من منا لا تشتكى من تصرفات أبنائها.. من منا لا يترحم على ايامنا الماضية ونحن أطفال فى مثل أعمارهم الشكوى اصبحت مرة من كلا الجنسين ،فهل أصبح معظم شبابنا اليوم إتكالياً وأنانيا؟ من الطبيعى أن يحلم كل أب وأم، بأن يعيش اولادهم حياة سهلة وهانئة، فالإبناء اعزاء جداً على قلوب أبويهما، وهما يريدان لهم الأفضل دائماً، وهذه المشاعر الأبوية التي تتمثل فى الحب النزيه الخالص، تحمل الأب والأم على مساندة الإبناء في كل المواقف والظروف، على اعتبار أنهم يحتاجون باستمرار الى دعم أبويهم، اطفالاً كانوا أم بالغين. وهنا تبرز مشكلة لا بد من إلقاء الضوء عليها، فالدعم المستمر للإبناء ومساندتهم في تصريف أمورهم يجعلهم اتكاليين و انانيين قد يتملكهم إحساس داخلي بأنهم غير قادرين على تدبير أمورهم بأنفسهم والقيام بأي عمل دون دعم والديهم، وهذا يؤثر سلباً على تكوينهم الشخصي ومستوى ادائهم. فإذا فقد الإنسان إيمانه بنفسه وثقته بقدراته، يصبح عاجزاً عن استغلال طاقاته كما ينبغي، حتى ولو كانت لديه صفة الذكاء والاستعداد لتحمل المسؤولية . من المسئول عن وجود هذه الصفة لدى الأبناء؟ هل بعد الشّدَّة التي تربينا نحن عليها، صرنا نخاف على أبنائنا من تأثيرات القسوة، وبتنا نخشى عليهم حتى من العوارض الطبيعية كالجوع والنعاس؛ فنطعمهم زيادة، ونتركهم كسالى نائمين ولا نوقظهم للصلاة، ولا نُحملهم المسؤولية شفقة عليهم، ونقوم بكل الأعمال عنهم، ونحضر لوازمهم ونهيء سبل الراحة لهم، ونقلل نومنا لنوقظهم ليدرسوا، فأي تربية هذه؟ ألسنا بشراً مثلهم ولنا قدرات وطاقات محدودة؟ اننا نربى ابنائنا على الاتكالية والتى يترتب عليها الانانية، اذ ليس من العدل قيامنا نحن الامهات بواجبات الابناء جميعا ، فلكل منهم نصيب من المسئولية ، يجب عليهم تحملها. فعلى سبيل المثال يواجه ابنائنا سلسلة من المتاعب خصوصا فى مراحل التعليم ،تكرس الام وقتها للمذاكرة وعمل الواجبات مع ابنائها وهنا تاتى المشكلة بان الابن او البنت تعود الاتكال على الاباء فى انجاز واجباتهم واصبح حق مكتسب ان يجب ان يكون احد موجود بجانبهم لاداء ماهو مفروض وملزمين بعملها,ايضا يتكاسل الابناء فى تحضير اغراضهم الخاصة من ملبس ومأكل يعتمدوا على ان هناك من يلم من ورائهم ويترتب وينظف. يقول فرويد "ان الاعتماد على النفس هى الصفة المطلوبة لولادة شخصية قوية وكفء وايضا طالب بإشباع هذه الحاجة في الأبناء منذ الصغر، لأنها تزيد من قابليتهم على النضال والكفاح ومواجهة الحياة بسرّائها وضرّائها مواجهة عملية. أن مصلحة أولادنا فوق كل اعتبار، ومصلحتهم أهم بكثير من عاطفتنا الأبوية فمشاعرنا تجاههم ومحبتنا الكبيرة لهم والدلال الابوى قد تدعم روحهم النفسية و المعنوية، وتجعلهم يعيشون فى طفولية دائمة فى مختلف اعمار حياتهم ولكنها وحدها لا تكفي لبناء شخصيتهم بناء متماسكاً ومثالياً.. وهذا الدعم في أحيان كثيرة يسيء الى أولادنا إساءة بالغة، إذ ينتج عنه المزيد من الإتكالية والانانية، ولكننا عندما نتركهم يعتمدون على أنفسهم نحميهم من الشعور بالعجز في غياب مساندتنا لهم. ان الاعتماد على النفس صفة ليست من السهل اكتسابها لاولادنا بين يوم و ليلة ، ولكنه بناء راسخ يجب ان توضع اسسه على مدار سنوات عمرهم ومراحل طفولتهم، حتى يتحقق لهم النجاح فى حياتهم الشخصية والاجتماعية. لذلك على الآباء أن يتلمسوا سبيلاً وسطياً في تعاملهم مع أولادهم، ألا وهو الحب بلا مبالغة و الحزم بلا قسوة، لأن التساهل الزائد، كالقسوة الشريرة، والحب اللامحدود، كالحرمان تماماً . [email protected] لمزيد من مقالات داليا مصطفى سلامة