أتابع الأغانى الوطنية- باهتمام- إذ أرى فيها سجلاً وجدانيا مهماً لما يعترى الروح الجمعية المصرية من تغيرات فى السياقات السياسية والاجتماعية والثقافية والمزاجية التى نمر بها ونعيش فيها. ولكننى لاحظت- مؤخراً- تشابهاً شديداً وتكرارًا لأفكار الأغانى التى تحمل شارة (الشئون المعنوية) للجيش، جعلها تفقد- فى نظري- قيمتها أو انفرادها بدلالة بعينها، ومن ثم فتر اهتمامي، وربما انصرفت عن متابعتها، لأنها تحولت إلى ظاهرة يحاول بها كل مطرب أو ملحن تحصل شارة: (وطني) عبر الإغراق الكمى لسد خانة احتياج البلد وسط الأحداث التى نمر بها، وصار كل مطرب يبرئ ذمته بغنوة وخلاص..ولا بأس- فى ذلك الإطار- من ظهور المغنى فى كليب يرافق الأغنية لابساً أفرول قتال مفتوح الصدر، وحاملاً مدفعا، متشنجاً ومطوحاً شعره يميناً ويساراً، متحدثاً عن دمائه التى تهون فداءً للوطن والشعب!. ولكنها أمسكت بتلابيب انتباهى واستماعي- مؤخراً- حين استمعت إليها- مصادفة- وأنا أتنقل بين القنوات بالريموت كونترول. أعني.. ما انساب صوت شيرين عبد الوهاب الذهبى الرائع الملئ والمؤثر جداً يغنيه: (عن رجال عاشوا الحياة علشان بلدهم..وماجوش فى يوم اتكلفوا وخلفوا وعودهم..فيه اللى ساب أهله وحياته ودنيته وناسه..وشال سلاحه فوق كتافه وعلقة فوق رأسه..وفى غز نار الشمس وفى عز الصيام..كان ع الحدود واقف وجاهز للشهادة..الله أكبر لما قالها الكل قام.. واتزلزلت الأرض من صوت البيادة). وانتظرت- بفضول- أبحث عن اسم ملحن ومؤلف أغنية (جنودنا رجالة) فى »تيترات« أو عناوين النهاية، فوجدته..وجدته..هو نفسه..عمرو مصطفي..الموسيقار المعبر عن هذه المرحلة الوطنية الدقيقة، والذى قاد- وحده- تياراً إبداعياً واصلاً إلى الناس ونافذاً فيهم، يعيد التذكير بمعنى الوطنية، ومعه الشاعر تامر حسين أحد أكثر الأسماء تكراراً وتميزاً فى أعمال عمرو مصطفى الغنائية. أحيى ثلاثتهم على تلك الأغنية الرائعة التى جاءت لتعانق معنى الاختلاف وكسر الرتابة مع التحليق فى أفق الأجمل والأكثر صدقاً وتأثيراً. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع