات الإرهابية، موضحا أن هذه الوسائل تزيد من صعوبة التعامل مع تهديدات واسعة الانتشار. بصراحة أري ان مواقع التواصل تلك رغم أهميتها إلا إننا لم نستخدمها بالشكل الصحيح, ورغم أنها يطلق عليها مواقع للتواصل, إلا ان الدراسات أكدت أنها أصبحت سببا مباشرا في الإحساس بالوحدة والاكتئاب وإدمان الجلوس أمام الإنترنت. هذا بالإضافة الي أنها سبب في إضاعة الوقت, انعدام الخصوصية, العزلة الاجتماعية, الاعتداء علي حقوق الملكية الفكرية, و تحولها الي وسيلة للتجسس و الاختراق ونشر الأخبار المغلوطة. [email protected] لمزيد من مقالات رانيا حفنى