لا يمر يوم إلا ونسمع فيه تصريحات وآراء حول تجديد الخطاب الدينى، وهذه القضية مثارة منذ قرون، حيث يخرج علينا من حين إلى آخر، من يفتى فى مسألة ما فتوى مخالفة لما هو متعارف عليه، ثم سرعان ما ينتهى الجدل سريعا بتفنيد مزاعم من يرى نفسه عليما ببواطن الأمور، لكن الأوضاع اختلفت مع ظهور الفضائيات التى لا تهمها الأديان، ولا تلتزم بمواثيق الشرف التى تضعها ثم تخالفها، إذ راحت تستعين بمن يعيد الثرثرة فى أمور هامشية لفقهاء رصدوا بعض المسائل الفقهية كما سمعوها، من باب الأمانة، ولذلك تعددت رواياتهم فى المسألة الواحدة، وعرفنا من أئمة العلم أن اختلاف الفقهاء فى هذه الأمور الفرعية رحمة، وأن على المرء أن يأخذ بأيسرها. ونحن نؤكد من جديد أن ما يسمى «غرفة صناعة الإعلام الخاص» منوط بها إلزام الفضائيات بعدم الخوض فى هذه المسائل على شاشاتها، وترك الشرح والتفسير لرجال الدين المتخصصين، عبر قاعات البحث فى دار الافتاء، ومركز البحوث الإسلامية، ولتكن المهمة برمتها تحت اشراف الأزهر الشريف وشيخه الدكتور أحمد الطيب. وفى هذا الصدد أرصد جانبا آخر من هذه القضية حيث أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية حكمها فى قضية تجديد الخطاب الدينى فى العالم العربى والإسلامى، وأيدت قرار وزير الأوقاف السلبى بالامتناع عن تجديد تصريح الخطابة الممنوح لأحد المنتمين إلى التيارات الدينية المتشددة بمحافظة البحيرة، وحظرت المحكمة على غير المتخصصين والجهلاء والمغرضين إفتاء الناس فى أمور الدين لما فيه من إساءة للإسلام الصحيح، وقصرت المحكمة تجديد الخطاب الدينى على الفروع فحسب دون ثوابت الدين، ودعت المشرع إلى إيجاد تنظيم تشريعى عاجل لعملية الإفتاء فى المجتمع المصرى. القضية خطيرة، ولابد أن تتوقف الفضائيات تماما عن الخوض فيها بأى شكل من الأشكال، فمكانها الطبيعى فى قاعات البحث للعلماء والمتخصصين. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد البرى