بمناسبة ما يجري في مصر هذه الأيام بشأن انتخابات رئاسة الجمهورية بعد التعديل المشوه للمادة 76 من الدستور ، والتي صيغت على يد ترزية القوانين المصريين الذين لهم باع في تفصيل القوانين والدساتير على مقاس الحاكم ورغبته ، بحيث جعلوا الترشيح مستحيلا بالنسبة للشخصيات المستقلة واستثنوا هذه المرة فقط - وهو أمر معيب أن يكون أي استثناء موجود في الدستور – مرشحي الأحزاب القائمة فلم يستطع أن يتقدم كثير من الشخصيات العامة المؤهلة لهذا الترشيح والجادة وأقتصر الترشيح على مرشحي الأحزاب الديكورية الموجودة لاستكمال الصورة باستثناء مرشحين فقط لا ينطبق عليهم هذا الوصف ( د. نعمان جمعة ، د. أيمن نور ) ، هذه الأحداث تابعها الجميع وتوقعها الجميع ، لكن الغريب في الأمر هو تقدم بعض المواطنين من غير المدركين لأبعاد اللعبة السياسية بسحب استمارة ترشيح لهذا المنصب الرفيع ( رجالاً و نساءاً) ، وبالطبع هؤلاء لن يستطيعوا أن يحصلوا على لقب مرشح لرئاسة الجمهورية لوجود الشرط التعجيزي الخاص بتوقيع 250 شخصا من مجلس الشعب والشورى وأعضاء المجالس المحلية في عشر محافظات على الأقل ، وبالتالي كان من الطبيعي أن لا يلتفت أحد لهذه الطلبات ، ولكن الغريب أيضا هو اهتمام الإعلام وخاصة الحكومي منه بتغطية أخبار هؤلاء المساكين ومتابعة أفكارهم باعتبارهم مرشحين للرئاسة وهو وصف غير دقيق لأن المرشح هو الذي يتقدم بأوراق ترشيح مستوفاة وليس فقط من يتقدم لسحب استمارة ترشيح وهذا ما جرت عليه العادة في كل الانتخابات بما فيها الانتخابات البرلمانية في مجلس الشعب المصري ، المهم أن أخبار هؤلاء ملأت الصحف الحكومية فهذا رأى في المنام رقم العقار الذي يقع فيه مقر لجنة الترشيح لانتخابات الرئاسة وذلك لديه برنامج جبار أشك في أن يقنع به جيرانه وهكذا ، حتى أصبح هؤلاء مسار للسخرية والاستهزاء بين بني قومهم ، وزاد الطين بله كما يقولون أن قام التلفزيون المصري الحكومي ( الذي يمول من أموال المصريين جميعا ويستغل من جانب الحزب الوطني المسيطر على كل شئ بغير مسوغ من القوانين أو تفويض حقيقي من الشعب بتوجيهه لصالحه ) قام برنامج في هذا التلفزيون باستضافة عدد من هؤلاء المرشحين وقام مذيع عُرف عنه الجدية والاتزان قبل أن يقدم برامجه في التلفزيون المصري قام بفاصل من السخرية والاستهزاء من هؤلاء المواطنين الغلابة ، بل بلغ به الأمر أن أشرك معهم طبيب نفساني ليحلل نفسيتهم على الهواء مباشرة أمام ملايين المشاهدين وخاصة في حلقة لعدد من النساء المتقدمات لسحب طلب ترشيح حتى أن إحداهن وهي محامية أدركت الأمر ورفضت التجاوب مع هذه السخرية المهينة من قبل المذيع وللأسف من قبل أستاذ الطب النفسي الشهير . لقد وقفت أتأمل هذا المشهد ، بل والعجيب أيضا أن نفس البرنامج ونفس المذيع أستقبل أول أمس رئيس أحد هذه الأحزاب الكرتونية والمرشح ( لاحظ أنه هو فقط مرشح ) ومارس معه نفس الهواية فالرجل لكبر سنه لا يسمع الأسئلة ويعرض برنامج كاريكاتيريا له لو أصبح رئيسا للجمهورية واستمر معه ومع ابنه (ابن رئيس الحزب ) وهو في نفس الوقت نائب رئيس الحزب استمر معهم في فاصل من السخرية . لقد توقفت كما قلت أتأمل هذا المشاهد وأسأل ماذا يريد هؤلاء الناس الموجودون في السلطة سواء في الدولة وأجهزتها التشريعية لهذا التعديل الهزيل الذي منع الجادين من الترشيح مما دفع بعض البسطاء من المواطنين للتقدم بسحب استمارة ترشيح ثم يحتفي بهم أعلام هذه السلطة ليثبت أن هناك حيوية وترشيحات ثم يسخر منهم في نفس الوقت سواء قد كان لا يصح أن ينطبق عليه لقب مرشح أو مرشحين ديكورين ليؤكدوا أيضا أن هذه البلد عقيم بالرجال الأكفاء والمناسبين اللهم إلا شخص الرئيس حسني مبارك . وهم لا يدرون أنهم بذلك يغذون الغضب والاحتقان في هذا المجتمع الغاضب أصلا على استعباده واحتقاره وعدم الاهتمام به ، ألا يدركون أن هذه الأفعال جميعا هي أخطر أنواع اللعب بالنار