وزير الخارجية يلتقي بقيادات وأعضاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية    بعد استهدافه.. كل ما تريد معرفته عن ميناء الحديدة شريان اليمن الحيوي    غدًا انطلاق ملتقى العائلة والصحة نحو حياة أفضل لأبطال الأولمبياد الخاص المصري بالقاهرة    بث مباشر مشاهدة مباراة أرسنال وأتلتيك بلباو يلا شوت في دوري أبطال أوروبا    الأهلي ينهي كافة الترتيبات اللازمة لإنعقاد الجمعية العمومية    بعد إيقاف تشغيلها.. مواعيد آخر قطارات المصيف على خط القاهرة - مطروح    مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية "الشريك الداعم للأثر" لمهرجان الجونة السينمائي 2025    تعزيز التعاون بين مصر وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في القطاع الصحي    خضراوات ملونة تحمي قلبك وتخفض الكوليسترول الضار    سارة سلامة بفستان قصير.. ما سر ارتدائها اللون الأسود؟    خبراء يرجحون تثبيت أسعار الوقود في أكتوبر المقبل    تعرف على عقوبة إتلاف منشآت الكهرباء وفقا للقانون    ورش فنية وعروض تراثية في ختام القافلة الثقافية بقرية البصرة بالعامرية    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 سنة يختتم تدريباته قبل السفر إلى غينيا الاستوائية    رياض الأطفال بشرق مدينة نصر تستعد لانطلاق العام الدراسي الجديد (صور)    مفتي الجمهورية: الحروب والجهل والتطرف أخطر ما يهدد التراث الديني والإنساني    جامعة قناة السويس تعلن مد فترة التسجيل ببرامج الدراسات العليا حتى 30 سبتمبر    وزير التعليم العالي: استعداد الجامعات الأهلية للعام الدراسي الجديد ب192 برنامجًا وتوسّع في المنح الدراسية    اتحاد المصدرين السودانيين: قطاع التصنيع الغذائى فى السودان يواجه تحديات كبيرة    مدبولي: وعي المواطن خط الدفاع الأول.. وماضون في الخطط التنموية رغم الأزمات    مدرب بيراميدز: لا نخشى أهلي جدة.. وهذا أصعب ما واجهناه أمام أوكلاند سيتي    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    كامل الوزير: مصر أصبحت قاعدة لتصنيع وتصدير المركبات الكهربائية للعالم    تأجيل محاكمة 111 متهما بقضية "طلائع حسم" لجلسة 25 نوفمبر    تجديد حبس المتهم بقتل زوجته بطعنات متفرقة بالشرقية 45 يوما    إصابة سيدة ونفوق 40 رأس ماشية في حريق بقنا    انتبه.. تحديث iOS 26 يضعف بطارية موبايلك الآيفون.. وأبل ترد: أمر طبيعى    صور | جريمة على الطريق العام.. مقتل عامل ونجله في تجدد خصومة ثأرية بقنا    محافظ أسوان يفاجئ أحد المخابز البلدية بكوم أمبو للتأكد من جودة الخبز    تنظيم معسكرات بالتنسيق مع الشباب والرياضة في بني سويف لترسيخ التعامل مع القضية السكانية    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    المفوض الأممي لحقوق الإنسان: يجب منع تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    التنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتسلمان جائزة الآغا خان العالمية للعمارة    ريهام عبد الغفور تفوز بجائزة أفضل ممثلة عربية في مهرجان "همسة"    خارجية السويد: الهجوم العسكرى المكثف على غزة يفاقم الوضع الإنساني الكارثى    هل سمعت عن زواج النفحة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى    موعد شهر رمضان الكريم وأول أيام الصيام فلكيًا    إطلاق قافلة "زاد العزة" ال38 إلى غزة بحمولة 122 ألف سلة غذائية    برشلونة يحدد ملعب يوهان كرويف لمواجهة خيتافي في الجولة الخامسة من الليجا    ندوة توعوية حول أهداف التأمين الصحى الشامل ورعاية العمالة غير المنتظمة بالإسماعيلية    محافظ المنيا: ندعم كافة مبادرات الصحة العامة لتحسين جودة الرعاية الطبية    11 طريقة لتقليل الشهية وخسارة الوزن بشكل طبيعي دون أدوية    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    وزير الأوقاف لمصراوي: أتأثر كثيرا ب د. علي جمعة.. والرسول قدوتي منذ الصِغر    وزير الكهرباء: الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية حقٌ أصيل لجميع الدول    السكك الحديدية: إيقاف تشغيل القطارات الصيفية بين القاهرة ومرسى مطروح    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    ميرتس يسعى لكسب ثقة قطاع الأعمال ويعد ب«خريف إصلاحات» لإعادة التنافسية لألمانيا    وزير التعليم: المناهج الجديدة متناسبة مع عقلية الطالب.. ولأول مرة هذا العام اشترك المعلمون في وضع المناهج    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    «سويلم» لمجموعة البنك الدولي: «سياسات حديثة لمنظومة الري»    تعرف على برجك اليوم 2025/9/16.. «العذراء»: ركّز على عالمك العاطفى .. و«الدلو»: عقلك المبدع يبحث دومًا عن الجديد    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    "تم عقد اجتماع مع أحدهما".. مدرب البرتغال السابق يدخل دائرة اهتمامات الأهلي مع أورس فيشر    الدكتور محمد على إبراهيم أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحري ل«المصري اليوم»: سياسات الصندوق جوهرها الخفض الخبيث للعملة وبيع الأصول العامة بأسعار رخيصة (الحلقة الخامسة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاشية الدينية فى الدستور المصرى
نشر في الوطن يوم 02 - 10 - 2013

الفاشية مصطلح حديث يرمز إلى الحكم الدكتاتورى المتسلط الذى لا يسمح بالتعددية فى المناقشات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدينية.
وتتصل كلمة فاشية فى الأصل برموز السلطة الرومانية القديمة المسماة «الحزيمة الرومانية»، وهى عبارة عن مجموعة من قضبان من أشجار البتولا أو الدرداء مربوطة معاً بشريط أحمر على فأس يظهر نصله من الحزمة، وكانت هذه الحزيمة رمزاً للقوة قديماً فى أيام الجمهورية للإمبراطورية الرومانية. ثم استحدث بنيتو موسولينى المصطلح عام 1919م، فصارت الفاشية رمزاً للحكومة الإيطالية فى عهده، وإن أرجع كثير من المؤرخين بداية الفاشية الحديثة إلى نابليون الأول الذى حكم فرنسا حكماً مطلقاً فى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين.
وإذا كانت الفاشية قبيحة فى كل المعاملات الإنسانية؛ لما فيها من التسلط والقهر والاستخفاف بالغير، فإن الفاشية فى أمور الدين أشد قبحاً؛ لما فيها من الحكم على ضمائر الناس الخفية وفتح باب النفاق فى الدين خوفاً من الملاحقة، بالإضافة إلى أنها تسلط بغير إذن من الله؛ خاصة أن الاختلاف فى الدين لا يرتب ضرراً على الغير، فالعلاقة فى الدين بمعنى العبادة محصورة بين العبد وربه. أما إذا تعدت تلك العلاقة بما يمس أحداً من البشر، فقد خرجت عن كونها ديناً عبادياً إلى صيرورتها معاملة، وتخضع لقواعد المتعاملين بتراضيهما وليس لمن يزعم معرفته بالدين. وقد منع القرآن الكريم الفاشية الدينية فى أكثر من موضع ومناسبة، ونذكر من ذلك ما يأتى:
(1) تحديد وظيفة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وأنها تبليغية وليست وصائية، فقال سبحانه: «مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ» (المائدة: 99)، وقال تعالى: «فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ» (الغاشية: 21-22).
(2) إعلان حق المتلقى فى القبول والرفض فى الدنيا ليتحمل المسئولية فى الآخرة، فقال سبحانه: «وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» (الكهف: 29)، وقال تعالى: «قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ * قُل لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ» (سبأ: 24-25).
(3) إلزام الدعاة بحدود التبليغ ووفقاً لأصول الإنسانية الراقية، كما قال تعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ» (النحل: 125).
(4) التزام المقتنع بقناعته دون الصدام مع المخالفين، ما دام تعلق الأمر بالدين دون المساس بحقوق الآخرين فى المعاملة، فقال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» (المائدة: 105)، وقال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ» (الحج: 17).
وفى داخل الدين الواحد يمكن أن تتعدد الرؤى الفقهية والمذهبية، فما يتوافق فيه الناس يجتمعون عليه كاجتماعهم على إمام يحبونه، وما يختلفون فيه لا ضير من تعددية عبادتهم؛ فقد أخرج البخارى عن ابن عمر قال: إن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال لنا لما رجع من الأحزاب: «لا يصلِّينّ أحد العصر إلا فى بنى قريظة»، فأدرك بعضهم العصر فى الطريق، فقال بعضهم: لا نصلى حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلى، لم يُرد منا ذلك. فذكر ذلك للنبى (صلى الله عليه وسلم) فلم يعنف واحداً منهم.
وأخرج الدارقطنى والنسائى عن عائشة قالت: اعتمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا معه، فقصر وأتممت الصلاة، وأفطر وصمت، فلما دنوت إلى مكة قلت: بأبى أنت وأمى يا رسول الله، قصرت وأتممت، وأفطرت وصمت؟ فقال (صلى الله عليه وسلم): «أحسنتِ يا عائشة»، وما عابه علىَّ. وأخرج الشيخان عن أنس بن مالك قال: كنا نسافر مع النبى (صلى الله عليه وسلم) فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.
وكيف نقبل الفاشية الدينية بعد انقطاع الوحى، فكل من يتكلم فى الدين بغير النص القرآنى والنبوى إنما يتكلم من فكره وقناعته وغلبة ظنه، فكيف به يجعله صواباً مطلقاً؟ ألم يسمع قول الشافعى، وهو الإمام الفذ، يصف اجتهاده بقوله: «قولى صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرى خطأ يحتمل الصواب»؟ ألا يخشى التجرؤ على الله بأن ينسب إليه حكماً استنباطياً، وقد حذرنا من ذلك فى قوله (سبحانه): «وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ » (النحل: 116).
وأخرج مسلم عن بريدة، أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان يقول لأمرائه: «وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك -أنت- فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا».
ومع هذه الإنارة الإسلامية، إلا أننا فى هذه الأيام الملبدة بالغيوم نرى اتجاهاً ظلامياً يريد لمصر أن ترجع إلى عصور الفاشية الدينية، فينادى بعضهم أن ينص فى الدستور على مرجعية هيئة كبار العلماء فى الأزهر فى الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية، ما يجعل الإسلام وشريعته حكراً على هيئة، فيكون المصريون على دين تلك الهيئة وليس على دين الله المتعدد بأوجهه الفقهية.
فهل سينتصر الفاشيون أو سيحافظ المصريون على مكتسباتهم فى الحرية الدينية والمذهبية التى جعلها الله أصلاً فى العلاقات الإنسانية فى الدنيا؟ سيظهر ذلك فى الأيام المقبلة بإذن الله. وإن كان رجائى فى علم أعضاء هيئة كبار العلماء أن يبادروا برفضهم الفاشية الدينية أو ما يؤدى إليها مستقبلاً، وأن يعلنوا أن مرتبتهم العلمية السامية توجب عليهم إجلال البحث العلمى وإن خالفهم الرأى، وأنهم يرفضون كل ما يؤدى إلى الوصاية الدينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.