تحقيق: هدي محمد الخبراء: خيانة للوطن وتغييب للرأي العام وتغليب للمصالح الشخصية الشائعات مثل كرة الثلج.. تبدأ صغيرة ثم تكبر.. هكذا هو المشهد السياسي المصري في الآونة الأخيرة ملأته الشائعات خاصة مع اجراء الاستفتاء علي الدستور.. وازدياد ظاهرة الاستقطاب بين »نعم.. ولا«.. وانتشار الاتهامات بالتخوين بين كل طرف وآخر.. ويعد »جويلز« وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر من أشهر من روجوا للشائعات والذي قال: »اكذب حتي يصدقك الناس«، مؤكدا ان الذي يملك وسائل الإعلام هو من يملك الفضل في الحروب. »الأخبار« رصدت الظاهرة.. وناقشتها مع خبراء القانون والإعلام وعلم النفس.. والذين أجمعوا ان الشائعات تحرق الوطن ويجب اتخاذ اجراءات قانونية فورية للحد منها. من أغرب الشائعات التي كادت أن تقسم الوطن وتفجر أزمة هي شائعة استقلال مدينة المحلة.. بمحافظة الغربية والتي نفاها بعد انتشارها محافظ الاقليم.. وأهالي المدينة.. وخلال الفترة الأخيرة انتشرت شائعات نفتها بعض الشخصيات السياسية والفنية والدينية مثل شائعة ان السفارة المصرية بالسويد تقبل التصويت علي الاستفتاء عبر الهاتف ونفاها المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية. حرب الشائعات كما أكد المستشار أحمد سليمان رئيس نادي قضاة المنيا عدم صحة ما نشرته وسائل الإعلام بأن قضاة المنيا وافقوا علي الاشراف علي الاستفتاء علي الدستور..وأيضا نفت د. نيفين مسعد أستاذ العلوم السياسية ما تردد عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن استقالتها من جبهة »الانقاذ الوطني«، وانها دعت للتصويت بنعم في الاستفتاء وقالت ان كل ما تردد حول انتمائها لجماعة الاخوان »كذب«..كما نفي أيمن نور ما تناقلته المواقع الاخبارية والإلكترونية انه دعا للتصويت في الاستفتاء بنعم مؤكدا ان موقفه منذ البداية هو وحزب غد الثورة وهو التصويت ب»لا«..كما نفي عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية السابق في حواره مع وائل الابراشي شائعة لقائه بوزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة ليفي لتنفيذ مخطط إسرائيلي لتخريب الأوضاع في مصر..حتي شائعة استقالة نائب الرئيس المستشار محمود مكي نفتها رئاسة الجمهورية. نهاية العالم كما نفت وكالة ناسا الفضائية ما تردد عن توقعات بأن نهاية العالم غدا يوم 12 ديسمبر الحالي.. وان عاصفة مدمرة ستضرب الأرض قد تعيد العالم للقرون الوسطي، وأرجعت الوكالة هذه الشائعة إلي ان شعب المايا معروف بشغفه بالفلك وأنهم حددوا هذا اليوم وفقا لحساباتهم، كما نفي د. زغلول النجار رئيس لجنة الاعجاز العلمي بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية وقال انها خرافة ودخول في أمور الغيبيات وان الساعة علمها عند الله. في البداية يقول د. صفوت العالم ان فكرة الشائعات التي تفشت في مرحلة التحول الديمقراطي التي تمر بها مصر، أساسها أن هناك كثيرا من الأحداث والمواقف والقرارات السياسية والاقتصادية التي حدثت في مصر في فترة التحول الديمقراطي عادة هي محور اهتمام الكثير من المواطنين صاحبها الكثير من الغموض والانقسام، وبالتالي في ظل هذا المناخ وعدم قيام الإعلام بدوره التنويري للجمهور تظهر الشائعات، وأضاف ان حالة الانقسام إلي فريقين والتي تشهدها الساحة الحالية وكل فريق يريد أن يوجه وجهة نظره ويستقطب الطرف الآخر مع تجاهل وجهة نظر الفريق الآخر، مما أدي إلي عدم وجود من يدعم ثقافة الحوار وتبادل المعلومات الصحيحة وعدم قبول الرأي الآخر، مؤكدا ان قادة الرأي لا يقومون بواجبهم، بل يدعمون وجهة النظر الشائعة بين فريقهم من أجل مصالحهم، بالاضافة إلي الاضطرابات والانقسامات وتصاعد الأحداث كل ذلك يحدث مناخا خصبا لانتشار الشائعات. ثقافة غائبة هناك مشكلة عامة في التعامل مع المعلومات وتدقيقها فهي ثقافة غائبة في مصر هكذا بدأ حديثه د. أحمد عبدالله مدرس الطب النفسي بجامعة الزقازيق، مؤكدا انه ليس هناك في مصر ثقافة تدقيق المعلومة وفكرة توثيقها، مشيرا إلي أجهزة الإعلام المختلفة والتي يستقي منها المواطنون المعلومة أحيانا تكون من مصادر غير موثقة، مطالبا رجال الإعلام والصحافة تحري الدقة والاعتماد علي المصادر الأولية في الحصول علي المعلومة، ويؤكد ان الشائعات أثرت علي شبكات التواصل الاجتماعي مع عدم وجود مصادر موثوقة، ليعاد انتاج ما يرد في الصحف والفضائيات علي هذه المواقع، دون المقارنة بين الأخبار التي ترد من أكثر من جهة ومن مصادر مختلفة. كما أكد د. ابراهيم عناني أستاذ القانون بكلية حقوق عين شمس انه بالفعل هناك عملية تشويه وتزييف واطلاق شائعات تقودها بعض القنوات الفضائية نحو الدستور، وهي جريمة ترقي إلي الخيانة العظمي وتضليل الشعب، وكان المفروض تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي، ومحاولة تزييف وتشويه العقول نحو مشروع الدستور، للأسف الشديد وصلت لدرجة ان تخرج عن الموضوعية لتحقيق مآرب شخصية لبعض النكبة السياسية وليس النخبة السياسية،وطالب د. ابراهيم بالمساءلة الجنائية لهذه الفضائيات لتزييف عقول المجتمع وما تثيره من فوضي وبلبلة وترويج شائعات، مضيفا ان هذا يسبب أمراضا نفسية وفصاما في الشخصية، بما تحمله وسائل الإعلام من شائعات حول الدستور فقسم يقوم »نعم« وقسم يقول »لا«، وطالب برفع الوصاية عن الشعب، موضحا انه هو الذي بيده القرار فهو صاحب السيادة. الحرب النفسية »الشائعة سلاح غير عادي« هكذا أكد اللواء عبدالمنعم كاطو في بداية حديثه حول انتشار الشائعات في مصر، مضيفا إلي ان ما تمر به مصر هو التوجه لما بعد ثورة 52 يناير، وانه كان يجب بعد المرحلة الانتقالية توجيه الخطاب السياسي نحو وحدة وطنية، مشيرا إلي ملامح الانقسام وهو أحد الأشياء المؤثرة في الشائعات، وطالب اللواء كاطو ان يقوم الرئيس مرسي بتوجيه الخطاب السياسي نحو الوحدة الوطنية، والتوجه نحو مشروعات انتاجية حقيقية، ووضع حد حقيقي لمفهوم الدين ولا أحد يشكك في تدين المصريين، مشيرا لبعض الشخصيات التي تحاول أن تجد لنفسها مكانا علي الساحة، مؤكدا ان كل شخص يجب أن يضع نفسه في حجمه الطبيعي، ويعرف ان مصر لايمكن أن تدار بهذا الأسلوب وان شعب مصر واع تماما. معاناة المغتربين والغريب ان آلاف المغتربين المصريين المقيمين بالخارج يستقون معلوماتهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية والمواقع الاخبارية، مما أدي إلي وقوعهم تحت تأثير الشائعات. ويدافع مجدي فؤاد محام مقيم بالخارج عن تلك المواقع، مؤكدا صحة كل ما تحمله من معلومات رافضا أي توضيح أو نفي لتلك الشائعات..أما مصطفي اسماعيل مقيم في أمريكا يقول انه لا يتصور ألا يتابع الأحداث اليومية عبر شبكات التواصل الاجتماعي فهي المصدر الوحيد للحصول علي المعلومات بما تحمله من ايديولوجيات ومعلومات قد تكون مغلوطة، ولكنه مضطر نظرا لتسارع وتيرة الأحداث في مصر.