تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 140 جنيه خلال أسبوع    النائب عمرو درويش يعترض على الصياغة الحكومية لقانون الإيجار القديم    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق ملتقى أهل مصر بدمياط ومصر جميلة يصل البحيرة    رئيس اتحاد الكرة الآسيوي: أرفض بشدة مقترح زيادة عدد المنتخبات بكأس العالم    انخفاض درجات الحرارة وسقوط للأمطار بمحافظة القليوبية    إنقاذ 2000 رأس ماشية من حريق في مركز أبو صوير بالإسماعيلية    حجز محاكمة متهم بحيازة مفرقعات ومقاطع تحريضية للنطق بالحكم    رمضان صبحي يقود كتيبة بيراميدز أمام فاركو    أحمد السقا يفقد الذاكرة وأحمد فهمي يتورط معه في مطاردة بالصحراء في فيلم "أحمد وأحمد"    مصر تستهدف إنهاء إجراءات وصول السائحين إلى المطارات إلكترونيا    «الإسكان»: مبيعات مبادرة «بيت الوطن» للمصريين بالخارج تسجل 10 مليارات دولار    الإسماعيلي: هل القانون يتيح استدعاء تقنية الفيديو للحكم من أجل بطاقة صفراء؟    رسمياً.. تحديد موعد ومكان نهائي كأس مصر    إعلام إسرائيلي: شركات طيران أمريكية تعلق رحلاتها إلى تل أبيب    مصر وجزر القُمر توقعان على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة    استشهاد معتقل فلسطيني في مستشفى سوروكا الإسرائيلي    مصرع شخص وإصابة آخر إثر حادث تصادم في القرين بالشرقية    ليلة سقوط اللصوص.. القبض على 17 متهمًا بضربة أمنية بالقاهرة    الإحصاء: 3.6 مليون دولار قيمة التبادل التجارى بين مصر وجزر القمر خلال 2024    وكيل مجلس "الشيوخ" يقترح سن قانون شامل للأمن السيبراني وإنشاء هيئة مستقلة لإدارته    «لوفتهانزا» و«إير يوروبا» تعلقان جميع رحلاتهما الجوية إلى مطار بن جوريون    فتاوي المصريين في نصف قرن.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعبر الأزمنة على متن المقتنيات الأثرية    رئيس الوزراء: مواجهة مخالفات البناء والتعديات جزء من تقييم أداء أي محافظ    بلعيد يعود لحسابات الأهلي مجددا    الحكومة: مشروع قومي للصوامع يضاعف السعة التخزينية ويقلل فاقد القمح في مصر    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 956 ألفا و810 جنود منذ بداية الحرب    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تجديد الخطاب الدينى    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين بمحافظتي القاهرة والوادي الجديد    حماس تحذّر من كارثة إنسانية وشيكة في قطاع غزة بسبب استمرار إغلاق المعابر وتشديد الحصار الخانق منذ أكثر من 64 يومًا    ماجد الكدوانى ضيف شرف فيلم "المشروع إكس" مع كريم عبد العزيز    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    مستشفى سوهاج الجامعي تضم أحدث جهاز قسطرة مخية على مستوى الجمهورية    برلماني: كلمة السيسي باحتفالية عيد العمال تعكس تقديره ودعمه لدورهم في مسيرة التنمية    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    اليوم.. بدء تسليم قطع أراضي بيت الوطن المرحلة التاسعة للفائزين بمدينة دمياط الجديدة    13 شهيدا جراء قصف الاحتلال أنحاء متفرقة في قطاع غزة    دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    الرئيس السيسي يوافق على استخدام بنك التنمية الأفريقي «السوفر» كسعر فائدة مرجعي    دي بروين: لا أعلم موقفي من المشاركة مع مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية    بيان - "سلوك الجماهير رد فعل على غياب العدالة".. الزمالك يرفض عقوبات الرابطة ويتهمها بالتحيز    ضبط 37.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    محمد صلاح يستهدف 3 أرقام قياسية أمام تشيلسي في الدوري الإنجليزي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 4-5-2025 في محافظة قنا    الرئيس السيسي يؤكد حرص مصر على نجاح القمة العربية المقبلة في بغداد    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي مستجدات التعاون الممتدة بين البلدين في القطاع الصحي    إحالة الفنانة رندا البحيري للمحاكمة بتهمة السب والتشهير ب طليقها    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    سر تصدر كندة علوش للتريند.. تفاصيل    بعد إخلاء المرضى.. اندلاع حريق محدود بمستشفى المطرية التعليمي    خبير تغذية روسي يكشف القاعدة الأساسية للأكل الصحي: التوازن والتنوع والاعتدال    الإكوادور: وفاة ثمانية أطفال وإصابة 46 شخصا بسبب داء البريميات البكتيري    اللهم اجعله اختطافًا (خالدًا) وخطفة (سعد) على النقابة (2-3)    أثارت الجدل.. فتاة ترفع الأذان من مسجد قلعة صلاح الدين    كلام ترامب    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    حقيقة خروج المتهم في قضية ياسين من السجن بسبب حالته الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأجور تغرق في دوامة الإنفاق
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 03 - 2015

ربما تكون هى المنظومة الأولى فى قائمة اهتمامات المواطن .. فهو فى حالة تماس يومى معها بل إنه يبدأ يومه بفحص حافظة نقوده متسائلا عن كيفية تدبير نفقات أسرته حتى نهاية الشهر ..مصطلحات ارتبطت بها مؤخرا ربما أدخلتها فى نفق المشاكل كالحد الأدنى والأقصى وكذلك تطبيق الكادر.
ومما زاد الأمر تعقيدا أنها لم توقف طوفان المطالب الفئوية حتى لمن تم التطبيق عليهم ,ليبقى الملف حائرا بين أروقة الوزارات والحكومات المتعاقبة التى تسجل عجزها عن حل الشفرة القائمة بين الأجور وغول الأسعار، ليظل المواطن البسيط مع ربة الأسرة وحدهما القادرين على أداء هذه المهمة بحكمة يعلمها الخالق وحده ..هذا ما لمسناه بالفعل حينما عايشنا يومياتهم خاصة فى وجود منظومة أجور يشوبها انعدام العدالة .
ميزانية «عيشة» على قد الحال!
تحقيق:نجى البطريق
ليس من سمع كمن رأى ... مقولة نرددها كثيرا فى مواقف متعددة ولكنى لم أشعر بمعناها الحقيقى كما شعرت بها فى هذا اليوم، فالجولة التى توقعت سهولتها وجدتها اصعب كثيرا من كل التوقعات .. فهى جولة فى ميزانية اسرة بسيطة شكلا وموضوعا تعتقد انك لن تحتاج الا دقائق لرصد أوجه الانفاق فيها... لا لشئ الا لمحدوديتها.
ولكن عندما تدخل فى ميزانية النماذج التى خضت معهم تجربة يوم كامل بين عامل وموظف عام وخاص مثبت وآخر مؤقت تجد ان اكبر خبراء الاقتصاد قد يجد نفسه عاجزا عن الوفاء بها فرغم تنوعهم وتنوع متطلبات حياتهم الا انهم جميعا يتفقون فى المسئولية وغيابهم الكامل عن واضعى منظومة الأجور وكأنهم سقطوا سهوا وهم اولى الفئات بالعمل من اجلهم.
الغريب ان اصلاح منظومة الأجور لابد أن تلتزم به جهات العمل الخاصة عند التعامل بها مع موظفيها ولكن الرقابة الغائبة يكون نتيجتها وجود نماذج مثل عم محمد طلعت عامل النظافة فى احدى الشركات الخاصة والذى لا يتعدى راتبه 500 جنيه يقتص منهم 30 جنيها تأمينات وخلافه ويتبقى له 470 جنيها ومطالب بالوفاء بالطعام والكساء والتعليم الاساسى والجامعى والعلاج وغيرها من متطلبات الحياة !!
وبدأت الجولة عندما انطلقت مع زوجته الى السوق حيث انه ليس يوما عاديا فهو يوم الطبخ الوحيد لابنائها الاربعة فى الاسبوع حيث تحمل حقيبتها وتتجول فى السوق ذهابا وايابا لتصل الى اقل سعر ومع ذلك تظل الحقيبة خاوية.. ولم اعرف لماذا الا عندما انقضت ساعتان كاملتان فقد حان وقت الشراء بعد ان تنتهى الفئات الميسورة من انتقاء افضل الثمار لشرائها يتبقى منها ماهو صغير الحجم وربما التالف بعض الشئ احيانا لان سعرها يكون نصف المعتاد.. فاذا كان كيلو الطماطم بثلاثة جنيهات فقد استطاعت هذه الزوجة ونظيراتها اللاتى تدافعن للشراء بجنيه واحد لانها آخر ما تبقى مع البائع الذى اكد لى انه يبيعها لانها اذا بقيت ستتلف ولن تحتمل الغد وبالفعل تنفذ سريعا , اما اللحم فاليوم ليس يومه لان شراءه يكون اول يوم سوق بعد قبض المرتب ومرة واحدة فى الشه ربكمية قدرها نصف كيلو فقط لستة اشخاص هم عدد أفراد أسرتها !! أما اليوم فهناك عدة خيارات إما شراء كيلو من أجنحة الدجاج ب 7 جنيهات للكيلو او هياكل الدجاج أو نصف كيلو عصب من بواقى (حلوى) اللحم ب10 جنيهات واخيرا جاء دور الخضار ويكفى كيلو واحد من البطاطس أو أى خضار متوفر بسعر بسيط وعن الارز فقد اكتفت بما بعثه لها اخوها فى (الموسم) وهى هدية تقدم فى الريف للاخوة البنات فى المناسبات الدينية ، ولديها قليل منه يكفى اليوم لاننا فى نهاية الشهر والخبز سيعوض الباقى اما السلطة فليس لها ضرورة لان بعض الملح والكمون يعوض كما انها اشترت قبل ذلك بعض اللفت للتخليل .. ويأتى دور الحلو حيث قادتنى لزحام شديد لأجد السيدات أمثالها وقد التففن حول سيدة تبيع أكياسا بجنيه واحد تحتوى على كيك من بواقى المصانع يزيد وزن الكيس عن ربع كيلو ولا أعرف من اين يتم جمعه ومن يضمن صلاحيته ..الا أنها انصرفت عن الفكرة وقررت ان تشترى يوسفى صغير الحجم جدا اما الثمن فهو جنيه وربع لاثنين كيلو .
عدنا بعدها الى المنزل لتطهو ما اشترته انتظارا لعودة الأبناء من المدارس والجامعة وقد عادوا فعلا يعتصرهم الجوع لأن الإفطار كان قطعة جبن وخبز وهى لا تكفي.. فالسندوتشات لا يعرفها الصغار منهم أو الكبار أما المصروف فهو كلمة ليست فى قاموس الصغار, وبالنسبة للكبار فهو 2 جنيه أجرة المواصلات وإن لم يتوفروا فرياضة المشى مفيدة وعلى الجميع تحمل الظروف ليعودوا فى نهاية اليوم الدراسى ينتظرون الغذاء الذى قد يكون بعض المكرونة مع بيضات معدودات من الدجاج الذى تربيه الأم لبيعه لسداد نفقات دروس الصغار أو شراء مستلزمات الكبار فكما تقول الأم إنها قد يمر عليها عام تربى دجاجا دون أن تأكل هى وصغارها واحدة منه!!أما المرض فالكشف فى المستشفى الحكومى مجانا والدواء برشامة واحدة والله هو الشافي..
خرجت وأنا أشعر أن هؤلاء سقطوا سهوا من حسابات المسئولين وحتى إن كانوا من العاملين بالقطاع الخاص فمن يحميهم ؟ لأن من يعترض فالشارع هو مأواه الوحيد.
العاملون المؤقتون فى وزارة التربية والتعليم ليسوا أسعد حالا فهم يعملون بعقود مقابل 70 جنيها شهريا من بداية اليوم الدراسى حتى نهايته والغياب مخصوم طبعا أما الإنفاق على الأسرة فيروى تفاصيله محمد السيد - أحد الإداريين العاملين بعقد مؤقت يسمى عقود التظلمات بمدرسة ثانوي- حيث يؤكد أنه يعمل من السادسة والنصف حتى الواحدة وهو ميعاد خروج الفترة الصباحية الاولى ولا يستطيع الغياب يوما واحدا وطبعا لا تكفى السبعون جنيها لسداد فاتورة الكهرباء وحدها .. لذلك يضطر للعمل من الرابعة عصرا وحتى منتصف الليل بأحد المحال التجارية حتى يستطيع الوفاء بمتطلبات أسرته مؤكدا أنه لولا إقامته فى منزل الأسرة لكان من المستحيل الوفاء بالتزاماته.
نموذج آخر يجسده اسماعيل رضا الموظف بوزارة الصحة الذى لم يتم تعيينه سوى من شهرين فقط .. وعلى اثرها تزوج الشهر الماضى فقط حيث كان يقبض 285 جنيها كمرتب شهرى قبل التثبيت ولم تكن تكفينى كنفقات شخصية - كما يقول - وكنت أكمل ما أحتاجه من والدى، اما اليوم فاصبح مرتبى 1050 جنيها ولذلك استطعت ان اتزوج خطيبتى التى انتظرتنى اكثر من عامين ولكنى ادفع منهم 400 جنيه ايجار و 100 جنيه للماء والكهرباء والبوتاجاز ويتبقى لنا 550 جنيها لباقى متطلبات حياتنا ولا أدرى ماذا سنفعل إذا رزقنا الله بطفل وزادت مطالبنا فنحن نكمل الشهر الآن بالكاد معتمدين فى بعض نفقاتنا على زيارات الاهل ولكن هذا طبعا لن يستمر فنحن نحتاج يوميا 5 جنيهات افطار فقط ومثلهم للعشاء وهنا يتبقى 250 جنيها فقط وعلينا تدبير وجبة الغداء الرئيسية منها وتوفير الدواء اذا لزم الأمر والكساء احيانا .. الغريب ان مجرد تفكيرنا فى تدبير أنفسنا بهذه الميزانية الزهيدة يجعل العقل يتوقف وتجد العناية الالهية هى المنقذ الوحيد من هذه الازمة.. إلا أننى أعتقد أنه على أسوأ الظروف فإن وضعنا كمثبتين أفضل مما كنا عليه كمؤقتين.
..والعدالة المفقودة بين الرواتب
تحقيق:على شيخون
أربع سنوات مرت على ثورة 25 يناير ولم يتحقق مطلبها المتمثل فى العدالة الاجتماعية خاصة فيما يتعلق بالخلل والتشوه الشديد فى نظام الأجور فى مصر والذى اعتبره خبراء الاقتصاد أحد الأسباب الأساسية للفساد بالجهاز الحكومى والقطاع العام والهيئات الاقتصادية.
لسنوات عديدة اخذ كبار المسئولين فى الدولة يطبقون على السواد الأعظم من الموظفين مقولة " وليم بيتى " أن الأجور المرتفعة من شأنها أن تشجع على الكسل وخفض ساعات العمل , أو بمقولة " ستيوارت ميل " أنه ينبغى أن تظل الأجور عند مستويات الضرورة المادية فحسب ، ورغم أنهم طبقوا بالفعل اقتصاديات السوق فلم ينظروا إلى ما قاله " آدم سميث " عن أن الأجور هى التعويض الطبيعى للعامل عن العمل وان زيادتها تؤدى حتما إلى زيادة الثروة بالبلاد ..
أى زيادة القوى الشرائية التى تساعد على جذب المزيد من الاستثمارات هذا مع العلم بأن وضع حد أدنى للأجور ليس منة من أحد ولكنه حق أصيل يضمنه الدستور والقانون ومطلب أساسى لدى المؤسسات الدولية ومنها منظمة العمل الدولية والتى تعد مصر من اكبر الدول الناشطة بها فقد نصت الاتفاقية رقم 131 لسنة 1971على ضرورة ضمان حصول العامل على حد أدنى للأجور وأشارت فى مادتها الثانية إلى أن : "هذا الحد لا يجوز تخفيضه ويترتب على عدم تطبيقه تعرض الشخص أو الأشخاص المعنيين للعقوبات الجنائية وغير الجنائية المناسبة.
يقول الدكتور سلطان أبو على وزير الاقتصاد الأسبق إنه منذ بدء التفكير فى وضع حد أدنى وأقصى للأجور كان هناك اتجاه نحو معالجة الاختلالات فى الأجور بطريقة شاملة ، إلا أن هذا لم يتم وهو وضع خطير يستلزم ضرورة الإسراع فى إعداد الدراسات الاقتصادية الجادة لمعالجة تشوهات الأجور فى إطار ثلاثية الأجور والأسعار والإنتاجية ، وضرورة الاتجاه الجاد نحو تقليل عدد العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة.. فلا شك أن حكومة صغيرة ذات كفاءة أفضل من حكومة ضخمة مترهلة وأداؤها متواضع جدا .
فى كتابه " الانهيار الاقتصادى فى عصر مبارك " كتب الخبير الاقتصادى احمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة الأهرام تحت عنوان " نظام الأجور والرواتب .. نظام للفساد وليس لحفز الإنتاج " أن نظام الرواتب والأجور الأساسية والإضافية فى مصر يعانى من انعدام الواقعية ومن اختلالات مذهلة تجعله أساسا للفساد فضلا عن أنه سرى للغاية ولا يتسم بأى درجة من الشفافية فيما يتعلق بالأجور الإضافية التى هى الأساس فى خلق الفروق الهائلة بين دخول العاملين فى المؤسسات العامة ومن المفترض أن يقوم نظام الرواتب والأجور على قاعدة الدفع مقابل العمل، وأن يكون الدخل الأساسى هو الدخل الرئيسى للموظف وألا تتجاوزه كل الدخول الإضافية، وأن تكون المكافآت فيه مرتبطة بالابتكار وزيادة الإنتاج، وأن يكون الأجر أو الراتب عن عمل معين لدى أجهزة الدولة وإداراتها وقطاعها العام وهيئاتها الاقتصادية موحد أو متقارب إذا تساوت المؤهلات العلمية وسنوات الخبرة .... ولكن - والكلام للنجار – نظام الأجور و الرواتب المطبق فى مصر فى الواقع الفعلى يخالف هذه الأسس إجمالا ويعتبر أحد العوامل الأساسية وراء انتشار الفساد .. فالرواتب الأساسية المنخفضة للغاية فى مصر تتحدد على أساس التوصيف الوظيفى , و الراتب الأساسى جزء هامشى من الدخول لقطاع مهم من موظفى الدولة و القطاع العام فى الهيئات الاقتصادية والمؤسسات الإعلامية و الإدارة العليا مما يضعف استقلالية الموظف ويحول ولاءه من مؤسسته إلى ولاء لرئيسه المتحكم فى الجزء الأكبر من دخله .. بالإضافة إلى وجود فروق هائلة وغير منطقية . ويضيف النجار أن مصر من أعجب بلدان العالم فيما يتعلق بوجود تفاوت هائل للرواتب الأساسية والدخول الإضافية عن نفس العمل بالجهاز الحكومى والقطاع العام والهيئات الاقتصادية .. ويجب أن تكون الوظيفة الواحدة لها أجر واحد أو متقارب على الأقل فى إطار الوظائف العامة لإرساء قاعدة العدالة ووحدة سوق العمل كما هو الحال فى البلدان الرأسمالية الصناعية الكبرى .
وأشارت دراسة أخرى صادرة عن المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى يوليو 2012 تحت عنوان " سياسة الحد الأدنى للأجور : تحقيق التوازن بين الإنتاجية والعدالة الاجتماعية " إلى أنه فى عام 1985 تم تحديد الحد الأدنى الأساسى للأجور بمبلغ 35 جنيها للعاملين بقطاع الدولة ، وبإضافة المكونات المتغيرة وصل الحد الأدنى الفعلى للأجور إلى 400 جنيه تقريبا قبل ثورة 25 يناير وظل الأجر الحقيقى غير كاف لسد الاحتياجات الأساسية لكثير من الموظفين والذين استمرت معاناتهم من التدهور فى المستوى المعيشى فى ظل اقتصاد متنام وضغوط تضخمية متزايدة ، وعلى هذه الخلفية واستجابة للدعوات المطالبة بالعدالة الاجتماعية بعد الثورة تم وضع حد أدنى للأجور يبلغ 683 جنيها للعاملين بالدولة فى بداية التعيين من خلال رفع الحوافز التشجيعية بنسبة 200 % .. بعد ذلك تم تعديل هيكل الأجور والمرتبات فى اتجاه الصعود بنفس النسبة وقدرت الدراسة تكلفة زيادة الحد الأدنى للأجور بحوالى 9 مليارات جنيه من إجمالى الموازنة المرصودة للأجور والمرتبات والتى تبلغ 117 مليار جنيه للعام المالى 2011 /2012 .
ورصدت الدراسة خللا وتباينا رهيبا فى مستويات الأجور وطالبت بضرورة الأخذ فى الاعتبار عند وضع حد أدنى للأجور لكل إقليم تكلفة المعيشة ومؤشرات الإنتاجية فيه.
الكادر.. المشكلة والحل
تحقيق:وجيه الصقار
تعتبر "بدعة" الكادر من المشكلات التى تؤرق فئات واسعة من العاملين بالدولة ،لانخفاض الرواتب والتى تخضع للقانون 47 لموظفى الدولة ، فى الوقت الذى توجد فئات متميزة فى الرواتب والمعاملات الخاصة مثل العاملين بالكادر الجامعى والمحاكم وغيرهم ، يشكو فيه المعلمون من تعنت الوزارة فى تطبيق الكادر لدرجة تفقد مصداقية تصريحات الوزير ، بينما يطلب الأطباء من الدولة تطبيق الكادر لأنها اكتفت برفع حوافزهم الشهرية فقط.
عدد المعلمين حاليا تعدى 1,5 مليون يؤدون دورهم فى تربية الأجيال ، ومنذ نحو أربعة أعوام تجاوبت وزارة التربية والتعليم مع مطالبهم ليكونوا فى صفوف الفئات المميزة واعطائهم حقوقهم المتفق عليها مسبقا مع وزارة المالية،والتى تصل إلى نسبة 200٪ من الراتب للدرجات الوظيفية الخمسة بالتعليم .
يؤكد خالد عبد العزيز مدير إدارة تعليمية أن الوزارة اكتفت بصرف 50 ٪ من المقرر لهم منذ نحو عام ،فالمعلم أصبح يحصل على 50 ٪ من راتبه من مخصصاته فى الكادر ،والمعلم الأول يحصل على 75 ٪ ،والمعلم الأول(أ) 100٪ من راتبه ،والمعلم الخبير 125 ٪ ،ثم كبير أخصائيين وهو الأعلى بنسبة 150٪. والوزارة اشترطت فى ذلك أن يكون المعلم تربويا أو حاصلا على دورة تدريبية فى الأكاديمية المهنية للمعلمين بتقدير امتياز ، وعدم توقيع جزاءات.
ولكن نتيجة تقاعس الوزارة عن التزاماتها الكاملة تجاه المعلمين اتجهوا للمحاكم برفع قضايا لأخذ حقوقهم ،وحصل عدد كبير منهم على أحكام ملزمة للوزارة ، وصرفوا المبالغ والفروق فى القاهرة ، إلا أن الوزارة تراجعت بعد ذلك نتيجة التفرقة بين المعلمين فى المدرسة الواحدة ،وأوقفت تطبيق هذه الأحكام ،ولكن الجميع فوجئوا بعد ذلك بأن المعلمين فى المنيا كسبوا القضية بالحصول على حكم بصرف قيمة الكادر بنسبة 200 ٪ المقررة ،والمفاجأة الأكبر أن المديرية بدأت الصرف لهم بالفعل، بينما باقى المديريات بما فيها القاهرة تتجاهل تطبيق القانون والقرار الوزارى ،وأنهم ذكروا أنه سيتم خصم المبالغ المصروفة لمعلمى المنيا من مكافأة الامتحان .
مؤهل غير تربوى
وبالنسبة للحاصلين على مؤهل غير تربوى - كما يضيف خالد عبد العزيز- فهم لا يحصلون على الكادر ويعانون مشكلة كبيرة عند التقدم لكليات التربية للحصول على الدبلومة ،وينطبق عليهم نظام الدراسات العليا فى الكليات ،لذلك فإن الرسوم التى يدفعها المدرس لعام دراسى واحد تبلغ 2000 جنيه فى حين أن راتب المدرس المساعد قد لايتعدى 300 جنيه وتكون الفرصة أمامه عامين فقط ، وهنا يكون مجبرا على دفع المبلغ !
دورة الأكاديمية
وأشار إلى أن القانون اشترط ارتباط الحصول على الكادر ،بالحصول على دورة متكاملة فى الأكاديمية بالنسبة لمدرسى التربية والتعليم ،والتعليم الأزهرى بنفس الدرجة بعد ضم قانون الكادر للأزهر، فضلا عن الاختبار الذى عقد مسبقا مع دورات لاحقة للمعلمين للحصول على النصف الثانى من مخصصات الكادر(50٪) وجعل التأهيل التربوى شرط التأهل للترقى لغير المتخصصين ،وأن المرحلة الحالية التى ترتبط بتصحيح الخلل التعليمى بالحصول على الدبلومة .
تجريم الدروس الخصوصية
وبالرغم أن قانون الكادر يربط بين الحصول عليه وتجريم الدروس الخصوصية-والكلام لايزال على لسان مدير مديرية التربية والتعليم- وفق المادة ( 87 ) من قانون الكادر رقم 155لسنة والتى تنص على إحالة المدرس الذى يعطى دروسا خصوصية إلى المحاكمة التأديبية من خلال الوزير أو المحافظ ،ولكن ذلك لايطبق ، فالمراكز التعليمية منتشرة فى كل مكان ،بل إن أصحاب هذه المراكز يقولون إنها مرخصة ، وهذا يؤكد ضرورة الحسم فى تطبيق القانون،كما أن المشكلة تنطبق على المدرسين الذين يعملون بنصف مرتب لأن معظمهم لا يؤدى العمل المطلوب منه.
الأطباء ..مشكلة
وحول المشكلة الأزلية بين الأطباء ووزارة الصحة والسكان يقول الدكتور أسامة سرور استشارى أمراض القلب : أن حياة الطبيب معرضة للأخطار ،وهو يؤدى رسالة لاتساويها قيمة الراتب بأى حال ،وبرغم الوعود التى حصلنا عليها وبعد الإضرابات والاعتصامات فوجئنا بأن وزارة المالية ترفض الموافقة على الكادر ،واكتفت برفع الحوافز بنسبة 400٪ تعويضا عن الكادر وهذا تلاعب كبير لأن الحوافز يمكن إلغاؤها تحت أى مسمى ،وربما تؤجل إلى عدة أشهر لأنها ليست الراتب الأساسى ، بينما راتب الطبيب لا يتعدى فى الأساس مع خبرة مدتها ثلاثين عاما 900 جنيه ، ومازلنا نخضع للقانون 47 لسنة1978 والخاص بالعاملين المدنيين بالدولة، ولم يساوونا حتى بالمدرسين ،الغريب أنه صدر قانون رقم14 لسنة 2014 بإعطاء حوافز إضافية 300٪ للعاملين بالطوارئ واخصائيى طوارئ وبنك الدم وأخصائى أطفال مبتسرين والرعاية الحرجة إضافة للحوافزالأخرى لتصير الحوافز لهم 700٪ وهى حسب تقدير مدير المستشفى .
من جانب آخر أكدت المتحدثة الرسمية لوزارة المالية أن نظام الكادر الوظيفى يتحدد مسبقا بقرار أو بقانون بمجلس الشعب أو رئاسة الجمهورية ،ويطلب من الوزارة تدبير التمويل له من الموارد والدولة ممثلة فى مجلس الوزراء هى التى تضع مشروع القانون ومن خلال خبراء الوزارة المعنية بالكادر فقط والتى تضع تفاصيله وكيفية تطبيقه من النواحى الوظيفية والفنية ، وهنا يكون الاتفاق بين الوزارة المعنية والمالية على المسميات فقط ،كما حدث مع وزارة الصحة أخيرا ،وحتى لاتتسع المطالبات بمسمى الكادر فى مختلف القطاعات،ليضاف عبء جديد على الميزانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.