فتحت مراكز الاقتراع فى السودان أمس أبوابها أمام الناخبين لاختيار مرشحيهم فى الانتخابات العامة، التى تستمر ثلاثة أيام، ومن المتوقع أن تنتهى بولاية جديدة للرئيس عمر البشير مدتها خمس سنوات إضافية، وذلك فى ظل مقاطعة أحزاب المعارضة. ويختار السودانيون رئيسهم ونوابهم فى تلك الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وينافس 15مرشحا ليسوا معروفين فى الساحة السياسية الرئيس الحالى عمر البشير، الذى يطمح لولاية رئاسية جديدة بعد26 عاما فى الحكم، ومن المتوقع أن يفوز فيها بسهولة. وتنظم الانتخابات على ثلاثة أيام، وتشمل إضافة إلى انتخاب الرئيس لولاية من خمس سنوات، اختيار354 عضوا فى البرلمان وأعضاء مجالس الولايات. ويتوقع صدور النتائج نهاية الشهر الحالى. ومن المتوقع أيضا أن يفوز حزب المؤتمر الوطنى الحاكم بالانتخابات التشريعية. وبدت الشوارع هادئة فى العاصمة الخرطوم ، إذ أعلنت الحكومة السودانية فى وقت متأخر من مساء أمس الأول، اليوم الأول من الانتخابات عطلة رسمية. وقد بدأ العديد من سكان الخرطوم عشية الانتخابات أقل حماسة للمشاركة بها. وبحسب قول بعضهم فإن "الجميع يعلم نتائج تلك الانتخابات مسبقا". وهذه الانتخابات التعددية الثانية فى السودان منذ سيطرة البشير على الحكم فى العام 1989، عقب قيامه بانقلاب عسكرى بدعم من الإسلاميين ليطيح بحكومة منتخبة ديموقراطيا. وقد فاز البشير فى عام 2010 بالانتخابات الرئاسية التى قاطعتها أحزاب المعارضة ولاحقتها الانتقادات بعدم احترام المعايير الدولية. وفى ظل حكم البشير، شهد الاقتصاد السودانى تراجعا ملحوظا خصوصا بعدما فقد حوالى 75٪ من احتياطاته النفطية مع انفصال جنوب السودان فى عام 2011. ويتزامن ذلك مع استمرار النزاعات فى منطقة دارفور منذ 2003، وفى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ عام 2011. وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق البشير عام 2009بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى دارفور، وأخرى عام 2010 بتهمة ارتكاب إبادة. وتعهد متمردون بتعطيل العملية الانتخابية فى المناطق الثلاث التى تشهد نزاعات، وبرغم تأكيد مسئولين أن المتمردين لن يعطلوا الانتخابات فى مراكز الاقتراع البالغ عددها 7100 فى جميع أنحاء البلاد. إلا أن العملية الانتخابية لن تنظم فى إحدى دوائر دارفور وفى سبع دوائر فى جنوب كردفان وذلك لأسباب أمنية. وتتهم منظمات حقوق الإنسان البشير بقمع المعارضة عبر حملة تنال من الإعلام والمجتمع المدنى. وانتقد الاتحاد الأوروبى الانتخابات السودانية. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى فيديريكا موجيرينى، إنه لا يمكن للانتخابات المقبلة أن "تعطى نتائج ذات مصداقية وقانونية فى كل أنحاء البلاد، بعض المجموعات مستبعدة والحقوق المدنية والسياسية منتهكة". ومن جهتها حذرت كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا من "غياب أجواء تساعد على إجراء انتخابات نزيهة". أما أحزاب المعارضة فدعت الناخبين إلى عدم المشاركة فى التصويت، معتبرة أن الأوضاع فى البلاد لا تسمح بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة. واتهمت منظمات حقوق الإنسان الأجهزة الأمنية بقمع المعارضة قبل الانتخابات. وفى مدينة بور سودان فرقت الشرطة أمس الأول مظاهرة صغيرة معارضة للانتخابات. كما تظاهر نازحون فى مخيم كلمة فى ولاية جنوب دارفور ضد الانتخابات فى مقر بعثة حفظ السلام المشتركة التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى "يوناميد". أما الحكومة فوصفت على لسان إبراهيم غندور مساعد الرئيس السودانى تلك الانتخابات ب"التاريخية". ويتنافس44 حزبا فى انتخابات البرلمان وأعضاء مجلس الولايات فى بلاد يبلغ عدد سكانها 38 مليون نسمة، ويحق لأكثر من13 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم ،وفق المفوضية القومية السودانية للانتخابات. ويراقب العملية الانتخابية 15 منظمة دولية من بينها جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقى والهيئة الحكومية للتنمية فى شرق إفريقيا "إيجاد". وفى غضون ذلك ، جددت قيادات المعارضة الموقعة على اتفاق "نداء السودان"فى ديسمبر الماضى دعوتها لمقاطعة الانتخابات ، وحثت السودانيين على العمل الجدى لإسقاط النظام الحاكم ، كما طالبت الرئيس عمر البشير بالتنحى عن سدة الحكم. ويقاطع الانتخابات الرئاسية والتشريعية بالسودان مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية البارزة على الساحة السياسية السودانية، منها حزب الأمة القومى، وحزب المؤتمر الشعبى، وحركة الإصلاح الآن، والحزب الشيوعى، لعدم قناعتهم بتهيئة الساحة السياسية للانتخابات، وتحفظهم على إجراءات قيامها، ومطالبتهم بتشكيل حكومة قومية قبل البدء فى تنظيم الانتخابات. ومن جانبه، قال رئيس بعثة الجامعة العربية لمراقبة الانتخابات السودانية السفير علاء الزهيرى، إن الجامعة تولى أهمية قصوى لموضوع الانتخابات كاستحقاق دستورى أساسى فى مسيرة الديمقراطية بالدول العربية .وأشار إلى أن بعثة الجامعة تتكون من 40 مراقبا، وأنه تم نشر فرق بعثة الجامعة العربية فى الولايات السودانية المختلفة لمتابعة سير عملية الاقتراع .