الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    70 جنيها في الجرام.. قفزة في أسعار الذهب اليوم الاثنين 2 يونيو    البنك الزراعي يعيد افتتاح فرعه الإسلامي بالمهندسين بعد تطويره    محافظ الغربية: مشروعات «حياة كريمة» تُغير وجه قرية سندبسط بزفتى    محافظ المنيا يشارك في حفل تخرج مدارس المزارعين الحقلية التابعة ل«الفاو»    شاهد شكل تذكرة الأتوبيس الترددى وأسعارها بعد تشغيلها    زيلينسكي يصل عاصمة ليتوانيا للمشاركة في قمة قادة دول الجناح الشرقي للناتو    إيران تدرس الرد على المقترح الأمريكي بشأن برنامجها النووي    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة بغزة    د. أسامة أبوزيد يكتب: مصر الفائز الأكبر    ماركا: روديجر يركز على اللحاق بكأس العالم للأندية.. ويحدد مستقبله لاحقا    الوداد المغربي يطلب رسمياً استعارة مصدق من الزمالك    بسبب غزة.. إلغاء مقابلة محمد صلاح مع جاري لينيكر وتفاقم الأزمة    خبر في الجول - محمد مصيلحي يتقدم باستقالته من رئاسة الاتحاد قبل نهاية دورة المجلس    وزير التعليم: الأخطاء في أسئلة امتحانات الثانوية العامة ستكون صفر    انتحال صفة ضبط قضائي.. المشدد 5 سنوات لتشكيل عصابي بتهمة السرقة بالعبور    مياه قنا : رفع درجة الإستعداد لعيد الأضحى المبارك وفصل الصيف    حجز محاكمة المنتجة ليلى الشبح في اتهامها بسب وقذف الفنانة هند عاكف    بسبب الشغب.. حرمان 4 طلاب من أداء امتحانات الشهادة الإعدادية بالجيزة    ننشر قائمة بأهم أفلام صيف 2025 فى هوليوود    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    قبل طرحه بالسينمات.. التفاصيل الكاملة لفيلم «في عز الضهر»    مسئول الأمن بفرع ثقافة الأقصر يدلي بأقواله أمام جهات التحقيق فى واقعة التنقيب عن الآثار    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    «صعبت عليا نفسي».. سيحا يكشف موقفًا مؤثرًا مع والده بعد الانتقال إلى الأهلي    الرعاية الصحية: نقل التكنولوجيا الألمانية وتوطينها في منشآتنا لتقديم خدمات ذكية ومستدامة    الحق في الدواء: تعطل إجراء جلسات العلاج الكيماوي لمرضى الأورام بمستشفى هرمل    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    ترتيب الكرة الذهبية بعد فوز باريس سان جيرمان بدوري الأبطال.. مركز محمد صلاح    إنتر ميلان يضع مدرب فولهام ضمن قائمة المرشحين لخلافة إنزاجي    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    محمد ابراهيم سليمان مديرًا للمراجعة الداخلية والحوكمة بالأوقاف    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    دعاء للأم المتوفية في العشر الأوائل من ذي الحجة «ردده الآن» ل تضىيء قبرها    الجلاد: على مسؤوليتي.. تغيير 60 % من أعضاء "مستقبل وطن" بالبرلمان المقبل    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    «الإصلاح والنهضة»: نطلق سلسلة من الصالونات السياسية لصياغة برنامج انتخابي يعكس أولويات المواطن    السعودية: أخرجنا أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بلا تصريح    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    فتح 23 مجزرًا مجانًا للمواطنين خلال عيد الأضحى بالجيزة.. تعرف على أماكنهم    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    رئيس التشيك: نأمل في أن تواصل القيادة البولندية الجديدة العمل على ترسيخ قيم الديمقراطية    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    مجلس الأمن الأوكرانى : دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وضحكت الطفلة بدموع كالبكاء
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 04 - 2015

وقفت امرأة أمريكية تحمل لقب «البروفيسورة» تخصصت فى دراسة بلادنا التى سميت «الشرق الأوسط»، تكلمت عن نظريات «ما بعد الحداثة» ومنها الهوية الأصيلة والخصوصيات الثقافية، دافعت عن حجاب المرأة المصرية وختانها واعتبرتهما جزءا من هويتها الأصيلة وثقافتها الخصوصية الوطنية، وكنت أنقد هذه الأفكار فى كتبى 1983 كان ذلك فى مؤتمر دولى بمونتريال عام ومحاضراتي.
وقلت للمؤتمر: دراسة التاريخ تثبت أن الحجاب والختان وحزام العفة وجرائم الشرف والعذرية وضرب الزوجات ورجم الزانيات، كلها لا علاقة لها بقومية أو ثقافة أو هوية، فهى تعود للنظام «الطبقى الأبوى» الذى حكم العالم بعد الحضارات الأمومية، وكانت المرأة المصرية منذ خمسة آلاف عام تشتغل وتبدع فى كل مجال وكانت تحتل أعلى المناصب ومنها الألوهية، كانت «إزيس» ربة الحكمة والمعرفة، و«معات» ربة العدل والقضاء، و«سخمت» ربة الطب والعلم، بدأت القيم الأبوية المعادية للمرأة تظهر فى كتاب التوراة حواء الآثمة التى قطفت ثمرة المعرفة، الاثم الأول هو اكتساب المرأة للمعرفة، وتم عقابها بحرمانها من عقلها واعتبارها «جسدا بغير رأس» وكان يمكن قطع رأسها لولا الحاجة لاشباع الغرائز وإنتاج الأولاد، وأصبح الحل الوحيد هو اخفاء رأسها (كأنما غير موجود) ومن هنا نشأت فكرة الحجاب توارثتها الأديان من بعد اليهودية.
هبت اليهوديات بالمؤتمر غاضبات يصرخن «الحجاب لا تعرفه اليهودية» وامتد الحوار طويلا ثم انتهى بقراءة النصوص المطبوعة فى العهد القديم بالكتاب المقدس.
واعترفت البروفيسورة الأمريكية بأن قضية الحجاب ليست إسلامية وهى مسألة خاصة وحرية شخصية، وطالبت بالفصل بين العام والخاص، جميع الأمور الخاصة بالجنس والدين وتعدد الزوجات والنسب والارث وقوانين الأحوال الشخصية كلها قضايا عامة، وقضية الحجاب من أكبر القضايا العامة، وإلا فما هذه الضجة حول خلع الحجاب؟ لا تحدث هذه الضجة حين أخلع ضرسي؟ وضحكت النساء بالمؤتمر.
حين كنت طفلة فى السابعة من عمرى (عام 1938) كانت زميلاتى بالمدرسة الابتدائية يتعرضن جميعا لعملية الختان، المسلمات والقبطيات واليهوديات، كنا نعود إلى المدرسة بعد أيام الإجازات فخورات نزهو بخلاصنا من الجزء النجس بأجسادنا، كانت عملية الختان تسمى «الطهارة» طفلة اسمها «سميرة» رفضت أمها ختانها، فأصبحنا نبتعد عنها ولا نصافحها باليد لأنها ليست طاهرة مثلنا كنت أراها جالسة وحدها فى ركن بعيد تبكي، لكنها لم تستمر فى وحدتها وعذابها، انتهزت سفر أمها، وذهبت مع خالتها إلى الحكيمة «الداية»، وعادت سميرة للمدرسة طاهرة مثلنا تشعر بالسعادة.
فى علم النفس ما يسمى «السعادة الزائفة» يشعر بها نزيل السجن المؤبد أو المرأة حبيسة البيت، يقاوم الجسم الألم أو القهر، بأن يحبه ويستعذبه، يقاوم المدمن العقار السام بأن يحب مرارته ويطلب المزيد، تتعرض ربات البيوت لهذا المرض بدرجات متفاوتة حسب درجة الانحباس، أباحت النظم الأبوية ضرب النساء بقوة القانون الوضعى والإلهى معا، لتأديبهن وادخالهن بيت الطاعة ومؤسسة الزواج، يتحول القهر والاجبار فى الشعور واللاشعور، من أجل الراحة والسرور، إلى «حرية الاختيار» تتصور المرأة أنها اختارت سلاسلها وأساورها وحجابها بإرادتها الحرة، أو اختارت العرى والماكياج وعمليات التجميل وشفط الدهون. كلها اختارتها بإرادتها الحرة، وينقلب الألم عندها إلى لذة والحزن يصبح سعادة، وضرب الحبيب مثل أكل الزبيب.
حين كنت طالبة فى كلية الطب (عام 1954) لم تكن هناك طالبة محجبة إلا واحدة اسمها خديجة، تجلس فى ركن بعيد منكفئة على كتاب، ثم رأيناها ذات يوم فى ركنها وإلى جوارها طالب اسمه عمرو، وانتشرت قصة الحب بينهما، ثم انقطعت خديجة عن الدراسة وتزوحت عمرو الذى أصبح من الأطباء الناجحين فى السبعينيات، وأحد الدعاة الإسلاميين المشهورين.
حين كانت ابنتى بالجامعة (عام 1981) كانت أغلب الطالبات محجبات، وكان طلاب الجماعات الإسلامية ينتشرون فى الفناء، يهددون البنات غير المحجبات، يكسرون الآلات الموسيقية فى الحفلات، ويضربون من يتصدى لهم بالجنازير والمطاوي، وكان الداعية الشهير يردد الحكايات فى الميكرفونات عن الثعبان الأقرع وتعذيب الكافرات غير المحجبات، وتعليقهن من شعورهن فى القبور.
فى مايو 2008 أصدرت الحكومة المصرية قانونا يمنع ختان البنات، مع ذلك زادت نسبة المختتنات والمحجبات والمنتقبات، مع تزايد سطوة التيارات الإسلامية السياسية، وكانت قوافلهم تحمل اطباءهم للقرى والمحافظات، بمشارطهم وأسلحتهم وكتبهم ينشرون أوامر الله يجرون عمليات الختان يزوجون القاصرات، ويحجبون الطفلات بالمدارس الابتدائية.
قالت طفلة فى التليفزيون «أنا اخترت حجابى» فصفقت لها الإعلامية وفى عام 2012 المحجبة وضحكت الطفلة بدموع كالبكاء.
لمزيد من مقالات د.نوال السعداوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.