مصر تتفق على تمويلات ميسّرة ب9.5 مليار دولار لدعم الموازنة خلال 2023-2026    البنك المركزي المصري يقرر خفض أسعار الفائدة بنسبة 1%    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    الأهلي يواصل تدريباته استعدادا لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    الداخلية تحبط محاولة غسل 500 مليون جنيه حصيلة تجارة المخدرات    الخارجية الروسية: الاتحاد الأوروبي يراهن على تصعيد الصراع الأوكراني من أجل المال    أردوغان يستقبل البرهان في أنقرة    إصابة شابين فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي وهجمات المستوطنين    محافظ الدقهلية يتفقد سوق الخواجات ويشدد على إصدار قرارات غلق للمحال    روسيا: نحلل خطة السلام الأمريكية بشأن أوكرانيا    هل يمنح اتفاق تبادل الأسرى هدوءاً نسبياً لليمن؟.. ترحيب عربى ودولى.. تبادل 3000 أسير ومختطف برعاية الأمم المتحدة.. توقعات بأن يشمل الإفراج عن قيادات بارزة بحزب الإصلاح.. مجلس الأمن: ندعم السلام فى اليمن    رئيس جامعة كفرالشيخ يلتقي بالطلاب الوافدين ويؤكد الحرص على تقديم بيئة متميزة    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة لمجلس النواب    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    إغلاق موقع إلكتروني مُزوّر لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    فيديو.. سرب مكون من 8 مقاتلات حربية إسرائيلية يحلق فوق جنوب وشرق لبنان    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    برلماني: الوطنية للانتخابات وضعت خارطة طريق "العبور الآمن" للدولة المصرية    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    المنيا تنفرد بتطبيق نظام الباركود للمحاصيل الحقلية    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    حسام حسن: ⁠طريقة لعب جنوب أفريقيا مثل الأندية.. وجاهزون لها ولا نخشى أحد    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    لم يرحم إعاقته، القبض على مدرس لغة عربية هتك عرض تلميذ في الهرم    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
الاستقرار يساوي مليارات والقرار حكم إعدام‏...‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 03 - 2012

‏ أواصل اليوم حديث الأمس‏...‏ لا الدستور هو القضية ولا انتخابات الرئاسة هي القضية ولا تسليم السلطة من الأصل قضية‏...‏ القضية‏..‏ أن الذي انتهت إليه ثورة‏25‏ يناير في‏11‏ فبراير ليس هو علي الإطلاق ما تمنته وتتمناه قوي الخارج‏...‏ والقضية الأهم والأخطر أننا في الداخل ابتلعنا الطعم وتفرقنا بعد توحد واختلفنا عقب اتفاق واقتنعنا أو أحد أقنعنا أن سقوط النظام هو النهاية وهو المغنم.. ونسينا أو أحد أوحي إلينا بالنسيان أن سقوط نظام لابد أن يعقبه بناء نظام.. تناسينا أن السقوط هو الجهاد الأصغر وبناء النظام الذي تستحقه مصر وسقط في سبيله شهداء هو الجهاد الأكبر الذي يتطلب المزيد من إنكار الذات والمزيد من الحب والمزيد من التسامح والمزيد من العمل والمزيد من الفكر والمزيد من التلاقي والمزيد من الحوار...
انشغلنا بالداخل في البحث عن إجابة ل' وماذا بعد؟'.. واشتغلونا من الخارج في زرع أول بذرة صراع علي السلطة بالأسافين التي ضربوها لتدمير أعظم تلاحم شعبي في تاريخ مصر.. قاده شباب والتف حوله شعب وحماه جيش...
لم يكن صعبا تمزيق الحب وإهدار الحوار ولم يكن مستحيلا إحلال الكراهية وترسيخ التخوين لأن بيننا من ينفذ رغبة الخارج.. وبعد أن كانت الأيدي متشابكة والجميع ينظر للأمام انفضت ملحمة التلاحم وامتدت أيادينا علي بعضنا...
بعد أن كنا ننظر للأمام أصبحنا ننظر في حذر لبعضنا ودخلنا مرحلة شك وريبة صنعتها وضخمتها قوي الخارج ومنها أصبح كل منا علي طريق له ملامح بداية والله وحده الأعلم بنهايته...
انشغلنا وشغلونا واشتغلونا بالسياسة ومصالحها الضيقة التي باتت الهدف والمقصد والاتجاه وخطفت العقول وضللت البصيرة والبصر إلي أن فقدنا القدرة علي رؤية الوطن...
مطلوب وفورا أن تكون مصر فوق الجميع وقبل الجميع ولو حدث هذا يعود الحوار والتفاهم والوفاق وترحل الكراهية ويختفي الخصام والتخوين...
مطلوب وفورا تحويل شعار مصر فوق الجميع إلي عمل معه تدور عجلة الإنتاج وتعود الحياة إلي عشرات المجالات التي توقفت...
والسياحة أكبر مشروع اقتصادي متوقف وأيضا أقرب مشروع اقتصادي قابل للعودة والإنتاج في لا وقت وبدون تكلفة أو اعتماد ميزانيات جديدة لأن المنشآت فنادق كانت أو قري موجودة وعندنا عشرات الآلاف من الغرف السياحية.. وعندنا أعظم آثار في العالم وعندنا أعظم شواطئ في العالم وهل علي سطح الأرض دولة عندها الغردقة وشرم الشيخ أو عندها الأهرامات وأبوالهول.. وعندنا المواصلات وعندنا الاتصالات وعندنا المطارات.. عندنا ما يستقبل أي عدد من رحلات الطيران يوميا...
كل شيء جاهز ولا يحتاج مليما واحدا لأجل عودة أحد أكبر مشروعاتنا الاقتصادية وأتكلم عن دخل يزيد علي سبعة مليارات دولار سنويا...
كل شيء جاهز والمطلوب فقط الهدوء والاستقرار في الشارع المصري لتعود السياحة ومعها تعمل وتنتعش قرابة المائة مهنة تعمل علي السياحة بخلاف من يعملون مباشرة في السياحة وهم ملايين المصريين...
السياحة هي القاطرة الجاهزة للأخذ بيد الاقتصاد من رقدته ليصلب عوده وتعود الحياة إلي ربوع الوطن...
نعم.. عندنا مشكلات مزمنة مؤثرة علي السياحة ولولاها ما كانت دولة في العالم بإمكانها منافسة مصر سياحيا...
الحلول الجذرية بعضها يحتاج إلي وقت وأتكلم عن أننا شعب طارد للسياحة سلوكياته وثقافته ليست فقط غير جاذبة للسياحة إنما طاردة للسياحة...
حل هذه القضية مسألة تحتاج إلي وقت لأننا سنبدأ من الطفل المصري في مراحل العمر المبكرة لنعلمه كيف يكون جاذبا للسياحة لا طاردا لها!. سلوكيات يتعلمها من طفولته وثقافة يكتسبها في مراحل عمره من أسرة ومدرسة ومجتمع.. الجميع يتكلم لغة واحدة ويرسي قيما موحدة ويغرس مبادئ لا خلاف عليها.. الذي تعلمه الأسرة تكمله المدرسة ويؤكد عليه الإعلام وتطبعه السينما في الوجدان.. وعندما يحدث ذلك نصبح شعبا جاذبا للسياحة محافظا علي السياحة مشاركا في تسويق أعظم موقع وأعظم مناخ وأعظم آثار ومحققا أعظم اقتصاد ينقل الوطن من حال إلي حال...
سلوكيات وثقافة شعب بإمكانها أن تحول بلادا ليس فيها آثار عظيمة أو شواطئ جميلة إلي بلاد موجودة علي خريطة السياحة العالمية...
المثل المصري العامي يقول: لاقيني ولا تغديني...
المعني أن الابتسامة والترحيب والكلمة الطيبة والمشاعر الصادقة أهم مليون مرة من الأكل والشرب...
عندما تذهب إلي لبنان وتدخل لأي مكان.. الابتسامة علي الوجه وتسلم عيونك تسبق أي سؤال وفي لحظة تشعر وأنت الغريب بأنك صاحب مكان...
هذا الإحساس وذاك الانطباع يجعل المكان اختيارك الأول دائما كسائح وهذا الأمر لم يكلف لبنان فلوس دعاية أو يحزنون لأن أفضل دعاية سلوكيات وثقافة الشعب...
مشكلتنا الثانية أن الحكومة طاردة للسياحة وهذه مشكلة مزمنة لكن بالإمكان حلها في أسرع وقت لأنها تحتاج إلي قيادات مؤهلة منظمة قادرة علي اتخاذ قرارات...
كل المطلوب دراسة وأظنها موجودة وأظن عندنا خبرات عظيمة في السياحة والفندقة يعرفون وضعها لأنهم يحفظون عن ظهر قلب معالمها وتضاريسها وكيفية إزالة كل عقباتها...
مطلوب وفورا دراسة توحد قرارات الجهات المتعاملة مع السياحة والمؤثرة في السياحة لتكون جميعها في اتجاه واحد لا اتجاهات متضادة مثلما هو حادث الآن حيث تعمل كل جهة من دماغها في صياغتها لقراراتها دون اعتبار للجهات الأخري وهو ما جعل كل هذه الجهات تتنافس لأجل تصفية السائح ماليا وكأننا نضع في اعتبارنا أنه لا تعنينا عودته مرة أخري لبلادنا أو لا يهمنا أنه سيكون أكبر دعاية سيئة ضدنا...
أسعار سوق السياحة لابد أن تخضع في النهاية إلي جهة واحدة تنظمها...
سوق الخضار في مصر.. دولة تحكمها قوانين غير مكتوبة لكن متعارف عليها ولا أحد يجرؤ في الخروج عنها...
أي فاكهة أو خضار تباع في الشارع سعرها ليس متروكا للبائع يحدده علي هواه إنما هو مفروض من سوق الخضار ولا يجرؤ بائع في شارع أن يخالفه...
السياحة فشلت فيما نجح سوق الخضار في تطبيقه!.
سوق السياحة الأسعار فيه علي الكيف وبلا ضابط أو رابط بينما سعر كيلو الطماطم واحد في أي مكان بالقاهرة بأمر سوق الخضار!.
السياحة ليس لها كبير يحكمها لذلك كل طرف من أطرافها يعبث في سوق السياحة علي كيفه.. وهذه أمثلة!.
الآثار تتبع وزارة الثقافة ولا أدري كيف ولا أعرف لماذا لا تكون لها وزارة مستقلة أو تكون هي وزارة صغيرة في وزارة كبيرة للسياحة؟.
الآثار هي التي تحدد أسعار تذاكر دخول الأماكن الأثرية دون أدني تنسيق مع السياحة.. وقد تكون الأسعار مبالغ فيها وترفع تكلفة زيارة السائح لنا وبما يخرج مصر من المنافسة وهي شرسة في سوق السياحة لأن كل بلد يريد أكبر سائحين له والأسعار أحد العناصر الأهم في المنافسة والأسعار عندنا دون سائر خلق الله خارج السيطرة لأن أكثر من جهة تؤثر فيها والآثار واحدة من هذه الجهات!.
إذن الآثار علي كيفها في تحديد أسعار تذاكر الأماكن الأثرية والطيران علي مزاجه وينظر لمصلحته دون النظر إلي أن سعر تذكرة الطيران نقطة فاصلة في سوق المنافسة ودون اعتبار لما هو مطبق في دول العالم السياحية التي تقدم تذاكر طيران بأسعار لا تنافس وتعوض شركات الطيران من الفندقة!. والمطار علي راحته فيما يفرضه من رسوم ولو بيده يبيع له الهواء الذي يتنفسه والمحلات والمطاعم والتاكسيات حدث ولا حرج باعتبار السائح فرصة ومن لا يغتنمها خاسر!.
والهم الأهم في هذه النقطة هو الفنادق نفسها التي دمرت نفسها عند أول أزمة وهذا ما رأيناه عقب أحداث الأقصر التي حصد فيها الإرهاب السياح في واحدة من أسوأ المذابح وطبيعي أن تتوقف السياحة بعدها لكن غير الطبيعي ما فعله أصحاب الفنادق.. كل من عقله راح يخفض الأسعار إلي أن أصبحت ملاليم في سوق الأسعار وهذه كارثة ما كان يجب أن تحدث والمؤكد أنه كانت هناك حلول ليس منها تخفيض الإقامة لتكون بضعة دولارات في الليلة.. لأن من يقبل هذا السعر صعب عليه أن يطالب بالسعر التنافسي فيما بعد!. المهم أن هذه المسألة قصمت ظهر السياحة المصرية فترة طويلة ومازالت شائبا عالقا بها...
خلاصة القول إن السياحة هي أقرب مشروع لإعادة الحياة إلي اقتصاد مصر...
السياحة لو عرفنا قيمتها واحترمنا قواعدها تنقل الوطن من حال إلي حال اقتصاديا والسبعة مليارات دولار سنويا بالإمكان أن تصبح خمسين مليارا لأن مصر تملك الآثار وتملك الموقع وتملك المناخ وتملك الفنادق وتملك المطارات وتملك الاتصالات وتملك المواصلات وكل ما ينقصها مجلس وزراء مصغر للسياحة فيه كل الأطراف يحكمهم طرف واحد وهذا يجعل الحكومة جاذبة للسياحة...
والجزء الثاني من المشكلة هو أن يكون الشعب جاذبا للسياحة...
هذا الأمر يحتاج وقتا ويحتاج جهدا ويحتاج حبا من كل مصري للوطن...
وحب الوطن لن يحدث بين يوم وليلة إنما هو أمر يبدأ من لحظة إدراك الطفل للأمور ليعلم ويتعلم كيف يحافظ علي لعبته الصغيرة وكيف يتعامل معها ويوما بعد يوم يتعلم الانتماء لأسرته الصغيرة الأب والأم والإخوة وللشقة التي يعيش فيها وربما للغرفة التي ينام فيها وربما للسرير الذي ينام عليه...
الانتماء يبدأ للشيء الصغير والقريب ويكبر ويبعد إلي أن يصبح للعمارة كلها والشارع والحي والمدرسة ويكبر ويكبر إلي أن يتمثل في العلم الذي يرمز للوطن كله.. كباره وصغاره.. أغنيائه وفقرائه.. مدنه ونجوعه...
الانتماء للأسرة والمجتمع والوطن يبدأ بتعليم الطفل كيفية الحفاظ علي المكان الذي يعيش فيه سواء كان البيت الذي يعيش فيه أو الشارع الذي يسير فيه أو المدرسة التي يتعلم بها.. يتعلم أنها جميعا ممتلكاته والحرص عليها جزء من الحفاظ علي حياته وأساس لأجل مستقبله...
يتعلم أن الحفاظ علي نظافة الشارع لا يقل أهمية عن نظافة ملابسه التي يرتديها أو بيته الذي يعيش فيه أو السرير الذي ينام عليه...
يتعلم أن الممتلكات العامة هو كطفل وشاب جزء منها ممتلكات عامة هو جزء منها ومالك لها والحفاظ عليها حماية لحاضره ومستقبله قبل أن يكون حماية لها...
طيب.. من الذي يعلم الطفل كل هذه الأمور ويغرسها داخله إلي أن تصبح سلوكا له وثقافة فيه...
كلنا شركاء.. الأسرة أول شريك والمدرسة شريك والإعلام بمختلف صوره مسئول والسينما شريك...
واضح أن الشركاء فضوا هذه الشراكة من زمان.. والدليل!.
شباب رأيناه يرفع علم مصر بيد وأخذ يعبث في مصر ويحرق في مصر ويدمر في مصر باليد الأخري...
كلنا شركاء وعلينا أن نعترف جميعا بمسئوليتنا وعلينا جميعا أن نفيق من الغيبوبة التي ضربتنا ونتنبه إلي الخطر الداهم الذي يتربص بنا...
علينا أن ننحي جميع خلافاتنا جانبا ونمد أيدينا جميعا لأجل التلاقي والتماسك في مواجهة الفوضي الشاملة العارمة التي اجتاحت بلدنا ولابد من وقفها وهذا لن يكون إلا برفع مصر فوق كل مصالحنا ونجعل الوطن فورا قبل الجميع...
هل نقدر علي ذلك؟
نقدر علي هذا وأكثر من ذلك لو خلصت النيات!.
ما رأي النخبة وما هو رأي الشباب؟
..................................................................
الأزمات تتوالي والحلول تتراجع وسط مناخ عام غاضب متنمر.. غارق في الكراهية مستسلم للتخوين انعدمت منه كل سبل الحوار وكلها عوامل جعلت الوصول إلي قرار أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلا...
والرياضة مغروسة في المشكلات من زمان إلا أنها في يوم وليلة تحولت إلي أزمة مستحكمة طلت علينا فيما عرفناه بأحداث مباراة المصري والأهلي باستاد بورسعيد...
أزمة مستحكمة يقيني أن وراءها مؤامرة شيطانية استهدفت مصر كلها لا بورسعيد وحدها...
73 شهيدا خرجت أرواحهم البريئة إلي بارئها في مدرج ملعب كرة خلال دقائق معدودة في كارثة غير مسبوقة بالعالم كله.
كارثة.. يوما بعد يوم تفجر لنا فتنة والله أعلم بما ينتظرنا من الفتن التي لم تكشف عن وجهها القبيح بعد...
ولأنها عادتنا ولن نشتريها.. تعاملنا مع الواقع المر بالاتهامات المرسلة وبمنتهي السطحية وبالكثير من المزايدات والكثير من الشعارات للركوب علي غضب شعبي عام لأجل أهداف صغيرة ضيقة...
هناك تحقيقات نيابة تتولي الشق الجنائي وهي لم تنته بعد.. وهناك استثمار للغضب المطالب بالقصاص.. وهناك غضبة شعبية هائلة من فكرة تحويل الأمر إلي كراهية عامة لمحافظة بأكملها.. وهناك نشاط كروي تدور فيه مليارات الجنيهات توقف.. وهناك قرابة ال600 ناد لا تعرف كيف تتصرف وهناك نواح فنية للعب في طريقها للانهيار ما لم يتم تداركها وهناك حقوق لا أحد يعرف من يحميها...
باختصار نحن في مواجهة أزمة بحق نجمت عن هذه الكارثة وكل ما صدر حيالها قرار واحد هو إيقاف النشاط دون أن ينظر أو يبحث أو يعرف ماذا سيحدث عندما يتوقف النشاط؟.
الذي بدأ يحدث وسوف يحدث كوارث ما لم نتحرك فورا ونضيف لهذا القرار قرارات...
عندنا خبرات علمية متخصصة بإمكانها فيما لو كلفناها أن تعد وفورا خطة إنقاذ ما يمكن إنقاذه علي ضوء وقف النشاط...
الدكتور سعد شلبي أستاذ مادة التسويق الرياضي المساعد بكلية التربية الرياضية جامعة المنصورة واحد من هذه الخبرات العلمية التي يجب أن يستعين بها المجلس القومي للرياضة الذي يجب أن يتولي هذه المهمة الصعبة نيابة عن اتحاد الكرة الذي لا يوجد له مجلس إدارة...
الدوري الممتاز وحده فيه570 لاعبا محترفا مقيدا في قوائم الأندية ال19 ومتوسط تكلفة اللاعب ما بين عقد ومكافآت وملابس وعلاج وانتقالات حوالي مليون جنيه جنيه وهذا معناه أن التكلفة التي تتحملها الأندية هي570 مليون جنيه.
د.سعد شلبي يقترح هنا أن تتنازل الدولة عن ال20 في المائة ضرائب التي تدفعها الأندية أو اللاعبون وهذا معناه رفع114 مليون جنيه عن كاهل الأندية خلال فترة وقف الحال...
أرجو من المجلس القومي للرياضة الذي وقعت هذه الكارثة علي رأسه أن يكلف مجموعة من الخبرات العلمية وما أكثرها عندنا لأجل مواجهة المشكلة لأننا نتكلم عن8 مليارات جنيه تدور في كرة القدم وحدها ونتحدث عن أكثر من100 ألف إنسان يعيشون علي نشاط الكرة وقد يبدو لحضراتكم أن الرقم مبالغ فيه لكنني أضرب مثالا واحدا من عمل إعلامي واحد يقوم علي الرياضة أو الكرة تحديدا وأقصد أي برنامج رياضي في قناة تليفزيونية وأقل عدد يعمل فيه لا يقل عن50 شخصا ما بين إخراج وتصوير وإنتاج وإضاءة وصوت وكل تخصص يضم فنيين وعاملين وهذا الجيش لا يظهر منه أمام حضراتكم إلا المذيع...
القضية ليست حادثا في ملعب أو مباريات تم وقفها.. إنما هي فتنة تستهدف وطنا وحدثت ومازالت...
وحكم بالإعدام علي نشاط يبدو حيا والحقيقة أنه ميت من زمان...
المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.