امتلكت ثروة جعلتني علي رأس الأثرياء, أحسست برضا ربنا ونعمته بما حباني به, أعطاني بغير حساب, خفت أن اغتر بنفسي, بعد أن امتلأت بقوة وأحاسيس يفتقدها الكثيرون. فكنت اتمتم يا رب ادم نعمتك علي, فكثيرا ما كنت أجد نفسي متفاخرا ومتباهيا ومتميزا بما أملك, وقد خصني الله بتلك الثروة الفريدة, أصدقاء أوفياء, أشعر بقيمة الحياة من خلال انسانيتهم وتضحيتهم وعطائهم غير المحدود, وتناسيت طبيعة الحياة, أن الله يهب ويسترد وديعته وقتما شاء, وبالأمس استرد الله وديعة غالية علي نفسي, أستاذي وصديقي ماهر الدهبي, احد أفضل المخرجين الصحفيين في العالم. كان العصر الذهبي للأهرام ابان تولي الكاتب الكبير حسنين هيكل رئاسة التحرير, رغم افتقاد الرفاهية التي أتاحتها التكنولوجيا فيمابعد, وتميز القسم الفني بجناحيه ماهر الدهبي وسمير صبحي, ساهما في أن تقفز الأهرام لتكون واحدة من أفضل 10 صحف في العالم, واختير الدهبي للأشراف علي الطبعة الدولية للأهرام عند نشأتها, وفي مكتبه بالطابق الخامس ولدت مجلة نصف الدنيا مع الكاتبة المرموقة سناء البيسي, وله فيها باب (جسر من الحب) لحل مشكلات القراء, واستعانت الجامعات العربية به وبمؤلفاته التي امتدت الي أدب الرحلات حيث طاف الدنيا. كان ماهرا بقدراته وذهبيا بأخلاقياته, لم تفارقه الابتسامة الهادئة, حتي في أصعب المواقف, وقد عاصرت احداها عندما فوجئ يوما بأن موظف الحضور والانصراف, يبلغه بحذف اسمه, فقد تقرر خروجه للمعاش دون أن يكلف مسئول نفسه لابلاغه, وفي اليوم نفسه تم رفض استقبال أي بوسطة خاصة به, فأحس أنه يطرد من الأهرام التي أعطاها عمره, وحتي نتفادي مثل هذا الجحود, وبعد أن تغيرت وتبدلت الوجوه والشخوص, ننتظر يوما للوفاء في السنة تكرم فيه الأهرام اولادها مع رسالة رقيقة من كلمتين, (لن ننساكم). المزيد من أعمدة سمير شحاته