بعد مرور أكثر من عام علي التحقيقات في البلاغات المقدمة من بعض العاملين بمكتبة الإسكندرية ضد الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة انتهت نيابة الأموال العامة إلي إستبعاد شبهة جرائم العدوان العمدي علي المال العام. وقيد الأوراق جنحة إهمال أو إساءة استعمال السلطة المخولة للموظف أو المدير العام وذلك في البلاغ رقم97 لسنة2011, وكان بعض العاملين بالمكتبة قد تقدموا للنائب العام ب117 بلاغا ضد ه وبعض المديرين بالمكتبة بتهم تتعلق بالفساد والعدوان علي المال العام, إلا أن إستبعاد هذه التهم أحال القضية إلي الجنح بدلا من الجنايات... فهل يغلق هذا القرار ملف المكتبة المشتعل ؟ يقول هشام عبد ربه محامي الدكتور إسماعيل سراج الدين إن التحقيقات في هذه البلاغات قد إستمرت لأكثر من13 شهرا, وتضمنت فحص أكثر من اثنين وعشرين ألف مستند لتنفي في النهاية شبهة الفساد, وتنتهي إلي أن تهمة الإهمال تنحصر في3 نقاط هي عدم إسناد واجبات وظيفية لعدد110 موظفين بالمكتبة وهم( المثبتون) وتقديم44 موظف إستقالتهم وإعادة تعيينهم بطريقة التعاقد وصرف ما يقرب من32 مليون جنيه تبين من خلال التحقيقات أنها رواتب المثبتين والمتعاقدين لمدة عشر سنوات من2001 إلي2010, أما الإتهام الثاني فهو مخالفة شروط وثيقة التأمين للعاملين بالمكتبة وإيقافها وتصفيتها قبل إنتهاء مدتها بعد رفض العاملين الاستمرار فيها. أما الإتهام الثالث فكان تأجير عدد من المحال الموجودة بالمكتبة بالأمر المباشر بدون توافر الشروط الواردة بلائحة التعاقد, وبقيمة إيجارية تقل عن القيمة الطبيعية بما يقرب من خمسة ملايين جنيه. وكانت مكتبة الإسكندرية قد شهدت علي مدي عام كامل العديد من الاعتصامات بسبب المظالم التي أكد العاملون أنهم يتعرضون لها وفساد بعض المديرين والتفاوت الكبير في الدخول بين العاملين والمديرين, فتعهد سراج الدين بحل هذه المشاكل وتعديل قانون التعاقد وتشكيل رابطة للعاملين. ثم انفجر الموقف حينما أصدر سراج الدين قرارا بالإستغناء عن4 من العاملين بإدارة الأمن ومد خدمة41 آخرين لمدة6 أشهر فقط, فإستشعر العاملون الخطر و بدأت حرب التوقيعات التي تطالب بإقالته, وأخري تطالب بالإبقاء عليه حفاظا علي صورة المكتبة مع الاكتفاء بإقالة المديرين الذين يثبت تورطهم في الفساد وتعديل بعض اللوائح.. ثم ظهرت بعض الإتهامات بأن من يدير الأزمة هم السلفيون الذين يحاولون الاستيلاء علي المكتبة, ثم أصدر مجلس أمناء المكتبة بيانا أكد فيه دعمه لسراج الدين وللشرعية القانونية, ودعا عدد من الموظفين إلي ضرورة التحاور وإعادة المفصولين وتطهير المكتبة من الفساد. وبالفعل إستجاب الدكتور سراج الدين وتم إنهاء خدمة بعض المديرين وتعهد بتنفيذ ال18 بندا التي تم الإتفاق عليها بوساطة من المستشار محمود الخضيري عضو مجلس الشعب, ورغم ذلك تعالت الأصوات بضرورة رحيل الدكتور سراج الدين نفسه علي إعتبار أنه من فلول النظام السابق, وهنا إنقسم العاملون بالمكتبة وكثرت الاشتباكات التي وصلت إلي حد إغلاق المكتبة أمام الزوار والأفواج السياحية والباحثين ومنع المديرين من الدخول. ثم كانت المفاجأه كما يقول أحد المعتصمين حينما قام سراج الدين بخصم جزء من200 معتصم بمبالغ بدأت من250 جنيها بحجة عدم وجود المعتصمين في أعمالهم. ومن ناحية أخري أكد مصدر مسئول بالمكتبة أن الخصم جاء علي خلفية وضع نظام لوجود العاملين داخل أعمالهم, حيث كان المعتصمون يحضرون إلي المكتبة ويرفضون تنفيذ أي أعمال, كما أكد المصدر أن صدور قرارإعادة هيكلة قسم الأمن أثار حفيظة الكثيرين بحجة عدم الكفاءة, وأن هؤلاء الأشخاص كانوا من المعترضين أصحاب الأصوات العالية لذا تم ترقيتهم, فقام بعض المعتصمين بالهجوم علي مكتب الدكتور سراج الدين وإحداث تلفيات بالمكتب, وقام أحدهم بإحداث حريق ليتمكن من فتح الأبواب الإلكترونية للوصول إلي مكتب المدير, وقاموا بمحاصرته وتوجيه السباب للموجودين, وحضر اللواء خالد غرابة مدير أمن الإسكندرية وأفراد من الجيش وقاموا بإخراج الدكتور سراج الدين من شرفة مكتبة خوفا من إحتكاك المتظاهرين به, ولكن المعتصمين حينما فوجئوا بعد مرور الساعات بعدم وجود سراج الدين بمكتبه صبوا جام غضبهم علي صلاح سليمان مستشار مدير المكتبة, وأجبروه علي كتابة استقالته إذا أراد الخروج من الباب, وإلا فإن عليه الخروج من الشرفة وراء الدكتور سراج الدين فما كان منه إلا أن كتب استقالته بخط يده وخرج... وفي المقابل أكد المصدر أن إسماعيل سراج الدين قام بتحويل أحد الموظفين للتحقيق الداخلي, وأوقفه عن العمل بتهمة اقتحام مكتبه, وإتلاف البوابات الخاصة به كما أمرت النيابة بإستدعاء6 موظفين من معتصمي المكتبة, بعد أن اتهمهم سراج الدين بسبه و قذفه, والإعتداء عليه أثناء تأدية عمله, وإتلاف بعض المقتنيات. ومازالت الأحداث تتلاحق داخل المكتبة التي تراجع عدد زوارها في عام.2011 وعلي الجانب الآخر أكد الدكتور حسن البرنس عضومجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة بالإسكندرية أن قرار نيابة الأموال العامة بإستبعاد شبهة جرائم العدوان العمدي علي المال العام وقيد الأوراق جنحة إهمال ليس نهاية المطاف وأن الفترة المقبلة سوف تشهد إستجوابات في مجلس الشعب خاصة بمكتبة الإسكندرية ورئيسها الدكتور إسماعيل سراج الدين وأن المشكلة تكمن في الإرتباط اللصيق بين شخصية الدكتور سراج الدين والنظام السابق الذي كان معروفا للكافة, وأن المكتبة وعلي رأسها الدكتور سراج الدين كانت قائمة لخدمة منظومة سوزان مبارك حرم الرئيس السابق, ولذا كان علي الدكتور إسماعيل سراج الدين تقديم استقالته فور سقوط النظام عملا بالنظم والقواعد المتبعة في الدول الديمقراطية خاصة أن الرئيس السابق كان رئيسا لمجلس الأمناء, وقام بنقل صلاحياته وسلطاته الخاصة بالمكتبة الي زوجته التي تم إتهامها بقضايا فساد وإهدار مال عام وتربح والحصول علي إهداءات بصفتها زوجة الرئيس والتي تم إغلاق التحقيق فيها بمجرد ردها للأموال التي ثبت أنها حصلت عليها, وإن كان هذا لا يعني إنتهاء هذه القضية كما يؤكد البرنس. ومن ناحية أخري فإن إختيار الدكتور سراج الدين رئيسا للمكتبة تم من قبل مجلس الأمناء الذي كان يضم بعض الشخصيات شديدة الإتصال بالنظام السابق. والتي يتم التحقيق مع بعضها بتهم الفساد أو التربح وإستبعاد بعضهم نتيجة للرفض الشعبي, بالإضافة إلي الكم الكبير من الشكاوي من موظفي المكتبة ضد مديرها والتي ينصب أغلبها علي التفرقة في المعاملة, أما الأمر الأخطر كما يقول البرنس فهو أننا كنا نستشعر أن الدكتور سراج الدين كان يسعي إلي صبغ المكتبة بالهوية الغربية العلمانية بعيدا عن المذاق المصري الذي له خلفية إسلامية, وأن المكتبة في النهاية هي ملك للأمة المصرية ولا يمكن أن نسمح بضياعها خاصة بعد ما قامت به زوجة مبارك من محاولات لهدم وتخريب مستشفي الشاطبي المجاور للمكتبة ومحاولة تمرير صفقات لبيع المجمع النظري للكليات ومحاولة بيع أرض السلسلة المطلة علي البحر لأحد الأمراء العرب لتحويله إلي فندق سياحي لتكرار مهزلة شرم الشيخ التي بيعت أرضها بأبخس الأثمان وبواسطة قروض من البنوك المصرية لم تسدد حتي الآن والتي تباع لياليها للسياح الأجانب بأرخص الأسعار وفي المقابل لا تحصل العمالة المصرية علي أي مميزات مقارنة بالأيدي العاملة الأجنبية وفي النهاية علي الرغم من صدور قرار نيابة الأموال العامة بإعتبار القضية مجرد جنحة إلا أن ذلك لم يغلق ملف المكتبة الذي يبدو أنه سيظل الأكثر إثارة وسخونة علي الساحة السكندرية خلال الأيام المقبلة.