تلقت الأهرام ردا من الوزير السابق الدكتور احمد البرعى حول تحقيق «النقابات المستقلة».. قال فيه ان «الأهرام» له دور رائد فى المجتمع المصري، حيث كان أول من بشر بحركة نقابية مستقلة وفعالة، فى ندوته التى عقدت بتاريخ 12/5/2011، وقام مركز الدراسات الإستراتيجية بطباعتها فى كتاب عن المركز تحت عنوان «ثورة 25 يناير: نحو تنظيم نقابى جديد». أضاف انه جاء فى التحقيق أننى كنت عضواً بحكومة «الإخوان»، وهو قول مغلوط وظالم: فقد شرفت بأن كنت عضوا فى وزارة أ.د. عصام شرف (وزيراً للقوى العاملة والهجرة) ثم وزيراً للتضامن عضواً فى حكومة أ.د. حازم الببلاوي، وما بينهما (ما بين 2011: 2013) كنت أميناً عاماً لجبهة الإنقاذ، ذلك التكتل للأحزاب المدنية والشخصيات العامة التى اجتمعت على هدف واحد: إسقاط نظام الإخوان ورئيسه وحكومته. وجاء فى التحقيق أن النقابات المستقلة لا سند شرعيا لها وهو قول مغلوط عار من الصحة، وتفصيل ذلك أن مصر بصفتها عضواً بالأممالمتحدة قبلت «الإعلان العالمى لحقوق الإنسان»، وأقرت بأن «حقوق الإنسان هى حقوق ممنوحة من الله» والتزمت مصر بما تضمنه الإعلان من حقوق ثابتة لكافة البشر دون تميز أو تمييز، بما فى ذلك «حق التجمع وإقامة الجمعيات». وكذلك، كانت مصر دائماً عضواً نشطاً وعنصراً فاعلا فى مناقشة وإقرار وتشجيع وتصديق وتنفيذ عدد كبير من الاتفاقيات الدولية والإعلانات العالمية التى تهدف إلى حماية ورعاية كافة فئات البشر، وعلى رأسها تلك التى ترمى إلى حماية ورعاية العاملين وتمكينهم من الحصول على حقوقهم المشروعة والحفاظ عليها وكفالة ممارستها. ففى عام 1948، صادقت مصر على الاتفاقية رقم 87 بشأن «الحرية النقابية وحماية حق التنظيم». وفى عام 1949، صادقت مصر على الاتفاقية رقم 98 بشأن «حق التنظيم والمفاوضة الجماعية». وفى عام 1981، صادقت مصر على «العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية». وفى عام 1998، التزمت مصر بوصفها عضواً فى منظمتى الأممالمتحدة والعمل الدولية إعلان المبادئ والحقوق الأساسية فى العمل (1998). وعلى الصعيد الداخلي، حرصت جميع الدساتير المصرية، على إقرار «حق العمال فى إنشاء نقاباتهم على أساس من الحرية الديمقراطية» مادة 86 من دستور مصر الحالى (2013 ومادة 56 من دستور 1971. لذلك وبموجب الاتفاقيات التى صادقت عليها مصر واحتراماً لنظامها الدستوري، أصبحت مصر «ملتزمة باحترام الحرية النقابية». (راجع البيان الصادر عن وزارة القوى العاملة والهجرة فى 14/3/2011) وعلى الرغم من العوار الذى أصاب القانون 35 لسنة 1976، وما شابه من مخالفات فجة لالتزامات مصر الدولية ونظامها الدستوري، كان القضاء المصرى النزيه مدركاً للمخالفات التى شابت القانون، وهو ما أكده القضاء المصرى فى العديد من المناسبات: لعل أشهرها هو الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة العليا، والمعروف باسم «أحزاب عمال السكك الحديدية» عام (1987)، فعلى أثر إضراب عمال السكك الحديدة وامتناعهم عن العمل للمطالبة بزيادة أجورهم، أحالتهم نيابة أمن الدولة للمحاكمة بموجب أحكام قانون العقوبات» ، فإذا بمحكمة أمن الدولة العليا، تبرئ جميع العمال الذين قدموا للمحكمة على سند من القول «أن انضمام مصر وتصديقها على العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، يجعل من المعاهدة «جزءا لا يتجزأ من القانون المصرى الداخلي» بناء على دستور 1971. ونفس الحكم أكدته «المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها» فى حكمها الصادر بجلسة 30/4/2012 وحكمت ببراءة كافة المتهمين المقدمين إليها بدعوى أنهم «اعتصموا وحرضوا على الإضراب والاعتصام»، واستندت المحكمة لنفس الأسباب التى دعت محكمة أمن الدولة العليا للحكم ببراءة عمال السكك الحديدية. ج- واستناداً إلى هذا المنطق الدستورى والقانونى ومؤداه أن «الاتفاقية الدولية المصادق عليها» تصبح جزءا لا يتجزأ من القانون الداخلي، قررت إدارة الفتوى لوزارة الصناعة والتجارة الخارجية والبترول والكهرباء فيما عرض عليها لإبداء الرأى (ملف رقم 2/1/5181) بتاريخ 31/12/2012: «صحة تشكيل النقابة العامة المستقلة فى ضوء القانون 35 لسنة 1976 واتفاقية العمل الدولية رقم 87 لسنة 1948...». واضح إذن، من الأحكام القضائية وفتوى مجلس الدولة «السند القانونى الذى يسمح بإنشاء النقابات المستقلة». ولم يكن هذا السند «القانوني» وحده السبب فى إطلاق الحريات النقابية، بل إن بطلان تشكيلات اتحاد عمال مصر، بموجب أحكام المحكمة الدستورية العليا والتى قضت ببطلان قرار وزير القوى العاملة والهجرة رقم 146 لسنة 1996 الصادر بشأن الدعوى لانتخابات النقابات العمالية. (حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 1/4/2012 فى القضية رقم 220 لسنة 19 ق دستورية) لكن الحكومة رفضت تنفيذ حكم المحكمة الدستورية فى زمن كانت الحكومة فيه لا تعبأ كثيرا بتطبيق القانون, لذلك استمرت التشكيلات النقابية قائمة وهى التى انتخبت بشكل غير قانونى بل وأجريت الانتخابات فى الدورتين 2001 2006 2006 2011، بموجب نفس القرار الوزارى غير الدستوري, مما دفع العديد من العمال المتضررين من تزوير الانتخابات لرفع دعاوي, بلغ عددها 103 دعاوى قضائية، تم الحكم فيها جميعا ببطلان انتخابات اللجان النقابية فى الدورة 2006 2011. وبفرض والفرض غير الحقيقة أن انتخابات اتحاد عمال مصر عام 2006, كانت صحيحة، فإن هذه التشكيلات،، تكون قد فقدت شرعيتها بمضى خمس سنوات نزولا على حكم المادة (41) من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون 35 لسنة 1976 والتى تنص على أن مدة الدورة النقابية خمس سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ نشر نتيجة انتخابات مجالس إدارة المنظمات النقابية بكافة مستوياتها فى الوقائع المصرية. فى ضوء هذا النص الواضح الصريح, نتساءل ما هى صفة من يدعون أنهم «أعضاء مجلس إدارة الاتحاد» ويتوهمون «أنهم ممثلو العمال»؟ هم فى حقيقة الأمر ليسوا إلا «لجنة مؤقتة معينة لا منتخبة» فاقدة لأى شرعية، ومخالفة لأحكام القانون والدستور والاتفاقيات الدولية التى صادقت عليها مصر. وجاء فى التحقيق أيضا دون سند «أن جميع الدول لم تطبق الاتفاقية 87!» وهو قول غريب، فالحقيقة، أن مصر بالفعل لم تطبق الاتفاقية, رغم أنها كانت وبصفة مستمرة ومنتظمة على القائمة (السوداء) لمنظمة العمل الدولية, منذ 2007، ولم تنقطع قط الانتقادات التى توجهها لجنتا الخبراء والحريات النقابية, بمنظمة العمل الدولية إلى القانون المصرى وإلى حالة «الحريات النقابية فى مصر»، حتى 2011 عقب ثورة يناير المجيدة قامت لجنة مراجعة تطبيق الاتفاقيات بالمنظمة برفع اسم مصر من القائمة السوداء ولكنها بسبب عدم صدور قانون الحريات النقابية، مهددة بالعودة إلى القائمة السوداء. (راجع تقرير بعثة مصر لدى الأممالمتحدة - جنيف 2011). وردا على الإدعاءات المغلوطة بشأن «قيام وزير القوى العاملة» بحل مجلس إدارة الاتحاد، وإصدار إعلان الحريات النقابية, أود الإحاطة بأن القرار الصادر بحل مجلس إدارة الاتحاد كان بموافقة مجلس الوزراء (وزارة أ.د. عصام شرف) بجلسته رقم (20) المنعقدة فى 4/8/2011، وهى الجلسة التى تم إقرار قانون الحريات النقابية فيها، بناء على المطالبات الشعبية الملحة، وبعد أن شهد هذا القانون وفقا للمستندات المرفقة تأييدا شعبيا واسعا. ونود، فى نهاية هذا الرد، أن ألفت النظر, إلى أن استمرار السياسات العمالية السائد قبل الثورة لا يمكن أن تحقق أى استقرار فى علاقات العمل، لأن العمال لا يجدون فى اتحاد عمال مصر القيادة الممثلة لهم، إذ ظل هذا الاتحاد أداة فى يد الحكومة ولم ينبس بكلمة عندما تمت خصخصة العشرات من المشروعات رغم ما شابها من فساد, مما دعا القضاء المصرى النزيه لتقدير بطلان هذه الصفقات والأمر بعودة تلك المشروعات للملكية العامة، ولم نسمع للاتحاد «الذى يدعى تمثيل العمال»، صوتا عندما تم الاستيلاء على أموال التأمينات الاجتماعية، ولا عندما شرد آلاف العمال بسبب تطبيق نظام المعاش المبكر. كل هذا يدعونا كما دعا العديد من أجهزة الدولة للمطالبة بتعديل قانون النقابات العمالية والأخذ بمبادئ الحرية النقابية، احتراما لدستور مصر ولتعهداتها الدولية.