رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة. "أتباع تنظيم "داعش" فى ليبيا بينهم مقاتلون أجانب من أوروبا"!! كانت تلك هى الرسالة القصيرة التى قفزت على شاشة تليفونى المحمول لتؤكد معلومات سابقة عن تواطؤ غربى وعربى مع ما يعرف بتنظيم "داعش" لإعادة رسم خرائط الحدود والنفوذ والثروة فى عالمنا العربى. وكنت قد تابعت أنباءً سابقة عن ضلوع عناصر من قلب الولاياتالمتحدة ذاتها فى تزويد تنظيم "داعش" بتكنولوجيا العمليات الدعائية الإعلامية التى كانت لازمة وكافية بجوار بعض شحنات الأسلحة المتطورة التى تصل ل"داعش" دائما عن طريق الخطأ!! لأن تبنى وحشا أسطوريا جديدا فى منطقتنا العربية. وتجدر الإشارة إلى أن وحش "داعش" الأسطورى الجديد هو إضافة جديدة إلى تاريخ "الوحوش" التى مرت بمنطقتنا بداية من القبائل الآسيوية الهائمة والقبائل البربرية والليبية المتمردة وقبائل الزنوج ومرورا بالخوارج والباطنيين والحشاشين وجيوش الصليبيين والمغول ووصولا إلى العصابات الصهيونية والتنظيمات الإرهابية المتنوعة. ولكن يبدو أن من يدفع بأمثال تلك العصابات الهمجية بين عصر وآخر يغفل أو يتناسى أن المنطقة بها دولة هى "مصر". وأن "مصر" صاحبة مدرسة تخصصت فى تطبيق فنون "تأديب" وسحق تلك العصابات على مر العصور. وعندما ظهرت "داعش" فى بلاد الشام وليبيا ومكنتهم الخيانات والمصالح المتضاربة من التوسع والإنتشار لعدة سنوات، تطلع الجميع إلى مصر المنشغلة بمشكلاتها الداخلية، وشرع أعداء الحضارة والسلام فى إقلاق مصر!! وفات الجميع أن مصر قد "تخصصت" على مدار تاريخها فى تأديب وسحق مثل تلك العصابات الهائمة التى تتخذ من الهمجية قناعا لإخفاء رغبتها فى الإستيلاء على خيرات المنطقة. ويبدو أن الأقدار قد دفعت بمصر من جديد إلى مواجهة مع الباطنيين الذين يسعون منذ قرون إلى ضرب قلب الإسلام والإستيلاء على الدين الحنيف وتوظيفه وفق أطماعهم الدنيوية. فالباطنية - كما يرى الخبراء - تطلق على مجموعة من الفرق التى إدعت أن للإسلام ظاهرًا وباطنًا: ظاهرٌ يظنه عامة الناس، وباطنٌ لا يعلمه إلا كبارهم!! وقد أطلق اسم "الباطنية" على هذه الفرق لأنها أظهرت الإسلام لكنها أبطنت الكفر. وبدون إطالة يكفى أن نعرف أننا فى مصر قد سبق وأن قضينا على "الحشاشين" الذين قادتهم أعمالهم الوحشية وسمعتهم الدموية إلى إحتلال موقع واضح فى الذاكرة واللغات المختلفة للدول الغربية بما فيها اللغة الإنجليزية ذاتها. وكان "الحشاشون" قد ظهروا إلى الوجود ونشطوا فى ممارسة الإغتيالات السياسية والإرهاب خلال الفترة بين القرنين ال 11 وال 13 الميلادى فى بيئة شهدت حالة من عدم الإستقرار فى حكم مصر أثناء العصر الفاطمى. ولخوفهم من مصر وأهلها قاموا بالتجمع حول مذهبهم الباطنى الجديد خارج حدود مصر وتحديدا فى إيران. ومن إيران زحفوا وإنتشروا فى قلاع بلاد الشام وبدأت تقوى شوكتهم فى ظل عدم الإستقرار السائد بالمنطقة فى تلك الفترة نتيجة الصراعات على الحكم والحروب الداخلية ومؤامرات الصليبيين والمغول. وإستمر هذا الأمر لفشل كافة حكام المنطقة بمن فيهم صلاح الدين الأيوبى والصليبيين والدولة العباسية والسلاجقة فى القضاء عليهم. وفى عام 1258م اجتاح المغول العراق والشام، ونجحوا فى القضاء على جزء منهم فقط، إلى أن خرج إليهم الظاهر بيبرس من مصر، فسحق بقايا المغول وأدَّب الصليبيين، وإستكمالا لعمله قام بتأديب الحشاشين إلى درجة إجبارهم على دفع الضرائب والرسوم لمصر! وإستمر إذلالهم إلى درجة أنه كان يعين قادتهم أو يخلعهم كما يشاء! وظلوا على هذه الحالة المهينة إلى أن "إختفى ذكرهم" من التاريخ. وبالتالى فكل مصرى أصيل وكل عربى مخلص ينتظر بصبر ذلك اليوم الذى ستوضع فيه "داعش" وأمثالها على "أرفف" المطرودين من التاريخ إلى جوار سابقيها ممن حاولوا العبث بمقدرات هذا الوطن العظيم. دارت تلك الأفكار فى ذهنى، فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت. لمزيد من مقالات طارق الشيخ