اليوم.. الاتحاد المصري لطلبة صيدلة بجامعات مصر يطلق النسخة الرابعة من مؤتمر "EPSF"    وزير الري يتابع إجراءات تطوير منظومة إدارة وتوزيع المياه في مصر    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 7 مايو 2025 في البورصة والمحال    موعد صرف مرتبات مايو 2025 وزيادة الحد الأدنى للأجور.. تفاصيل كاملة    البنك المركزي الصيني يخفض سعر الفائدة الرئيسي لدعم الاقتصاد    قلق أممي من اشتباكات الهند وباكستان.. ووزير خارجية أمريكا يتحرك    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    مقتل شخص جراء قصف إسرائيلي لسيارة في مدينة صيدا جنوب لبنان    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    طائرات مسيرة تُهاجم أكبر قاعدة بحرية في السودان.. ما القصة؟    قبل مباراة اليوم.. تاريخ مواجهات باريس سان جيرمان ضد آرسنال في دوري الأبطال    زيزو يتظلم ضد عقوبات الزمالك وجلسة جديدة لاستماع شكواه    «أنهى حلم برشلونة».. صحف كتالونيا تنتقد قرارات حكم مباراة إنتر في دوري الأبطال    مصيرهم مش بإيديهم| موقف منتخب مصر للشباب من التأهل لربع نهائي أمم أفريقيا    الأرصاد تحذر: موجة حارة جديدة وهذا موعد ذروتها    استولى على 13 مليون جنيه.. حبس رجل أعمال 3 سنوات بتهمة الاحتيال على لاعب الأهلي "أفشة"    ضبط 379 مخالفة متنوعة بالأسواق والمخابز البلدية في أسوان    المؤبد لعاطل لحيازته 7 كيلو لمخدر الهيروين بالإسكندرية    النشرة المرورية.. زحام الطرق الرئيسية فى القاهرة والجيزة    فتح باب التقديم لمشاريع «ملتقى القاهرة السينمائي» (تفاصيل وشروط التقدم)    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    الصحة تنظم ورشة عمل لتنمية الكوادر وتعزيز تطبيق المنظومة الإلكترونية للموارد البشرية    الفريق أسامة ربيع يبحث مع رئيس هيئة الرعاية الصحية سبل التنسيق المشترك    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي على أصوله    سعر اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 7 مايو    كندة علوش تكشف علاقتها بالمطبخ وسر دخولها التمثيل صدفة    بعد حفل زفافها.. روجينا توجه رسالة ل «رنا رئيس»| شاهد    السيطرة على حريق بسيارة ملاكي بدار السلام في سوهاج    كندة علوش عن تجربتها مع السرطان: الكيماوي وقعلي شعري.. اشتريت باروكة وما لبستهاش    إحالة عاطلين للمحاكمة الجنائية لسرقتهما 6 منازل بمدينة بدر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 7 مايو 2025 م    النائب عمرو درويش: لا إلغاء تلقائي لعقود الإيجار القديم.. والمحاكم هي الفيصل حال عدم صدور قانون    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. حديد عز ب39 ألف جنيه    مواعيد امتحانات العام الدراسي المقبل لصفوف النقل والشهادات الدراسية 2026    ترامب: لا يمكن لإيران أن تمتلك أسلحة نووية ولن يبقى أمامنا خيار إذا سارت في طريق آخر    مباراة برشلونة وإنتر تدخل التاريخ.. ورافينيا يعادل رونالدو    إريك جارسيا يلمح لتكرار "الجدل التحكيمي" في مواجهة إنتر: نعرف ما حدث مع هذا الحكم من قبل    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    ترامب يعلّق على التصعيد بين الهند وباكستان: "أمر مؤسف.. وآمل أن ينتهي سريعًا"    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    "شعري وقع".. كندة علوش تكشف تفاصيل مؤلمة في رحلتها مع السرطان    كوكلا رفعت: "أولاد النيل" توثيق لعفوية الطفولة وجمال الحياة على ضفاف النيل    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    عاجل.. الذهب يقفز في مصر 185 جنيهًا بسبب التوترات الجيوسياسية    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    مكسب مالي غير متوقع لكن احترس.. حظ برج الدلو اليوم 7 مايو    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    الهند: هجومنا على باكستان أظهر انضباطًا كبيرًا في اختيار الأهداف وطريقة التنفيذ    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفضل كتاب سياسي في معرض كتاب‏2102‏
الدين والدولة والطائفية

كتاب‏'‏ الدين والدولة والطائفية‏'‏ الذي صدر عن‏'‏ دار ميريت‏'‏ للنشر حصل علي جائزة أفضل كتاب سياسي في معرض الكتاب هذا العام‏.‏ المؤلف نبيل عبدالفتاح مدير مركز الدراسات الاجتماعية والتاريخية بالأهرام‏,‏ يفتح ملف الطائفية والتمييز بين أبناء الوطن الواحد التي تعد واحدة من أكثر القضايا الشائكة والتي باتت تمثل خطرا يهدد وحدة ونسيج المجتمع المصري. ويسعي الباحث المهموم بقضايا حقوق الانسان التي سحقت في عهد الرئيس السابق حسني مبارك للتحذير من استمرار الفتنة الطائفية التي اشتعلت في عصر السادات حينما تلاعبت السياسة بالدين, واستخدمته لمصالحها علي حساب الوطن والمواطن, ثم انفجرت في عصر مبارك بسبب غياب الرؤية والبصيرة واستمرار سياسات الغش والخداع التي ارتبطت بنظامه الفاسد, والتداوي بالمسكنات واللعب علي مشاعر المواطنين دون إعمال العقل والبحث عن أسباب المشكلة والطرق الجادة لحلها.
ارتكب حسني مبارك عدة جرائم في حق المصريين كان أخطرها تجاهل العنف الطائفي الذي انتشر في عهده, وإسناد المشكلة الطائفية لمباحث أمن الدولة, ومحاولاته الخبيثة إحتواء قيادات الأزهر والكنيسة ليساندوا نظامه الفاسد.. لقد غاب عقل الحكومة طوال ثلاثين عاما, وإنتقل هذا الغياب الي الحكماء ممن يفترض فيهم العلم والمعرفة والاخلاص للوطن وشعبه الواحد. لقد تسببت سياسات الخداع التي صاغها نظام مبارك الي تقسيم المصريين الي مسلمين وأقباط وإنشقت الهوية بين مسلم وقبطي, ونسي المصريون نتيجة تزييف وعيهم وانتشار ثقافة الكراهية أنهم شعب واحد ينتمون الي بلد واحد وأرض واحدة كانت طيبة قبل أن تتلوث بالحكم الغير مبارك. لم نعد مجرد دولة فاشلة في عهد حسني مبارك, لكن الأخطر من ذلك أن تحول المصري الي مواطن فاشل, والنتيجة أن البيوت الآن تحترق وتهدر الدماء المصرية الغالية ويفقد المصري أبسط حقوقه في حياة آمنة كريمة بسبب ضياع الحكمة وغياب العقل وإنتشار ثقافة الكراهية اللعينة, ففي الأسبوع الماضي فقط إشتعلت في مصر ثلاث فتن طائفية كادت تتحول الي كوارث في العامرية وشبين الكوم والمنيا.
يحاول المؤلف والباحث الاجتماعي والسياسي والمحامي السابق والذي تطغي علي كتاباته لغة القانون وبلاغتها في هذه الدراسة الجادة التي تضيف الي القارئ مزيدا من الحزن والاكتئاب علي حالتنا, أن يحذرنا جميعا مسئولين وغير مسئولين الي القنبلة التي اذا لم ننزع منها صمام الخطر بسرعة سوف تنفجر فينا جميعا, ولن ينجينا من شظاياها تمثيليات العشاء والافطار وقبلات المشايخ للرهبان والقسس. أربعون عاما مضت من أعمارنا ولايزال المواطن المصري يستمع الي نفس خطاب الجهل الذي اذا لم يساهم في اشعال الفتنة فانه يحيل عليها التراب ليخمدها مؤقتا دون القضاء عليها, ودون أن يتعرف علي أسبابها.
بدأت ملامح هذه الفتنة في الظهور بعد حرب أكتوبر1973, وبناء شرعية سياسية جديدة للنظام تعتمد علي التزاوج بين المصادر الدينية الاسلامية وبين بدء مشروع اقتصاد السوق الحرة الرأسمالي, و'ديكور' من التعددية الحزبية. هذا التوجه الأيديولوجي والسياسي التسلطي المنابع والقيم والسياسات, إستند علي توظيف التدين الاسلامي الأصولي في السياسة علي نحو مكثف ولصالح النظام وصفوته الحاكمة. لكن هناك أطرافا أخري كانت حاضرة علي الساحة تضمنت شرائح عديدة في المجتمع ممن تأثروا بهزيمة يونيو1967, وشاركوا في عملية التحول الاجتماعي وفي توظيف الاسلام لخدمة أهدافها. وقد ظهرتفي ذلك الوقت بوادر أزمة الهوية المصرية, وطرح بدائل لها تمثلت في الهوية الاسلامية تحت تأثير الاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية السلفية. ويري الكاتب أن التسلطية السياسية لنظام يوليو ساهمت في قمع الدعوات للتعددية السياسية والثقافية والدينية لصالح عدد من التصورات السياسية العسكريتارية الشمولية الأحادية. وقد أدي العقل التسلطي والذي سيطر علي مقدراتنا حتي نهاية حكم مبارك في11 فبراير2011- في ادارة شئون الدولة والمجتمع الي تهميش قضايا وأزمات التعددية السياسية والتنوع وخاصة الديني والمذهبي والعرقي والثقافات التي تحرر العقل المصري لصالح ثقافات الكراهية والتطرف والتمييز, مما تسبب في تكوين بيئة تتحول نحو الطائفية الاجتماعية والسياسية, وتدفع الي الانطواء الديني والمذهبي لابناء الأمة.
إن' شيطنة الآخر الديني' طبقا لكلام المؤلف أصبحت ظاهرة شائعة نتيجة لثقافة العزلة التي تتمدد في عدة جوانب من حياتنا وتحت تأثير وسطوة دعوات الغلاة والمتشددين من مسلمين وأقباط, ولكن ما يدعو الي القلق, تأثر الأجيال الجديدة بثقافات التشدد والتعصب الديني التي أصيب بها المجتمع المصري ويزداد إنتشارها كالسرطان في جسد قطاعات وشرائح كثيرة في المجتمع. لقد أصبح الشباب المسلم والقبطي للأسف أسيرا لخطاب النبذ والعزلة الدينية. بعض هؤلاء الشباب أعلن غضبه وإحتجاجه بصوت عال مما يجري, ولعبت ثقافة المعلومات والاتصالات وبعض أقباط المهجر وجماعات حقوق الانسان في التنبيه الي الخطر الذي يقترب منا.
المؤلف يعرض وقائع' للفتنة الطائفية' ويحذر من تحولها الي' طائفية اجتماعية' تخترق الحياة اليومية للمصريين بما يؤدي الي تشوهات للتعددية الدينية والمساواة والمواطنة, واستمرار عمليات التحول نحو' الطائفية الاجتماعية والدينية والمذهبية' في ظل نزعة تشدد محافظة وتعصب ديني سوف يؤدي الي انفجارات من العنف المادي واللفظي والخطابي, بل وفي هوية الأمة المصرية.
تراجع دور المسيحيين
يعود المؤلف الي صفحات التاريخ, فيعرض الدور الايجابي للمسيحيين العرب في حياتنا الثقافية والاعلامية والاقتصادية وفي الفنون والآداب, وفي الحالة المصرية يعرض مساهمات الأقباط في النهضة الثقافية والاقتصادية والأدبية في العصر الحديث, ثم هجرة الشوام ودورهم في اصدار الصحف الحديثة ودور النشر, وفي تأسيس حركة المسرح والسينما وإندماجهم بسهولة مع الواقع المصري التعددي الاسلامي المسيحي. لقد قاموا أيضا بتأسيس المؤسسات الثقافية والتعليمية والصحية من خلال الدور الهام الذي لعبته الكنائس والارساليات الأجنبية والجمعيات الأهلية المسيحية, ثم دورهم النشيط بعد ذلك في المجال الاقتصادي والمالي والمصرفي والتجاري. ولكن لماذا تراجع هذا الدور؟ وما هي الأسباب ؟
هناك أسباب عديدة في رأي المؤلف لتراجع دور المسيحيين العرب, من بينها:
- التهميش السياسي للمسيحيين العرب وتراجع دورهم السياسي النسبي في اطار تشكيل بعض الحكومات وتركيبة البرلمانات العربية, وخاصة في المثال المصري.
- تزايد مؤشرات الهجرة من المشرق العربي الي الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا نتيجة للعنف ذي الوجه الديني والمذهبي لبعض الجماعات الاسلامية المسلحة وتراجع مستوي المعيشة في عدة بلاد عربية مما أثر سلبا علي طموحات الطبقة الوسطي في تلك البلاد.
- انتشار ثقافة الخوف من الآخر الاسلامي وسط المسيحيين المصريين والعرب نتيجة الخطابات الاسلامية الفقهية والسياسية المتزمتة وبعض الممارسات التمييزية والاقصائية تجاه المسيحيين في المشاركة السياسية وفي تقلد بعض المناصب العليا في أجهزة الدولة, وفي تشكيل الحكومات المتعاقبة في مصر.
- تسببت ثورة المعلومات والاتصالات, وانتقال العالم من القرية العالمية الي العولمة الي اتساع قاعدة تعلم اللغات الأجنبية, بما أدي الي شبه غياب للوسيط الثقافي الحداثي للمسيحيين العرب في الترجمة ونقل واستعارة الأفكار الجديدة والوافدة في مختلف المجالات.
- نمو بعض الجماعات الأصولية الاسلامية السياسية المتشددة, وازدياد أعمال العنف ضد بعض المسيحيين والاعتداء علي دور العبادة وروادها, وكان لذلك آثاره السلبية في الوعي لشرائح اجتماعية من المسيحيين العرب والأقباط المصريين.
- كان هناك تأثير واضح لعوامل إقليمية وعالمية علي أوضاع المسيحيين العرب خاصة بعد11 سبتمبر2001 في الولايات المتحدة, ثم احتلال العراق, والتوترات الاقليمية في بعض الدول بالاضافة الي أعمال العنف مما أثار الخوف لدي بعض المسيحيين العرب والقلق حول مستقبلهم في عدة دول عربية.
- استخدام بعض الجماعات الأصولية الاسلامية المتطرفة كتنظيم القاعدة وأشباهه في العراق العنف تجاه دور العبادة ورجال الدين والمواطنين المسيحيين, واغتيال بعض الكاثوليك في الجزائر, دفع بكثير من المسيحيين الي الهجرة الي الولايات المتحدة وكندا ودول أوروبية.
اذا كان تراجع دور المسيحيين العرب هو تعبيرا عن الحداثة الجريحة والمبتسرة, ولأزمة دولة القانون والحق قد أضعف قيم المواطنة, بل وتراجع الشعورالوطني في علاقات الدولة بالمواطن, وبين المواطنين بعضهم ببعض, فالنموذج المصري واجه أزمات تاريخية منذ ثورة1919 وحول دستور1923 والنظام البرلماني. ويرد نبيل عبدالفتاح علي سؤال مهم أعتقد أنه يشغل الآن غالبية الشعب المصري, وهو: لماذا تراجع النموذج المصري الحديث للاندماج والتكامل الوطني, وأدي الي تراجع دور الأقباط المسيحيين علي اختلاف مذاهبهم في المجال العام السياسي بصفة خاصة ؟
خلال هذه المرحلة شبه الليبرالية195223 كان لللأقباط موقعا متميزافي الحركة الوطنية الدستورية وكفاحها نحو الاستقلال الوطني عن بريطانيا, فقد كانوا جزءا من الصفوة السياسية الحاكمة والجماعة الثقافية, ومن بناة أجهزة الدولة المدنية الحديثة مع إخوتهم المواطنين المصريين المسلمين. وترتب علي ذلك مشاركتهم في الحياة الحزبية وخاصة حزب الوفد. وقد إرتبطت فاعلية نشاط الأقباط بدورهم النشط في المجال الاقتصادي, فقد كانوا ينتمون الي طبقتي كبار ملاك الأراضي الزراعية والطبقة شبه الرأسمالية.
شارك الأقباط أيضا في إنشاء الجمعيات الأهلية في مجال التعليم والصحة, مثل إنشاء العيادات والمستوصفات والمستشفيات التي تقدم خدمات للمصريين جميعا بلا تمييز بينهم علي أساس ديني.
وفي مجال الثقافة لعب الأقباط والمسيحيون الشوام دورا بارزا في الحياة الفنية والمسرحية والسينمائية وفي التمثيل وفي مجال الآداب. وكان لعدد كبير منهم الفضل في تدريس اللغات الأجنبية, الانجليزية والفرنسية والايطالية] في الجامعات المصرية.
أما أسباب هذا النشاط وتوسعه في طريق البناء من جانب الأقباط في المرحلة شبه الليبرالية, فيرجع الي:
%.
%.
%.
:
-.
-.
-.
.1987''1919 ذ1952.
وقد عبرت عن هذه التطورات الظواهر الآتية:
- التراجع والاختفاء التدريجي للقيادات السياسية المدنية في صفوف القبط, وانتقال مركز الثقل تدريجيا وواقعيا الي القيادات الدينية.
- ترسخت تصورات في صفوف المثقفين من القبط تؤكد أن هدف جماعة الاخوان المسلمين' القضاء علي الأقباط' مما دفع الي الانطواء علي الذات وتعميق النزعة الطائفية في صفوف القبط.
- انضمام عدد من المثقفين الأقباط الي الحركات الماركسية والاشتراكية المصرية, واختار آخرون اصلاح أوضاع الكنيسة من خلال الدخول الي النظام الرهباني كمدخل لتطوير المؤسسة الدينية.
لكن هذه الجروح التي أصابت الجسد المصري الواحد لم تمنع من استمرارية تمتع الأقباط المسيحيين بالمساواة مع إخوتهم المسلمين في الحقوق السياسية للمواطنة.
ولكن مع بدء عقد الخمسينات من القرن العشرين تغيرت تركيبة التعايش والاندماج الوطني المصري وبعد قيام ثورة يوليو1952 ظهرت مشكلة عزوف الأقباط عن المشاركة في النظام السياسي الجديد.
وقد كان لهم أسبابهم التي يلخصها المؤلف في الآتي:
- عدم مشاركة مشاركة الأقباط في تنظيم الضباط الأحرار الا واحدا برتبة ملازم من الصف الثاني من الحركة هو شكري فهمي جندي, مما أشعر الأقباط بأنهم بعيدون عن قادة وتركيبة النظام الجديد.
- وجود عناصر من جماعة الاخوان المسلمين في تنظيم الضباط الأحرار, وظهور بعض التنسيق بين الجماعة وبين الضباط الأحرار وقيام عبدالناصر بضم عناصر اخوانية في الحكومة بعد انشقاقها عن الجماعة وصراع النظام الجديد معها.
- بدء استخدام الدين والاسلام بصفة خاصة في العمليات السياسية للنظام كمصدر للشرعية السياسية وأداة للتعبئة وفي تبرير الخطاب السياسي وفي دعم مشروعات التنمية, في محاولة لاحتكار الدين الاسلامي في السياسة المصرية, واستخدام النظام للاسلام في السياسة الخارجية, وهو ما استثمر في مرحلة السادات وبعد ذلك خلال حكم مبارك.
هناك أسباب اخري لاتتسع المساحة لذكرها, ولكن المؤكد أن السياسات العشوائية في التعامل مع الملف القبطي أو ملف الطائفية خلال عهدي السادات ومبارك تسببت في تعميق الجروح والتوترات القبطية وبالتالي ظهور العنف الاجتماعي ذو الصبغة الدينية الطائفية تجاه الأقباط ودور عبادتهم من ضرب وحرق وقتل منذ الفتنة الطائفية في الزاوية الحمراء وحتي يومنا هذا.
ينتقل المؤلف بعد ذلك الي صدي هذه الآراء لدي عدد من المفكرين أمثال اللبناني فتحي يكن, الذي أقر بحق المسيحيين في المساواة مع المسلمين, ويتفق مع نفس الرأي الشيخ راشد الغنوشي. ونجد أصداء لهذه الآراء لدي د. محمد سليم العوا وطارق البشري وفهمي هويدي وجمال البنا.
ما هو موقف جماعة الاخوان المسلمين ذي الأغلبية في مجلسي الشعب والشوري؟
ينتقد المؤلف الموقف المتردد والنكوص بين مبدأ المواطنة الكاملة والمواطنة المنقوصة الذي يتضح في مشاريع الاخوان المسلمين منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي ويعرض عددا من الوثائق والخطابات التي تدعم رأيه, ويقول أنه وصل الأمر ببعضهم الي العودة الي نسق أهل الذمة وضرورة دفع الجزية, كما أعلن المرشد العام الأسبق مصطفي مشهور, ومطالبته في حديث مثير للأسي بعدم التحاق الأقباط بالجيش.
تناول المؤلف بعد ذلك آراء ومواقف الجماعات الاسلامية والجهادية التي تعد أكثر تطرفا ولا داعي لذكرها الآن حتي لا أضيف مزيدا من الزيت علي جسد الأمة التي يواجه حريق الفتنة. لكن السياسات والمواقف العدائية وعمليات التلاعب بالاسلام لتحقيق المكاسب السياسية والتي بدأت بشكل قبيح منذ عصر السادات, كانت المقدمات الحزينة لمشروع الفتنة الطائفية ولثقافة الكراهية التي نرجو أن يتصدي لها بعد ثورة25 يناير حكماء وسياسيون مخلصون لهذا الوطن من المسلمين والأقباط لدراستها واجتثاثها من جذورها من أجل بناء مصر الجديدة التي تطهرت من مبارك وعصابته.
لقد عبرت ثورة يناير عن طموحات كل المصريين عندما اختلطت أصوات المسلمين مع الأقباط في ميدان التحرير مطالبين باسقاط النظام الفاسد, ووقف الأقباط يحرسون المسلمين وهم يؤدون الصلاة وفتحت الكنيسة أبوابها ليتوضأ في ساحتها المسلمون.
الصراع علي الهوية
تتحمل مؤسسة التعليم الي حد كبير تصاعد الصراع علي هوية مصر والمصريين الممتد في تاريخنا منذ مطلع عمليات الحداثة والتحديثي للقيم والمؤسسات والقوانين, والتي أوجدت إنفصالا مع قاعدة التراث التقليدي وبعضه ذو مصدر ديني خاصة في نظم الأحوال الشخصية وأساليب التعليم الديني الأزهري وفي الكليات الأكليريكية الأرثوذكسية واللاهوت الكاثوليكية والبروتستانتية. والواقع أن إزدواحية التعليم الديني والمدني مستمرة في مصر منذ تأسيس الدولة الحديثة, وقد تسببت في تقسيم المتعلمين المصريين بين الديني والمدني بما يؤدي أحيانا الي بعض الصراعات والتوترات بينهم. ويلاحظ أن سياسات التعليم في أغلب مراحلها كانت تحاول أن تمزج بين الديني والمدني.
المواطنة: الصراع علي المعني والحقوق
تنامي الخطاب والطلب السياسي علي المواطنة في العقود الأخيرة في أوساط المتعلمين بصفة عامة وبين الفئات الحاكمة والمعارضة والمستقلة في مصر. وقد شارك مفكرون مسلمون وأقباط في انتاج خطاب المواطنة والمساواة والحرية الدينية بين المصريين جميعا بلا تمييز في مواجهة أشكال ومصادر التوتر الديني الاسلامي المسيحي وفي مواجهة الأحداث الطائفية وما يصاحبها من عنف.
ويتسم موقف الصفوة السياسية والنظام المصري من المواطنة والحرية الدينية بالواقعية السياسية والأمنية أو ما نطلق عليه سياسة المواءمات التي تعتمد علي التدرج في التعامل مع بنود الملف مثل إثبات التحول المتعدد من المسيحية الي الاسلام واليها الي القضاء وتولي المحافظون عمليات بناء وترميم الكنائس, وتعيين محافظ قبطي, وترقية بعض المستشارين الي المناصب العليا في القضاء واعتبار يوم7 يناير من كل عام عطلة رسمية لجميع المصريين مسلمين وأقباطا.
ينتقل المؤلف بعد ذلك الي الحالة الدينية في مصر وبدايات التوتر الديني التي ساهمت عوامل كثيرة من بينها السياسات الرسمية للدولة لتتحول الي الطائفية.
يتناول الباحث بعد ذلك' المجالس العرفية' التي يراها خطوة في طريق' الطائفية' ويعتقد أنها تجاوز للقانون الذي يجب أن يخضع له الجميع. ثم يشرح العنف الطائفي وما أسفر عنه من التحول نحو الكراهية ثم مخاطر العنف العالمي والذي تصاعد بعد11 سبتمبر.2001
ويخصص الكتاب بعد ذلك فصلا عن' المؤسسة الدينية المسيحية وقضايا المواطنة والوحدة الوطنية' فهو يري أن أهمية المؤسسة المسيحية الأرثوذكسية لاتعود فقط الي تاريخها الوطني, ولا لدورها في حفظ العقيدة والدفاع عنها أو تأسيس لاهوتها الخاص وتعاليم الآباء, وانما لأنها ساهمت في بلورة أحد الخطوط الرئيسية في الهوية المصرية بالاضافة الي هويتها الخاصة. وقد تزايدت أدوار المؤسسة الدينية الأرثوذكسية في المجال العام السياسي خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي وحتي الآن, وأدي تزايد التوترات الدينية والأزمات التي تمس أسس وتقاليد الاندماج القومي أو ما تعارفنا عليه بالوحدة الوطنية في الحضور الملحوظ للكنيسة والبطريرك ورجال الأكليروس الأرثوذكسي كأطراف رئيسية في الأزمات الطائفية. والواضح أن تزايد معدلات الاحتقانات والتوترات ذات الوجوه الدينية الاسلامية المسيحية جعلت من البطريرك وكبار القساوسة والأكليروس طرفا رئيسيا في الجدل العام المثار حول المواطنة والوحدة الوطنية.
ينتقل المؤلف الي ثقافة الفتاوي والحسبة السياسية وحرية التعبير, وينتقد الفتاوي السياسية المتفجرة وشظاياها التي تحدث جروحا أليمة في جسد المجتمع, وتثير هذه الفتاوي أحيانا السخرية من قائلها والغضب والاشفاق عليه, ولن أذكر بعض هذه الفتاوي التي تناقلتها أجهزة الاعلام خلال العقد الماضي وأثارت الغضب خاصة وأن بعضها صدر للأسف من أساتذة كبار في شئون الدين لمجرد إرضاء الرئيس السابق وبطانته.
وظاهرة لجوء بعض أعضاء الأحزاب السياسية الرسمية والمرفوضة من غالبية الشعب الي هذا النمط المعروف بدعاوي الحسبة لارهاب المعارضين زادت في عصر الرئيس السابق, ويقصد بهذه الدعاوي الفصل في آراء دينية أو سياسية أو فلسفية أو أدبية أو فنية بين أطراف متنازعة سياسيا. وهي ظاهرة خطرة تهدف الي تحويل القضاء المصري الي ساحة لحسم الخلافات حول الخطاب الديني والبشري والتأويلات الوضعية لبشر حول النصوص الدينية والمذهبية أو حول عقائد مذهبية. وأعتقد أن المناخ السياسي الفاسد والملوث الذي عشناه تحت حكم مبارك قد ساهم الي حد كبير في انتشار هذه الظاهرة, وقد كان للحزب الوطني المنحل مجموعة من المحامين تخصصوا للدفاع عن الحزب ونفاق رؤسائهم برفع دعاوي حسبة ضد المعارضين.
يتناول المؤلف بعد ذلك' الحوار الاسلامي المسيحي' والمراحل التي يمر بها, وقد عرض في هذا البحث السياسي الاجتماعي التحولات في بنية النظام الدولي, وما صاحبها من تغيرات اجتماعية وثقافية ودينية, ثم تطور ظواهر وجماعات العنف ذات الوجه الاسلامي وتحولها الي ظاهرة عولمية بعد11 سبتمبر.2001
هناك عدة أسباب تدعو الي هذا الحوار غير المطروح الا عند العرب, فالمؤسسات الدينية الرسمية الاسلامية والمسيحية لاتزال ذكورية التكوين وبالتالي فالحضور النسائي محدودا جدا وفي نطاق أدوار محددة لاتتعداها, والمؤسسات الاسلامية تتحفظ كثيرا علي تولي المرأة موقع الافتاء عموما والافتاء للمرأة علي وجه الخصوص. المفروض حضور المرأة بالمشاركة الفعالة.
لكن هناك كثيرا مكن المعوقات التي تقف أمام المرأة في هذا الحوار, من بينها:
%.
%.
%..
- ذ:''.
ولا ينسي المؤلف أن يؤكد في الصفحات الأخيرة من الكتاب- الذي أدعو كل مصري مهموم بكارثة الطائفية وأزمة المواطنة لقراءته علي أهمية درس الوعي التاريخي بالأمة وتجديد وحدتنا الوطنية حول المواطنة والحرية الدينية وعدم التمييز بين المصريين, الذي هو مشروع تاريخي جديد للنهضة والحداثة وفق منظور إنساني عريض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.