يقولون إن "شر البليِّة ما يُضحك".. لكنى لا أجد فى نفسى القدرة على الضحك من هذه البليَّة التى تستحق أن نبكى معها دماً.. فهذا الأسبوع وصل الأمر بالمدعو إسلام بحيرى إلى ذروة ما لم أجد له وصفاً فى قاموسى "المؤدب". أعلن بحيرى رفضه لكل تفاسير القرآن ووصفها بأنها "مهزلة"، ووجه الدعوة ل"كل الناس" لتفسير القرآن، قائلا: "كلنا نفسر القرآن.. كلكم من حقكم، وياما بتجيلي رسايل وجهة نظر شخص عادى جداً يقول لك: أنا شفت الآية دى كذا ليها علاقة بكذا. وتبقى أفكار عبقرية.. وثِق فى نفسك.. أيوه انت تفسر.. وتفسر تفسير هنحط له أصول". وبلا أى مزاح أقول إننى فور سماعى لهذا التخريف وجدت ذهنى يذهب إلى عم محمد البقال، وهو رجل طيب لم يقرأ فى حياته كتاباً واحداً، لكنه لا يفعل شيئاً دون العودة للمسجد، فيطلب حكم الشرع فيما سيفعل بشرط أن يكون الجواب مدعوما بدليل من الكتاب والسنة وبقول أحد أئمة السلف... تساءلت: ماذا لو فكر عم محمد البقال فى وضع تفسير للقرآن على الأصول التى وضعها بحيرى؟! وبحيرى هذا هاجم الأزهر ورجاله ولم يعترف بعلمهم، ورفض كل المذاهب الفقهية، واجتزأ كلام الأئمة، فأخذ منها ما يفيد رأيه وترك فقرات أخرى لو قرأها لكشف الجميع كذبه وتدليسه عليهم. والأحاديث الصحيحة عنده هى ما يحكم وحده أنها صحيحة، مع العلم أنه دعا لتكذيب الأحاديث النبوية كلها، وطالب المسلمين بعدم الخوف من تكذيبها قائلا: "أقوى حديث فى الدنيا ظنى الثبوت" وأضاف: "مافيش حد هيحاسبك فما تقلقوش من الكلام ده"... وفى حلقة أخرى قال إن "كل الأحاديث تخالف القرآن".. أما عن القرآن فقد رفض كل التفاسير ووصف أسباب النزول بأنها أكبر كذبة، وقال إن نصوص القرآن ليست حدود أمامية بل حدود خلفية، وبناء عليه فإنه يرفض تطبيق آيات الميراث ويصفها بأنها "حسبة قديمة"، ويرفض تطبيق آيات الردة بزعم أنها كانت أيام النبى صلى الله عليه وسلم فقط، وكلما غلبته الحيرة فى البحث عن شئ يخترعه ليخالف به فهم المفسرين لآية معينه، يدَّعى أنها نزلت فى زمن معين لحادث معين لا يُقاس عليه، أى أن الآية قد انتهى عملها ولم يعد لها فائدة.. (لاحظ أنه رغم ذلك لا يعترف بأسباب النزول). أما عن الصلاة فلأول مرة أرى من يدعو المصلين للسهو فى الصلاة، فيقول: "يا عم عادى الصلاة أصلاً مطلوب فيها الأداء الجسدى، حتى كل اللى بتقوله هى سُنن يعنى ممكن الواحد مايقولوش خالص"، ويصف من يدعون المسلمين للخشوع فى صلاتهم بأنهم "خلوا الصلاة شئ غريب"... أضف إلى ذلك سوء أدبه مع الله عز وجل الذى وصل إلى قوله إن أشياء تحدث على غير إرادة الله. كل ما سبق جعلنى أتساءل: ماذا يريد إسلام بحيرى؟! الجواب الوحيد الذى يمكن أن أتخيله هو أنه يريد ديناً يعتمد فى قواعده وثوابته على مرجعيتين: الأولى الأحاديث التى صححها هو وأخذها عن النبى صلى الله عليه وسلم مباشرة "كده خبط لزق"، فلا يوجد صحابة ولا تابعين ولا أئمة ولا علماء بينهما، والشخص الوحيد الثقة بعد النبى هو إسلام بحيرى. أما المرجعية الثانية فهى كتاب "تفسير القرآن" تأليف عم محمد البقال على أصول إسلام بحيرى.. هكذا يريد هذا الشخص أن يكون دين الإسلام العظيم.. وإلى الله المشتكى.