أصبح موضوع الراغبين للترشح لانتخابات الرئاسة شيئا يثير السخرية وتحول لما يشبه المسرحية الهزلية فقد وصل عدد الراغبين في الترشح لأكثر من تسعمائة بعضهم غير مؤهل للترشح لهذا المنصب الرفيع ومع ذلك تتسابق الكاميرات والقنوات التليفزيونية لالتقاط صور لهم وإجراء لقاءات سريعة معهم, مما يدفع المزيد لإبداء رغبته في الترشح أملا في الشهرة والظهور الإعلامي وسط أسرهم وأقاربهم وزملائهم.. فهل أخطأ الإعلام واصبح مسئولا عن هذه الملهاة التي تحدث وتوثر علي صورة مصر في الخارج؟ تساؤل كان موضوعا لهذا التحقيق. البداية يقول الإعلامي حمدي الكنيسي: اعتقد أن ما يحدث مع مئات الراغبين في الترشح للرئاسة من جانب الإعلام يعد إساءة أخري للإعلام وإضافة لأخطائه, فللأسف الشديد تسابقت القنوات لالتقاط صور وتسجيل كلمات للراغبين في الترشح المعروف مقدما انهم لا صلة لهم بالترشح ولا بالمنصب وقد شجع ذلك المئات علي سحب أوراق الترشيح وبالمناسبة كان لابد ان تكون هناك رسوم مناسبة لسحب أوراق الترشح حتي تكون هناك جدية وتردع كل من يفكر أن يحول العملية الي مجرد دعاية او لعب أو جري وراء الاضواء, وللأسف ما حدث إعلاميا اساء لتجربة رائعة من نتائج الثورة, فبدلا من أن نسعد ونتباهي بأن الشعب أصبح له الحق في اختيار الرئيس من بين عدد منطقي ومعقول من المرشحين تحولت العملية الي مسرحية هزلية واسئ الي واحدة من أعظم نتائج الثورة. ويقول د. عدلي رضا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام بجامعة القاهرة: كان المفروض علي الإعلام أن يركز علي برامج المرشحين المؤهلين للمنصب وتاريخهم السياسي, بحيث يجعل الناس قادرين علي بلورة افكار واضحة حول برنامج كل مرشح وتجعل الناخبين يحسنون الاختيار لكن الإعلام لم يقم بالدور الاساسي في هذه المهمة ونحا في اتجاه غريب حيث ركز علي تقديم الشخصيات التي ليست لديها أي مؤهلات لتولي منصب الرياسة وجعلها مادة للسخرية من بعض الراغبين في الترشح فخرج عن سياقه ولجأ لأسلوب السخرية والإثارة ليقدم منها مادة مسلية بدلا من مادة جادة وهادفة لموضوع يستحق الجدية في طرحه, وأدعو الإعلام في المرحلة المقبلة لأن يكون أكثر جدية والتزاما في تقديم المرشحين المؤهلين بشكل شامل وموضوعي مما يجعلنا نحن الناخبين قادرين علي التعرف عليهم عن قرب. وتقول الكاتبة والناقدة د. عزة هيكل: ما يفعله الإعلام أراه شيئا طبيعيا من أي إعلام يبحث عن السبق الصحفي والدعاية والانفراد فانتخابات الرئاسة تجربة أولي من نوعها في مصر لأول مرة في تاريخها دون خوف أو قمع, أو أي مطاردات سياسية أو قانونية وبالتالي كان واردا ان يفرد الإعلام مساحة لكل مرشح أو كل من يفكر في هذا المنصب, لكن القضية الخطيرة هي الفكرة أو الدعاية التي صاحبت هؤلاء الراغبين في الترشح لأنهم غير مدركين أهمية هذا المنصب ولأهمية المرحلة وطبيعتها. وأنا لا ألوم الإعلام لكني ألوم القانون الذي تم وضعه لفتح باب الترشح بتلك الطريقة وأيضا ألوم الكثير من المرشحين الذين لا يدركون حجم المسئولية, وفي النهاية ألوم الإعلام ليس علي تسليط الأضواء عليهم أو السخرية منهم ولكن لأن الإعلام لم يوضح للمشاهد والمتلقي معني وقيمة هذا المنصب ومعايير وضوابط التقدم للترشح وليس الترشح نفسه فمن غير المعقول أن يتقدم انسان أمي أو جاهل أو يحمل مخدرات أو أسلحة بيضاء ويتقدم لمثل هذا المنصب السيادي والسياسي الرفيع لأمة بعظمة ومكانة مصر.