الدعوة إلى الله تعالى رسالة سامية وليست وظيفة او مهنة للتكسب، وهناك شروط وصفات يجب أن تتحقق فى الداعية الذى يتبوأ مقام الأنبياء والرسل فى الدعوة إلى الله تعالى، ولكن ما نراه حاليا ونسمع عنه من دعاة ليس لهم علاقة بمنهج الدعوة لا من قريب أو بعيد، إذن كيف تتم صناعة الداعية الذى يصل إلى القلوب فيغير السلوك إلى ما يتوافق مع الفطرة التى فطر الله الناس عليها؟!. من جانبهم أكد علماء الدين، انه لا بد أن تتوافر فى الداعية شروط حتى يكون ناجحا فى رسالته، منها ما هو مكتسب وأخرى تولد معه، فعلى الداعية ان يكون مقتديا بإمام أنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قولا وفعلا، متسلحا بأسلحة العصر الحديث من التكنولوجيا، واقفا على المستجدات وقضايا الساعة، متخذا من فقه الواقع زادا له، مغيرا من الأساليب القديمة العقيمة التى لا تتناسب مع الأحداث الجارية. وحول مقومات نجاح الداعية فى رسالته، يوضح الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر، ان على الداعية فى بداية طريقه ان يلتزم بالمنهج العلمى، وان يعرف أولا ما دوره، اذ ليس دوره ان يحمل الناس على القناعة بما يقول، وإنما دوره ان يقدم للناس معلومات علمية صحيحة، لان الداعية لا يملك ان يدعو الناس الى دين، وانما يملك ان يعلم الناس العلوم الدينية، ومن خلالها يختار الناس الدين وفهم الدين، نسمع لقول الله سبحانه”وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ”، هكذا امر إلهنا تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم، ان يبين للناس ما نزل من السماء شرحا وتفصيلا، وذلك حتى يعطى مساحة للتفكير لدى المتلقين. وأشار إلى أن على الداعية أن يكون متسع الصدر فى قبول أو رفض المتلقين له والإعراض عنه، نسمع الى قول الله تعالى «قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم»، ولا ينتظر الداعية قبول المتلقين له حتى يأخذوا حظهم من التفكير والقناعة، حتى يعلم الناس علوم الدين عن بصيرة. وأضاف: ان وظيفة الداعية الناجح مبنية على المنهج العلمى، وليس الحشد أو التجنيد، لما يدعو اليه، لان هذه الطريقة هى سبيل الأوصياء على الدين وليس وظيفة الدعاة، أما الأمور الجامعة فى المجتمع فهى للحاكم وليس للداعية، ويصدر بها قانون، لان الدولة تدار بالقوانين وليس بالفتاوى، قال تعالى”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ ...”، وهنا يجب على الرعية السمع والطاعة لأنه أمر قائم على السياسة الشرعية، وما عدا ذلك يدخل فى حكم الفتاوى غير الإلزامية، وذلك مثل دعوة الناس للمشاركة فى الانتخابات أو الاستفتاء على أمر ما، فهذه أمور خاصة بالحاكم وولى الأمر وليس للداعية تدخل فى ذلك. مقومات فطرية ومكتسبة ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن هناك أمورا لا بد أن يتصف بها الداعية الناجح، منها ما هو مكتسب ومنها ما هو أمر فطرى يولد به، ويتمثل ذلك فى ذكاء ورجاحة العقل، والاتزان النفسى، وأيضا له قبول عند الناس، وهذا لن يتحقق الا إذا كان متخلقا بمكارم الأخلاق مثل الصدق والأمانة، مخلصا فى أقواله وأفعاله فى السر والعلن، لان ما يخرج من القلب فانه يصل الى القلب، وما يخرج من اللسان فانه لا يتجاوز الآذان، كما هو معلوم لدى الجميع، بحيث يتمثل فى شخصية الداعية ما يدعو به الناس حتى يكون داعيا بسلوكه وفعله قبل كلامه، إلى جانب تعلم اللغات الأجنبية والاطلاع على ثقافة الآخرين، مما يمكنه من التواصل الصحيح معهم، موضحا ان على الداعية الناجح أن يعلم جيدا أن مهمة الدعوة إلى الله ليست وظيفة أو مهنة، ولكن هى رسالة سامية.