كأنما لم نكن نعرف اننا مجتمع طبقي.. وبامتياز! مجتمع لا قيمة فيه للإنجاز، قدر إنجاز «الفلوس»، ( دون سؤال عن المصدر)، كأنما نحن بلد آخر غير الذى يرى، المعيار «لاحترامك» هو ما تملكه، وأن ماركة الساعة بالنسبة «له»، ونوع حقيبة اليد التى «تخصها» و«براندً» الكرافته، وكم الماس فى الأصابع والمعصم، وحجم السيارة والموديل، وفى أى كومبوند تعيش، وموقع «مصيفك» جغرافيا، وما هو على شاكلة ذلك، من اهم المسوغات حين تتقدم، ليس لزيجة ولكن للتقديم فى حضانة او مدرسة ابتدائية! تصريح وزير العدل، المقال - بضم الميم وفتح القاف - أو المستقيل، عن أن «ابن الزبال لا يمكن أن يكون قاضيا،»، كان فجا فى وضوحه، وكان عاكسا لاختفاء نوعية الوزير السياسي، وكان.. وكان، وأيضا كانوا، فتشا للمسكوت عنه، فضحاً للمجتمع، بقدر ما وصم الحكومة، لكن هل هذا يعنى أن مصر قد بدأت طريق الألف خطوة..، بخطوة.«بسرعة الاستجابة»، ؟ «الهبة الشعبية»، الرافضة للدرك، المناقض لأى معنى للعدل، الذى عكسته عبارة وزير العدل، والانصياع للرفض الشعبي، باستقالة الوزير، يؤكدان أن مصر فى مايو 2015 غير مصر فى 2003. فى 2003 انتحر الباحث عبدالحميد شتا، ابن «المزارع»، وابن قرية الفرماوى المتفوق، الذكي، الدءوب، خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، لعدم قبوله فى التمثيل التجارى وقتها، لانه غير لائق اجتماعيا، فى الوقت الذى تم فيه قبول ابن شقيق رئيس التمثيل التجاري (طبعا صدفة!!)، انتحر شتا إحباطا ويأسا، ليس فقط لأن التمثيل التجارى أيامها، شاف إنه مش «ابن ناس»، ولكن لأن امتيازه العلمى لم يشفع له، ولا أتى له بحقه فى التعيين معيدا، ولا مكنه من التثبيت فى أى من مراكز البحث التى تعاملت معه، واعترفت بتميزه ونبوغه. وجاء رفض التمثيل التجاري، «قشة» قصمت ظهر البعير، أو ملخصا لمجتمع، الشرايين المسدودة، وتراتبية العفن والزيف، مجتمع لا يعترف بقيمة الإنجاز وإن فعلنا، وكتبنا، وتناقلنا الحكاية وثرثرنا، ثم نسينا وعدنا لما كناة. السؤال الآن، هل تعنى معادلة (الرفض الشعبي، وتجاوب القيادة)، ان مصر المكرسة، للطبقية، فى جوفها، قد ادركت، أنه لايمكن أن يقام مجتمع سوي، وفى أحشائه ركام من القيم العفنة، التى تنكرالقيم المكتوبة فى كل دساتيرها عن الحقوق والمساواة ، والتى هى فعليا، تتجه نحو تمايز و«اقطاع» ثروة جديد ونحو طبقية فاجرة ؟ هل «الكود» الاقتصادى المعمول به حاليا، والكود الاجتماعى العاكس له، يسيران بمصر، نحو نوع أو درجة من تقريب «الهوة» الهائلة، أو الهوات الفاصلة، بين «الامصار»، (واقعيا، ومن زاوية الاجتماع والاقتصاد، نحن أكثر من مصر)؟ السيدة الوزيرة ليلى اسكندر، وزيرة العشوائيات، صرحت للجرائد بأنها ذهبت لمحافظين تطلب أرضا، لتبنى للغلابة، قالوا لها «بلاش الارض دي، دى غالية اوى على الفقرا»، لكن المسألة لا تقتصر على «الفقرا»، مع العلم ان ما يقرب من خمسة وخمسين بالمائة من مصر فقراء، لكن ليس هذا هو الموضوع، لانه فى سياقات حتى الشرائح المتوسطة التى تستبسل كى لا تنضم هى الأخرى الى الخمسة وخمسين بالمائة, لا تستشعر هذه الشرائح ما يفتح لها باب الامل حقيقة، هى مستمرة فى المكابدة، وربما فى السقوط، بفعل كونها ماضية فى دفع الثمن، والتكاليف، بطيب خاطر، وهى التى لا تملك الا أن تبيع هدومها، وتعلم وتربي، على أمل أن الباب المقفول ينفتح يوما!وفى انتظار ذلك، تتأمل كل «خروقات» الكود الاقتصادى المعمق للهوات:، قانون ضرائب مصر (بضم الميم) على ان يدفع ناس دخلها السنوى بالملايين، نفس النسبة التى يدفعها صاحب كشك على الناصية، وآليات توزيع دخل فى الحكومة نفسها مدعاة للعجب، (فى كيانات حكومية واحدة، يمكن تقبض الفين جنيه بعد خمس عشرة أو عشرين سنة، وممكن يحطوك فى لجان وعضويات تجيب تلاتين الف) وكان نظريه الوعاء المالى الواحد والية عدالة توزيع الوعاء بشروط واضحة، تضمن للمنجز والذى يضيف حقه، كان ذلك لوغاريتما، مع انه طبق حتى قبل 25 يناير فى بعض الجهات المحدودة . المستشار محفوظ صابر لما سأله مذيع برنامج البيت بيتك عن تعيين ابن الزبال قاضيا، قالك «مش اوى كده»، وكان لسان حاله بيقول، انتوا حاتصدقوا نفسكوا والا ايه، وتكلم عن «الوسط المناسب،»، الذى لابد ان يأتى منه القاضي، وقال لك ان ابن الزبال ممكن تحصل له «صدمة»، وشحاته المقدس، نقيب عمال الزبالة لما رد على وزير العدل، غير، انه قاله «ابنى ممكن يكون اشطر من ابنك»، يعنى ابنى ممكن يكون له «قيمة مضافة»،اكتر من ابنك ، لم يكن تعبيره دفاعيا، ساذجا، ولا «حمقة» كرامة، كان درسا، ايضا، فى ان قيمة الانسان فيما يضيفه لمجتمعه (ايضا القيمة المضافة)، وقدم النموذج، ماسح الاحذية»، لولا «الرئيس البرازيلى الذى انقذ البرازيل، كان ممكن ايضا يقول له ان تاتشر ابوها كان بقال، ولكن الناس كملت له يعنى ابن الزبال مش ممكن يكون قاضيا لكن، لكن ابن «البوسطجى» ابنه ممكن يكون زعيما وقائدا،!؟ فى اشارة للرئيس عبدالناصر، طيب وام كلثوم كانت بنت مين، وطه حسين، وعبدالحليم، و.... طبعا كلام وزير العدل السابق ، كان مثيرا للشفقة لمستوى الرؤية وللدرك وللمعيار، كان بائسا بالفعل، وكان مردودا عليه، بل كان يمكن ان يحاكم عليه دوليا (هذا ما كتبه الاستاذ الدكتور القانونى نور الدين فرحات) لمناهضته حقوق الانسان، لكنه دفع بالمواجهة قدما، كما يقال، احدهم قال بلطف مستغربا: والنبى ايه..؟! يعنى ماكنتوش تعرفوا، اننا مجتمع طبقي، لا يعير الانجاز البشرى اى قيمة،؟ لأ طبعا، نعرف نحن مجتمع طبقي، فج فى طبقيته، وايضا غير انساني، والفلوس عنده هى المعيار والمقياس للقيمة، وهى ماما وبابا، وحتى لما ربنا ينفخ فى صورة بعض الاغنيا اللى اصلهم فقراء، سرعان ما يتنكرون للفقراء، ويكونون اكثر شراسة، لا.. نحن نعرف لكنا الآن نعرف ايضا أن استقالة وزير العدل وحدها لا تكفي، قد تكون خطوة ذات دلالة، لكن ليس معناها، إننا قد صرنا من أتباع المساواة التى لا تفاضل بين البشر الا قدر ما يضيفون، ولا أن علينا أن نقر عينا بنبل المقاصد، بل نحن نريد القرائن، بكود اقتصادى وتغيير ثقافي، واليات تنفيذ حقيقية، طال انتظار الناس فى محطة: تحلف لى اصدقك اشوف امورك استعجب، وأتصور أنهم فى الطريق إلي: هات براهينكم ليطمئن قلبي.وعلى رأى اللى قال: هو إحنا ماكناش نعرف إننا مجتمع طبقى: والنبى إيه ؟! لمزيد من مقالات ماجدة الجندى