منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام وتحديدا فى شهر سبتمبر 2011 اعترض منير فخرى عبد النور حينما كان وزيرا للسياحة على مشروع قرار بوقف تأشيرات الأفراد السياحية من المطار واستطاع إقناع مجلس الوزراء بضرورة إيقاف هذا القرار لتأثيرة السلبى والخطير على حركة السياحة الوافدة إلى مصر مبررا انه سيؤدى إلى خسائر فادحة للاقتصاد القومي..وبالفعل نجح عبد النور وتم وأد مشروع القرار فى حينه.. تذكرت موقف عبد النور بعد ما قرأت بيان وزارة السياحة الذى ينفى عن الوزير تهمة «التحفظ» على القرار!! قرار الحكومة بوقف إصدار التأشيرات السياحية للأفراد من المطار ومنحها فقط لسياحة المجموعات..هو قرار يعنى بكل بساطة خسارة مصر لأكثر من 27% من حجم السياحة الوافدة.. ولأكثر من 3 مليارات دولار مرشحة للزيادة خلال العام الجاري.. ويعنى أيضا أن مصر أصبحت من الدول السياحية الكبرى التى وصلت إلى مرحلة التخمة من السائحين فأرادت تقليص أعدادهم حفاظا على بنيتها الأساسية. الواضح أيضا من هذا القرار أن الحكومة عند إصداره لم تستشر وزير السياحة خالد رامي..لأنها وإن فعلت ستعلم منة بالتأكيد الأثار السلبية الضخمة التى ستقع على الأقتصاد المصري-خاصة وأنة كان مسئولا عن ملف السياحة الألكترونية فى عهد الوزير السابق هشام زعزوع..وهذا النوع من السياحة لمن لا يعلم يصنف على أنه «سياحة غنية» ويستحوذ على 30% من حجم حركة السياحة فى العالم..حيث يقوم السائح بحجز الطائرة والفندق عن طريق وسائل العالم الأفتراضي «الإنترنت» وفقا لأعلى الأسعار بالإضافة إلى إنفاقه على جميع الخدمات التى تقدم لة بداية من التاكسى الذى يستقله من المطار. ومنهم على سبيل المثال السائحون العرب الذين يأتون إلى مصر دون الاستعانة بالشركات السياحية ويصطحبون عائلاتهم والذين يمثلون 18% من حجم الحركة السياحية الوافدة.. وهنا أقول من سوف يتحمل الملايين من الدولارات التى تم إنفاقها على تنشيط السياحة العربية..من سيتحمل تكلفة حملة «مصر قريبة» التى حضر المهندس إبراهيم محلب إنطلاقها من قاعة المؤتمرات. أثبت هذا القرار وبما لا يدع مجالا للشك أن الحكومة تعمل فى جزر منعزلة ولا تلتفت للتشاور مع أصحاب الخبرة الكبار والذين يتحكمون فى أكثر من 90% من حركة السياحة الوافدة إلينا مثل سميح ساويرس وحامد الشيتى وحسام الشاعر ومحمد سمير عبد الفتاح..فمتى تؤمن حكوماتنا إننا جميعا شركاء فى بناء مستقبل هذا الوطن وأن المعرفة ليست حكرا على الوزراء والحكومة فقط بل هناك أصحاب خبرة من أبناء هذا البلد يستطيعون تقديم يد المساعدة للحكومة وقت الحاجة. تداعيات هذا القرار الغريب و«بركاته» حلت سريعا كما أكد لى سميح ساويرس المستثمر السياحى والذى إستحوذ مؤخرا على أكبر شركات السياحة والحجز فى العالم مضيفا أن نسبة تراجع الحركة السياحية فاقت توقعات جميع المحللين بشركات أوروبا حيث وصلت حتى الأن إلى 50%..وهذا الرقم مخيف وينبئ عن كارثة محققة ستلحق بصناعة السياحة فى مصر..وقال أن القرار غير واضح ومبهم ونجح فى فتح المجال للصحف العالمية للتركيز على تداعياته وأسبابه والنيل من الحكومة المصرية. وتساءل ساويرس عن آلية تنفيذ هذا القرار وعن قدرة سفارتنا فى الخارج على إصدار ملايين التأشيرات سنويا..مضيفا أن هناك دولا مثل أمريكا وروسيا والمانيا يحتاج فيها المواطن للسفر إلى 7 ساعات للوصول إلى السفارة ويتحمل نفقات تنقلاته ذهابا وعودة و التى من الممكن أن تصل فى بعض الدول إلى أكثر من قيمة رحلتة إلى مصر.. وهذا سبب كافى كما يؤكد ساويرس لكى يغير وجهته للسفر إلى أى دولة أخرى فى العالم يستطيع إنهاء إجراءات سفره إليها عن طريق «الإنترنت» مضيفا أن هناك دولا كثيرة تنافس مصر وتقدم تسهيلات لا حصر لها من أجل زيادة الحركة إليها. وأكد ساويرس إننا جميعا مع الأمن القومى المصرى وسلامة مصر وشعبها.. ولكن هناك آليات مختلفة أتبعتها دولا عديدة علينا الاستفادة منها..ضاربا المثل بدبى التى تمنح التأشيرة بمجرد صدور حجز الفندق وكذلك أمريكا التى تمنح السائح التأشيرة عبر الإنترنت خلال 24 ساعة مضيفا أن مصر ليست وحدها فى هذا العالم وان هناك دول كثيرة قد سبقتنا وتفوقت علينا ومن الممكن ان نلجأ إليها للأستفادة من تجاربها دون أن نجرب فى أنفسنا وأقتصادنا الذى لم يعد يحتمل. وأضاف ساويرس أنة كان يتوقع أن تقوم الحكومة بالتشاور مع أصحاب الخبرة لبحث تداعيات القرارا والعمل على إصداره بطريقة لاتؤثر على الحركة السياحية و«لقمة عيش» ملايين المصريين الذين ينتظرون زيادة الحركة السياحية «بفارغ الصبر» بعد تضررهم لأكثر من أربع سنوات.. وقال أيضا أنه كان على وزير السياحة أن يحذو حذو وزيرى السياحة السابقين منير فخرى عبد النور وهشام زعزوع عندما رفضا الموافقة على إصدار هذا القرار. مضيفا أن صدور هذا القرار سيحدث بلبلة شديدة داخل أوساط المستثمرين الذين حضروا القمة الاقتصادية فى شرم الشيخ ..وأبدوا رغبتهم فى الاستثمار فى مصر مشيرا إلى أن هؤلاء المستثمرين سيرسلون اسبوعيا فرقا من المساعدين والمتخصصين لدراسة المشروعات والاجتماعات مع الجهات المسئولة..فهل سينتظرون فى طوابير أمام السفارات للحصول على التأشيرة! وأبدى ساويرس تخوفة من تأثير هذا القرار على فرص الأستثمار مطالبا رئيس الوزراء بإلغائه والبحث عن الية إخري. من جهته طالب حسام الشاعر عضو اتحاد الغرف السياحية الحكومة بسرعة إلغاء القرار حتى لا نخسر الموسم الصيفى المقبل..متعجبا فى الوقت نفسة من توقيت إصداره الذى نحج إلى حد بعيد فى ضياع فرصة استغلال النجاح المبهر الذى حققة المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ وقيام جميع الدول المشاركة بالترويج لمصر فى وسائل الإعلام المختلفة. وأبدى الشاعر تخوفه من من قيام شركة «بريتش إير وايز» الإنجليزية بإلغاء رحلاتها التى ستبدأ أكتوبر المقبل والذى ستصل إلى 5 رحلات اسبوعيا مؤكدا أن هذة الرحلات ينتظرها القطاع منذ 4 سنوات لتميزها بإرتفاع أسعارها ونوعية السائحين الذين يأتون على متنها. وقال أن عدم إلغاء الخارجية لهذا القرار سيعنى تراجع أعداد السياح بصورة غير مسبوقة أسوة بما حدث عام 1997. أما الخبير والمستثمر السياحى مطيع إسماعيل فقد تقدم بإقتراح - من وجهة نظره - يحقق التوازن بين أحقية مصر فى ضبط أمنها وبين إستمرار التدفق السياحى ويتلخص رأيه فى قصر فترة الحصول على التأشيرة على 48 ساعة فقط مشيرا إلى أن زيادة مدة الحصول عليها ستعنى القضاء تماما على صناعة السياحة..ومؤكدا أن القرار استثنى السائحين القادمين فى مجموعات حيث سيحصلون على التأشيرة فى المطار.. وهذا الاستثناء فى حد ذاته يتنافى مع مبدأ المساواة بالاضافة إلى أن من يريد النيل من أمن مصر سيدخل وسط هذة المجموعات ولن يذهب للسفارة للحصول على تأشيرة. ..أما على صعيد الإعلام الدولى فنجد.. صحيفة مثل «الجارديان» البريطانية تؤكد على أن هذا القرار سيدمر السياحة المصرية ويعيدها إلى نقطة البداية مرة أخري..وهذة حقيقة يجب علينا تقبلها.. وعلى الدولة أن تستعد للاستغناء تماما عن صناعة كان من الممكن ان تكون الحصان الأسود للاقتصاد..وأستطيع أن أقول أنه حال إستمرار الحكومة فى إصدار قرارات تنال من الحركة السياحية وتتلاعب بها.. فعليها الأن وليس غدا أن تطلق رصاصة الرحمة عليها وتسدل عليها الستار. ..وأخيرا أرجو من رئيس الوزراء إبراهيم محلب أن يعيد النظر فى هذا القرار ويسارع بإلغاءه حتى تستعد الأجهزة المختلفة لتنفيذه وفقا لألية لا تؤثر على الحركة السياحية.