لا أعرف منذ متى قررت كتابة مذكراتى وتركها لأقرب وأحب الناس إلى نفسى .... وعلى الرغم من أن حياتى فى تصورى لاتهم كثيرين إلا أننى على يقين أن فيها كثيرا من الأحداث تستحق أن تروى... ورجعت بالذاكرة للوراء .. ياه ... لم أكن أعلم أن حياتى بهذا الصخب ؟ ومن كل هؤلاء الذين عرفتهم وعرفونى؟ ولكن وعلى ما أظن لم يعرفنى أحد كما ينبغى أو على حقيقتى التى أعرفها أنا... فكل يرى ما يريد أن يراه..! وأسمعهم يصفوننى بصفات أكاد لا أصدقها إلا أننى تأكدت مع مرور الوقت أنها أنا ... ولم أكن أتصور أننى بهذا النقاء والحب والاحترام الذى أكنه للجميع. وأمسكت القلم وشرعت فى الكتابة.. وبدأت بطفولتى.. كم كنت مدللة محبوبة من الجميع أنادى بكل الأسماء والأوصاف! وما هذا الكم من اللعب والحكايات يا لها من طفولة...! وأنتقل لمرحلة المراهقة من تلك المغرورة التى يتمنى قربها الجميع .. والمحبة للحياة والحياة تحبها نعم الحياة بكل مافيها .. عشقت الرقص والانطلاق والسباحة والجرى والتأمل والهدوء ..! وأنتقل للجامعة كم عين شغلتنى ولم تستوقفنى.. أسمع أغنية ياخرب بيت عيونك شو حلوين ويذكروا اسمى أضحك بدلع ولا أعلق.. مغرور حبيبى كتير أسعد ولا أهتم وتنتهى مرحلة الجامعة ولاتزال تلك الكلمات ترن فى أذنى: وفيت وفى بعض الوفاء مذلة لفاتنة فى الحى شيمتها الغدر..! وتنتهى مرحلة الجامعة لتبدأ مرحلة جديدة من حياتى وهنا أمسكت عن الكتابة .. واسندت ظهرى وسرحت بعيداً فى هذه المرحلة العمرية تحديداً وتذكرت أحداثاً آلمتنى ومواقف أحرجتنى ولحظات تمنيت لو أننى لم أولد... ونظرت لما سطرته فى الكراس وتأكدت أن هناك أموراً كثيرة تناسيتها، بل أغفلتها عن عمد. حتى فى مذكراتى جملت نفسى.. وأسندت ظهرى للوراء وأمسكت الكراسة ومزقت ورقها واحدة تلو الأخرى! قائلة لنفسى عمر ومضى بحلوه ومره .. يكفى معرفتى أنا به وتذكرى أنا وليصفنى من حولى بأجمل وأروع الصفات فما الفائدة من تعريفهم بأمور خفيت عنهم أو أخفيتها؟ وهاهى آخر ورقة أمزقها ولم يبق إلا دفتى الكراس والقلم بينهما. وارتميت على سريرى وضغطت بإصبعى لأطفئ النور وبحثت عن مؤشر الراديو ويرتفع صوت على الحجار بأغنية أنا مش عابر سبيل وأتمتم وراءه: وأنا أيضا فى هذه الحياة.