بدأ باعتراض سياتل.. جدل في أمريكا بسبب مكافآت كأس العالم للأندية 2025    تقارير: ريال مدريد يتجه إلى تجديد عقد روديجر لمدة موسمين    تقارير: باريس يفتح باب الرحيل أمام كانج لي وجونزالو راموس    رئيس جامعة أسيوط التكنولوجية يشارك في ورشة عمل الفضاء والتنمية المستدامة    مواعيد عمل البنوك بعد عيد الأضحى المبارك    وزير الدفاع الأوكراني: الوفد الأوكراني اقترح على ممثلي روسيا عقد اجتماع آخر في نهاية يونيو    يديعوت أحرونوت: وفد إسرائيل لن يذهب إلى الدوحة للتفاوض    تفاصيل الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم بحضور وزيرة البيئة.. صور    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    إرتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 75 جنيهًا    مجدي عبد العاطي يعلن استقالته من تدريب الاتحاد    السيطرة على حريق شب في عقار مكون من أربعة طوابق بشبرا الخيمة.. صور    وزيرة التنمية المحلية توجه برفع درجة الاستعداد بالمحافظات لاستقبال عيد الأضحى    هنو في مناقشات أزمة بيوت الثقافة: بعض الموظفين لا يذهبون لعملهم منذ 7 سنوات.. ومسلم يرد: مسئولية الحكومات المتعاقبة    وزير الصحة يستقبل الرئيس التنفيذي لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة لبحث الفرص الاستثمارية وتطويرها    برواتب تصل إلى 350 دينارا أردنيا.. وظائف خالية اليوم    في أول أيام تشغيله بالركاب.. «المصري اليوم» داخل الأتوبيس الترددي (تفاصيل)    صدمتهما سيارة «نقل ثقيل».. إصابة سائحين بولنديين في حادث بطريق سفاجا - الغردقة    تسرب 27 ألف متر غاز.. لجنة فنية: مقاول الواحات لم ينسق مع الجهات المختصة (خاص)    ارتفاع أسهم شركات الصلب بعد مضاعفة ترامب الرسوم الجمركية على المعادن إلى 50 %    تخفي الحقيقة خلف قناع.. 3 أبراج تكذب بشأن مشاعرها    وزير الثقافة ينفي إغلاق قصور ثقافية: ما أُغلق شقق مستأجرة ولا ضرر على الموظفين    دعاء السادس من ذي الحجة.. اغتنم هذه الأيام المباركة    محلل سياسي: انتخاب نافروتسكي رئيسا لبولندا قد ينتهي بانتخابات برلمانية مبكرة    الأرض تنهار تحت أقدام الانقلاب.. 3 هزات أرضية تضرب الغردقة والجيزة ومطروح    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    أسعار النفط ترتفع 3.7%.. وبرنت يسجل 65.16 دولاراً للبرميل    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    وزير الخارجية: هناك تفهم مشترك بين مصر وواشنطن حول الأولوية الكبرى للحلول السياسية السلمية    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    دنيا سامي: مصطفى غريب بيقول عليا إني أوحش بنت شافها في حياته    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    رئيس وزراء بريطانيا يحذر من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    كي حرارى بالميكرويف لأورام الكبد مجانا ب«حميات دمياط »    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    «الإصلاح والنهضة»: نطلق سلسلة من الصالونات السياسية لصياغة برنامج انتخابي يعكس أولويات المواطن    موسم رحمة وبهجة لا تعوض.. كيفية إحياء يوم النحر وأيام التشريق    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم والصحافى والسياسى
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 04 - 2015

هناك معادلة مستقرة للعلاقة بين هؤلاء الثلاثة، تعرفها الدولة التى سارت على طريق الإستقرار والتنمية والفعالية السياسية، هذه المعادلة تقوم على حدود واضحة لدور كل منهم، وعلاقة راسخة بينهم، بحيث لا يتم تبادل أو تداخل أو تصارع الوظائف والأدوار
وبحيث يبنى كلٌ منهم على الآخر ، وينتقل بما قدمه خطوة للأعلى، كل ذلك يتم فى علاقة تناغمية فى قمة الإنسجام، تحقق أعظم النتائج للمجتمع، وأفضل الفوائد للإنسان.
ففى الولايات المتحدة مثلا ينظر الجميع للجامعات وما فيها من مراكز بحوث، ولمراكز البحوث المستقلة، ولبيوت الخبرة Think Tanksعلى أنها جميعا مصدر الأفكار التى تنهض بالمجتمع وكل فعالياته الإقتصادية والثقافية والصحية….الخ، فعادة تخرج الفكرة من عالم أو فريق من العلماء والباحثين سواء أكانوا متخصصين فى العلوم الطبيعية مثل الطب، أو العلوم الإجتماعية مثل الإقتصاد والسياسة، أو الإنسانيات مثل الأدب والفلسفة والفنون، تخرج الفكرة الجديدة من واحد من هؤلاء؛ فتلتقطها الصحافة والإعلام المرئى والمسموع، وتتناولها بالتحليل والنقاش والتمحيص والنقد لفترة من الزمن تحقق المعرفة المجتمعية بها، حيث عادة تتناول هذه الموضوعات البرامج الحوارية المحترمة فى المحطات التليفزيونية الجادة، وقد يمتد هذا الحوارحول فكرة واحدة من أسابيع إلى شهور؛ بحيث يعيش المجتمع كله هذه الحالة من الحوار الجاد، فإذا ما إستقرت الفكرة دخلت إلى حلقة السياسة، وأصبحت من القضايا التى يتم تبنيها سياسيا من أحد الفاعلين السياسيين، ثم تتحول إلى سياسة عامة PublicPolicyفى مجالها، أو إلى مشروع عملي، أى تنزل إلى الواقع التطبيقى فى المجتمع.
وهنا تتضح بجلاء طبيعة العلاقة بين العالم والصحافى والسياسي، كل منهم له مجال للحركة، ومنطقة للتميِّز والإبداع، ودور يؤديه لخدمة المجتمع وبناء الحضارة، وكل منهم يحترم دوره ووظيفته ويؤديهما بسعادة، فواحد ينتج الأفكار والثانى يصنعها ويغلفها ويسوقها، والثالث يطبقها فى أرض الواقع ويحقق الفائدة منها، ولا يستطيع المجتمع الاستغناء عن أى منهم، ولا يستطيع أى منهم أن يقوم بدور أخيه لأن لكل دور طبيعة ومتطلبات لا تتوفر فى الآخر.
ولننظر فى عالمنا العربى عامة ومصر خاصة…ماذا سنجد؟…للأسف الشديد سنجد معادلة أخرى هى سمك ولبن وتمر هندي، سنجد تداخلاً وتصارعاً وتبادلاً للأدوار من أشخاص معظمهم ليسوا مؤهلين لأداء أى من هذه الأدوار الثلاثة ولا ينتمى الواحد منهم إلى أى منها، فقط وجد نفسه فى وظيفة تتعلق بأحد هذه الأدوار دون أن يملك مؤهلاتها، ولم يصل إليها بعلم ولا خبرة ولا مهارة، وإنما وصلت الوظيفة إليه بحكم الوراثة أو القرابة أو النسب أو المحسوبية أو الرشوة أو أشياء أخرى يعف عنها اللسان، هؤلاء جميعاً فى المواقع الثلاثة لا يعرفون طبيعة الدور فى كل موقع ولا متطلباته ولا حدوده.
ليس هذا فحسب بل المأساة الكبرى أن الصنف الأول، وهو العالم، إنقرض ولم يعد له وجود، فبنهاية الجيل الذى بدأ تعليمه فى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، جيل حامد ربيع، وجمال حمدان، وعز الدين فودة، وزكى شافعي، وأحمد مستجير، وسمير أمين، وأنور عبدالملك، وحامد عمَّار، وحسن فتحي، وسامى النشار، وعائشة عبدالرحمن….الخ، بعد هذا الجيل ظهر جيل من الشرَّاح والنَقَلَةِ والتلاميذ الذين يرتزقون من تراث أساتذتهم، أما الجيل الثالث الموجود على الساحة اليوم فلا يعرف معنى العلم، ولا منهجه ولا أخلاقياته، العلم بالنسبة لهذا الجيل سبوبة مثل سمسرة العقارات أو تسمين العجول أو بوتيك للملابس الداخلية، العلم بالنسبة لهم وظيفة لأكل العيش، ومن هنا أصبحنا نعيش مع طرفين من المعادلة هما الصحافى والسياسي.
ولأن الساحة مفتوحة أمام الصحافى والسياسى فقد أصبحت علاقتهما فى حالة صراع وإبتزاز دائم، الصحافى يملك مساحة من الصحفية، أو فترة من زمن بث الفضائيات، يوظفها لبناء القوة وتضخيمها أمام السياسي، ويبتز السياسى طوال الوقت بتأليب الجماهير ضده، مستفيدا من أن الجماهير لها عقول الببغاوات وطبيعة القطيع، خصوصا فى المجتمعات التى تسود فيها الأمية بصورها المختلفة، ولذلك أصبح الصحافى يملك معظم أوراق اللعبة، فقد استطاع أيضاً أن يحل محل العالم، أو انقلب العالم إلى صحافي، وعدد أساتذة الجامعات الذين تحولوا إلى مذيعين ومذيعات كبير، بما يؤكد أن العمل كمذيع أو مقدم برنامج هو أرقى وأفضل من العمل أستاذاً فى الجامعة.
والأمثلة على هذه الحالة يصعب حصرها؛ فهى حاضرة فى كل ما تمر به مصر، خصوصا منذ يناير 2011 حيث إنفلت عقال كل شيء فى مصر، ولعبت وسائل الإعلام الدور الأساسى فى ظل غياب الدولة ومؤسساتها، أو تراجعها. ولكن المثال الأوضح الأن هو مشاركة مصر فى تصحيح الأوضاع فى اليمن بما لا يهدد أمن مصر القومي، فقد ظهر جليا أن الطبقة التى تمتهن الثقافة والفكر والإستراتيجية والإعلام طبقة ينقصها المكون العلمي، فهم سياسيون أو متحدثون باسمهم وإعلاميون، ولا يوجد جمال حمدان أو حامد ربيع أو عزالدين فودة رحمهم الله جميعا، لذلك ارتبك الخطاب المصري، وتشتت وتضارب بصورة تنال من الإنجاز السياسى والعسكري، وتضعف من تأثيره، فقد تسرَّع كل صاحب صوت مسموع وتبنى رأيا وظل يدافع عنه، وينتهز الذرائع لتأكيده، ويكفى أن نذكر أن واحداً من أكابر الكتاب أعتبر موقف البرلمان الباكستانى بالحياد فى الأزمة اليمنية نموذجا يجب أن تحتذى مصر حذوه…؟!
موقف غريب عجيب، حيث لا مقارنة بين مصر وباكستان فى هذه الأزمة على الإطلاق، باكستان لا علاقة لها بما يحدث فى اليمن، ولا تأثير لليمن عليها بأى صورة من الصور، أما مصر فاليمن باب البيت الذى سوف نندب على الخدود من الحسرة لو وقع مفتاح الباب فى يد إيران، وباكستان فيها من الشيعة الكثير الذين سوف يؤلبهم ضد الحكومة أى موقف ضد شيعة اليمن، ويكفى أن نتذكر أن الحزب الحاكم السابق والحليف الحالى حزب الشعب هو بقيادة شيعية من ذى الفقار على بوتو إلى بنظير بوتو إلى آصف على زرداري، وباكستان لها حدود مع إيران…فما هو المنطق الذى يلزم مصر بنفس موقف باكستان، الحقيقة أنه لا يوجد فى مصر منطق علمى بالمعنى الذى ذكرناه فى بداية المقال لخروج العالم من المعادلة، وhنفراد الصحفى والسياسى بالدولة والمجتمع.
لمزيد من مقالات د. نصر محمد عارف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.