دور النساء فى التراث الشعبى بصعيد مصر موضوع كتاب بعنوان "أغانى النساء فى صعيد مصر .. الأعراس – البكائيات - التحنين" تأليف محمد شحاتة على, الذى يؤكد أن المرأة فى الصعيد هى حجر الزاوية فى كل الأمور سواء داخل المنزل أو فى الحقل أو فى المناسبات المختلفة، بمعنى أن دورها دائما ما كان بارزا, بعكس ما وصفته الكتابات والأعمال الدرامية والفنية، وأن القيود التى كانت تحيط بالمرأة فى مجتمع الصعيد كانت فى المقام الأول للحفاظ على مكانتها وكرامتها. ينقسم الكتاب, الذى صدر عن سلسلة الثقافة الشعبية بالهيئة العامة للكتاب, إلى ثلاثة أقسام رئيسية, بالإضافة إلى جزء تمهيدى عن مركز البدارى بمحافظة أسيوط محل البحث، وجزء ختامى عبارة عن ملحق لصور توضح أنشطة النساء فى المنطقة محل البحث، وهى أنشطة تنتمى بشكل كبير للموروث الشعبى. أغانى الأعراس الشعبية يستعرض الكاتب فى الجزء الأول الأغانى الشعبية التى تغنيها النساء فى الأفراح ، لافتا إلى أنها ليست أغانى للترفيه والتسلية فقط، إنما نجد فى معانيها تجسيد للعادات والمعتقدات المرتبطة بالزواج والخطبة والصباحية وغيرها من مناسبات الزواج، كذلك تؤدى دورا مهما وهو النصح والإرشاد للعروسين حول كيفية التعامل مع بعضهما البعض بعد الزواج، وأيضا يقدمون النصح للعروس فى التعامل مع حماتها. وبعد أن يفصِّل الكاتب الطقوس الشعبية للزواج بدءا من الخطبة وحتى "سبوع" الزواج، ينشر نصوصا لأغانى الأعراس الشعبية مثل أغانى الخطوبة وأغانى الحنة وأغانى ليلة الدخلة وأغانى السبوع، منها دعوة أم العريس أحبابها لحضور عرس ابنها: أم العريس ولا حد لاقيها دايرة البلد تدعى مداعيها أم العريس ولا حد واجدها دايرة البلد تدعى حبايبها وأغنية للعريس قبل ذهابه لخطبة عروسه: على كوبايتها يا وله على كوبايتها قبل ما تخطب يا وله شوف شطارتها على كبابيها يا وله على كبابيها قبل ما تخطب يا وله شوف أهاليها أغانى الوفاة "العَديد" ويبدأ هذا الجزء بمعنى "العَديد" وهى جمع "عَدُّودة" أى ما يُقال من شعر شعبى عند الموت وهو وظيفة المرأة فقط ، ويشبه كثيرا "دعاء الجاهلية", أى يقول أهل الميت من النساء,أو "المعددات" المحترفات, كلاما فيه معانٍ قد تتنافى مع الدين والأخلاق مثل الاعتراض على الموت نفسه، ولطم الخدود وشق الجيوب، ثم يستعرض المؤلف هذه العادات بدءا بلحظة إعلان الوفاة وحتى دفن الميت وتلقى العزاء.. ثم يورد ما وقف عليه من أغانٍ شعبية فى هذا الشأن، فيبدأ بعدودة على فقد الأم تقول: أنا داخلة والباب خد وشى مفيش حبيبة تقول لنا خُشى أنا داخلة والباب خد راسى مفيش حبيبة تقول لنا طاطى ومن أغانى المرأة التى تفقد زوجها (على لسان الزوج): تتوحشينى لو كنت انا برَّة وإيش حالِك لما غبت بالمرة تتوحشينى لو كنت انا ف الغيط وايش حالِك لما غبت انا ومشيت و"تعدد" المرأة إذا مات أبوها (فى شكل حوار بينها وبينه): قبل ما تروح يا ابوى وصِّيت عليّا مين؟ ساعة الوصية كان لسانى تقيل قبل ما تروح يا ابوى وصِّيت عليا الناس؟ ساعة الوصية كان اللسان متحاش وغيرها من البكائيات التى يستفيض المؤلف فى رصدها، ورصد المواقف التى تنشدها النساء فيها. أغانى التحنين (الحج) وهى تلك الأغانى المنغمة ذات الإيقاع الهادئ والتى تغنيها النساء فى وقت توديع الحجاج أو وقت عودتهم او أثناء غيابهم فى رحلة الحج، ويعبر ذلك الغناء عن الشوق والحنين لزيارة الأراضى المقدسة ووصف المناسك، وسمى ذلك النوع من الغناء بالتحنين لأن الناس يقولون للمسافر للحج: "حج مبرور وذنب مغفور، والله يحنن عليك". وذلك لما كان الحاج يلاقيه –فى الماضى- من مشاق فى رحلة السفر، وسميت أيضا "تحنين" لما بها من حنين لزيارة الأراضى المقدسة، وحنين الحاج لأهله - أو حنين أهله إليه- فى رحلته التى كانت تستغرق شهورا. وكعادته، بعد أن يستعرض المؤلف العادات الشعبية التى تصاحب رحلة الحج، وطقوس استقبال الخبر ووداع الحاج ثم استقباله بعد عودته، يرصد الأغانى الشعبية التى تؤديها النساء فى هذه الطقوس، ومنها: فوق جبل عرفات ينادى المنادى روحوا يا حُجاج بلغتوا المرادى فوق جبل عرفات ينادى عطية روحوا يا حُجاج زيارة هنية وتغنى النساء للمسافر للحج "بحرا": وريِّس الباخرة قال هات يدك خدتكم طيبين عقبال ما اردك وريِّس الغليون قال هات ايدك خدتكم طيبين عقبال ما اجيبك وريِّس الغليون هو المسئول عن المركب التى تنقل الحجاج.