ما نشهده من أحداث عنف هو تعبير عن آخر مرحلة من مراحل الصراع بين المخلصين للثورة وبين اعدائها، الثوار يعملون على إعادة بناء الدولة والمجتمع، وأعداؤها يريدون تعطيل البناء والعودة بالدولة إلى الوراء، وبين هؤلاء وهؤلاء أصحاب الصوت العالى الذين يظنون أن من الممكن العودة إلى نقطة البدء التى كانت فى يوم 25 يناير، ودرس التاريخ الذى يفهمه البعض ولا يفهمه البعض الآخر هو أن الثوار لا ينظرون إلى الوراء والمستقبل لا يمكن أن يكون عودة إلى الماضي. والساحة اليوم تشهد مجموعات من الشباب مضللة، تعمل دون أن تدرى على تنفيذ مخطط الإخوان والقوى الخارجية التى توظفهم لتحقيق مصالحها فى المنطقة، ووسيلتهم لذلك باستخدام عناصر من الشباب بعد شحن مشاعرهم ضد النظام القائم ونهج الجماعة معروف للتعبئة والتجنيد وغسيل المخ، وهدف الجماعة معروف ومعلن هو أن تفشل الدولة وتعجز عن تحقيق أهدافها، ووسائلها أيضا معروفة باستخدام العنف والقتل فى عقيدة الجماعة منذ نشأتها عام 1928، ومعروف أيضا أسلوبهم فى انكار مسئوليتهم عن الجرائم التى يرتكبونها وإلصاق التهمة على غيرهم، وهم يعملون تماما بالمبدأ (اكذب، واستمر فى الكذب بقوة حتى يصدقك الناس)، ومعروف موقفهم من ثورة 25 يناير، فالجماعة بفكرهم وعقيدتها جماعة يمينية رجعية ليس فى فكرها مفهوم الثورة، وبرنامجها ليس برنامجا ثوريا ولكنه برنامج قائم على التربية والتجنيد والعمل السرى إلى أن يتم تغيير الفرد والأسرة والمجتمع.. وهذا ما جعلهم فى البداية يرفضون الاشتراك فى الثورة وعندما وجدوا الفرصة سانحة، قفزوا إلى مقدمة الثوار وظهروا على حقيقتهم فى اقتحام السجون وحرق أقسام وسيارات الشرطة واستخدام السلاح ضد الجيش والشرطة والمواطنين، وبعد 3 يوليو تخلص الشعب من حكمهم، الذى كاد يوصل البلاد إلى الخراب والتبعية والتقسيم، بدأت قياداتهم الهاربة والنائمة فى تنفيذ مخطط عدوانى بالقاء المتفجرات لتشتيت جهود الشرطة وانهاك قواتها على أمل أن ينجح سيناريو اسقاط الدولة المصرية ويقفزوا على السلطة مرة أخرى وينفذوا المشروع الذى لم يتمكنوا من تنفيذه استكمالا للسيناريو الذى يحاولون تنفيذه فى العراق وليبيا وسوريا لصالح قوى أجنبية، وجائزتهم أن يصلوا إلى السلطة ويحكموا مصر ولو تحولت إلى الخراب. ويسوء الجماعة أن تحقق البلد إنجازات سريعة وتعمل على تغيير البناء السياسى والاجتماعى تغييرا شاملا بدستور يضمن اقامة دولة مدنية حديثة فيها ضمانات غير مسبوقة للحريات والعدالة الاجتماعية، ويريدون العودة إلى ما فعلوه وهم فى الحكم من (التمكين) لأعضاء الجماعة من احتلال جميع المناصب والمواقع فى الدولة المصرية (الوزراء والمحافظون وسكرتيرو المحافظات ورؤساء المراكز والاحياء والقرى ورؤساء ومديرو الشركات ورؤساء المؤسسات الصحفية ورؤساء التحرير ومقدمو وضيوف البرامج فى جميع قنوات التليفزيون ومحاولات فشلت فى اختراق الجيش والشرطة والقضاء بفضل وعى الشرفاء المخلصين لمصر. يسوء الجماعة نجاح مشروعات واصدار تشريعات واتخاذ إجراءات لصالح تحسين أحوال الفقراء والمهمشين والطبقة المتوسطة وارساء مباديء تقدمية جديدة وأخلاقيات جديدة للعمل العام وتكوين نخبة جديدة بفكر جديد يتفق مع القرن الحادى والعشرين بينما الجماعة تريد العودة إلى العصور الوسطي.وثورتنا مثل كل ثورة تشهد الصراع بين تيارين: تيار يسعى إلى التقدم إلى الامام، ويعمل للمستقبل، ولا ينظر إلى الوراء، إلا ليتخذ منه العبرة ولا يكرر أخطاءه وخطاياه، وتيار معاد للثورة فى حقيقته يدعى الحرص عليها، تيار انتهازى يحاول تغير المسار إلى الاتجاه العكسي، وهل يمكن أن نصدق أن من يقتل المواطنين ويعطل مصالحهم ويدمر منشآتهم الحيوية، هل يمكن أن نصدق أنه يحب البلد أو يريد لها خيرا؟ هل نصدق من يعلن كلمة حق يراد بها باطل؟ لمزيد من مقالات رجب البنا