السادات ومبارك, كلاهما زرع الرياح وحصد العواصف, كما يقولون. الأول أخرج الجماعات الإسلامية من القمقم فأردته قتيلا, والثاني ترك الناس يتكلمون, ليتسلوا . والحاصل أن فمهم تحول إلي ميدان, وتحول الكلام إلي صراخ ودخان وقنابل. ثم إن كلا منهما استيقظ في الصباح فوجد نفسه رئيسا وكان الظن أنهما أبعد الناس عن مقعد الرئيس. والأهم أن كليهما لم يكن يشعر بالأمان, حتي وهو في القصر بيده الصولجان. كان السادات دائما علي شك, فقد خبرالمسدس وعرف أنصوته يخلع القلب قبل أن تصل الرصاصة إليه. ومبارك بدوره تعلم الدرس..أن الفرعون يمكن أن يقتل, أو يخلع, بيد صانعيه. المهم أن الظلال التي ألقاها السادات علي مبارك, لا المقارنة بينهما, هي ما أسعي وراءه, لأن علامة الاستفهام وهي تقتفي أثر اللقاء بين اثنين, متماثلين أو مختلفين في الميول والملكات, إنما تفسر جانبا مما جري من حوادث أو عواقب. والآن أترك مكرم محمد أحمد يسترسل في شهادته عن مبارك, عند البدايات وقرب النهاية أيضا, حين ثار المتفرجون علي الممثل الأوحد فأسدلوا الستار وأطفأوا الأنوار وأغلقوا أبواب المسرح. إلي أي حد اقتربت من مبارك وهو نائب للسادات ؟ - لم أقترب منه, فقط رأيته مرة في احتفال مع السادات باستراحة المعمورة. ودار بيننا حوار خاطف حول ما أكتب قيل إن السادات, لو امتد به العمر, كان سيقيله من منصبه؟ - في أول زيارة لي مع السادات سمعته يتحدث بغضب عن الوضع الداخلي. كان صبره, قبل سبتمبر1981, قد نفد, قال' أنا هلمهم كلهم', يقصد البابا شنودة وهيكل وآخرين. ثم سألنا الرأي, فوافقه كثيرون, لكني قلت له: لو أنك ضمنت يا ريس أن حدود هذه العملية ستقف عند المتورطين فقط, لن يعترض أحد علي قرارك. فسألني: يعني إيه يا سي مكرم؟ قلت: كي لا نكرر خطأ عبدالناصر عندما اعتقل الإخوان وأخذ معهم العاطل بالباطل! غير أن السادات غضب وضرب بيده علي الترابيزة وقال: هو إنت من دلوقت هتمسك العصاية من النص! من وقتها زادت المسافة بعدا بيني وبينه. وكان غاضبا مني, أصلا, فقد طالبني بالرد علي هيكل, لكني اعتذرت. قلت: ليست لي سابق خصومة معه, ولهذا لن يصدقني أحد. ولفت نظره, بشكل مرح, إلي أن موسي صبري, وكان يجلس بجواري, أقدر مني علي آداء المهمة. فزم الرئيس شفتيه, وبدا لي أن سوابقي تراكمت عنده. ( ثم استطرد مكرم, وأنا وجدتها فرصة لأفرغ كل ما لديه في حواري, فتبعت ذاكرته التي تتعرج فيها الطرق, وإن كانت في النهاية تصل إلي ما يريد). قال: كنت, قبل ذلك أيضا, قد اتفقت مع منصور حسن علي أن نوقف تداعي الموقف بين الرئيس وبين البابا. فذهبت للبابا في وادي النطرون. كان مبعدا هناك, وبعد أن تغدينا وشربنا الشاي قلت له: هناك شكوك قوية يا قداسة البابا في أن الكنائس مليئة بالأسلحة. ثم ليس هناك داع لأن تقول إنك جاهز لتفتيش الأديرة في أية لحظة. فقال لي البابا: نعم أنا جاهز لذلك. وتابع: هل هناك أقلية يا مكرم تفكر في تسليح نفسها وسط أغلبية مسلمة. ده أنا أبقي راجل معرفش حاجة لو عملت كده! المهم بعد نشر هذا الكلام غضب السادات, وقال لمنصور حسن: هو عملها ؟ طب كان يقول لي, علشان أقول له: ما ترحش سألتك عن إقالة مبارك؟ والوجه الآخر للسؤال.. ما الذي ثبت أقدامه في القصر ؟ - كان المطروح وقتها أن يأتي منصور حسن بديلا لمبارك. والبعض, ومنهم زكريا عزمي, صور لمبارك أن السادات سيصدر قرارات تحد من سلطاته كنائب, والحل أن يحاصروا منصور حسن, ليحولوا دون ذلك. ولا تنس أن ولاء مبارك الغريزي للرئيس الأعلي, وخروج منصور من حلبة السباق, وتفاقم الصراع بين السادات وسعد الدين الشاذلي, كل ذلك ثبت أقدام مبارك إلي أن ضربت الأقدار ضربتها الكبري وأتت به إلي سدة الحكم قل لي: ما الظلال التي ألقي بها السادات عليه ؟ - هناك فروق كبيرة جدا بينهما. السادات صاحب رؤية. كان يري, علي عكس عبدالناصر, أن مصر قطعة من أوروبا. وبالتالي عليها أن تولي وجهها ناحية الغرب. قد نختلف أو نتفق معه, لكن كانت له رؤية. أما مبارك فاعتمد بشكل كامل علي رؤية السادات, حتي السداح مداح اعتمده دون أن يعيد النظر في التجربة الساداتية, لينقيها ويؤصلها! ألم يتأثر بالسادات في أي شيء آخر سوي أن يتبع خطواته ؟ - مبارك منضبط يحترم الأوامر وتسلسل الرتب, يؤمن بالعسكرية التقليدية. رغم أن السادات أعطاه كثيرا من الفرص, لأنه كان يثق فيه ويطمئن إليه. وضع تحت كلمة يطمئن هذه3 خطوط ربما لأن مبارك عمد إلي أن يخلق لديه انطباعا بأنه شخص لا يمكن الخوف منه ؟ - أنا أحدثك بما يقع في مجال خبرتي وما العادات التي ورثها عنه ؟ - طريقته في الإدارة.. السادات لم يكن يرهق نفسه بالتفاصيل. وقلة القراءة أيضا والعزلة.. أظن أنها شيء مشترك بينهما ؟ - كل رئيس يخلق عزلته. وفي غياب مؤسسات حقيقية تقيس ذبذبة الشارع, فإن أي رئيس, في العالم الثالث, يعيش سجين حاشيته هل عاصرت وقائع, كان مبارك مسترخيا فيها أزيد من اللازم ؟ - كثيرا, عندما كنا نفاتحه في أية قضية ونتوقع أن يكون هناك إجراء حاسم, كانت ردود أفعاله: شوفوا رئيس الوزرا, طب شوفوا الوزير الفلاني, ما هو الوضع كده. ولذلك كان من الصعب أن تسأل الرئيس في أية قضية تتعلق بالداخل تقصد أن جهازه العصبي بارد ؟ - آه طبعا, هو يتمتع بقدرة شديدة علي ضبط انفعالاته علي عكس السادات ؟ - وعبدالناصر أيضا ألم تحضر موقفا لمبارك في وجود السادات وشعرت أنه ظل شاحب له ؟ - عندما يتكلم الرئيس, يصمت الجميع والإرث الذي تركه السادات ولم يحسن مبارك التصرف فيه ؟ -( بضحكة هي الأولي والأخيرة في الحوار).. مصر وإلي أي حد كانت حرب أكتوبر, كما يقول هيكل, انتصار سلاح وهزيمة سياسة ؟ - لم يكن ممكنا أن تظل سيناء محتلة حتي الآن. وتحميل السادات المسئولية كاملة عن السلام مع إسرائيل هو نوع من الجلد مارسه أعداؤه عليه, بدلا من أن يمارسوه علي أنفسهم. لقد سمعت عرفات بأذني يقول: ليتنا كنا سمعنا نصيحة السادات. أما هيكل, رغم تحريه الموضوعية, إلا أن شيئا من القصد كان وراء موقفه منه, ربما لأن السادات سجنه. كنت أتمني من هيكل أن يعامل السادات معاملة أكثر عدلا هل حظيت الضربة الجوية الأولي بقدر زائد من التمجيد علي حساب الحقيقة؟ - لا يمكنك انتزاع الضربة الجوية لتقول إنها حرب اكتوبر. ستكون مخاتلا. ولا يمكنك أيضا تهميشها. وأحسن تقييم لها هو ما قاله رئيس أركان القوات الجوية في الحرب ل'المصور'. قال إن مبارك له دور, لكن هناك شيء اسمه إدارة العمليات وخبراء وتخطيط. لا يمكن اختزال العملية في فرد بالنسبة ل' سعد الدين الشاذلي'.. هل استغلت الثغرة بأسوأ ما يمكن لتشويهه ؟ - هم حاولوا أن يحملوا الشاذلي بعض المسئولية, كانت هناك خصومة بينه وبين السادات. وقد تكلم السادات عن ذلك. أما خطأ مبارك فهو أنه لم يحاول إصلاح الموقف ألم يختصر السادات السياسة في القدرة علي المناورة فقط ؟ - كان من الصعب أن تتنبأ بتصرفات السادات. بينما كان سهلا أن تتنبأ بتصرفات عبدالناصر, ولهذا ضربتنا الهزيمة القاسية. أما السادات ففيه دهاء ابن البلد وشيء من خبث الريفي, كان أكثر قادة مصر معرفة بالرجال الذين يتعامل معهم ومبارك..هل كان من السهل تخمين خطوته القادمة ؟ - مبارك لم يسع إلي تطوير موقفه, ليواكب التغييرات من حوله, وإذا كان صحيحا أن السادات مشي علي خط عبد الناصر ب' أستيكة', فإن مبارك مشي علي خط السادات ب' الكربون' ولماذا انتقل السادات, في نظر الإدارة الأمريكية, والكلام ل' كيسنجر' من' مجرد بهلوان سياسي' إلي قائد عظيم أشبه ب' بسمارك' ؟ - لأنه قاد جيشه للعبور. ولم يكن من السهل أن تغفر له إسرائيل ولا أمريكا ذلك هل باعته أمريكا ؟ - هي تضايقت منه, لأنه عندما يئس منها, بدأ يأخذ خطوات منفردة. وهذه براعة السادات..عندما تتلكأ أمريكا في وعودها, يبادر هو لفتح ثغرات للمرور. أما مبارك فكان أقصاه أن يعبر لها عن غضبه, أو يبرأ ذمته بخطاب وفي حادثة المنصة.. قيل إن أمريكا رفعت يدها عمدا عن حماية السادات ؟ - أنا لا أصدق ما قيل من مؤامرات حول هذا الموضوع. لا شيء يمكن أن يتم هكذا في عماء كامل ويختم بختم السرية للأبد. كان هناك تنظيم يعمل وكانت هناك مطاردة للقاتل حتي صباح الاغتيال. والنبوي إسماعيل حاول منع الرئيس من الذهاب إلي العرض العسكري. وكان السادات يعرف قاتله وينادي عليه: أنا عارفك. السلوك المصري دائما ما يترك وراءه ثغرة, ولهذا وقع ما وقع لكن أمريكا تنكرت لمبارك أثناء الثورة ؟ - ظل مبارك لمدة18 سنة يحارب الإرهاب وحده, في غيبة من أي تعاون دولي.تصورت أمريكا أن كلامه عن الإرهاب مبالغة مصرية, حتي علي عبدالله صالح رفض أن يعطيه مجموعة من الإرهابيين كانت تمول العمليات في مصر, وكان عبدالمجيد الزنداني يؤويهم. المهم أن موقف أمريكا من مبارك أثناء الثورة كان متناقضا, وتغير بسرعة أدهشت كل المراقبين, ولذلك تمسك إسرائيل اليوم برقبة أمريكا وتحملها المسئولية الأولي عن سقوط مبارك دار كلام كثير حول قاموس مبارك..حول البذاءة؟ - الكلام عن أن مبارك كان قبيح اللسان ويضرب حرسه' بالشلوت' كلام كاذب. بالعكس, كان مبارك, لاهتمامه بالأمن, يهتم بأفراد حراسته. كانوا أقرب الناس إليه.. يتغدي معهم, يفتح علب تونة ويتقاسمها معهم. وعندما تأتي له هدية كرافتات كان يوزعها عليهم. هؤلاء هم عينه الدائمة, فكيف يضربهم. كان يمكن أن يقول كلمة بايخة, لكن لم أسمعه يتفوه بكلام بذيء حتي أثناء إقالته للجنزوري ؟ - لا أريد أن أقول شيئا عن ذلك والهانم: ألم تسمع منها شيئا بذيئا ؟ - لا, لكنها كانت شديدة الوطأة علي الوزراء الذين يعملون معها. لم تكن تقبل اعتذار أي وزير يمتنع عن الذهاب إليها أو لا يحضر في موعده هل هناك مواقف معينة ؟ - مرة شتمت أحد محافظي القاهرة, لكن اعفني من ذكر اسمه كيف تري جيهان وسوزان إلي جوار الرئيسين ؟ - كانت سوزان في البداية متحفظة, قليلة الكلام, قليلة التدخل, لكن مع الأيام ازداد نفوذها إلي حد أنها أصبحت سكة لبعض رجال الأعمال, ينفذون من خلالها للحكم. أما جيهان فكانت تقف في الجانب المستنير من حكم السادات. هذه السيدة لم تنصف السادات.. ما الدوافع العميقة التي كانت تقف وراء مغامراته؟ - إحساسه بالشارع هو الدافع. ثم أيهما يدخل من وجهة نظرك ضمن نطاق المغامرة: ذهاب السادات إلي القدس, أم دخول عبدالناصر حرب67 وهو لا يعلم شيئا عن جيشه؟ وما أخطاؤه في رأيك ؟ - أن الأمريكان ضحكوا عليه, خلوه يقبل بفكرة' الأفغان العرب' لدرجة أنه بدأ يساعد في إرسال المتطوعين المصريين, ليتدربوا في أفغانستان, مع أن الحكومة المصرية تعرف أن هؤلاء المتطوعين, وهم بالمناسبة من الجماعات الدينية أصلا, كانوا يعملون تحت إمرة المخابرات المركزية الأمريكية. كان أولاد عمر عبدالرحمن موجودين في معسكر قلب الدين حكمتيار. هذا الرجل حصل من المخابرات الأمريكية علي2 بليون دولار خطؤه الثاني اعتقاده أن99% من أوراق اللعبة بيد أمريكا, متجاهلا قدرة اللوبي اليهودي علي تغيير مواقف أمريكا بالرشوة أو بالإلحاح هل استفاد مبارك من أخطاء السادات؟ - السادات, علي وعيه, سمح لبعض حوارييه..عثمان أحمد عثمان ومحمد عثمان إسماعيل بالذات, بتخريب علاقاته بالمثقفين, لكن علاقة مبارك بهم كانت جيدة. حاول أن يتقرب إليهم وكان حريصا علي أن يراهم في معرض الكتاب. ما الحادثة التي كنت تشعر أنها ما زالت ترسل بأشعتها من الماضي.. من بيت الأسرة, وتوجه سلوك مبارك؟ - مبارك, ولا أدري إن كانت هذه فضيلة أم مذمة, كان يحب أن يبدو متجردا إلي حد أنه كان ينكر أهله وأسرته. ربما لأنه لم يكن يريد أن يكرر ما حدث من بعض أفراد أسرة السادات. مرة, أثناء خلافه مع أخيه المتوفي ال..( هز مكرم يده في حركة دائرية بجوار رأسه, ما يعني خفة العقل) نشر المصور مقالا ل' رجائي عطية' يهاجم شقيق الرئيس. فكلمني مبارك.. لا أفهم.. ماذا فعل أخو الرئيس؟ - أراد أن يلعب دورا في الحياة السياسية. المهم أن مبارك انبسط جدا من مقال رجائي وطلب مني أن أنقل له تحياته. كان مبارك قاسيا أكثر مما ينبغي مع أسرته كيف ؟ - لم يسمح لأخيه بأي شيء. هذا التجرد الكامل عندما يكشف عن قسوة القلب يصبح أكذوبة كاملة كيف كانت علاقته بوالدته ؟ - لا أعرف ووالده ؟ - ما أعرفه أنه كان قاسيا علي أشقائه هل اتخذ من الدين مطية لنظامه؟ - لا أظن وكيف كانت علاقته برجال الدين. من منهم كان مقربا له ؟ - كان يحب الشيخ طنطاوي. لأنه قال إن مباهاة الرسول بالمسلمين يوم القيامة لن تكون بعددهم, بل بالكيف يقصد حديث:' تناسلوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة' ؟ - قال إن المباهاة بالعدد في عصر العلم تفقد معناها. وهذا الكلام كان يخدم مشروع تنظيم الأسرة, ولهذا حظي طنطاوي بإعجاب الرئيس وعلاقته بالبابا شنودة ؟ - كان مبارك يحافظ معه علي الشكليات. كان حريصا علي كسب وده كيف ؟ - في القضية دي بتاعة البنت إللي أسلمت.. كاميليا شحاته ؟ - في هذه القضية وغيرها كان مبارك يري أنه لا ينبغي أن تفتح معركة مع البابا علشان خاطر واحدة أسلمت أو لم تسلم. مشكوك فيها تعود إلي الكنيسة. كان يحب أن يجامل شنودة في أي شيء وكيف كانت رؤية البابا له ؟ - أنه أكثر رئيس أنصف الأقباط ورأي مبارك في البابا ؟ - أنه رجل وطني, وحريص علي وأد الفتنة هل عاصرت أي خلاف بينهما ؟ كان البابا حين يغضب يلجأ إلي الدير إشهارا لخصومته مع الحكومة والنظام. وكان مبارك يتضايق منه, لكنه لم يكن يعبر عن هذا الضيق يقال: إن الحياة تتكون مما يفكر فيه الرجل كل يوم. أسألك عن اهتمامات الرئيس ؟ - كان مبارك يتصور أن ما يفعله يحقق مصالح المصريين. وهذا التصور كان يملأ عليه يومه لم تكلمني عن علاقته بالمال..هل اختبرت نزعات الكرم أو البخل فيه ؟ - لم يكن كريما. ما عزمناش ولا مرة في بيته. عزمنا في فرح أولاده. وغاية ما كان يفعله أن يستجيب لواحد منا في علاج صحفي. لكنه لم يكن يغدق هل كانت لديه شهوة جمع المال ؟ -( بعيدا عن الرئيس) نحن لم نكن نتخيل أن ثروة سكرتاريته ضخمة هكذا. أحيانا كنا نلمس إشارت من عينة أنه قال مرة ل' جمال عبدالعزيز'..' لم نفسك' إذن كان يعرف أن سكرتيره يمد يده للحرام ؟ - ربما والحقد الطبقي..هل كان بداخله شيء منه ؟ - علي الإطلاق ألم يكن يهرب من طبقته ؟ - لم أحس أن لديه مشكلة من هذا النوع شكاك ؟ - نعم, يسمع كثيرا, لكنه كان يتشكك في كل ما يسمع ألم يكن يكره شيئا لدرجة أنه يجد لذة في هذه الكراهية ؟ - لم يكن يحب الإخوان المسلمين, وكان يعتبرهم الخطر الأكبر علي أمن مصر وعليه شخصيا. وكثيرا ما سعي الإخوان إلي فتح حوار معه, لكنه رفض. وكانوا يحضرون كل المؤتمرات التي يعقدها صفوت الشريف, ورغم معرفتهم المسبقة بأن محاولاتهم هذه لن تسفر عن شيء, إلا أنهم كانوا يعاودون الكرة. حدث أن اشتركوا في محاولات اغتياله ؟ - لا أعرف, لكن معظم المحاولات جرت من قبل الجماعات الإسلامية. وبالمناسبة كانت هناك محاولة لاغتياله في برج العرب سنة2008 وتم التكتم عليها هل كانت السلطة بالنسبة له شهوة يمارسها علي سبيل التعويض؟ - أي رئيس يتفرد بهذه السلطات الضخمة التي يعطيها له الدستور لا بد أن يحس بذلك. وفي حالة النفاق المصري التي تحيط به يتفاقم إحساسه ما الشيء الذي فعله مبارك وانتظر أن يدهش الناس, لكنه لم يدهشهم؟ - كان يتصور, كما أخبره الاقتصاديون, أن أزمة النمور الآسيوية ستؤدي بمصر إلي الرخاء, إلي أن اكتشف أن مصر جزء من الكارثة. من أخبره بذلك ؟ - فتش عن المسئولين أيامها قل لي, وأنتم متقاربون سنا, ألم يبثك يوما همومه الوجودية ؟ - لا أظن أن مثل هذه القضايا كانت تشغل فكره. مبارك ضابط براجماتي, كل همومه عسكرية. هل كان من عاداته أن يشرب الخمور؟ - كان يمكن أن يشرب كباية بيرة. حكي لي مرة أنه شرب قزازة. لكنه في المعتاد لم يكن يشرب شيئا قط وما أشيع عن زواجه الثاني ؟ - كذب هل كانت له علاقات نسائية ؟ - لا أظن. كان دائما يشكو وحدته. القمة باردة, وساكن القمة وحيد من أصدقاؤه المقربون ؟ - عمرو موسي. هو الوزير الوحيد الذي ذهب لبيته, ولم يكن مبارك يذهب لأمريكا ويتسوق فيها إلا معه. كان إللي بيشتري فانلة ولا شوية حاجات لأحفاده هو عمرو موسي. لكن علاقته به ساءت بسبب حواريي مبارك الذين كانوا يدسون له ومن غيره ؟ - أحمد أبو الغيط. أظن أن علاقة مبارك ب أبو غزالة محل التباس ؟ - أبو غزالة كان يري أن الرئيس يلجأ إلي طرق تقليدية في مواجهة الإرهاب, بينما الموقف يستدعي حلولا أخري. وكان يصر علي أنه بإمكان مصر أن تصنع سيارة محلية, بينما يري مبارك أن هذه طموحات فارغة. وبالفعل صنعت القوات المسلحة سيارة جيدة. كان لدي أبو غزالة أفق استراتيجي قيل إن مبارك كان يغار منه ؟ - شعبية أبو غزالة تقلق أي رئيس.. مش مبارك! أثناء أحاديثكما..ألم يأت علي شيء من ذلك ؟ - سألته, بعد خروجه إلي المعاش: إنت بتعمل إيه يا افندم دلوقت؟ فقال: أهو قاعد بترجم شوية كتب وبكتب في الاستراتيجية. فقلت: وماذا تفعل بهذه الكتب. فأجاب: أهي مرمية جنبي. ولما عرضت عليه أن أنشرها في دار الهلال قال: صاحبك مش هيوافق. قلت: خليني أفاجئه. وبالفعل نشرتها. فكلمني مبارك وقال: إيه الكتب الهايلة بتاعة أبو غزالة دي. فرددت, في محاولة للتعمية: أحلي حاجة فيه إنه مش هياخد مني فلوس أعتقد أن مبارك كان يبيت النية لإقالة أبو غزالة. حين تأتي الفرصة لذلك, وقد جاءت لوسي أرتين ؟ - لوسي تلكيكة.. وعلاقته بالمشير طنطاوي ؟ - ظلت قوية, إلي أن اتفقا علي التنحي ألم يكن مبارك يخاف منه أو من رئيس الأركان ؟ أعتقد أنه كان يأمن لهم, بدليل أنه أبقي عليهم كلهم, رغم تجاوزهم للسن القانونية, وبالمناسبة في الخلافات التي كانت تقع بين طنطاوي وحكومة نظيف لم يكن مبارك ينصر أحدا علي طنطاوي اختلف الناس علي أشرف مروان يا أستاذ مكرم. البعض رأي أنه جاسوس, فيما رأي آخرون أنه بطل قومي. أنت كيف تراه ؟ - سألت مبارك عن أشرف مروان. وقال لي, بالحرف, إن مروان أعطي الإسرائيليين أكبر خازوق في حياتهم. ومرة وعدني أشرف أن يعطيني مذكراته, لأنشرها, وبالفعل أحضرها لي في شنطة كبيرة, لكنه قال: سأسأل مبارك. وسأله, فأثناه عن نشرها. قال له: لا, ما لوش لازمة, استني شوية. ومن من رؤساء الوزراء كان أكثر قربا من مبارك ؟ - عاطف صدقي. وقادة العالم ؟ - بوش الأب. كانوا أصدقاء حقيقيين, يتبادلون الأسرار حتي إن بوش كان يسر لمبارك بعتابه علي سياسات بوش الإبن كانا قريبين إلي درجة أن ينسحب الشخصي علي الرسمي مثلا ؟ - مبارك هو الذي منع بوش من دخول بغداد. بعد تحرير الكويت كان هناك اتجاه بأن يكمل الجيش الأمريكي المهمة ويقضي علي صدام حسين, لكن مبارك منعه. ولمن كان يقرأ من الكتاب ؟ - سلامة أحمد سلامة, ونور فرحات, وفهمي هويدي هل لاحظت أي مرارة في حلقه؟ - هو كان راضيا عن تاريخه, وظل لآخر لحظة يؤمن بأن ما يفعله هو الصواب. من من الأشخاص ساعد مبارك علي ألا يكون القضاء مستقلا ؟ - مبارك كان يحترم القضاة جدا. لم يكن يخاطب وزير العدل..فاروق سيف النصر أو يتكلم عنه حتي في غيابه إلا ب' فاروق بيه'. كانت له لغة خاصة بالقضاة, لغة تبجيل. أما تدخله في أمر القضاء, إذا كان قد حدث, فتم, طبقا لما رأيناه في قضية عزام عزام, بعد صدور الحكم, قايض إسرائيل عليه بمجموعة من المساجين المصريين, لكنه رفض التدخل قبل ذلك وعلاقاته بأمراء الخليج.. كيف كانت تسير ؟ - كانت جيدة من المقرب إليه منهم؟ - الملك عبدالله والشيخ زايد وعلاقته بالقذافي ؟ - متذبذبة, كانت واحدة من مهام مبارك في الحياة هي أن يروض القذافي. وفي الحقيقة لم نكن نعرف من منهما يروض من. وبالمناسبة كان صفوت الشريف هو مبعوث مبارك للاطمئنان علي تسكين وضع القذافي وعلاقته بأمير قطر ؟ - اكتنفتها بعض المشاكل. كان مبارك يشعر أن قطر تبحث عن دور وأنها, لكي تكبر,لا بد أن يكون ذلك علي حساب مصر. وعندما ضغطت عليه الظروف ذهب مبارك ليصالح الشيخ حمد. أية ظروف ؟ - قطر كانت تفكر في عمل مشروع لتوصيل الغاز عبر العراق, بهدف التأثير علي قناة السويس. ووصل الأمر إلي أن قطر كادت أن تقنع السعوديين بهذا. ولذلك ذهب مبارك مضطرا إلي الدوحة, ليوقف هذا المشروع وهل استجابوا له ؟ - استجابوا له, هذا ما قاله لي أحمد أبو الغيط قيل إن أمير قطر خدع مبارك. كانت هناك ترتيبات بينهما, لتدعم مصر استضافة قطر لكأس العالم وفي المقابل تقوم قطر باستقدام مزيد من العمالة المصرية ؟ - ما كان يزعج مبارك هو محاولة قطر لأن تبني نفوذا في المنطقة العربية علي أكتاف مصر. وأنها تساعد إيران في ذلك. كان يعتبر أن وصول الإيرانيين إلي غزة نوع من التدخل في الشأن الداخلي لمصر. ولذلك كان يتساءل: كيف يمكن للقطريين وهم عرب أن يساعدوا الإيرانيين بهذا الشكل! ختاما.. فيم يتبدي لك وجه الشبه بين نهاية الرئيسين؟ - السادات لم يكن يستحق نهايته. أعتقد أن هذا العمل ضد العدل وضد الوطنية. أما مبارك فقد ثقلت موازينه في السنوات الأخيرة, علي موازين السنوات السابقة عليها. وكان من الصعب تخليص هذه من تلك. وليسنا متأكدين بعد إذا كان يستحق هذه النهاية أم لا. أظن أن عصر مبارك عليه أن ينتظر10سنوات, ليصدر بشأنه حكم التاريخ.